وادي الزينة بين جدلية التسمية وجدلية اللجوء أي حقوق يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون هناك؟ (تقرير)

وادي الزينة

بين جدلية التسمية وجدلية اللجوء

أي حقوق يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون هناك؟

(تقرير)

إثر نكبة فلسطين في عام 1948 واضطرار أكثر من مئة ألف فلسطيني إلى اللجوء إلى لبنان. ويُعَدّ اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أجانب من الفئات الخاصة، لكنهم لا يحصلون على بطاقات تمثل هذه الفئة، بل تُعطى لهم بطاقات صادرة عن المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين. والبطاقة الشخصية الصادرة عن هذه الدائرة مع بطاقة الأونروا، هما الدليل على وضعية اللجوء، وهما شرطان أساسيان للإقامة والتنقل والسفر والحصول على المستندات الرسمية وإجراء المعاملات. ويعاني اللاجئ الفلسطيني المعترف به رسمياً من الدولة اللبنانية من حرمانٍ في حقوقه الاساسية كحق العمل،التملك. وينقسم اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إلى ثلاث فئات. فئة المسجلين (والذين وفئة غير المسجلين وفئة فاقدي الأوراق الثبوتية).

هناكأكثر 483ألف مجموع اللاجئينالمسجلين لدى الأونروا في لبنان، والعديدون منهم يعيشون في المخيمات الإثنى عشر الموجودة في البلاد. ويشكل اللاجئون الفلسطينيون ما نسبته عشر سكان لبنان التي تعد حاليا دولة صغيرة مكتظة بالسكان.

ولا يتمتع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بحقوق مدنية أو اجتماعية. وعلاوة على ذلك، فهم لا يتمتعون أيضا بالحق في العمل في ما يزيد على 20 وظيفة. واللاجئون الفلسطينيون في لبنان ليسوا مواطنين رسميين لدولة أخرى، وهم بالتالي غير قادرين على اكتساب نفس الحقوق التي يتمتع بها الأجانب الذين يعيشون ويعملون في لبنان[1].

يعيش 54% من اللاجئين الفلسطينيين في 12 مخيم رسمي معترف به من قبل وكالة وكالة الأونروا والدولية اللبنانية. كما يعيش 46% منهم إما في مدن لبنانية أو في تجمعات سكنية.

ويعتبر وادي الزينة أكبر التجمعات السكانية للاجئين الفلسطينيين. و يوجد أكثر من 56 تجمع فلسطيني منتشر على الأراضي اللبنانية وتخضع لإدارة البلديات التي تقع ضمن نطاقها الإداري. كما تستفيد جزئياً من خدمات الأونروا.

أولاً: واقع وادي الزينة:

تقع منطقة وادي الزينة في قضاء الشوف ضمن محافظة جبل لبنان وتتبع ادارياً الى بلدية سبلين، وتبعد عن العاصمة بيروت حوالي 39 كلم، بدأت الحياة بالوادي في منتصف السبعينات، بعد أن دمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخيم النبطية عام 1974، وبعد ذلك مجزرة مخيم تل الزعتر عام 1976، ثم تدفق عدد كبير من اللا جئين الفلسطينيين بعد مجزرة صبرا وشاتيلا ومن ثم أحداث المخيمات الأليمة بعد منتصف عام 1985، حيث وجد اللاجئون الفسلطينيون في وادي الزينة منطقة وسطية تقع بين صيدا وبيروت. ويعيش حالياً في تجمع وادي الزينة قرابة 20000 نسمة أكثر من 15000 منهم هم من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان وسوريا،. ويساهم اللاجئون الفلسطييون في إنعاش هذه المنطقة. حيث تضم المنطقة العديد من المؤسسات والشركات التجارية التي توفر فرص عمل للسكان، كما تضم مؤسسات وجمعيات خيرية تساهم في تقديم المساعدة للسكان.

ويختلف تجمع وادي الزينة عن باقي التجمعات الفلسطينية، حيث يعش اللاجئون الفلسطينيون في عقارات مملوكة لهم، بخلاف تجمعات أخرى حيث يعيشون في عقارات مملوكة لمواطنين لبنانيين كما هو الحال في جنوب لبنان (تجمع الشبريحا تجمع جل البحر، تجمع القاسمية، تجمع البرغلية..).

يعمل معظم اللاجئين الفلسطينيين في وادي الزينة في ميدنتي صيدا وبيروت وإقليم الخروب في الأعمال التجارية والحرف المهنية والأعمال المكتبية.

ثانياً: الأونروا ووادي الزينة:

تعتبر وكالة الأونروا منطقة وادي الزينة بمثابة تجمع للاجئين الفلسطينيين، وهي بهذا المعنى ليست مسؤولة عن توفير الخدمات للسكان لا سيما المياه وإزالة النفايات والمراكز الصحية وغيرها. وهي تقدم خدمة لهم من خلال مراكزها الإقليمية، أو قد تفتح لهم مركز طبي بدوام جزئي. لكن وبسبب عدد السكان الكبير في وادي الزينة أنشأت مدرسة بيرزيت للتعليم الإبتدائي وثانوية بيت جالا للتعليم المتوسط والثانوي هذه المدارس تقدم خدمة للاجئين الفسطينيين في إقليم الخروب كله. إضافة إلى تخصيص عيادة داخل المنطقة لاستقبال المرضى من كافة قرى الإقليم. لا تقتصر المعاناة الصحية فقط على العيادة، فزيادةً على ذلك ألغت الأونروا تعاقدها مع مستشفى سبلين الحكومي الذي كان يستقبل المرضى من المنطقة، فأصبح على المريض الذهاب الى صيدا لتلقي العلاج مما يشكل خطورة على وضعه الصحي لبعد المسافة.

ثالثاً: العلاقة مع البلدية[2]:

ترفض بلدية سبلين بشدة تسمية وادي الزينة بالتجمع، (على غرار التسميات التي تطلقها وكالة الأونروا على مناطق تجمع الفسلطينيين غير المخيمات). ورفض بلدية سبلين مرده إلى أن تسمية وادي الزينة بالتجمع قد يسقط التبعية الإدارية لهذا العقار عن بلدية سبلين. وحتى أن البلدية ترفض تسميته بوادي الزينة بل بتسمية سبلين التحتا لإن ثمة منظقة مشابهة تتبع لبلدية جدرا، الأمر الذي يحول الضرائب والرسوم التي يدفعها سكان وادي الزينة إلى بلدية جدرا في وقت لاحق.

ونتيجة لهذه الجدلية في التسمية فإن ثمة نتائج تترتب على ذلك:

·يترتب على الجدلية في التسمية أزمة ثقة بين البلدية نفسها وبين سكان وادي الزينة.

·وفي الوقت الذي تصر فيه البلدية على أن سكان الوادي لا يدفعون ما يترتب عليهم من رسوم بلدية، ترفض فعاليات الوادي ذلك بشكل قاطع بالقول إن علاقتنا التجارية والعقارية مرتبطة ارتباط عضوي ببلدية سبلين، حيث لا يمكن القيام بأي مشروع عقاري أو تجاري إلا بموافقة بلدية سبلين، وعليه فنحن ندفع الرسوم بشكل منتظم.

·يصر سكان وادي الزينة بالقول إن بلدية سبلين مقصرة في مشاريع البنى التحتية من تزفيت ومياه الصرف الصحي وغيرها.

·وتصر بلدية سبلين على القول أنه بالرغم من التقصير الهائل في دفع الرسوم البلدية إلا أن ثمة مشاريع ضخمة قامت بها بلدية سبلين في وادي الزينة.

·تقول فعاليات وادي الزينة إن الغبن واضح جداً بين منطقة وادي الزينة نفسها (التي تتبع عقارياً وإدارياً بلدية سبلين) وبين بلدية سبلين نفسها، حيث الشوارع المزفتة وحاويات النفايات والمناظر الجميلة وحملات النظافة المتواصلة. فكيف يستقيم هذا بذاك؟ ولماذا ندفع نحن في وادي الزينة (أكثر من 20000 نسمة) رسوم أكثر بكثير من سكان سبلين ( 6000 نسمة) ولا نتلقى الخدمات نفسها التي يتلقاها سكان سبلين؟

رابعاً: حق التملك:

ألغت الدولة اللبنانية في عام 2001 حق الفلسطيني في لبنان بالتملك العقاري. وقد أصدر البرلمان اللبناني قانوناً يحمل رقم 296/2001 ينظم تملك الأجانب. ومنع القانون في الفقرة الثانية منه أي فلسطيني بالتملك تحت أي مسمى. وقد ساهم هذه المنع بالتضييق على الفلسطينيين أكثر وأكثر. وبما أن معظم سكان وادي الزينة هم من اللاجئين الفلسطينيين فإن قانون التملك أصابهم في الصميم. وغالباً ما يشتري اللاجئون الفلسطينييون ( القادرون منهم) عقارات لكنهم يسجلونها بأسماء لبنانيين. وكان لهذا القانون أثرا سلبياً جدا على اللاجئين الفلسطينيين، حيث توجهوا باتجاه المخيمات. وباتت تشكل المخيمات الفلسطينية الآن بؤرة سكانية مكتظة جدا تتمدد عامودياً ولا تتناسب بالمرة مع عدد السكان.

خامساً: المرجعية الفلسطينية في وادي الزينة:

يعيش في وادي الزينة أكثر من 15000 فلسطيني. ويوجد ممثل لكل حزب لبناني أو فصيل فلسطيني. وينقسم المجتمع الفلسطيني كالعادة بين قوى تتبع منظمة التحرير الفلسطينية وأخرى تتبع فصائل التحالف. كما أن للأحزاب اللبنانية مثل حزب الله وحركة أمل وجود سياسي أيضا. كما توجد لجان شعبية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية وأخرى لجان أهلية تابعة لتحالف القوى الفلسطينية. ولكن لا يوجد مرجعية سياسية أو خدمية موحدة. وينعكس ذلك سلباً على الأداء السياسي العام وعلى أداء الخدمات أيضاً. ويوجد في وادي الزينة لجنة المتابعة الفلسطينية اللبنانية المشتركة وتضم ممثلين عن جميع الفصائل والأحزاب اللبنانية (حركة أمل، حزب الله، الحزب التقدمي الإشتراكي، التنظيم الشعبي الناصري وجمعية المشاريع) ويرأس أمانة سرها أحمد الرواس.

سادساً: خلاصات وتوصيات:

خلص التقرير الذي أعدته المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) إلى ما يلي:

1.إن وادي الزينة هو من أكبر التجمعات السكانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان وهو بخلاف تجمعات أخرى حيث يعيش اللاجئون في عقارات مملوكة لهم.

2.ثمة أزمة ثقة واضحة بين سكان وادي الزينة وبلدية سبلين.

3.خلصت(شاهد) إلى أن ثمة اختلال واضح بين البنى التحتية في تجمع وادي الزينة وسبلين، حيث أن الأوضاع في سبلين أفضل بكثير من وادي الزينة.

4.لاحظت(شاهد) أن هناك تقصير كبير من قبل وكالة الأونروا لجهة الخدمات العامة والصحية منها على وجه الخصوص. كما أنها لم تساهم في مساعدة بلدية سبلين معالجة أزمة النفايات.

5.كما خلصت شاهد إلى أن ثمة ضعف واضح في عمل المرجعية السياسية والخدمية ينعكس سلباً في تعميق أزمة الثقة بين الطرفين.

6.كما سجلت (شاهد) في تقريرها أن سكان وادي الزينة هم أكثر الذين تضرروا من قانون التملك الذي أصدره البرلمان اللبناني في عام 2001.

تدعو المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) إلى ما يأتي:

أولاً: تدعو المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بلدية سبلين إلى اتخاذ اجراءات تردم الهوة القائمة مع سكان المنطقة وتعالج بها أزمة الثقة المتبادلة. ولعل أولى الخطوات أن تكون هناك جلسات مصارحة ومكاشفة قائمة على المصالح المتبادلة وروحية العيش المشترك.

ثانياً: تدعو بلدية سبلين إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والوطنية تجاه سكان منطقة وادي الزينة بغض النظر عن جنسيتهم وتقديم الخدمات اللازمة لهم، أسوة بإخوانهم في بلدية سبلين.

ثالثاً: تدعو الفعاليات القائمة في وادي الزينة إلى تشكيل مرجعية وطنية موحدة تهدف إلى تذليل جميع العقبات وتسهيل مهام بلدية سبلين، بما فيها المساعدة في جمع رسوم البلدية وحث المتخلفين عن الدفع.

رابعاً: تدعو وكالة الأونروا إلى زيادة خدماتها تجاه المنطقة وإعادة تعاقدها مع مستشفى سبلين الحكومي والمساهمة الفاعلة في تقديم الخدمات أسوة بما تقدمه للمخيمات، لا سيما فتح عيادة صحية بدوام كامل.

خامساً: تدعو (شاهد) الدولة اللبنانية إلى تعديل قانون التملك بما يتيح للفلسطيني حق التملك العقاري وبما يسمح تسوية الأوضاع القانونية المختلة الناتجة عن هذا القانون. كما تدعو اللبنانية إلى السماح للفلسطيني في لبنان في العمل في المهن الحرة لا سيما في الطب والهندسة والمحاماة والصيدلة وغيرها من المهن الحرة.

بيروت في 6/12/2016

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)



[1] انظر موقع وكالة الأونروا على الانترنت: http://www.unrwa.org/ar/where-we-work/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

[2] خلاصة لقاء جرى مع رئيس وأعضاء بلدية سبلين بتاريخ 4/11/2016