قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بين التدويل ومؤتمر القمة العربية

قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بين التدويل ومؤتمر القمة العربية

 
لا تزال قضية اللاجئين الفلسطينيين محور القضية الفلسطينية واساسها، ولا يمكن الحديث عن حل عادل من دون عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وقراهم. وعلى مدار اكثر من 57 عاما من النكبة، حاولت "دولة اسرائيل" جاهدة للقضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين لادراكها انها الشاهد الملك على انه هناك قضية اسمها فلسطين. عشرات المحاولات الاسرائيلية والدولية وحتى عربية تكسرت على صخرة صمود اللاجئين. قضية اللاجئين الفلسطينيين قضية انسانية من الدرجة الاولى ليس لان هناك عشرات القوانين الدولية التي تؤكد ذلك، بل لأن عمرها زاد عن سبع وخمسن سنة مثقلة بالمعاناة والالم، من دون ان يكون هناك قرار دولي واضح لعودتهم.

ولان هناك علاقة عضوية بين المشروع الغربي وبين إسرائيل فإنه من الطبيعي ان تتساوق الاهداف وتتلاقي ولعل الهدف الاكبر في ذلك هو تصفية قضية اللاجئين. وفي استعراض سريع لواقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نجد ان هذا الواقع صعب بكل المقاييس. وان حل موضوع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على اساس التوطين او التهجير او غير العودة هو هدف اساسي لان اللاجئين الفلسطينيين لهم خصوصية معينة تختلف عن اخوانهم في سوريا او الاردن. والصعوبة تكمن في الملف اللبناني.

وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005 برزت مؤشرات كثيرة على التدخل الدولي في الشأن اللبناني، وقبل ذلك القرار الدولي 1559 الذي ينص على تجريد الفلسطينيين في لبنان من سلاحهم، وهو محاولة واضحة للقضاء على موضوع اللاجئين الفلسطينيين. وكان من باب اولى ان يصدر قرار دولي عن مجلس الامن بموجب الفصل السابع من الميثاق ينذر فيه اسرائيل بضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم والا واجهت إسرائيل عقوبات دولية قد تصل الى حد استخدام القوة. بكلمة يمكن القول ان تدويل الملف اللبناني يهدد بشكل كبير قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لكنه تحدي اخر سوف يواجهه الفلسطينيون بكل عناد واصرار وسوف يكون مثل سابقيه.

وبمناسبة القمة العربية المزمع عقدها في في الخرطوم ليس هناك اولى من التأكيد على ان حق العودة من الحقوق الاساسية التي كفلتها الشرائع الدولية، فهي مكفولة بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الانسان وفي القانون الدولي وفي معاهدة اللاجئين لعام 1951 وكذلك في شرائع حقوق الافراد وحق الملكية الخاصة. ويتضح من تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ان قضية اللاجئين والذين يمثلون ما يربو على ثلثي الشعب الفلسطيني هي اساس الحل والصراع في المنطقة. وان أي اتفاق من هنا او وثيقة من هناك تعتبر لاغية ولا معنى قانوني لها امام احكام القانون الدولي العام وعناصره.

ان الشعب الفلسطيني لم يتوان لحظة في الدفاع عن حقه في العودة، وهناك حركة دولية نشطة يقوم بها اللاجئون الفلسطينيون في العالم عبر عقد المؤتمرات واللقاءات وتوقيع العرائض ورفض مشاريع التوطين و التهجير. وقد استطاع إحباط عشرات المشاريع عبر سني محنته وتشريده خلال 57 عاما.

والفلسطينيون في لبنان أكدوا وفي اكثر من مناسبة تمسكهم بحق العودة كما عبرت عن ذلك الاف البيانات والاعتصامات والمذكرات والرسائل واكدتها الدراسات واستطلاعات الرأي: ان حق العودة لا يمكن المساس به وان استمرار النكبة لما يزيد عن 57 عاما لا يلغيه.

واذ تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين من اهم عناصر القضية الفلسطينية، وانها الشاهد الاول على جريمة الابعاد والتهجير فإن دولة الكيان الصهيوني تحاول جاهدة لإسقاط هذا الحق عبر كل الوسائل. وتدعمها الولايات المتحدة عبر مشاريع من هنا وهناك، لعل اخرها ما تضمنه القرار 1559.

ان تجاهل قضية اللاجئين الفلسطينيين سيؤدي لا محالة الى إلحاق الضرر بالقضية الفلسطينية وسيعرض مصير ما يزيد عن أربعة ملايين لاجئ الى الخطر حيث لا يمكن لاحد التكهن بمستقبل هؤلاء اللاجئين ولا المشاكل القانونية والاجتماعية التي سيواجهونها في حال فرض عليهم اللجوء مدى الحياة ومنعوا من حمل أوراق ثبوتية رسمية وأوقفت منظمة الانروا نشاطها وتمنعت الدول المضيفة او بعضها عن تأمين الخدمات الصحية والتعليمية والاغاثية للاجئين.

انها دعوة للملوك والرؤساء والامراء العرب الى اتخاذ القرارات التي تكفل:

  1. دعم قضية اللاجئين الفلسطينيين واعلان التمسك بحقهم في العودة.
  2. حث المجتمع الدولي على دعم قضية اللاجئين والقيام بتحرك عربي شامل عبر البعثات الدبلوماسية العربي من اجل شرح قضية اللاجئين والمخاطر التي تهدد مستقبلهم خاصة اذا تغاضى المجتمع الدولي عن تنفيذ التزاماته تجاههم.
  3.  التأكيد على القرارات العربية الرافضة للتوطين.
  4. حث الدول العربية وخاصة لبنان على تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للاجئين والطلب من الدول العربية تطبيق قرارات الجامعة العربية التي تدعو الى معاملة اللاجئ الفلسطيني على قدم المساواة مع مواطنيها خاصة تجاه حق العمل والتملك والاستشفاء والحصول على الخدمات الاساسية.
  5. عدم التخلي عن الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة بسبب خياره الديمقراطي وتعويض النقض الذي قد تلحقه الدول الغربية.
  6. الضغط على الدول المانحة من اجل زيادة الدعم للانروا لتطوير خدماتها للاجئين ورفع موازناتها المالية وتنفيذ المشاريع الصحية والتعليمية والاجتماعية التي تساعد على تماسك المجتمع الفلسطيني وحفظ الهوية الفلسطينية .
ملاحظة: مقال نشر في جريدة المدينة السعودية
 
بيروت في 20/3/2006
محمود الحنفي - المدير التنفيذي للمؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد)