بيانات صحفية

بعد الكشف عن قائمة سرية تضم شخصيات إسرائيلية قد تكون متورطة بجرائم حرب هل تفتح محكمة الجنايات الدولية تحقيقا هذه المرة؟ وهل تتحرك الماكينة الدبلوماسية والحقوقية الفلسطينية لاستثمار هذه الفرصة؟

مع اقتراب صدور قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، بشأن التحقيق في شبهات ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية، أعدّت إسرائيل قائمة سرية تضمّ 200 ــ 300 مسؤول يُمنع سفرهم حاليا بسبب احتمال تعرضهم للملاحقة القانونية.

ويرجع السبب في سرية هذه القائمة إلى خطورة وحساسية موقف الأشخاص الذين وردت أسماؤهم فيها، إذ يتخوف الاحتلال من اعتبار المحكمة الدولية ذلك اعترافا من قبل تل أبيب بمسؤوليتهم عن الأحداث أو الجرائم التي سيتم التحقيق فيها.

وقد أعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا مطلع مايو/ أيار الماضي، أن للمحكمة صلاحية التحقيق في جرائم حرب محتملة بالأراضي الفلسطينية، لكن ما زال يلزم اتخاذ قرار نهائي من قبل الدائرة الأولى بالمحكمة قبل الشروع في التحقيق.

وحيال ذلك طرحت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) مجموعة من التساؤلات والملاحظات.

فهل فعلا يشكل قرار المحكمة في لاهاي خطرا على شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى، من بينهم رؤساء حكومات ووزراء أمن ورؤساء هيئة أركان سابقون وحاليون؟ أم أن القرار لن يتعدى جدران وأقبية المحكمة؟

يضغط الاحتلال الاسرائيلي بكامل قوته وقدراته المتنوعة الأساليب، لا سيما الدبلوماسية منها، باتجاه عدم الاعتراف بقرار المحكمة وعدم صلاحية المحكمة في التحقيق مع المسؤولين الإسرائيليين. وينطلق الاحتلال بهذا الاتجاه باعتباره أن تل أبيب ليست عضوا بالمحكمة، وأن فلسطين ليست دولة.

والجدير ذكره أن العديد من القضايا فيما يخص جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية كانت قد قدمت ضد دولة الاحتلال سابقا، ولكن محكمة الجنايات ترددت وامتنعت عن فتح تحقيق في هذه القضايا.

فما هي المتغيرات والمعطيات الجديدة، على صعيد محكمة الجنايات، التي تبعث الأمل في نفوس الفلسطينيين هذه المرة، وتجعل دولة الاحتلال في إرباك ملحوظ؟

يعتبر انضمام دولة فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية ودخولها كدولة طرف في نظام روما الأساسي، وهي المعاهدة التي تستند إليها الجنائية الدولية، هو المحرك والدافع الأساسي لمحكمة الجنايات لفتح تحقيق في ارتكاب جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية.

ومن جهة أخرى، فإن الجرائم التي من المفترض أن يتم التحقيق على ضوئها هي من اختصاص المحكمة الجنائية، والعديد من هذه الجرائم تدخل في الحيز الزمني للمحكمة، إذ أن الاحتلال ارتكب هذه الجرائم بعد تاريخ تأسيس المحكمة.

من هنا، فإن خطر اتخاذ المحكمة قرارا بفتح التحقيق في شأن جرائم الاحتلال، يلاحق رؤساء ووزراء ومسؤولين اسرائيليين ويضعهم أمام الملاحقة القانونية، التي من المرجح أن تكون مذكرات اعتقال سرية، لا سيما في البلدان المنضمة لمحكمة الجنايات.

وبينما يعاني الفلسطينيون من آثار الظلم والحصار، تبقى هذه القضية فرصة أمامهم لطرق باب المحافل الدولية بقوة. وينبغي لذلك الجهوزية التامة والعالية للآلة الدبلوماسية الفلسطينية، والسعي مع مؤسسات المجتمع المدني لمعاقبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني على مدار عقود.

17-7-2020

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)