تتابع المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بقلق شديد الاقتحامات
الاسرائيلية الممنهجة التي تطال المسجد الأقصى، وما يرافقها من اعتداء على
المتواجدين داخله. كان آخرها اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى بحماية الشرطة
الاسرائيلية ليلة الأربعاء الموافق 5/4/2023، في محاولة لإخلاء المصلين والمعتكفين
تهيئةً لاقتحامه وذبح القرابين داخله، لإحياء مراسم عيد "الفصح
العبري".
وفقاً للقرار رقم 40 COM 7A.13الصادر عن الأونيسكو عام 2016 حول مدينة القدس القديمة وأسوارها، فإن المسجد
الأقصى يعد جزءاً لا يتجزأ من التراث العالمي كموقع عبادة إسلامي يجب احترام وصون
سلامة وأصالة تراثه.
تشير (شاهد) إلى أن القانون الدولي ولاسيما البروتوكول الثاني
الإضافي إلى اتفاقيات جنيف لعام 1977 يوفر الحماية للتراث الثقافي والروحي لجميع
الشعوب من الاعتداء، وتقع على عاتق سلطات الاحتلال مسؤولية حماية هذه الممتلكات
وضمان عدم التعرض لها عبر الاستيلاء أو التدمير أو الإضرار العمدي أو التخريب.
وتعد أعمال التخريب التي قام بها عناصر شرطة الاحتلال في المسجد الأقصى انتهاكاً
صارخاً لموجب سلطات الاحتلال في حماية التراث الثقافي والروحي وعدم التعرض له.
في هذا السياق اعتدت قوات الاحتلال بشكل همجي على المصلين العزّل،
مجبرة إياهم على مغادرة المسجد الأقصى، كما منعت غير المستوطنين من الدخول إليه.
شملت الاعتداءات إطلاق القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، والاستخدام المفرط
للقوة في ظل وجود النساء والأطفال، حتى بلغت حصيلة الاقتحام اعتقال أكثر من 500
فلسطيني.
ويتناقض هذا السلوك مع أحكام
المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 من ضمان حق كل إنسان
في الحياة والحرية والسلامة على شخصه، ويؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية لعام 1966 في المادة 6 منه على أنه حق ملازم لكل شخص.
تؤكد (شاهد) بأن وحشية شرطة الاحتلال تتناقض مع الحق في الحرية
والأمان والسلامة الجسدية والحماية من المعاملة القاسية والمهينة والتي ترافق حرية
الأفراد في ممارسة الشعائر الدينية دون أي مضايقة.
وتشير (شاهد) إلى أن الاعتداء طال أيضاً الطواقم الطبية التابعة
للهلال الأحمر الفلسطيني، إذ تم الاعتداء على المسعفين وتدمير سياراتهم، كما
منعتهم قوات الاحتلال من الوصول إلى المصابين وإسعافهم. رغم تمتع المرافق الطبية
بحماية خاصة بموجب القانون الدولي، ولا سيما مقدمي الرعاية الصحية ووسائل النقل
الطبي.
وموجب اتفاقية جنيف الرابعة وبروتوكولاتها الإضافية يجب احترام
وحماية أي وسيلة مخصصة لنقل الجرحى والمرضى والأفراد العاملين فيها، وتسهيل مهامهم في إسعاف
ونقل الجرحى والمرضى ويحظر استهدافهم أو الاعتداء عليهم. وإن العلامة المرئية
المتمثلة في شارة الحماية لسيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر تعزز من مسؤولية
شرطة الاحتلال إبان استهدافها.
ويذكر أن هذا الاعتداء هو جزء من سلسلة اعتداءات متكررة منذ عدة
سنوات، تهدف إلى تغيير المعالم الدينية للمسجد الأقصى المبارك وإيجاد موطئ قدم
للمستوطنين اليهود في هذا المعلم الإسلامي المقدس.
تحذر المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) من تفاقم
انتهاكات الاحتلال التي تحصل أمام الصمت المريب للمجتمع الدولي، وتستنكر المحاولات
الاسرائيلية المتكررة لتغيير هوية المسجد الأقصى، وبناء عليه فإنها تدعو إلى ما
يلي:
1.دعوة الأمين العام للأمم المتحدة وكافة المنظمات
والهيئات الدولية والإقليمية ذات الصلة، إلى اتخاذ خطوات عملية لمنع تكرار
الاعتداءات على أن لا يقتصر التحرك على التصريح بالادانة.
2. تحميل سلطات الاحتلال
الاسرائيلي المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالممتلكات الثقافية الفلسطينية و
تداعيات هذه الممارسات.
3.مطالبة المجتمع الدولي والأطراف السامية المتعاقدة
على اتفاقيات جنيف لعام 1949، إلى القيام بخطوات عملية، وفقاً لالتزاماتها
القانونية، من أجل إجبار سلطات الاحتلال على احترام قواعد القانون الدولي
الإنساني.
4.دعوة المملكة الأردنية الهاشمية باعتبارها الوصية
على الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة الى اتخاذ الاجاءات القانونية اللازمة
للحؤول دون تفاقم الانتهاكات.
بيروت، 4\5\2023
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)