عقدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) مؤتمرًا صحفيًا اليوم،
أصدرت خلاله تقريرها السنوي لعام 2024، الذي يتناول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في
لبنان، والتحديات القانونية والاجتماعية التي يواجهونها، إضافةً إلى التطورات
الدولية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
ركز التقرير على ثلاثة محاور رئيسية. تناول المحور الأول العلاقة بين
اللاجئين الفلسطينيين والدولة اللبنانية، مسلطًا الضوء على الصعوبات الإدارية
والقانونية التي تعيق حصولهم على حقوقهم الأساسية. أما المحور الثاني، فقد ركّز
على تقييم خدمات وكالة الأونروا في مجالات التعليم والصحة والمساعدات الإنسانية،
في ظل التحديات المالية التي تواجهها الوكالة. فيما استعرض المحور الثالث أبرز
التطورات الدولية، من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة إلى
المواقف الصادرة عن محكمة العدل الدولية بشأن القضية الفلسطينية.
لم يكن عام 2024 سهلًا على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فقد استمرت
معاناتهم بسبب تراجع الخدمات الأساسية التي تقدمها الأونروا، حيث شهد القطاع
التعليمي اكتظاظًا شديدًا في الصفوف، إلى جانب نقص المعلمين وغياب البدائل في حال
غيابهم، مما دفع بعض الطلاب إلى التسرب من المدارس. كما شهد العام احتجاجات واسعة
بسبب إغلاق مدارس في مخيم عين الحلوة ومدرسة فلسطين في صور، ما فاقم أزمة التعليم
داخل المخيمات. أما على الصعيد الصحي، فقد واجه اللاجئون صعوبات كبيرة في الحصول
على الرعاية الطبية، بسبب انخفاض نسبة تغطية تكاليف العلاج وزيادة الأعباء المالية
على العائلات، بينما توقفت المساعدات المالية الطارئة إلا في حالات محدودة
للنازحين من مناطق النزاع.
لم يطرأ أي تغيير جوهري على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين القانونية في
لبنان، حيث استمرت القيود المفروضة عليهم في مجالات العمل والتملك، ولم تشهد
التشريعات اللبنانية أي تعديلات من شأنها تحسين وضعهم القانوني. في المقابل،
ارتفعت تكاليف استصدار الوثائق الرسمية، مثل بطاقات الهوية وإخراج القيد ووثائق
الزواج والسفر، مما زاد من الأعباء الاقتصادية على اللاجئين. كما بقيت مراكز إنجاز
المعاملات محدودة، حيث لا يوجد سوى مركز واحد لدائرة شؤون اللاجئين في بيروت، مما
يصعّب على اللاجئين في باقي المحافظات الحصول على أوراقهم الرسمية بسهولة.
على الصعيد الأمني، شهد عام 2024 تحسنًا ملحوظًا في أوضاع المخيمات
الفلسطينية، حيث انخفض عدد الجرحى من 228 جريحًا عام 2023 إلى 7 جرحى فقط عام 2024، كما تراجع عدد القتلى من 33 قتيلاً إلى 3 قتلى، ما يعكس جهودًا واضحة في
تعزيز الاستقرار الأمني داخل المخيمات، من خلال الحوار المستمر بين الفصائل
الفلسطينية والتنسيق مع الجهات الأمنية اللبنانية. في المقابل، بلغ عدد السجناء
الفلسطينيين في السجون اللبنانية 516 سجينًا، ما يمثل 6.8% من إجمالي السجناء في لبنان.
وعلى مستوى الحرب الإسرائيلية على لبنان، بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين
نتيجة الاعتداءات العسكرية خلال عام 2024 91 شهيدًا، توزعوا بين المخيمات والتجمعات الفلسطينية في مختلف المناطق
اللبنانية.
أما على الصعيد الدولي، فقد شهد
العام حراكًا دبلوماسيًا وقانونيًا مكثفًا بشأن القضية الفلسطينية، إلا أن هذه
الجهود واجهت تحديات كبيرة. في مجلس الأمن، تم تقديم أربعة مشاريع قرارات، لكن
الفيتو الأمريكي أسقط ثلاثة منها، بينما تم اعتماد القرار 2720 الذي
يدعو إلى تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنه افتقر إلى آليات التنفيذ
الفعلية. كما أصدرت محكمة العدل الدولية أربعة قرارات بارزة، من بينها قرار يعتبر
الاحتلال الإسرائيلي انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وقرار يطالب بوقف الهجوم
العسكري الإسرائيلي على مدينة رفح. على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تم
تبنّي ثلاثة قرارات غير إلزامية، أحدها أكد حق فلسطين في الحصول على العضوية
الكاملة في الأمم المتحدة.
بناءً على هذه التطورات، دعت المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) إلى ضرورة تحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها
القانونية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وإلغاء القيود المفروضة على حقوقهم المدنية،
خاصةً في مجالي العمل والتملك. كما شددت على أهمية تحسين خدمات الأونروا، من خلال
زيادة التمويل المخصص لها، وتعزيز آليات الرقابة لضمان جودة الخدمات المقدمة
للاجئين. وأوصت المؤسسة بتقديم دعم اقتصادي أكبر للاجئين الفلسطينيين، لمساعدتهم
على مواجهة الأزمة المالية التي يعانون منها، خاصةً في مجالات الصحة والتعليم
والسكن.
على المستوى القانوني، أكدت المؤسسة
على ضرورة الدفع باتجاه إصدار تشريعات تحمي حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان،
مع تعزيز الجهود الدولية لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي، والعمل
على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي ظلت غير مطبقة بسبب غياب آليات إلزامية.
ختامًا، أكدت (شاهد) أن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ليست
مجالًا للمساومة أو المقايضة، وأن أي حل سياسي عادل يجب أن يأخذ في الاعتبار
حقوقهم المشروعة. كما شددت على ضرورة استمرار العمل الجماعي بين الحكومة
اللبنانية، الفصائل الفلسطينية، الأونروا، والمجتمع الدولي لضمان حياة كريمة
ومستقبل أفضل للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
لقراءة الملخص
بيروت في 12\3\2025