دراسة ميدانية: الطالب الفلسطيني الجامعي بين الفرص والتحديات

الطالب الفلسطيني الجامعي بين الفرص والتحديات
 
 
يعتبر الواقع التربوي للاجئين الفلسطينيين ، من اكثر الامور صعوبة ، رغم ان الاضواء لا تسلط عليه بشكل كاف .
ولاينال الطالب الفلسطيني حقه في التعلم بشكل صحيح . وتلعب جملة من العوامل المحيطة دورا بالغا في التأثير السلبي على هذا الحق .
ومع ان الانروا تقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين المسجلين وغير المسجلين على نطاق اضيق ، إلا ان ذلك لم يرق إلى المستوى المطلوب، في حين تلعب الدولة اللبنانية دورا اكثر سلبية على اللاجئ ويتمثل ذلك من خلال سلسلة قرارات وقوانين تنال من انسانيته بشكل كبير.
 
 ولانه لا مجال للحديث عن واقع اللاجئ الفلسطيني الانساني بشكل مفصل ، فإن هذه الدراسة سوف تركز على الواقع التربوي عامة وعلى مستقبل الطلاب الجامعيين خصوصا . بمعنى ، هل يتمتع الطالب الفلسطيني الذي انهى المرحلة الثانوية بنجاح ، بفرصة كافية لمتابعة مشواره الجامعي ، واختيار التخصص الذي يرغب ، ماهي التحديات وهل ثمة فرص للتغلب عليها؟ ما هو دور الانروا، والقوى السياسية الفلسطينية ، ما هو دور الدولة اللبنانية ، ماهي الظروف المحيطة بالطالب الفلسطيني ، لماذا تتراجع نسب النجاح في الامتحانات الرسمية؟
 
اسئلة عديدة تحاول هذه الدراسة الاجابة عليها من خلال جملة من المحاور: معلومات عن اللاجئين، ماذا يقول القانون، استطلاع اراء الطلاب الناجحين لهذا العام لمعرفة ظروفهم العامة، ثم قراءة في نتائج الامتحانات الرسمية في مدارس الانروا للعام الحالي، وظاهرة التسرب المدرسي من خلال مقارنة بين الارقام والاحصاءات الصادرة عن الانروا ذاتها او ما توفر من معلومات من وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية، ثم محاولة معرفة الاسباب العامة التي أدت وتؤدي الى تدني المستوى التعليمي في الوسط الفلسطيني، ثم الخروج بخلاصات وتوصيات.
 
 ويبقي القول ان هذه الدراسة تحاول الاضاءة على جوانب معتمة لم يتم التطرق اليها سابقا بهدف اعطاء صورة واضحة عن الواقع التعليمي في الوسط الفلسطيني. ويهم ان نلفت الى ان ادارة الانروا قد افرجت عن ارقام واحصاءات كان من المتعذر الحصول عليها سابقا، وهو تطور ايجابي، يساعد الباحثين على سبر غور الحقائق، وجعلها متاحة للجميع.
 
 ولقد واجهت البحث عدة صعوبات وتحديات، فالمعلومات والارقام حول هذا الشأن شحيحة، مما يعني بذل جهود مضنية للحصول عليها، ثم كان صعوبة في مقابلة الطلاب انفسهم الذين ظنوا ان المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) جهة مانحة مما اضطر الباحثين الميدانيين ان يشرحوا مطولا عن اسباب هذه الدراسة ثم اتصال الطلاب بمكتب المؤسسة للاستفسار عن "المنحة". ثم كانت صعوبة الحصول على ابحاث سابقة للاستئناس بها بغية البناء على ما سبق.
 
اولا: معلومات عامة عن اللاجئين الفلسطينيين :
 
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الانروا حوالي 404170 يعيش 213349 منهم في 12 مخيم، اي 53% . في حين يقدر عدد اللاجئين غير المسجيلين بحوالي 30000 نسمة، واعداد اللاجئين فاقدي الهوية حوالي 3000 نسمة  ويكون اجمالي اللاجئين حوالي 440000 نسمة. مع ان هناك تقديرات تختلف مع ارقام الانروا حيث لا يتعدى عدد الفلسطنييين في لبنان 220000 والباقي يرى في الهجرة سبيلا للخروج من الظروف التي يعيشها.
 
عدد المدارس الابتدائية والاعدادية 87 مدرسة , في حين هناك 5 مدارس ثانوية موزعة على مناطق : صور، صيدا ، بيروت ، البقاع ، والشمال ، عدد التلاميذ المنتظمين 2005/2006 هو 39290 أي حوالي 10% من اللاجئين المسجلين هم طلاب منتظمون في مدارس الانروا المختلفة . ويواجه الفلسطينيون في لبنان صعوبات جمة ، فهم لايتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ولا يستفيدون من مرافق الدولة اللبنانية الصحية والتعليمية الا القدر اليسير.
 
 ابرز المشكلات التى يواجهها اللاجئون الفلسطينيون هي مشكلة السكن واكتظاظ المخيمات بالسكان ، وتمنع الدولة اللبنانية الفلسطينيين من التملك خارج المخيمات بعد القانون الصادر عام 2001 . ثم هناك قيود شديدة على حق العمل . تسبب هذه الاوضاع ظروفا انسانية يصعب على المرء تخيلها ، وتترك آثار سلبية على المجتمع الفلسطيني عامة وعلى الطالب خاصة.
 
  ثانيا: الطالب الفلسطيني وحقه في التعلم، ماذا يقول القانون؟
 
 يعتبر الحق في التعليم مكفولا في المواثيق الدولية لحقوق الانسان .فالمادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقر بفقرتها الاولى بحق كل فرد في التربية والتعليم . وان ممارسة هذا الحق ، وفقا لذات المادة يتطلب:
 
  • جعل التعليم الابتدائي الزامي واتاحته مجانا للجميع
  • تعميم التعليم الثانوي بمختلف انواعه بما في ذلك التعليم الثانوي المهني والتقني.
  • جعل التعليم العالي متاحا للجميع على قدم المساوة تبعا للكفاءة بكافة الوسائل المناسبة ولا سيما بالاخذ تدريجيا بمجانية التعليم
ولبنان صادق على هذه الاتفاقية. كما نصت مقدمة الدستور اللبناني على ان لبنان يحترم كافة المواثيق الدولية التي صادق عليها ويقدمها على النصوص الوطنية في التطبيق.
 
 ثالثا: اراء الطلاب الفلسطينيين الثانويين في لبنان:
 
 اجرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) استطلاع رأي ، على عينة عشوائية بلغت 168 طالبا وطالبة من الطلاب الفلسطينيين الذين انهوا المرحلة الثانوية بنجاح للعام الدراسي 2005-2006 لمختلف الفروع ، وذلك خلال الفترة الزمنية الممتدة من 30/8/2006 لغاية 3/9/2006 ، شملت معظم مخيمات لبنان , قام بالاستطلاع فريق عمل مكون من 10 اشخاص . اظهر الاستطلاع جملة من الحقائق:
 
 اولا: الوضع الاقتصادي:
 
 22% من الطلاب المستطلعين يتراوح مدخولهم الشهري بين 100.000 - 300.000.
 في حين 27% يترواح مدخولهم الشهري بين 300000 – 500000.
في حين 11% يترواح مدخولهم الشهري بين 500000 – 750000.
 أما الذين يتراوح دخلهم بين 750000- 1000000 فنسبتهم 12%.
 بمعني آخر ان 60% لا يتجاوز دخلهم ال 500000 ,
 وان 25% لم يستطيعوا تحديد مدخولهم الشهري بسبب عدم ثباته عند رقم محدد. يبرز عدم تناسب الدخل الشهري مع امكانية متابعة الدراسات الجامعية إذا علمنا ان حجم العائلة ليس صغيرا:
17% عدد افراد الاسرة 6 اشخاص .
 24% عدد افراد الاسرة 7 اشخاص .
18% عدد افراد الاسرة 8 اشخاص.
11% منهم افراد لاسرة 9 اشخاص .
 
 اي ان 70% منهم له معدل عدد افراد اسرة ب 7.5 . الامر الذي يعني ان الظروف المادية لهؤلاء الطلاب لا تهؤلهم الانخراط في الجامعات بسبب الاعباء العائلية المختلفة.

وبحسب استطلاع الرأي يدرس معظم الطلاب الفلسيطينيين الثانويين في المدارس التابعة للانروا، 76% منهم يدرسون في مدارس تابعة للانروا ، وحوالي 17% يدرسون في مدارس رسمية و 7% يدرسون في مدارس خاصة .

ولدى الطلاب المستطلعين رغبة جامحة في متابعة المشوار الجامعي لكن لتحقيق هذه الرغبة يجب ان تتوفر القدرة ، 99% منهم اجاب أنه يريد متابعة الدراسة . بيد انه لتحقيق هذه الرغبة يجب ان تتوفر القدرة، ومن ثم الفرصة.

وقد كان لجامعة بيروت العربية النسبة الاكبر من الطلاب الذين يريدون متابعة الدراسة فيها حيث أن 79% يريدون الالتحاق بهذه الجامعة و 12% يريدون الالتحاق بالجامعة اللبنانية .

مع ان اقساط جامعة بيروت العربية مرتفعة إذا ما قورنت بمدخولهم الشهري وعدد افراد اسرتهم وظروفهم المعيشية . إلا انه من الواضح ان هذه الجامعة تضم في صفوفها العدد الاكبر من الطلاب الجامعيين . ومع ارتفاع اقساط جامعة بيروت العربية لهذا العام تزداد التحديات والصعوبات امام الطلاب بشكل عام والطلاب الفلسطينيين بشكل خاص.

الرسوم الجامعية لمرحلتي البكالوريوس والليسانس في جامعة بيروت العربية 2006-2007

بالليرة اللبنانية

الكلية

الرسوم الدراسية

التجارة وإدارة الاعمال

3000000

الهندسة المعمارية

8100000

الهندسة

9000000

العلوم

5400000

الصيدلية

10800000

الطب

13500000

طب الاسنان

13500000

التمريض

5400000

وتدل هذه النتائج على ان الظروف الاقتصادية بالغة السوء بالنسبة للاجئين الفلسطينيين عامة والطلاب خاصة ولا تمكنهم من متابعة الدراسة في الجامعة. مما يدعو فعلا الى يد العون لهم وتقديم المنح.

ثانيا: تغطية نفقات التعلم:

ولتغطية نفقات الدراسة ، يتوقع 48% من الطلاب المستطلعين ان تقوم بذلك جهات مانحة لايعرفونها . و18% منهم قال بأنه سوف يعمل اثناء الدراسة ، إن توفرت له فرصة عمل . و29% منهم قال بأن العائلة سوف تتكفل بمصاريف الدراسة ويشير ذلك بوضوح الى ان 66% من الطلاب المستطلعين يحتاجون فعلا الى مساعدة لمتابعة الدراسة الجامعية ، ولا يجدون من يغطي نفقات التعليم.

ومن خلال الاستطلاع تبين ان حوالي 68% لايعرف الجهة التى يجب ان يقدم لها طلب منحة ، او هو لم يتقدم لها لغاية الان .

26% منهم تقدم فعلا لجهات مانحة أي ان 44 من اصل 168 طالب قام بذلك، 38% منهم تقدم لمنظمات غير حكومية و 38% تقدم لاطار طلابي و 9% تقدم لاشخاص .

ويبدي 75% من الطلاب ال44 الذين تقدموا لجهات مانحة يبدون تشاؤما ، بأن طلبهم لن يلقى قبولا، وان مستقبلهم التعليمي مجهول بانتظار قدرة قادر.

ثالثا: ما هي البدائل لعدم القدرة على تغطية نفقات التعليم

اما عن البدائل الاخرى إذا لم تتوفر فرصة متابعة الدراسة الجامعية فقد قال 55% انه سوف يلتحق بمعهد سبلين التابع للانروا ، و15% قال بأنه سوف يعمل في اي مهنة بانتظار فرصة اخرى ، و 19% ابدى رغبة بالهجرة إذا لم تتوفر له فرصة في التعلم .

ومن المؤكد ان هذه النسبة سوف ترتفع لتتجاوز ال 50% إذا توفرت لهؤلاء الطلاب فرصة تعلم ولم تتوفر لهم فرصة عمل بعد تخرجهم ، وهو امر لا ينطبق على الطالب الفلسطيني فحسب بل يشمل الطالب اللبناني .

وعندما لا يجد الطالب الفلسطيني الفرصة الكافية لمتابعة التخصص الذي يريد، يلجأ الى الجامعة اللبنانية لاختيار تخصص اخر غير الذي يرغب.

رابعا: على من تقع المسؤولية؟

اما عن المسوؤلية حيال كل ذلك فيرى 75% من الطلاب المستطلعين ان الانروا هي المسؤوله ، و 13% قال بأن الفصائل الفلسطينية هي المسؤولة ، ام النسب الباقية فتوزعت على جهات اخرى. ويبدو من هذه النتيجة ان الطلاب الفلسطينيين لم يعودوا يثقون بالفصائل السياسية ، وانتزعوا عنها المسؤولية وحملوها للانروا ، التى بات عليها عبء مساعدة هؤلاء الطلاب .

رابعا: نتائج الامتحانات الرسمية 2006، في مدارس الانروا

قراءة سريعة

ومما توفر من معلومات قدمتها الانروا عن نتائج الامتحانات الرسمية للدورة الاولى ، تبين ان عدد طلاب البريفيه المتقدمين لللامتحانات في الدورة الاولى هم 3695 طالبا وطالبة نجح منهم 1985 اي ما نسبته 53.7% ، كانت منطقة صور ادناها من حيث الترتيب حيث لم تزد معدلات النجاح عن 48% ثم منطقة صيدا 49% ، اما باقي المناطق فقد تخطت سقف ال 50%، لكنها لم تتجاوز 68.78%

اما نتائج البكالوريا فقد كانت ممتازة حيث كان معدل النجاح العام لمختلف الاختصاصات هو 97.9% .

تقدم للامتحانات الرسمية للمرحلة الثانوية من الطلاب الفلسطينيين في مدارس الانروا الخمس 572 طالبا نجح منهم 560 ، والملاحظة الاساسية التى يمكن تسجيلها هو الفرق بين اعداد طلاب مرحلة البريفية الناجحين وطلاب الثانوية. 1425 طالب وطالبة لا يعرف اين توجهوا بعدما لم يتمكنوا من النجاح.

ما هو مستقبل هؤلاء الطلاب ، هل التحقوا بمدارس خاصة ،هل التحقوا بمعاهد ، هل تسربوا من المدارس؟

يذكر ان معهد سبلين للتدريب المهني والتقني تابع للانروا، يضم في صفوفه حوالي 600 طالب وطالبة.

في ثانوية الاقصى في منطقة صور على سبيل المثال لا الحصر فإن عدد الطلاب في صفوف الاول ثانوي للعام 2005-2006 هو 364 طالب وطالبة ، اما عدد الطلاب في المرحلة النهائية فهو 114 طلاب ، والفرق هو 250 طالب وطالبة ويبقى ذات السؤال اين توجه هؤلاء الطلاب من جديد؟

هذه التساؤلات تطرح بقوة لان الغالب فيهم انهم اما تسربوا من المدارس او التحقوا بمعاهد.

خامسا: التسرب ظاهرة متفشية في الوسط الفلسطيني
 
توزيع عدد الطلاب حسب الصفوف في مدارس الانروا الثانوية 2006
 

اسم المدرسة

الاول ثانوي

الثاني ثانوي

الثالث ثانوي

نجح منهم في الإمتحانات الرسمية

الاقصى الشريف صور

364

172

114

108

الجليل - بيروت

344

169

125

125

بيسان - صيدا

493

258

149

148

الناصرة – الشمال

491

224

173

163

القصطل – البقاع

50

29

23

19

المجموع

1742

852

584

563

 
 
 
 
 
 
 
 
 
عدد الطلاب (الذكور والاناث) في المراحل المختلفة في مدارس الانروا لعام 2006.

الرقم

المرحلة

عدد الذكور

عدد الاناث

اجمالي عدد الطلاب

نسبة الذكور

نسبة الاناث

1

الابتدائية

11788

11607

23395

50%

50%

2

الاعدادية

6044

6603

12647

48%

52%

3

الثانوية

1286

1962

3248

40%

60%

المجموع

19118

20172

39290

49%

51%

 
 
إذن الفرق بين مجموع طلاب المرحلة الابتدائية والاعدادية هو 10748 ومع التأكيد مرة اخرى ، ومع عدم معرفة اين توجه هذا الفرق ، هل هم متسربون من المدارس ؟ هل توجهوا الى مدارس خاصة، ام مدارس رسمية..؟

ومن الواضح ان عدد السنين في المراحل الابتدائية هو ست سنوات وفي المراحل الاعدادية هو اربع سنوات، ولم تم اقتطاع عدد الطلاب في اقصى عدد ممكن اي في صفوف الرابع والخامس وهو 2165 لاصبح العدد هو 8583 طالب وطالبة. عندئذ يمكن احتساب معدل التسرب الاولي هو 37%.

هي محض تساؤلات تحتاج الى بحث وتدقيق ، لان الوقوف عند هذه الارقام لمرة واحدة امر خطير. ولكن لنضع جملة من الاحتمالات :

  • اما ان يكون الطلاب قد توجهوا الى مدارس خاصة .
  • أو ان يكون الطلاب قد توجهوا الى مدارس رسمية .
  • او ان يكون الطلاب قد توجهوا الى مدارس تملكها تنظيمات فلسطينية .
  • او ان يكونوا قد تسربوا من المدارس .

وعند معالجة الاحتمالات ، نجد ان احتمال ان يتوجه طلاب الانروا الى مدارس خاصة، يظل قائما ، لكن ارقامه لا تغير في المعادلة تغييرا جوهريا . فالظروف المادية للاجئين الفلسطينيين صعبة ولا تخولهم الدخول بشكل عام الى مدارس خاصة .

واحتمال ان يتوجه الطلاب الى مدارس تابعة لتنظيمات فلسطينية ، ضعيف أيضا ، لانها غير موجودة في الغالب، باستثناء مدرسة واحدة في منطقة صور لايزيد عدد طلابها عن 220 طالب.

اما احتمال ان يلتحق الطلاب بالمدارس الرسمية فهو احتمال وارد ايضا.

ولو تم الاستئناس بنتائج استطلاع الرأي الذي اجرته شاهد مع طلاب ثانويين حول المدارس التي درسوا فيها والتي اظهرت ان 17% منهم درس في مدارس رسمية، و 6% في مدارس خاص، اي 23% منهم خارج مدارس الانروا: مما يعني ان نسبة التسرب في مدارس الانروا في المراحل الابتدائية تقدر بحوالي 14%.

تطرح هذه التساؤلات ليس من باب الشرح والتفصيل في اسباب التسرب ونتائجه وارقام المتسربين ، انما لتأكيد الحقيقة التى تقول ان حق الطالب الفلسطيني بالتعلم مهدد فعلا ..

فمنذ المراحل الابتدائية ، الى المتوسطه ، الى المراحل الثانوية ، نجد حتى الطلاب الذين تجاوزوا كل هذه العقبات ونجحوا في الامتحانات الرسمية ، نجد لديهم عقبة حقيقية في الالتحاق بالجامعات واختيار التخصصات التى يرغبون .

توزيع التلاميذ على الجنسيات بحسب قطاعات التعليم للسنة الدراسية 2004-2005

الجنسية

قطاع التعليم

لبناني

سوري

فلسطيني

جنسيات عربية

اخرى

جنسيات

اجنبية

غير محدد

المجموع

رسمي

320396

10060

4146

1554

328

1138

337622

خاص مجاني

110128

2226

1126

485

122

107

114194

خاص غير مجاني

452120

2885

5212

1683

2894

336

465130

المجموع

882644

15171

10484

3722

3344

1581

916946

مجموع الطلاب الفلسطينيين في مدارس الانروا والمدارس الرسمية والخاصة هو حوالي: 49774 طالب في مختلف المراحل. ومع ان عدد اللاجئين الفلسطينيين وفق تقديرات الانروا هو 404170 ويمثلون 12% من اجمالي اللاجئين الفلسطينيين الذين يمثلون حوالي 10% من اجمالي سكان لبنان، الا ان نسبة الطلاب الفلسطينيين مقارنة مع الطلاب اللبنانيين لا تتجاوز 6%. وتلتقي هذه النسبة مع تقديرات هيئات المجتمع المدني واللجان الشعبية لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بما لا يتجاوز 220000 نسمة، وليس 400,000 كما تقدره الانروا في سجلاتها. وهذا يؤكد مرة اخرى ان عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هاجروا الى اوروبا والى اماكن اخرى بسبب صعوبة الظروف الاقتصادية.

سادسا: اسباب تراجع في المستوى التعليمي للاجئين الفلسطينيين في لبنان

تتضافر عدة عوامل واسباب منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي في صناعة هذه النتائج، ومنها ما هو سياسي واقتصادي ومنها ما هو قانوني واجتماعي. كما تتفاوت هذه العوامل في تأثيرها على مستوى النتائج، فمنها ما يؤثر بشكل مباشر ومنها ما يشكل تراكما معينا فيصب في التحليل الاخير في جعل هذه المستويات متدنية، وبعضهم يجعلها جميعها تحت عنوان " المؤامرة لتجهيل الشعب الفلسطيني" . من دون شك ان الظروف العامة للاجئين الفلسطينيين صعبة وتنوء بحملها الجبال.

1. العوامل الاقتصادية:

  1.  ظروف اقتصادية صعبة يعيشها لبنان بشكل عام.
  2.  نسبة البطالة مرتفعة في اوساط اللاجئين الفلسطينيين.
  3. قوانين العمل تمنع الفلسطيني من العمل بحرية.
  4.  كبر حجم العائلة ما يعني صعوبة في تأمين متطلبات معيشية من بينها التعليمية.

 2.العوامل الاجتماعية:

  1.  ظروف سكنية غير ملائمة بالمرة ( عدم توفر اماكن مناسبة للدراسة، مشاكل صحية،. .)
  2. اكتظاظ المخيمات بالسكان، وتمدد المخيمات عاموديا على مساحة ثابتة..
  3.  انشغال ارباب الاسر بتأمين لقمة العيش عن متابعة ابنائهم.
  4. حالة الحرمان والفقر والقهر التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان بشكل عام والمخيمات بشكل خاص.
  5. يعمل الكثير من الطلاب لمساعدة ذويهم مما يسبب تراجع في التحصيل العلمي.
  6.  حالات التضييق والحصار التي تتعرض لها المخيمات بين الفينة والاخرى.

3. العوامل القانونية:

  1. حرمان الفلسطيني من حقه في العمل في المهن الحرة.
  2.  منع الفلسطيني من التملك خارج المخيمات.
  3.  منع الفلسطيني من تشكيل الجمعيات الفلسطينية التي ترعي شؤونه.
  4. تحديد نسبة الطلاب الفلسطينيين في المدارس الرسمية بنسب محددة لا تتنساب مع الحاحة الفعلية.

4. سياسة الانروا:

  1. سياسة الترفيع الالي.
  2. نظام بالعمل بدوامين في العديد من المدارس.
  3. اكتظاظ الصفوف بالطلاب.
  4. عدم اتباع سياسة العقاب والثواب.

5. العوامل السياسية:

  1. تعرض العديد من المخيمات للاعتداءات الاسرائيلية.
  2. ضعف واضح في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.
  3. غياب المرجعية القوية التي ترعى شؤون الفلسطينيين في لبنان.
  4. غياب دور الثقافة السياسية في توجيه ودعم الطلاب نحو تخصصات او مؤسسات تربوية معينة.
  5. عوامل الحصار والتضييقات التي تتعرض لها المخيمات.

6. عوامل اخرى:

  1. انتشار وسائل الاعلام بشكل كبير.
  2. انتشار مراكز ومقاهي الانترنت.
  3. انتشار عادات اجتماعية سيئة مثل التدخين والنرجيلة.
  4. ضعف الوازع الديني والاخلاقي لدي الشباب الفلسطيني.
  5. غياب الافق لدى الطلاب الفلسطينيين بسبب المستقبل المجهول الذي ينتظرهم بعد تخرجهم.

سابعا: الفرص المتاحة امام الطالب الفلسطيني:

تضيق الفرص امام الطالب الفلسطيني عاما بعد عام، وتتزايد التحديات حتى يصبح الطالب الفلسطيني غير قادر على مواصلة التعلم . اما الفرص المتاحة فهي صندوق الطلاب الفلسطينيين ، الانروا، الاطر الطلابية، الجامعة اللبنانية، كلية سبلين للتدريب المهني والتقني. وبسبب الوضع الاقتصادي السيء للاجئين الفلسطينيين، وعدم قدرة الاهل على دعم مسيرة ابنائهم التعليمية في المرحلة الجامعية، تم استثناء الاهل كفرصة متاحة امام الطلاب، علما انها متوفرة لكن في نطاق ضيق جدا.

1. صندوق الطالب الفلسطيني

يساهم صندوق الطلاب الفلسطينيين في لبنان منذ سنوات طويلة مساهمة كبيرة في مساعدة هؤلاء الطلاب لاكمال دراستهم، رغم التراجع الكبير في تقديمات هذا الصندوق بسبب تراجع الدعم المالي وبحسب مدير الصندوق الاستاذ محمد حسن ابو رقبة فإنه تم تأمين فرص لأكثر من 11000 طالب منذ العام 1973. ومع ذك هناك تراجع كبير في التقديمات، ابرز مؤشرات هذا التراجع:

  • توقف تقديم المنح للطلاب الفلسطينيين في جامعات اميركية او اوروبية.
  • توقف تقديم المنح للطلاب الفلسطينيين في جامعات الدول العربية.
  • توقف تقديم المنح للطلاب الفلسطينيين من دول مصر والاردن وسوريا.
  • توقف تقديم المنح للطلاب الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة.
  • توقف عن تقديم منح لاكثر من شخص من عائلة واحدة.
  • استثناء جامعات محددة من المنح.
  • استثناء فروع محددة من هذه الجامعات.
  • رفع معدل العلامات في الجامعات من 60% الى 75%.
  • اعطاء اصحاب معدل 75% من العلامات 70% من قسط الجامعة.
  • دفع 40% من قسط الجامعة لطلاب السنة الاولى بدلا من 50%.

ويحاول صندوق الطلاب الفلسطنييين تعويض تراجع الدعم المالي للطالب الفلسطيني من خلال الاجراءات التي سبق الاشارة اليها، ثم من خلال توقيع عقد اتفاق بين الطالب الممنوح وبين الصندوق يتضمن بند جزائي اذا لم يقم الطالب الفلسطيني بعد تخرجه وعمله بدفع الاقساط التي نالها خلال الاعوام الدراسية. هذه الاجراءات تتغير حسب حجم الدعم المالي للطالب الفلسطيني.

ويعزى تراجع هذا الدعم لعدة اسباب منها سياسي وخاصة من دول الخليج بعد قرار منظمة التحرير الفلسطينية الوقوف الى جانب العراق في غزوه للكويت. ولا يدعم الاتحاد الاوروبي او الولايات المتحدة الاميركية مشاريع دعم الطالب الفلسطيني على نطاق واسع، مثل صندوق الطالب الفلسطيني.

ولا تقوم منظمة التحرير الفلسطينية بمسؤولياتها من خلال الاتحاد العام لطلبة فلسطين. يبقى على اثرياء الفلسطينيين في الشتات مسؤولية وطنية في تحمل اعباء الدراسة الجامعية للطالب الفلسطيني.

2. الانروا:

مع أن 75% من الطلاب الفلسطينيين الجامعيين الذين اجرت شاهد معهم استطلاع رأي يرون ان الانروا هي المسؤولة عنه مباشرة لجهة اكمال الدراسات الجامعية، الا ان ذلك لم يتحقق عمليا. وتقدم الانروا الخدمات التربوية للطلاب الفلسطينيين حتى المرحلة الثانوية، وقد طورت الانروا خدماتها لتشمل طلاب جامعيين، لكن زيادة التقديمات لا تتنساب والحاجة الفعلية لمجتمع اللاجئين.

وفي السنوات الاخيرة قامت الانروا بتقديم منح للطالبات دون الطلاب، ولكن ضمن معايير معينة تختلف باختلاف ما هو متوفر من موازنات بهذا الخصوص او تخضع لشروط الدول المانحة ، اما معايير هذا العام فهي:

  1. ان يكون الشخص المتقدم للمنحة طالبة وليست طالب.
  2. ان تكون قد نالت معدل 60% في الامتحانات الرسمية.
  3. الطالبات التي تحمل بطاقة اعاشة "حالة العسر الشديد" SHC لها الاولولية.
  4.  ان تكون الطالبة قد انهت البكالوريا الثانية في احدى مدارس الانروا.
  5. أعلى سقف لتغطية النفقات هو 14500 دولار.
  6. عدد السنوات التي يتم تغطيتها هو اربع سنوات، شرط توافر الاموال اللازمة وشرط الاستمرارية.
  7. ان تكون الطالبة لاجئة فلسطينية مسجلة لدى الانروا في لبنان.

ويعني ذلك ان طلاب مدارس الانروا الخمسة في لبنان والذين يبلغ عددهم 209 طالب، اي ما نسبته 36% من الطلاب الذين درسوا في مدارس الأنروا الثانوية لا تشملهم هذه المنح، فضلا عن ذلك هناك طلاب فلسطينييون في مدراس خاص او رسمية لا يشملهم برنامج المنح بطبيعة الحال، ثم هناك طالبات غير مسجلات في الانروا، او طالبات لم تنلن معدل 60% وما فوق.

اما عدد المنح التي قدتمها الانروا منذ العام 2000 فقد بلغت 390 منحة مقدمة من دول مثل كندا قطر، اسبانيا، اليابان، الاتحاد الاوروبي.

لماذا تم استثناء الطلاب من برنامج المنح، وهل ثمة شروط تفرضها الدول المانحة وماذا يجب على الأنروا فعله لجلب المساعدات لجميع الطلاب؟

3. الاطر الطلابية:

ليس هناك ارقام محددة يمكن الانطلاق منها لمعرفة حجم المساهمة في مساعدة الطالب بشكل عام والجامعي بشكل خاص. لكن من المؤكد ان الدور الذي تقوم به هذه الاطر على هذا الصعيد ضعيف جدا. اذا ليس هناك تقديم منح مباشرة للطلاب الفلسطينيين على مستوى واسع. واذا كان ثمة منح فهي على اطار ضيق ومحدود جدا لا يعالج حجم المشكلة التي تم عرضها على مدى الصفحات السابقة. وتعبر هذه الاطر بشكل او بآخر عن تنظيمات فلسطينية سياسية.

4. الجامعة اللبنانية:

يوجد في الجامعة اللبنانية عدد كبير من الطلاب الفلسطينيين، وخاصة في كليات الاداب والعلوم الانسانية. ورسم التسجيل لا يتعدى 250,000 . لكن هناك ظروف موضوعية تحول دون التحاق الطلاب الفلسطينيين كليات العلوم، بسبب الضغط الهائل على الجامعة اللبنانية حيث يقدم مثلا حوالي 1000 طالب ليتم اختيار فقط 25 طالب في كلية الطب مثلاً وهذا يجعل فرص الطالب الفلسطيني غير متوفرة بشكل كافي، ثم ان كليات العلوم والهندسة والطب مركزها في بيروت، مما يتطلب مصاريف سكن، مصاريف مواصلات، وهو ما يعجز عنه الطالب الفلسطيني فعلا. وبين وهذا وذاك لا يجد الطالب الفلسطيني الا ان يلتحق بكلية ويختار تخصص بغير رغبته، كأن يلتحق بكليات الاداب والعلوم الانسانية في مراكز المحافظات.

5. كلية سبلين للتدريب المهني والتقني:

يلتحق العديد من الطلاب الفلسطينيين الى كلية سبلين للتدريب المهني والتقني وهي كلية تابعة للانروا وتضم في صفوفها حوالي 600 طالب وطالبة، وفيها عدة تخصصات تقنية : مثل ادارة مكاتب، كمبيوتر، فني مختبر، مساعد مهندس مدني، ومساعد مهندس معماري، دار معلمين، الكترونيات. مدة الدراسة عامان. ولا يشترط للدخول الى هذه التخصصات النجاح في الامتحانات الرسمية خصوصا في التخصصات المهنية، ويلجأ مئات طلاب البريفه ممن لم يحالفهم الحظ في امتحانات البريفه، الى معهد سبلين للتدريب المهني والتقني. مدة الدراسة في المعهد عامان، يحصل بعدها الطالب على دبلوم، تؤهله للدخول الى سوق العمل مباشرة، اذا توفر سوق العمل.

 

ثامنا: خلاصة وتوصيات

يمكن القول ان الواقع التربوي للاجئين الفلسطينيين في لبنان يمر بظروف صعبة وخطيرة. كما يمكن القول ان حق الطالب الفلسطيني في التعلم مهدد. اذ ليس هناك حقوقا تقدم بالتقسيط او حقوق منقوصة. فالحق في التعلم يجب يكون كاملا.

ان حق الطالب الفلسطيني بالتعلم يبدأ من مراحل ما قبل الابتدائي، وانتهاءا بالمرحلة الجامعية، مرورا بالمرحلة المتوسطة والثانوية.

ومع ان البحث لم يتطرق الى وسائل التدريس والمناهج المعتمدة وتوفر الامكانات اللوجستية من وسائل ايضاح واستخدام المختبرات الى ظروف الصفوف والتي هي غير متوفرة اجمالا.. اقتصر على معالجة ارقام وحقائق، الا انه من المؤكد ان حق هذا الطالب مهدد فعلا ونتائج ذلك كارثية على مجتمع اللاجئين. وثمة مؤشرات خطيرة تؤكد صحة الادعاء هذا.

فالظروف الاقتصادية صعبة ولا تساعد الطلاب الفلسطينيين على الالتحاق بالجامعات، كما ان الظروف الاخرى لا تمنح الطالب الفلسطيني امكانية تعلم مناسبة. ثم ان الفرص تضيق عاما بعد عام. ومعدلات النجاح في الامتحانات الرسمية ليست مبشرة، ومعدلات التسرب المدرسي خصوصا في المراحل الابتدائية والمتوسطة في ارتفاع.

  توصيات

  1. اعلان حالة طوارئ على مستوى المجتمع الفلسطيني حيال هذا الواقع.
  2. تعديل سياسية الانروا التربوية لجهة الترفيع الالي، وموضوع اكتظاظ الصفوف.
  3. رفع تقارير الى منظمة اليونسكو حول الواقع التربوي في الوسط الفلسطيني.
  4. بذل الانروا جهودا كبيرة لدعم الطالب الجامعي الفلسطيني وان يشملهم برنامج المنح..
  5.  تحمل منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولياتها حيال الطالب الفلسطيني.
  6. منح الفلسطيني حقوقه الانسانية والتي تعتبر الجبهة الخلفية لدعم المسيرة التعليمية.
  7.  جعل حرية المعلومات بخصوص الواقع التعليمي متاحا للجميع على الرغم صعوبة هذا الواقع.
  8. في غياب الدورالفاعل للقوى السياسية الفلسطينية تتحمل جمعيات المجتمع المدني مسؤولية كبيرة في دعم الطالب الفلسطيني.