اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إنسانية متوارية خلف أزمات الأونروا والخوف من جدران التوطين التقرير السنوي لعام 2018 (ملخص تنفيذي)

تصدر المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) تقريرها السنوي لعام 2018، ويأتي هذا التقرير كخلاصة بحثية ميدانية ليرصد واقع حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان من جميع الجوانب، وليقدم رؤية موضوعية وتوصيات عملانية قد تساهم في تغيير الواقع بشكل أفضل.

وفي هذا الإطار فقد خلص التقرير إلى جملة من الأمور أهمها:

أن الدولة اللبنانية تعاملت مع الملف الفلسطيني لفترات طويلة باعتباره ملفاً أمنياً، وتجاهلت المقاربات الحقوقية، ولم تصدر القرارات والتشريعات المنظمة لهذا الوجود وفق قواعد القانون الدولي، وتركت الخيار لبعض الوزراء والمديرين العامين والمسؤولين الأمنيين تقدير الأمور والتصرف بما يلزم.

وتنظر الدولة اللبنانية إلى الإنسان الفلسطيني كونه أجنبي من نوع خاص وليس أجنبي يعامل بمبدأ المعاملة بالمثل، أو لاجئ يخضع لقواعد دولية أو إنسان تنطبق عليه قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.

من جهة أخرى يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من ضعف وأحيانا هشاشة المرجعية السياسية والأمنية الأمر الذي يجعل المخيمات الفلسطينية لا تتمتع بالمناعة الكافية لمواجهة التحديات.

وبالإضافة إلى حرمانهم من حقوق كثيرة في لبنان، عانى اللاجئون الفلسطينيون من اضطرابات أمنية في بعض مخيماتهم، وقد تنوعت هذه الاضطرابات من مخيم لآخر، كان أكبرها هذا العام في مخيم المية ومية، في صيدا (جنوب) الذي شهد جولات قتالية داخلية بين تنظيمَي "فتح" و"أنصار الله" في تشرين الأول الماضي، أدت إلى نزوح كثير من الأهالي وتدمير وحرق بيوت ومنشآت.

وقد سجلت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) تراجعاً في التوترات الأمنية مقارنةً بعام 2017، وأهم مؤشر لذلك هو انخفاض عدد القتلى نتيجة هذه التوترات، حيث وثقت (شاهد) 10 قتلى خلال عام 2018 و41 جريحاً، فيما قتل 24 شخصاً خلال عام 2017 وجرح 121 شخصاً.

شهد عام 2018 تراجعاً اضافياً في احترام حقوق اللاجئ الفلسطيني في لبنان، وقد رصدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) ذلك في تقريرها السنوي لعام 2018 والذي ينقسم الى عدة محاور، كالتالي:

أولاً: الأونروا ومستجداتها في لبنان خلال العام 2018

بعد الحملات الإعلامية المركزة ضد الأونروا من قبل الإدارة الأمريكية ومعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدأت الاونروا بجملة تقليصات رصها التقرير السنوي.

طالت هذه التقليصات قطاع التعليم والصحة فتم دمج مدارس وعيادات وتخفيض عدد المعلمين والاطباء.  وفي مجال التوظيف، اتبعت الاونروا سياسة وقف التوظيف بشكل نهائي واتباع سياسة تقشفية فيما يتعلق بالاستقالة والعمال المياومين والتمديد. وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الفقر المدقع لدى الفلسطينيين المقيمين في لبنان يغطي برنامج الإغاثة في قسم الشؤون الاجتماعية 15% فقط من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وقد تم تحويل السلع العينية إلى مبالغ نقدية يتلقاه الفرد شهريا، وقد توقف برنامج المنح الجامعية لدى الأونروا بشكل نهائي ومفاجئ خلال العام 2018، أما مؤسسة توحيد شبيبة لبنان ulyp مؤسسة ملك النمر فباتت تؤمن فرص بنسبة 10% من مجموع الطلبة الناجحين.

وقد رصد التقارير الوضع السكني للمخيمات، حيث تم رصد نسبة 15% من المنازل إلى ترميم أو إعادة بناء.

 

ثانياً: التشريعات القانونية خلال 2018

تعمل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني على معالجة المشاكل الحياتية اليومية للاجئين، إلا أن هذه الجهود لم تترجم إلا واقع تنفيذي حتى الآن، اما بالنسبة لمديرية الشؤون السياسية واللاجئين لا يزال العشرات من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يواجهون تعقيدات لتسوية أوضاعهم القانونية من حيث تسجيلهم في مديرية الشؤون السياسية واللاجئين أو من حيث تثبيت قيودهم أو اصدار هوية ممغنطة. وعلى الرغم أن المديرية العامة للأمن العام اللبناني تستمر في استصدار وثائق سفر بيرومترية خاصة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلا ان حامل هذه الوثيقة الصادرة عن الأمن العام اللبناني يعامل معاملة الأجانب في مطار رفيق الحريري الدولي.

تشرف مديرية قوى الأمن الداخلي على المخيمات الفلسطينية من خلال إنشاء مجموعة من المخافر في مختلف المحافظات اللبنانية تُدعى مخافر المخيمات، لكن نظارات التوقيف فيها غير مناسبة للاحتجاز. كما يتولى الجيش اللبناني ضبط الأمن في معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان وذلك من خلال نقاط عن وضع نقاط تفتيش ثابتة على مداخل تلك المخيمات، ويتخذ إجراءات مشددة على مداخل المخيمات منها منع ادخال مواد البناء والتضييق على المارة ووضع بوابات الكترونية.

 

ثالثاً: التجمعات الفلسطينية

يوجد في لبنان حوالي 156 تجمعاً فلسطينياً وتعتبر الأونروا نفسها غير مسؤولة عن تقديم الخدمات لهذه التجمعات. الا أن المشكلة الأكبر في هذا السياق تكمن في أن الكثير من أراضي هذه التجمعات إما أن تكون أراض أميرية تابعة للدولة اللبنانية أو البلديات، وإما أن تكون تابعة لجمعيات أو مؤسسات خيرية أو مملوكة لأفراد قد سمحوا للاجئين الفلسطينيين بالإقامة فيها بعد نكبة عام 1948 ولم يكن يُتوقع ان تطول أزمة اللجوء إلى يومنا هذا وبالتالي بدأ البعض يطالب باسترجاع ممتلكاته واستصدار قرارات من المحاكم بإزالة هذه المساكن. كما حصل في تجمع الشبريحا في شهر شباط 2018.

 

رابعاً: المرأة الفلسطينية اللاجئة في لبنان

أظهر التعداد السكاني الذي أُجري في عام 2017 على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أن 1219 أسرة مكونة من زوج لبناني وزوجة فلسطينية لاجئة، و3707 أسرة مكونة من زوج فلسطيني لاجئ وزوجة لبنانية. وكانت الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي قد استثنت النساء الفلسطينيات، وهي التي أطلقتها وزارة الصحة اللبنانية في الأول من تشرين الأول / أكتوبر 2018 والتي تستمر حتى نهاية كانون الثاني / ديسمبر 2019، وتشمل النساء فوق سن الأربعين. وعلى الرغم من أن الأونروا تقدم خدمات صحية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلا أن الأونروا ولأسباب متعددة غير قادرة على تلبية الاحتياجات الصحية، لذلك أوضاع المرأة الصحية صعبة وفي ترد مستمر. ويمكن القول إن المرأة الفلسطينية في لبنان تعاني من حالة تهميش واسعة تطال معظم الحقوق الأساسية سيما الحق في العمل والتملك.

خامساً: الطفل الفلسطيني في لبنان

يشكل الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم عن 19سنة %37.9 من عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذي أظهره التعداد السكاني العام، يعيشون في ظل ظروف قاهرة حرمتهم من ابسط حقوقهم، حيث أظهرت المعلومات المنشورة في الموقع الرسمي لوكالة الأونروا أن معدلات الفقر العام تصل لحدود 73% داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فيما تصل معدلات البطالة إلى %56. ويتمتع 38% من فلسطينيي لبنان بالأمن الغذائي، فيما يعاني38% من انعدام الأمن الغذائي المتوسط و24%من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهناك نسبة مقلقة تبلغ 27 في المئة من الأطفال بين فلسطينيي لبنان يعيشون في أسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد.

سادساً: الهجرة تفتك بالمخيمات الفلسطينية وتفرغها من سكانها

رصد التقرير هجرة حوالي 4000 عائلة فلسطينية من لبنان إلى أوروبا بين عامَي 2017 و2018، بكلفة تتراوح بين 8 و10 آلاف دولار أميركي تختلف بحسب البلد المتوجه إليه، وذلك بحسب مصادر ميدانية اعلامية مختلفة.

 

ثامناً: الأحداث الأمنية في المخيمات الفلسطينية – لبنان – 2018

سجلت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) تراجعاً في التوترات الأمنية مقارنةً بعام 2017، وأهم مؤشر لذلك هو انخفاض عدد القتلى نتيجة هذه التوترات، حيث وثّقت (شاهد) 10 قتلى خلال عام 2018 و41 جريحاً، فيما قتل 24 شخصاً خلال عام 2017 وجرح 121 شخصاً. وتضرر في المنازل والمحال التجارية والبنى التحتية وتهجير العائلات من منازلها الكائنة في أماكن الاشتباكات فضلاً عن إقفال المدارس.

 

تاسعاً: وضع التزامات لبنان الدولية والقانونية تجاه اللاجئين

 وككل عام في تقاريرها ، فإن هذه القوانين والقرارات والمعاملة التمييزية ضد اللاجئ الفلسطيني في لبنان تتعارض مع المادة (2) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان كما انها لا تتوافق مع العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية، وتتعارض مع الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، كما انها تضرب بعرض الحائط بروتوكول الدار البيضاء الصادر عن جامعة الدول العربية في اجتماع بمدينة الدار البيضاء يوم 10 سبتمبر (أيلول) لعام 1965  لجهة معاملة اللاجئين الفلسطينيين أسوة بالمواطنين في الدول المضيفة.

عاشراً: مقترحات لتعديل القوانين التالية

وفي محور خاص عرضت (شاهد) في تقريرها السنوي مقترحات ومشاريع قوانين من شأنها لو اخذت بعين الاعتبار أن تشكل مادة جيدة للبرلمان اللبناني، كما تشكل مادة للحوار اللبناني الفلسطيني.

وقد انتهى التقرير بتوجيه جملة من التوصيات أهما إلى الأونروا وكانت على الشكل الآتي:

الأونروا:

·        إن الفلسطينيين في لبنان لا يزالون لاجئين وعلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تقع مسؤولية استمرار تأمين الدعم المالي للأونروا كي تستمر بتقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

·        ضرورة أن تحول موازنة الأونروا من موازنة مستقلة تعتمد على التبرعات فقط إلى موازنة ثابتة كجزء من موازنات الأمم المتحدة لحين حل قضية اللاجئين وعودتهم إلى ديارهم.

الدولة اللبنانية

·        أن تقوم الدولة اللبنانية بتعديل جميع القوانين والقرارات التي تنتهك بمضمونها حقوق الإنسان الفلسطيني وذلك التزاماً بأحكام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

·        التطبيق العملي للقضايا المطروحة في الوثيقة التي صدرت عن "مجموعة العمل حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان" التي أعلن عنها رسمياً خلال حفل أقيم في 20/7/2017 في السراي الحكومية.

·        أن تعمل الدولة اللبنانية على ملاحقة السماسرة المسؤولين عن تنظيم رحلات الهجرة غير الشرعية.

·        تسوية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا تسوية قانونية تنسجم مع أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، باعتبارهم لاجئين وليسوا وافدين عرب، وعدم فرض أي قيود على حركة تنقلهم.

المنظمات والدولية والإقليمية

·        أن تتحمل الجمعية العامة في الأمم المتحدة مسؤولية استمرار عمل الأونروا كونها الجهة التي أنشأت الأونروا عام 1949 وفق القرار 302. وأن تعمل على جعل موازنة الأونروا جزءاً من موازنتها، لعدم السماح بتحويلها إلى ورقة ضغط بيد الدول المانحة لتحقيق مصالح سياسية.

·        على الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى التدخل الفوري والضغط على الإدارة الأمريكية لحثها على التراجع عن قرار اعتبار القدس عاصمة لدولة "إسرائيل" ونقل السفارة إليها، والتراجع عن تعليق التزاماتها المالية عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

توصيات للفصائل الفلسطينية:

-         أن تقوم الفصائل الفلسطينية في لبنان بتوحيد موقفها لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان، وتوفير الأمن والاستقرار، وحماية حق العودة، ورفض التوطين والتهجير.

-         إجراء حوار لبناني فلسطيني عاجل، يهدف إلى الاتفاق على الرؤية السياسية للعلاقة المشتركة، ومنع استخدام العنف بأي شكل.

للاطلاع على التقرير كاملاً اضغط هنا

بيروت في 26/3/2019

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)