في رسالة إلى موظفي الأونروا
فيلبيو غراندي: تحديات كبرى سوف تواجه الأونروا هذا العام
العمل السياسي ممنوع، ثقافة العودة متحفظ عليها، والإضرابات مضرة
في رسالة موجهة إلى الموظفين في الأونروا بتاريخ 17/1/2011، صرّح مفوض عام الأونروا فيلبيو جراندي كلاما هاماً جدا يستدعي التوقف مليا. وقد رسم في هذه الرسالة معالم خطته خلال السنوات القادمة خصوصاً خلال العام الحالي، ووصلت نسخة إلى المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد). وبحسب الرسالة فإن مضمونها يفيد بأن ثمة متاعب سوف تواجه الأونروا لا سيما في زيادة الموازنة، كما أن ثمة مصاعب أخرى سوف تواجه اللاجئين الفلسطينيين في مناطق العمل الخمسة. وفي العموم سوف تواجه قضية اللاجئين تحديات أخرى إضافية، تأمل الأونروا تجاوزها بما لا يمس الخدمات الأساسية المقدمة من قبلها خصوصاً الصحة والتعليم.
قال غراندي: "ستدخل الأراضي الفلسطينية عامها الخامس والأربعين تحت الاحتلال في حزيران القادم" وهي إشارة إلى أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. لم يشر إلى فلسطين المحتلة عام 1948 أبداً، وهي دلالة إلى أن حتى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم وفق القرار 194 لم تعد من اهتمامات الأونروا على الأقل من الناحية الثقافية، علما أن عمل الأونروا يرتكز على مفهوم خدماتي ومفهوم سياسي، وان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين المحتلة عام 1948 يشكل صلب المفوم السياسي من عمل الأونروا. إن تصريحات مسؤولين كبار في الأونروا حول حق العودة، لا سيما مدير مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين – الأونروا في نيويورك أندرو ويتلي حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين في شهر تشرين الأول من العام الماضي، الذي قال فيه "إن على اللاجئين الفلسطينيين أن لا يعيشوا على وهم تحقيق حق العودة، وبأنه يجب على الدول العربية أن تبحث عن مكان لهم في أراضيها لتوطينهم فيها"، كما ان إصداراتها خصوصا المفكرة السنوية التي وزعتها لعام 2011 والخرائط التي توزع تؤكد أن فلسطين المحتلة عام 1948 هي إسرائيل الدولة العضو في الأمم المتحدة، كل ذلك يعتبر إهانة لمشاعر ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين لطالما تسعى الأونروا لخدمتهم.
قال غراندي: " في العديد من الأوقات، سمعت مسؤولين من الدول المانحة يسألون "كيف يمكننا أن نعطيكم مساعدة إضافية في الوقت الذي نقوم فيه بالتخفيض في موازنتنا الخاصة بالتعليم والصحة والخدمات العامة الأخرى"... وبحلول منتصف العام 2010 تجاوز عجز الموازنة العامة مبلغ 100 مليون دولار". يبشر مفوض الأونروا لللاجئين الفلسطينيين بأن العام 2011 سوف يشهد مزيداً من التقليص في الخدمات أكثر مما هو قائم فعليا. وإذا كانت الأونروا قد تغلبت على أزمة العام المنصرم بحسب ما ورد في الرسالة من خلال اتباعها سياسة مالية حصيفة، فإن العام 2011 قد يكون عكس ذلك. وأن ثمة تضحيات سوف تقوم بها الأونروا هذا العام حفاظاً على الخدمات الأساسية.
يطلب غراندي من موظفي الأونروا عدم الانخراط في أي عمل سياسي قد يشكل قلق للدول المانحة التي تعتمد على ما تجمعه من ضرائب المواطنين لديها. يقول غراندي: "علينا أن نكون يقظين على وجه الخصوص في المحافظة على الشخصية الحيادية وغير السياسية لعملنا". وقد اعتبر غراندي عدم الانخراط السياسي بما فيها الأعمال الوطنية هي من "القيم التي يتوقع من كافة موظفي الأمم المتحدة دون استثناء أن يؤيدوها". وهنا نكون قد أسقطنا من حوالي ثلاثين ألف موظف حقاً هاما من حقوق الإنسان وهو الحق في التعبير والحق السياسي. وهو معنى خطير للغاية إذ أن الدول المانحة، على الأقل الغربية منها، بحسب الأونروا تريد أن ينعزل الفلسطينيون عن قضاياهم المهمة وأن يكتفوا بالصمت وعدم التعليق حفاظا على مزيد من الأموال وبالتالي لقمة عيشهم وعيش اللاجئين.
وحول أوضاع الموظفين في الأونروا فقد أكد غراندي التزامه "بتحسين ظروف الخدمة للعاملين إلى الحد الأقصى الممكن بما يتماشى مع سياسة الرواتب لدينا" وبحسب الرسالة أيضا فقد تم زيادة الرواتب في غزة الضفة والأردن بنسبة 6%، أما في في لبنان فقد بلغت زيادة الرواتب نسبة 3%، حيث لم تقنع هذه الزيادات الموظفين العاملين في الأونروا خصوصاً في لبنان. ويوصي غراندي بمزيد من التواصل مع الاتحادات لمعالجة مشاكل الموظفين. وهنا يشكر غراندي السلطة الفلسطينية لإنها قدمت مساعدة هامة للاونروا بإنهاء الإضراب خلال العام الماضي، "أشعر بالامتنان أيضا للسلطة الفلسطينية لتقديمها المساعدة لنا لتحقيق هذا الهدف". برأي غراندي فإن الإضرابات أضرت بمصالح الفسطينيين ولا بد من تفعيل العلاقة بين الأونروا والاتحادات بطريقة تجعل التواصل أكثر فعالية بعيدا عن الإضرابات "المضرة".
في مواجهة التحديات، يتحدث غراندي عن الانجازات الكبيرة والصغيرة، ويذكر على سبيل المثال أن ثلاثة فتيات من نابلس قد فزن بجائزة إنتل الدولية للعلوم على قيامهم باختراع يساعد المكفوفين، أما في لبنان فإن غراندي يعتبر أن بعض القيود التي رفعت على عمالة الفلسطينيين أمر يستحق الاهتمام. إن معظم نشطاء حقوق الإنسان والساسة الفلسطينيين والمهتمين بالشأن الفلسطيني يدركون ان ما حصل في 17/6/2010 في البرلمان اللبناني كان هدفه قوننة الحرمان.
خلاصة القول، ندرك أن وكالة تشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين الأونروا تواجه تحديات جمة على مختلف المستويات، وندرك أن إسرائيل تعمل جهدها لإلغاء عمل الأونروا، وندرك أن ثمة مصالح لدول كبيرة تقتضي معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين على طريق الحل العادل القائم على التعويض وعدم العودة، لكن في المقابل ندرك أن ثمة تحديات بنيوية في عمل الأونروا وفي طريقة أدائها. إن الأونروا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين ضرورة وطنية وضرورة إنسانية، ولا يمكن أن يستغنوا عنها إلا بحال عودتهم إلى مدنهم وقراهم. إن الحفاظ على القيمة المعنوية والسياسية للأونروا أمر ينبغي المثابرة عليه.
بيروت 7/2/2011
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)