مخيم عين الحلوة

مخيم عين الحلوة ما المخرج الأساسي من أزمته؟

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) - الجمعة 10 أذار 2006
 
 
 
 
البحث: لماذا مخيم عين الحلوة في ازمة
قراءة تحليلية مخطط البحث، نبذة سريعة عن المخيم، أهمية البحث في هذا الموضوع، طرح أسئلة متعددة.  
  1. تأثير الظروف الامنية: توصيف سريع، اسباب ونتائج
  2. ما هي التركيبة السياسية في مخيم الحلوة؟
  3. السلاح الفلسطيني.. هل من علاج؟
  4. الظروف الاقتصادية كيف تؤثر في تشكيل ازمة، قراءة سريعة في ملاحم اقتصاديات المخيم.
  5. الظروف الاجتماعية، أسبابها، اثرها ونتائجها، سلوكيات اجتماعية ظاهرة الانروا، شريك اساسي في تردي الاوضاع الانسانية للاجئين
  6. منظمة التحرير الفلسطينية، هل تساهم في انعاش المخيم الفلسطيني؟
خاتمة: ملخص سريع، وتوصيات مخيم عين الحلوة ما هو المخرج الأساسي من أزمته؟
مقدمة: يعتبر مخيم عين الحلوة اكبر المخيمات في لبنان واهمها . هو اكبرها من ناحية عدد السكان حيث يعيش فيه حسب احصاءات الانروا حوالي 35000 نسمه، في حين ترى تقديرات كثيرة ان تعداد سكان مخيم عين الحلوة بلغ حوالي سبعين الف نسمة او يزيد، وهو أكبرها من ناحية المساحة والحجم ،والاكتظاظ البنياني وهو اهمها لانه بعر عن التوجه السياسي العام للاجئين، ففيه اطياف سياسية مختلفة ومتناقضة في اكثر الاحيان. واهمته تكمن في ان الانظار المحلية والاقليمية وحتى الدولية حينما تنظر الى اللاجئين في لبنان انما تنظر اليه كنموذج يعتمد من الناحية النظرية والميدانية. هو أكثر المخيمات الفلسطينية شهرة في العالم. حتى ان دولة الكيان الصهيوني تولي مخيم عين الحلوة اهتماما خاصا ان من حيث العمل الاستخباري او النظر اليه كبوصلة اللاجئين في لبنان. لماذا يكتسب هذا المخيم هذه الاهمية ولماذا ينظر الى المخيم من منظار واحد وزاوية ضيقة ، هل هي سياسية مقصودة. لماذا يتم التركيز على المخيم من الزاوية الامنية، في حين تهمل عن قصد او غير قصد الجوانب الاخرى. وهل ما يحدث في مخيم عين الحلوة سببا لأمور اخرى، ام هي نتائج لما يعانيه هذه المخيم اصلا من ظروف لا تحتاج الى تحليل او تقرير.
مخيم عين الحلوة اذن ولما يتصف به من هذه المعطيات والظروف يشكل مدخلا لاعادة النظر في مجمل قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ابتداءا من تسليط الضوء على المعاناة مرورا بتشكيل المرجعية انتهاء بمقاومة التوطين وفرض الحلول التي تمس كرامة وسيادة لبنان. سنحاول الإجابة على العديد من هذه الأسئلة من خلال قراءة تحليلية. الظروف الامنية: ان ابرز ما يتميز به مخيم عين الحلوة عن باقي المخيمات والبالغ عددها اثني عشر مخيما هو الهاجس الامني. حيث شهد هذا المخيم سلسلة حوادث امنية. ولعل حادثة مقتل العسكريين الثلاثة على يد اللبناني بديع حمادة (ابو عبيدة) ولجوء الاخير مثخنا بالجراح الى مخيم عين الحلوة كان الابرز في هذا الجانب. كما ان الاشتباكات المسلحة بين مجموعات فلسطينية أضافت بعدا خطيرا اخر. ثم ان سلسلة التفجيرات التي سبقت هذه الاشتباكات والتي اطلق عليها "عبوات الفجر" كان تشكل ايضا هاجسا امنيا من نوع مختلف. ثم تبع ذلك سلسلة اغتيالات لاشخاص سواء كانوا ينتمون الى فصيل معين او اناس عاديين.. كل هذه الأحداث جعلت الاضواء تتركز على مخيم عين الحلوة وترفع من صوت المدعين بأن المخيمات الفلسطينية ما هي الا جزر امنية ، وان مخيم عين الحلوة هو بؤرة الارهاب في لبنان. ان سلسلة الانفجارات الصباحية كانت تضع اكثر من علامة استفهام. اذ أن توقيتها كان عند الفجر، وكانت تستهدف اطرافا متناقضة، كما كانت تستهدف مقاهي ومحلات تجارية. فتارة تستهدف منزلا لاسلامي وطورا اخر تستهدف مقرا لفصل فلسطيني علماني. وربما يلحظ الباحث ان سلسلة الانفجارات مدبرة بعناية فائقة، ان من حيث تحديد الجهة المستهدفة او من حيث التوقيت. ورغم كثرة الانفجارات الا انه لم يتم الكشف عن الفاعلين. ذلك عائد لعدة اسباب ابرزها الطبيعة العمرانية للمخيم وكثرة الجماعات المسلحة. ثم عائد بالدرجة الاولى الى دهاء ومكر الفاعلين.
اما سلسلة الاغتيالات او اطلاق النار فله توصيف اخر. لقد استهدفت الاغتيالات اشخاصا عاديين ليس لهم أي ارتباط بأي تنظيم ، لم تستهدف مسؤولا بعينه او محازبا. الا ان هذه الصيرورة لم تظل عند هذا الحد انما تطور الامر ليستهدف لاحقا قادة ومسؤولين ومحازبين. ان الظروف الامنية في مخيم الحلوة بالغة التعقيد، ولعل ما يحصل بين الحين والاخر من اشتباكات وإشكاليات امنية ما هي الا تعبيرا عن صعوبة الظروف هذه. وقد بتبادر الى الذهن لماذا كل ذلك. لماذا الظروف الامنية مختلفة في مخيمات اخرى، في مخيم المية ومية او مخيم برج الشمالي او مخيم مار الياس مثلا. ان الجواب لن يكون سهلا بالطبع، ولكن البحث في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ربما يسهل علينا الاجابة. ما هي التركيبة السياسية في مخيم عين الحلوة؟ يجمع مخيم الحلوة كل الحركات الفلسطينية بمختلف توجهاتها فهي تتناقض في كثير من الاحيان من اسلامية الفكر الى علمانية التوجه. ومن اسلامية متشددة الى اسلامية معتدلة ومن حركات ذات شعبية الى حركات ذات نخب ومن حركات تقبل بأوسلو الى حركات تتعارض معه، من موالاة لسلطة الحكم الذاتي الى حركات معارضة. من فصائل منظمة التحرير الى تحالف القوى الفلسطينية، ومن حركات تؤمن بالحل السلمي مع الكيان الصهيوني الى حركات لا ترى غير طريق المقاومة حلا لاسترجاع فلسطين ثم اضيف اليها حركات لبنانية اسلامية.. اذن فسيفساء عجيبة.
كل هذه الفصائل تتنافس فيما بينها في السيطرة على المخيم وبسط نفوذها عليه. وفي سبيل الوصول الى تحقيق هذه الغاية الصعبة ، تحدث حالة من فقدان الثقة. الا ان الإشكاليات الامنية الأخيرة انحسرت في فصيلين هما حركة فتح، وعصبة الانصار. اذن تؤدي هذه التناقضات الى ما يسمى بحالة من فقدان الثقة التي من شأنها ان تؤدي الى إشكاليات امنية. خاصة ان الارضية متوفرة من الناحية المادية. السلاح الفلسطيني هل من علاج: بعد انتهاء حقبة الحرب الاهلية أي في بداية التسعينات، طلبت الدولة اللبنانية من الفصائل الفلسطينية تسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وتم ذلك بهدوء، حيث انسحبت عن شرقي صيدا وانحسرت في مخيم عين الحلوة بسلاحها الخفيف. ولكن تم تسلط الضوء وبشكل لافت على السلاح الفلسطيني من قبل وسائل الاعلام اللبنانية وفي تصريحات بعض المسؤولين والنواب اللبنانيين، وتم وصف مخيم عين الحلوة، بأنه بؤرة الإرهاب وانه دولة داخل دولة وانه جزيرة امنية، وملجأ للهاربين من العدالة. شكل هذا الاعلام حالة من العداء تجاه الوجود الفلسطيني لدى بعض اللبنانيين، حيث اعتبر السلاح الفلسطيني سببا رئيسيا لاثارة القلاقل والفتن وعدم الاستقرار الامني في لبنان. ثمة خلاف حول وجود السلاح الفردي الفلسطيني. وهل يحقق غاية النضال المسلح تجاه الكيان الصهيوني، خاصة ان هناك اجماع جميع القوى اللبنانية السياسية والروحية والنيابية رفضها القاطع العودة الى العمل العسكري الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني انطلاقا من لبنان. ولكن يجب عدم طرح مسألة السلاح الفلسطيني بتجرد، ثمة اسئلة استضياحية يجب طرحها. هل طلبت الدولة اللبنانية رسميا من الافرقاء الفلسطينيين ضرورة تسليم السلاح الفردي، ومن ثم دخول المخيمات؟ وهل هناك غير الفلسطينيين ما يزال يحمل السلاح؟ وهل تبسط الدولة اللبنانية سلطاتها الفعلية على كل انحاء لبنان.. ولماذا يتم التركيز على السلاح الفلسطيني فقط والمخيمات باعتبارها جزرا امنية؟ ان حصر المسألة بهذا الموضوع بعتبر مجانبا للحقيقة. الوصف الدقيق للمخيمات هي انها جزر بؤس وحرمان وعوز وأحزمة فقر وانتشار للبطالة.. ان ابراز مسألة السلاح الفلسطيني وما يشكله مخيم عين الحلوة يخفي معاناة لا يمكن وصفها الا انها رهيبة. يخفي جوهر الموضوع. من الممكن معالجة مسألة السلاح الفلسطيني لو كان هناك توجها رسميا جديا بهذا الصدد، ولكن لا يوجد على الاقل وكما هو ملاحظ الا اتهامات وتعظيم امور، وتسليط الضوء على كل ما هو مثير. ترى بعض الاوساط اللبنانية ان مسألة السلاح الفلسطيني مرتبط بالاوضاع الدولية والاقليمية كما هو مرتبط بعملية التسوية . لقد شكلت حادثة الاعتداء على قصر العدل في مدينة صيدا حيث يقع مخيم عين الحلوة في جوارها ومقتل أربعة قضاة لبنانيين مناسبة لشن حملة على الفلسطينيين باعتبارهم مرتكبي الجريمة دون ان يكون القضاء اللبناني قد قال لكمة، ممل شكل ذريعة للسلطات الامنية لفرض اجراءات صارمة على مخيم عين الحلوة وهي أشبه ما تكون سياسة عقاب جماعي على لاجئين افترض فيهم انهم مرتكبي الجريمة. هناك استنتاج هام من موضوع كهذا هو ان هناك امرا متعمدا يهدف الى تكريس سوء الاوضاع الانسانية مما يعزز حالة الطرد السكاني المتواصل ويجعل اليأس يتسلل الى نفوس وارادة اللاجئين، مما يسهل تمرير مشاريع التهجير او التوطين. وتختفي هذا الاوضاع الانسانية المتردية خلف الانشغال بالسلاح الفلسطيني وما يتفرع عنه من اتهامات تلقى اهتماما واسعا. الظروف الاقتصادية: اذا كان لبنان يعاني من ظروف اقتصادية معنية ويظهر ذلك في حركات الاستثمار وزيادة فرض الضرائب وتقلص مجالات العمل وغيرها.. فإن اللاجئ الفلسطيني اينما كان موطنه في لبنان يعاني من هذه الظروف ولكن بنسبة اكبر بكثير. ولا يمكن حصر معاناة اللاجئ الفلسطيني في مخيم بعينه، انما هي مشكلة عامة تطال جميع اللاجئين في لبنان. وليس مخيم عين الحلوة الا واحدا من هذه المخيمات. ان معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الناحية الاقتصادية تعتبر رهيبة بكل المقاييس. يتميز مخيم عين الحلوة بسوقه التجاري الهام والذي يدر دخلا لا بأس به على العاملين فيه. كما يستقطب اعدادا كثيرة من المواطنين اللبنانيين لرخص الاسعار وتنوع البضائع. ان الوضع الاقتصادي في مخيم عين الحلوة يمكن قراءته من خلال قراءة الوضع الاقتصادي للاجئين في لبنان. ولا يمكن هنا اعادة القراءة من جديد، فربما يكون لها بحث اخر يتناول جداول وإحصاءات وارقام. ولكن يكفي ان نشير في هذا الصدد الى منع الفلسطيني من العمل بموجب قرار صدر عام 1983 ويكفي ان نشير ايضا الى قانون التملك .
ان تأثير الوضع الاقتصادي على سكان مخيم عين الحلوة كبير يختلف عنه عن المخيمات الأخرى مخيمات صور. مخيم عين الحلوة يقع بمحاذاة مدينة صيدا الساحلية ، والتي يغلب عليها الطابع التجاري، اما مخيمات صور فيغلب عليها الطابع الزراعي، والتي قد تساعد العاملين الفلسطينيين في العمل الزراعة والحمضيات وان بصورة جزئية على تحسين مستوى الدخل. كما يغلب على سكان مخيم عين الحلوة العمل بالبناء وما يتفرع عنه. الامر الذي اصبح محدودا جدا. وذلك ناتج عن سببين هما ظروف لبنان الاقتصادية وتراجع نسب البناء ثم ناتج عن قانون التملك الذي يحرم الفلسطيني من التملك وما يعني ذلك من وقف الاستثمار الفلسطيني في البناء وهذه يعيق او يمنع حركة الفلسطيني في هذا الاتجاه. ان نتائج الوضع الاقتصادي على سكان مخيم عين الحلوة راجعة ببساطة الى الطبيعة السكانية والاطياف السياسية المختلفة، كما هو متأثر ومؤثر بالجوار اللبناني، وبالاخص الاجراءات الامنية الاستنثائية المتخذة حول المخيم. لا يمكن قراءة الاوضاع المختلفة في عين الحلوة من دون المرور بالظروف الاقتصادية. في حقبة ما قبل التسعينات كانت الفصائل الفلسطينية تدر اموالا طائلة وتقدم خدمات كثيرة من خلال جمعيات ومستوصفات كما كانت تشكل مصدرا اساسيا للدخل . اما الان فقد تقلصت هذه المداخل الى حدودها الدنيا والكثير منها توقف. ان الحوادث الامنية التي تحصل في مخيم عين الحلوة واجراءات الجيش اللبناني الاستثنائية على مداخل هذا المخيم يؤثر بشكل كبير علىحركة الناس الاقتصادية. فاستهداف المدنيين الابرياء في سوق المخيم وهو عصب المخيم الاقتصادي، وإغلاق مدخل الحسبة بين فترة واخرى يؤثر سلبا، كما ان سياسة العقاب الجماعي التي يتعرض لها المخيم بين الحين والاخر ( حادثة ابو عبيدة واغلاق مداخل لمخيم) ونصب سياج يحيط بالمخيم من الناحية الشرقية كل ذلك يؤثر على حركة السوق. وهناك اثار سلبية اخرى نتيجة لقوانين وقرارات السلطات اللبنانية.
ان غياب فرص العمل الناتج اصلا عن منع الفلسطيني من ممارسة 72 مهنة، ثم لاحقا الوضع الاقتصادي اللبناني وانتشار البطالة بشكل كبير، يترك اثار اجتماعية خطيرة لدى الشباب العاطلين عن العمل وهم العاجزين عن تأمين لقمة عيش كريمة فضلا عن البحث عن مستقبل لائق. ان مثل هذه الظروف الاقتصادية تدفع بعض الشباب دفعا الى سلوك طرق غير صحيحة للحصول على مصدر دخل. ثم ان مثل هذه الظروف تترك اثرا نفسيا سيئا لدى الشباب مما تجعلهم يتطرفون في افكارهم وممارساتهم او ينقمون على ظروفهم ، او تكون لديهم ردة فعل غير محسوبة. وللعلم هي ظاهرة قابلة للنمو ان لم تتحسن الظروف الاقتصادية كما انها ردة فعل متوقعة من الناحية الأكاديمية النفسية والاجتماعية. يكفي ان يتجول المرء في الطرقات والأزقة ساعة الظهيرة او في المقاهي فيرى ان أعدادا كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل، كان يجب ان تكون في اعمالها وورشها ومكاتبها في تلك الاثناء. وقد يصمد الشباب الفلسطيني على ظروفهم التي يعيشونها ولكن البعض الاخر قد لا يصمد او يتحمل وقد ينهار او تزل قدمه في مهاوي الرذيلة والسوء. ويمكن تلخيص الظروف الاقتصادية ومدى اثرها على الوضع العام في مخيم عين الحلوة بأن تحسين الظروف الاقتصادية من شأنه ان يغلق ابواب كثيرة من السلبيات وينتج انسانا فلسطينيا صلبا مثقفا يفكر بطريقة مختلفة تماما عما قد يفكر به بعض الشاب الذين لم يستطيعوا الصمود في وجه هذه الظروف. الظروف الاجتماعية: تبلغ مساحة مخيم عين الحلوة حوالي كيلو متر مربع ونصف الكيلو ويعيش فيه ما يزيد عن سبعين الف نسمة. جلهم من قرى الجليل الاعلى في فلسطين، ويتوزع مخيم عين الحلوة بين عائلات موزعة على قرى محددة ومخيم عين الحلوة مقسم بين احياء. ويتميز مخيم عين الحلوة بالكثافة السكانية، والتفاعل الأسري والاجتماعي. فهي بيئة اجتماعية معقدة. يضم المخيم 8 مدارس وعيادتان للاونروا بالإضافة الى مستشفيين صغيرين للعمليات البسيطة.

يعاني المخيم من وسوء وضع البنى التحتية وعدم كفاية الخدمات خاصة المقدمة من الاونروا.
ان اول ملاحظة تتبادر للذهن هي عدم التناسب بين مساحة المخيم وبين عدد سكانه. ونتيجة لعدم التناسب هذا فإن مخيم عين الحلوة يعاني من اكتظاظ سكاني فريد من نوعه وشكله. ان مساحة مخيم عين الحلوة ثابتة لم تتغير منذ انشائه 1949 في حين كان عدد اللاجئين الذين لجأوا الى لبنان مئة الف عام 1948 اما الان فهم يقتربون من ال 400000 نسمة ، ومخيم عين الحلوة بقيت مساحته على ما هي عليه اذ كان من المفترض ان يتوسع اربع أضعاف، بل ربما تقلصت مساحته حين أقدمت السلطات اللبنانية على شق أوتوستراد من ناحية الحسبة ( الناحية الجنوبية الغربية). يتمدد المخيم إذن عاموديا وهذا يعني واستنادا لعدد السكان المتزايد اطرادا الى انه لا بد وان تكون الأزقة الضيقة والبيوت المتراصة هي الطابع المعماري لهذا المخيم. ومن الغريب في هذا المجال ان سكان المخيم احيانا لا يستطيعون استخدام النعش في الازقة الضيقة، كما ان بعضها مظلم في النهار. ان هذا الطابع يؤثر على سلوكيات وتربية اطفال المخيم، فضلا عن الكبار، فالمنزل يضيق بأهله كما وكيفا ولا يعطي مجالا مطلوبا لرب المنزل ان ينعم اطفاله وأبناؤه بالتربية السليمة والتنشية الضرورية.
واذا أضفنا الإهمال والمعاناة واكتظاظ الطلاب في مدارس الانورا فإن الامور سوف تتضح اكثر. وما يزيد الامور صعوبة هو منع السلطات الفلسطيني منعا مطلقا من التملك خارج المخيم بموجب قانون تملك الاجانب. هذا ان توفر الإمكانات المادية لشراء عقار وفي اغلب الأحيان لا تتوفر. أما المشكلة الأبرز التي تواجه سكان المخيم فهي الكثافة السكانية والازدحام وفقدان المأوى إذ يصل بدل إيجار غرفة واحدة في الشهر إلى مائة دولار في حين يكلف شراء منزل عادي في إحدى الأزقة اكثر من عشرة آلاف دولار. ومن اسباب ذلك قيام الدولة بإجلاء المهجرين من مخيمات بيروت عن البيوت التي كانوا يشغلونها ودفع تعويضات لا تسمح لهم إلا بالاستئجار أو البناء في المخيم، وكان تضخم عدد السكان يزداد بعد كل جولة قتال، كما تحصل بعد هدم مخيم النبطية وأثناء حصار مخيمات بيروت، وعلى اثر إخلاء منطقة السكة "مخيم العودة " التي كانت تشغلها 75 عائلة معظمهم من الفلسطينيين ويقيم معظمهم الآن في منطقة البراكسات الواقعة في الطرف الشمالي من المخيم المهددة أيضا بالهدم. آفاق كثيرة مسدودة في وجه اللاجئ الفلسطيني في مخيم عين الحلوة، ومجالات العمل محدودة للغاية، ، فكيف يعيش الفلسطيني تفاصيل حياته بشكل طبيعي؟ وكيف يطالب بأن يكون مثاليا ونموذجا في مثل هذه الظروف؟ ان حل المشاكل الاجتماعية يرتبط بإجراءات الدولة اللبنانية كما اضافة الى كل من منظمة التحرير الفلسطينية ووكالة الانروا.
فتوسيع مساحة المخيم ليتناسب مع سكانه، ثم التوقف عن سياسية العقاب الجماعي، ثم تسهيل مرور وخروج المواطنين كل ذلك من شأنه ان يعزز التفاعلات الاجتماعية ويقويها كما من شأنه ان يقلص عمليات العنف والثأر والارهاب التي يلجأ اليها لاجئون فلسطينيون. كما تحسين الخدمات وتطويرها من قبل وكالة الانروا والتمسك بوكالة الانروا كشاهد على محنة اللاجئين وهي شاهد دولي هام. ما نود قوله هنا ان هذه المعطيات بسلبياتها وقساوتها تفرض على سكان مخيم عين الحلوة سلوكا اجتماعيا معينا. وهي سلوك شبه حتمي لسكان في مثل هذه الظروف. ان تأثير الظروف الاجتماعية على الوضع العام في مخيم عين الحلوة ككل ليس بالأمر السهل، ورغم ذلك ما يزال سكانه يتمتعون بترابط اجتماعي واسري وسلوك قروي فلسطيني رغم التراجع في هذا السلوك. وقد وفي تعليق احد سكان المخيم قال" ليس الغريب ان تحدث حوادث امنية في المخيم، ان تلقى عبوة ناسفة او ان يقتل كل يوم شخص فما يعانيه سكان مخيم عين الحلوة صعب وصعب جدا، ولو قدر الله سبحانه وتعالى ان يستبدل سكان مخيم عين الحلوة بسكان من سويسرا لحصل ضعف ذلك بشاعة وإجراما وفاحشة". الانروا شريك اساسي في تردي الأوضاع الإنسانية للاجئين في لبنان في تناول موضوع اللاجئين في لبنان لا بد من الحديث عن ثلاث مؤثرات اساسية: الانروا، منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اللبنانية. وفي الحديث عن الانروا فإنها تلعب دورا اساسيا في تحديد الحياة العامة الفلسطينية من خلال المهام المنوطة بها مثل تقديم الاعاشة ، والخدمات الاجتماعية والاسكان، الصحة التعليم، انجاز بعض المشاريع الاقتصادية كالبنى التحتية وبناء الطرق وغير ذلك.
وتعتمد الانروا على التبرعات الطوعية التي تقدم لها العجز المزمن في موازنة الانروا وعدم قدرتها على الحفاظ على مستوى ثابت من الخدمات يجاري الزيادة الطبيعية في عدد السكان من اللاجئين هو اخطر ما تعاني منه الانروا . ان ابرز ما يمس الخدمات هي قطاع التعليم والاستشفاء. هناك جهتان أساسيتان معنيتان بتوفير الرعاية الصحية للفلسطينيين هما الانروا وجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني على الرغم من ذلك فإن القصور في تقديم الرعاية الصحية وخصوصا في المخيمات جعل سكان هذه المخيمات تعاني من امراض كثيرة ومخيم عين الحلوة واحد منها. المشكلة تكمن بالنسبة للانروا هو ان الانروا لا تقدم الخدمات الصحية الكافية وفي بعض الاحيان تنقصها الكفاءة. ومما يساعد في تفاقم هذه المشكلة هو هن الفلسطينيين في لبنان محرومون من تسهيلات الضمان الصحي وخدمات وزارة الصحة اللبنانية. هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن ارتفاع تكاليف العلاج والخدمة الصحية في المستشفيات الخاصة يساعد بدوره في تفاقم المشكلة الصحية. اما بالنسبة لقطاع التعليم فإنه ليس بأحسن حالا من قطاع الصحة، وتعتبر وكالة الانروا الجهة الاساسية المسؤولة عن تعليم الفلسطينيين في لبنان.
وتدير الانروا في لبنان 72 مدرسة بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية. يضم مخيم عين الحلوة 8 مدارس بين ابتدائي ومتوسط وثانوي. وتكتظ الصفوف عادة بالطلاب في مدارس الانروا لتصل في معدل 43 طالب. كما تتبع الانروا في سياساتها التعليمية عملية الترفيع الالي ونظام shift لتستوعب الاعداد الكبيرة من الطلاب . وتعبر هذه مشكلات حقيقية بالنسبة للتعليم فضلا عن مشكلات اقتصادية واجتماعية ادت بمجملها الى تدني المستوى التعليمي والى ارتفاع نسبة التسرب من المدارس. وأدت في التحليل الأخير الى مشكلات اجتماعية. منظمة التحرير الفلسطينية تساهم أيضا في معاناة اللاجئين. كانت المنظمة حتى العام 1982 تسد عجزا ناتجا عن تقصير الانروا من خلال ادارتها لمدارس ثانوية تابعة لدائرة التربية فيها، وتؤمن فرص الدراسة الجامعية سواء عبر منح مناسبة او عبر ايجاد فرص خارج لبنان، ولا سيما في جامعات الدول الاشتراكية. كما كانت تقدم خدمات صحية واجتماعية متنوعة. ولكن مع توقيع اتفاق اسلو توقفت كل الخدمات هذه. خاتمة: مما لا شك فيه ان تحسين الظروف الانسانية والتي تشمل النواحي الاقتصادية والاجتماعية ولاحقا السياسية يعتبر المدخل الاساسي لحل أي مشكلة او ازمة قد تنشأ في المخيمات، وفي الاخص مخيم عين الحلوة. لقد استفحلت ازمته والحل يكمن في تطور نوعي وجوهري في تحسين الظروف الانسانية. وهو مدخل آخر ايضا للتعامل بإيجابية وروحية عالية مع قضية اللاجئين. واصبح من العلوم ان المشكلة في مخيم عين الحلوة لا تنفصل بأي حال عن مشكلة اللاجئين في لبنان. ان تحسين ظروف اللاجئين لا يخدم المصلحة الفلسطينية الخاصة فقط وانما يخدم الاطار اللبناني العام، ويجنب البلد من أي إشكال لا تحمد عقباه، ولا يخفى على احد ان من اهم اسباب الحرب الاهلية في لبنان كان الظروف الاقتصادية. كما ان تحسين الظروف الانسانية من شأنه تعزيز حق العودة الذي هو مطلب عربي ودولي فضلا عن كونه حق فلسطيني. هنا لا بد من ذكر لكثير من الدراسات تمت في اوروبا او حتى في سوريا والاردن تبين مدى تمسك اللاجئين بحق العودة. كما تبين مدى الهدوء والتفاعل الاجتماعي بين اللاجئين ومواطني الدول المضيفة.