Press Releases

(شاهد) تحذر من كارثة انسانية: الصقيع يفتك بأطفال غزة

تدين المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بأشد العبارات الحرمان الممنهج من وسائل البقاء في غزة ما أدى إلى ثمانية أطفال على الأقل لقوا حتفهم حتى الآن بسبب انخفاض حرارة أجسامهم في قطاع غزة منذ بداية فصل الشتاء جراء موجة البرد القارس ونقص وسائل التدفئة. في حين يفتقر 7700 طفل حديث الولادة إلى الرعاية المنقذة للحياة، في كارثة إنسانية أعلنت عنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وأكدتها تقارير صادرة عن الأمم المتحدة.كان آخرها الطفل يوسف أحمد أنور كلوب، الذي لم يتجاوز عمره 35 يومًا في السادس من كانون الثاني، أصغرهم يبلغ من العمر 3 أيام وأكبرهم 5 أشهر.

وحذرت منظمات أممية من خطورة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من انخفاض غير مسبوق في درجات الحرارة، مع استمرار انقطاع الكهرباء ونقص الوقود، مما يزيد من تدهور الظروف المعيشية لسكان القطاع المحاصرين. وأكد التقرير أن هناك أكثر من مليون شخص في غزة يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية، وأن تدهور الخدمات الأساسية يشكل تهديداً خطيراً على حياة الأطفال وكبار السن.

ولقد غمرت الأمطار الغزيرة والفيضانات مواقع النزوح والملاجئ المؤقتة في أنحاء قطاع غزة مع دخول فصل الشتاء، مما عرض الأسر لظروف قاسية فيما تكافح لإصلاح الخيام التالفة بعد أشهر من الاستخدام. ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن القيود المنهجية المفروضة على الوصول أعاقت بشدة توصيل المساعدات، حيث لم يتلق سوى 285 ألف شخص دعم المأوى منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.وما لا يقل عن 945 ألفا من سكان غزة في حاجة ماسة إلى مساعداتلمواجهة فصلالشتاء، بما في ذلك الملابس الحرارية والبطانيات والأقمشة المشمعة لعزل الملاجئ عن المطر والبرد.

وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، يعيش ما يقارب 90% من سكان قطاع غزة في الخيام، ومع سوء الأحوال الجوية لم يعد الخوف من المرض الاحاجز الوحيد أمام سكان القطاع. اذ يكافح سكان قطاع غزة يومياً لمنع تسرب المياه إلى الخيام وحماية اطفالهم من المياه التي قد تغرقها. كما أن نحو 80% من سكان شمالقطاع غزة باتوا محرومين من المساعدات الإنسانية الأساسية حتى مطلع الشهر الجاري وفقاً لمنظمة اللاجئين جراء القيود الإسرائيلية.

يشبه منير البرش، مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية بغزة هذه الخيام، بأنها "ثلاجات موت"، إذ هي تتحول في فصل الشتاء إلى مايشبه الثلاجة، حيث يتسلل الهواء البارد إلى داخلها، وحين يهطل المطر، يتسلل أيضا إليها، ليُغرق أمتعة ساكنيها، كما يُغرق أغطيتهم، في وقت يفتقرون فيه لأي وسائل للتدفئة.

ومع انخفاض مناعة الأطفال جراء البرد وسوء التغذية، يغدون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية والتي تتفشى بصورة أكبر في فئة الأطفال دون الخامسة لتصل إلى تسعين بالمئة وفق تقديرات أطباء داخل القطاع.

مأساة يمكن تفاديها

شددت المنظمة الدولية للهجرة على أن الوفيات بسبب الشتاء يمكن تفاديها. وقالت إنها سلمت ما يقرب من 180 ألف عنصر من عناصر المأوى الطارئ للشركاء داخل غزة منذ منتصف تشرينالأول/نوفمبر ولديها أكثر من 1.5 مليون وحدة من الإمدادات الشتوية الأخرى - بما في ذلك مجموعات العزل والخيام ومجموعات الفراش - جاهزة في المستودعات ونقاط الدخول،"لكن القيود الشديدة على الوصول تمنعها من الوصول إلى المحتاجين"...

تفرض إسرائيل قيوداً شديدة على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وخاصةً الشمال منه بما يشكل جريمة حرب يموجب القانون الدولي.

تؤكد (شاهد) أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة يشكل جريمة مستمرة ضد الإنسانية، وينتهك اتفاقيات جنيف لعام 1949، والمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر العقاب الجماعي. إن منع وصول المساعدات الانسانية و"إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً" يعدّ أحد صور جريمة الإبادة الجماعية وفقاً للمادة 6 من نظام روما الأساسي.

إن منع وصول الوقود ووسائل التدفئة الأساسية وخدمات المأوى يرقى إلى جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

كما أن وفاة الأطفال برداً في غزة دليل جديد على فشل النظام الدولي في حماية السكان الفلسطينيين من الانتهاكات المتواصلة. ويتطلب من المجتمع الدولي تحركاً عاجلاً لإنقاذ حياة المدنيين في القطاع ورفع الحصار بشكل كامل ودائم.

وفي هذا الاطار فإننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) ندعو إلى ما يلي:

  1. نطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، باعتباره السبب الجذري لهذه الكارثة الإنسانية.
  2. ندعو الأمم المتحدة، وخصوصاً برنامج الغذاء العالمي، برنامج الامم المتحدة للاسكان ومنظمة اليونيسف، إلى تعزيز تدخلاتها لتأمين الوقود، وسائل التدفئة، والأدوية للسكان المتضررين.
  3. نطالب بفتح تحقيق أممي مستقل حول وفاة الأطفال، وتحديد المسؤولية القانونية عن استمرار الحصار وسياسات التجويع والعقاب الجماعي.
  4. ضرورة إحالة هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على مساءلة قادة الاحتلال عن الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في غزة.
  5. تعزيز الدعم وتقديم الإمدادات الطبية العاجلة لمعالجة الأطفال المصابين بالأمراض الناتجة عن البرد وسوء التغذية.
  6. نطالب الدول الاعضاء في الامم المتحدة بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتسهيل دخول المساعدات والإمدادات الشتوية الى غزة.
  7. نطالب بتشكيل لجنة دولية لتوثيق الانتهاكات المتعلقة بالقيود المفروضة على دخول المساعدات وتأثيراتها على الأوضاع الإنسانية في غزة لاستخدامها كأدلة عند المسائلة الدولية.

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
6
كانون الثاني 2025