إشكالية الديمقراطية الفلسطينية (انتخابات عام 2006، أحداث عام 2007، وحصار قطاع غزة) مقاربة قانونية ملخص تنفيذي

بمناسبة مرور أربعة عشر عاماً على الانتخابات الفلسطينية، تصدر المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) كتابا تحت عنوان: "إشكالية الديمقراطية الفلسطينية (انتخابات عام 2006، أحداث عام 2007، وحصار قطاع غزة) مقاربة قانونية" للدكتور محمود خالد الحنفي.

 ويأتي هذا الكتاب ضمن سلسة دراسات قانونية تصدرها المؤسسة تتناول مختلف الأوضاع القانونية المتعلقة بالشأن الفلسطيني سواء في الداخل أو الشتات، حيث تناقش في هذا الكتاب "إشكالية الديمقراطية الفلسطينية (انتخابات عام 2006، أحداث عام 2007، وحصار قطاع غزة) مقاربة قانونية"   أهم الأحداث التي مرت بها الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال العقدين الأخيرين. أحداث هائلة حصلت تداخلت فيها الأمور بشكل كبير، اختلط فيها السياسي بالقانوني، اختلطت فيها المبادئ بالمصالح، وبتنا نحتاج لمقاربة قانونية تحسم الجدل المحتدم. فقد احتكم الشعب الفلسطيني لصناديق الاقتراع، وفازت حركة حماس بالانتخابات، ولم تكن النتيجة توافق مصالح الكثير من الفاعلين الدوليين والإقليميين والمحليين. أعقب نتيجة هذه الانتخابات اشتباكات مسلحة، وتعطلت على إثرها الحياة السياسية والدستورية الفلسطينية، ثم فرض حصار محكم على قطاع غزة، تجاوز كل المبادئ القانونية والقيم الأخلاقية، حيث فرض عليه حصار سياسي واقتصادي خانق كانت له آثار إنسانية سيئة جداً، استمر لعقد من الزمن ولا يزال. كما تعرض قطاع غزة لعدة حروب واسعة النطاق، كانت تهدف جميعها لضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني من خلال كسر شوكة مقاومته، وفصل الضفة وهمومها عن قطاع غزة وهمومه، وإشغال الفلسطينيين عن القدس. 

تحاول هذهالمقاربة القانونية مناقشة كل هذه التطورات في محاور ثلاثة:

الأول: الرأي القانوني من الانتخابات الفلسطينية لا سيما انتخابات عام 2006،

الثاني: يناقش المقاربة القانونية للأحداث المسلحة عام 2007،

والثالث: يتناول حصار قطاع غزة ورأي القانون الدولي الإنساني حياله.

 

وتأتي هذه المقاربة القانونية للموضوعات المطروحة، كمحاولة جادة للإجابة عن التساؤلات بلغة قانونية، إيماناً من الباحث بأن القانون الدولي وأحكامه الآمرة لا زالت هي المعيار الأساس الذي يجب أن يضبط السلوك الدولي والإقليمي والمحلي تجاه أي تطور كان؛ وأن حق الشعب الفلسطيني تقرير مصيره من الحقوق غير القابلة للتصرف بصرف النظر عن محاولات التمييع التي تجري بشكل منهجي هنا وهناك.

تناولت المقاربة القانونية أهم الأحداث التي مرت بها الضفة الغربية وقطاع غزة خلال عقدين من الزمن تقريبا. لقد مرت الأراضي الفلسطينية المحتلة بأحداث هائلة ومتلاحقة تحتاج إلى تكييف قانوني. فقد جرت انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وحصلت تطورات أمنية عام 2007، ثم استطاعت حماس السيطرة على قطاع غزة بالكامل، فيما سيطرت حركة فتح على الضفة الغربية، وقد انتُهك الكثير من حقوق الإنسان خلال هذه الأحداث. فتعرّض قطاع غزة لحصار خانق كانت له آثار إنسانية سيئة جداً، واستمر أكثر من عقد من الزمن (ولا يزال)، كما تعرض القطاع لحروب إسرائيلية واسعة النطاق، حصدت آلاف الضحايا بين شهيد وجريح ومعوّق، فضلاً عن النتائج المدمرة في البنى التحتية وسواها. وعندها شكّل مجلس حقوق الإنسان لجنة تقصي حقائق عُرفت بلجنة غولدستون، أصدرت تقريرها، ورفعته للأمين العام للأمم المتحدة كي يتخذ الإجراء اللازم، بما في ذلك إحالته على مجلس الأمن.  وقد رفض المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية طلب السلطة الوطنية الفلسطينية فتح تحقيق في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. كل هذه الأحداث نوقشت ضمن منهجية قانونية.

 أبدى الباحث رأيه القانوني بموضوع الانتخابات الفلسطينية بالقول إنه أيّاً تكن الآراء القانونية وحتى السياسية منها، فإن إجراء الانتخابات في ظل الاحتلال الإسرائيلي، سواءٌ أكانت مؤيدة أم معارضة أم مؤيدة بشروط، فإنّ عملية الانتخابات تحت الاحتلال تبقى مرهونة بشروط الاحتلال الذي يسيطر فعلياً على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلة، الأمر الذي يفرغ أي قيمة لنتائج هذه الانتخابات من مضمونها. وعندما فازت حركة حماس في انتخابات 2006، اعتقلت سلطات الاحتلال عدداً كبيراً من أعضاء المجلس التشريعي في الضفة الغربية والمؤيدين لحماس. كذلك إن إجراء الانتخابات في ظل الاحتلال كشف عن مواقف فلسطينية ترفض من حيث المبدأ أن تتنازل عن السلطة، الأمر الذي زاد من حدة الانقسام في الوسط الفلسطيني. فضلاً عن كل ذلك، أصبح الاحتلال يُعرَف باحتلال "خمس نجوم"، أي احتلال ناعم في شكله وأمام الإعلام، وفي الميدان تجري تغييرات واسعة النطاق (الجدار العازل، بناء المستوطنات، اعتقال، تهويد القدس...).

وإذا كان هدف الفلسطينيين من إجراء الانتخابات هو إدارة الأراضي الفلسطينية المحتلة بمعزل عن سلطات الاحتلال، فإن هذا الهدف لم يتحقق فعلياً. وكان من باب أولى إجراءُ انتخابات لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني من باب إصلاح منظمة التحرير الفلسطيني، الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني في جامعة الدول العربية وفي المحافل الدولية الأخرى. إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الأوسع والأشمل الذي يمكن أن ينظّم حياة الفلسطينيين، سواءٌ أكانوا في الداخل المحتل عام 1967، أم كانوا في الشتات. لكن لأنّ كل ذلك لم يتحقق.

أما بخصوص التطورات الأمنية المسلحة التي حصلت في قطاع غزة حدث في قطاع غزة والضفة الغربية في مطلع شهر حزيران 2007، وما سبقه من صور بشعة للانفلات الأمني يُكيّف قانوناً، في ضوء قواعد القانون الدولي الإنساني المطبقة على النزاعات المسلحة غير الدولية بأنها مجرد أحداث عنف داخلي لا ينطبق عليه وصف النزاع المسلح غير الدولي بمفهوم المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع، لعدم استيفاء أحداث العنف المسلح للعمومية الجغرافية المطلوبة، وعدم استيفائها لشرط الرقابة الإقليمية على السكان المنصوص عليه في البروتوكول الإضافي الثاني. والنتائج التي نجمت عن هذه الأحداث هي انقسام جغرافي لشطرين من خلال وجود كيانين سياسيين، ليسا فقط منفصلين، بل متنازعان، وبناءً عليه تبقى هذه الأحداث خارج أطار التنظيم الدولي، لهذا فقد استظلت الاضطرابات الداخلية بأحكام القانون الداخلي والقواعد الأساسية لحقوق الإنسان.

 بخصوص الحصار بدأت معالم الحصار تظهر من خلال ثلاث محطات: المحطة الأولى من خلال خطة شارون لإعادة الانتشار في قطاع غزة. المحطة الثانية بعد فوز حركة حماس في الانتخابات عام 2006. والمحطة الثالثة بعد أسر الجندي جلعاد شاليط. والحصار يعني عزل قطاع غزة عزلاً مادياً عن العالم الخارجي، وذلك بإغلاق المعابر لعزله عن التواصل مع العالم الخارجي من خلال مصر وإسرائيل، ومنع مرور أي شيء عبر هذه المعابر. يتعرض قطاع غزة أيضاً لحصار بحري وجوي، ويعني ذلك منع السفن والطائرات من الاقتراب من شواطئ غزة أو أجوائها، أو استخدام موانئها أو مطاراتها.

إن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة يُعَدّ نوعاً من أنواع العقاب الجماعي المرفوض وفق قواعد القانون الدولي الإنساني، وخصوصاً المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، بغض النظر عن تبريره من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي أو أي دولة أخرى.

خلاصة القول، كما يرى الباحث، أن إشكالية الديمقراطية الفلسطينية مرتبطة بشكل رئيس بفوز حركة حماس في الانتخابات التي تحمل توجهات سياسية مخالفة تماماً للاحتلال الإسرائيلي، وأن الحصار الخانق على قطاع غزة والأحداث المسلحة التي حصلت عام 2007، إنما هي مرتبطة ارتباط وثيق بنتائج هذه الانتخابات.

 لتحميل الكتاب كاملاً اضغط هنا

بيروت في 25/1/2019

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)