يعود تاريخ ولادة الجالية الفلسطينية في العراق إلى عام
1948، عندما عاد الجيش العراقي الذي كان يقاتل في فلسطين إلى بغداد مع مجموعة من الفلسطينيين
الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في حيفا ويافا. وفي أعقاب حرب 1967 مع إسرائيل،
لجأت موجه ثانية كبيرة من الفلسطينيين إلى العراق. الموجه الثالثة والأخيرة حدثت في
عام 1991 بعد غزو العراق للكويت، عندما فر الفلسطينيين الذين يعيشون في الكويت.
لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد اللاجئين الفلسطينيين في العراق،
لكن معظم صناع السياسة، بمن فيهم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين والسلطات العراقية،
يقدرون عددهم قبل الحرب في عام 2003، بأربعة وثلاثين ألفا، غير أن هذا الرقم تناقص
بصورة كبيرة إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، حتى وصل عددهم، حسب التقديرات إلى ما بين
ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف لاجئ فلسطيني.
ويواجه مئات اللاجئين الفلسطينيين في العراق مصيراً مجهولاً
بعد قرار مفوضية شؤون اللاجئين إلغاء مخصصات بدل الإيجار لهم. يحدث ذلك في وقت يعاني
فيه هؤلاء أصلا من التضييق والحرمان من العديد من الحقوق.
وقد قرر مجلس النواب العراقي، يوم السبت 29-5-2021، منح الفلسطينيين
المقيمين في البلاد، الحقوق التي يتمتع بها المواطن العراقي الأصلي. ويمنح القانون
الفلسطيني المقيم لعشر سنوات في العراق معاملة العراقي في الحقوق والواجبات.
ووفق القانون، الذي نشره البرلمان العراقي، فإن القانون الجديد
يقضي "بمعاملة الفلسطيني المقيم لـ 10 سنوات في العراق معاملة العراقي في الحقوق
والواجبات، باستثناء حصوله على الجنسية العراقية، ومشاركته في الانتخابات ترشيحا وتصويتا،
للحفاظ على حقه بالعودة إلى وطنه".
وذكر الموقع الرسمي لمجلس النواب العراقي، أن المجلس أنهى
قراءة تقرير ومناقشة مقترح قانون التعديل الأول لقانون الأجانب رقم (76) لسنة 2017
والمقدم من لجنة العمل والشؤون الاجتماعية والهجرة والمهجرين، والذي جاء تضامنا مع
الشعب الفلسطيني، ولتخفيف الأعباء عن اللاجئين من دولة فلسطين، في العراق.
ويأتي هذا القرار تطبيقا لمقررات الجامعة العربية "الغير
ملزمة" بشأن أحوال الفلسطينيين في الدول الأعضاء.
والجدير ذكره، أنّ اللاجئين الفلسطينيين في العراق غير مُدرجين
ضمن سجّلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". ومع تشكيل الوكالة
عام 1949، رفضت الحكومة العراقية بشكل قاطع، أن يكون العراق من مناطق عملياتها وتعهد
العراق للوكالة الدولية، بالإشراف الكامل على شؤون الفلسطينيين، وتقديم كافة المساعدات
مقابل عدم دفع العراق أي مبالغ للوكالة.
كما أتاحت الحكومة العراقية للفلسطينيين على أراضيها فرص
التعليم، حيث شملتهم مجانية التعليم في كافة المراحل الدراسية، كما شُمل اللاجئ الفلسطيني
أيضاً بمجانية الصحة، ومُنح حق التوظيف في كافة الوزارات ما عدى وزارة الدفاع والداخلية.
وبالانتقال إلى لبنان، فقد صادقت الحكومة اللبنانية على بروتوكول
الدار البيضاء، لكنها أضافت إلى المصادقة عليه تحفظاً يلغي، في الواقع، مضمونه إذ جاء
في التحفظ أن الفلسطينيين المقيمين في لبنان سوف يمنحوا الحقوق أسوة بالمواطنين
"بقدر ما تسمح به أحوال الجمهورية اللبنانية الاجتماعية والاقتصادية...".
ولما كان لبنان يعاني خلال العقود الأخيرة من ضغوط اقتصادية واجتماعية متفاقمة، فقد
كان من السهل على الحكومات اللبنانية المتعاقبة تفعيل التحفظ الذي أضيف إلى بروتوكول
الدار البيضاء وليس مضمونه الأصلي. هذه التحفظات قدمت كتفسير لإيثار السلطات اللبنانية
معاملة اللاجئين الفلسطينيين على أساس أنهم "رعايا أجانب”. ورغم أن لبنان قد أكد في
مقدمة دستوره على احترامه للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لحقوق الإنسان،
ورغم مصادقته على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، إلا أن واقع الحال يشير بخلاف ذلك.
من هنا، تدعو المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) الدولة
اللبنانية لاتخاذ إجراءات وتقديم قوانين تصل باللاجئين الفلسطينيين للعيش بكرامة. كما
تدعو قوى الحرية والعدالة في العالم، إلى الوقوف بقوة مع الحق الفلسطيني وتقديم كافة
أشكال الدعم للشعب الفلسطيني.
بيروت، 7/6/2021
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)