يتواصل مسلسل الأزمات التي يعاني منها لبنان منذ
قرابة العامين ليطال هذه المرة أزمة انقطاع المحروقات، وبخاصة مادة المازوت، من
السوق المحلية اللبنانية. الأمر الذي أدى إلى توقف الكهرباء في عدد من المناطق
اللبنانية وإلى زيادة ساعات التقنين، وانقطاع المياه والاتصالات الخليوية.
وعليه يعيش لبنان اليوم على تقنين يصل إلى 21
ساعة في اليوم وينقطع التيار الكهربائي لأيام كاملة في بعض المناطق.
هذا الانقطاع الشامل في التيار الكهربائي ليس
سببه فقط التقنين القاسي المعتمد من قبل شركة كهرباء لبنان، وإنما المشكلة في
البديل. فمولدات الكهرباء الخاصة التي تغطي تاريخياً للبنانيين عجز شركة الكهرباء
وتقنينها انقطعت من مادة المازوت التي فقدت من الأسواق نهائيا بسبب عمليات
الاحتكار، والإقبال الكبير على تخزينها بسبب الرفع الجزئي للدعم عن المحروقات،
وبسبب تأخر الاعتمادات لبواخر المحروقات القادمة إلى لبنان من قبل الدولة
اللبنانية ومصرف لبنان.
أما في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، فالمشكلة
أكبر وأكثر تعقيدا. فبعد وصول معدل ساعات قطع التيار الكهربائي إلى 21 ساعة يوميا،
وإعلان أصحاب المولدات الخاصّة، الذين يقدمون خدمة الطاقة الكهربائية للمواطنين،
أنهم لن يستطيعوا الاستمرار طويلا، باتت المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان
على موعد قريب مع موجة ظلام دامس.
وأوضح أصحاب المولدات في المخيمات والتجمعات
الفلسطينية أن شحّ مادة المازوت بسبب أزمة الطاقة التي يعاني منها لبنان، وارتفاع
أسعار المحروقات في السوق السوداء، وسط غياب الرقابة الحكومية، وامتناع شركات
توزيع المحروقات عن تسليم مادة المازوت إلى المخيمات، سيجعل نت تأمين الوقود
اللازم لتشغيل المولدات أمرًا في غاية الصعوبة.
وقد أعلن صاحب مولدات الاشتراك "عبد
العال" في مخيّم البص للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوبي لبنان، يوم
الأربعاء 14 تموز 2021، إطفاء مولدات الكهرباء الخاصة به، وذلك لنفاد مادة
المازوت. وقد يحذو حذوه باقي أصحاب المولدات الخاصة في باقي المخيمات والتجمعات
الفلسطينية في حال عدم إيجاد حل جذري لهذه الأزمة.
وتنعكس أزمة انقطاع المحروقات في المخيمات
الفلسطينية على قطاع المياه، إذ إن الكهرباء تستخدم في ضخ مياه الآبار لخزانات
المياه الخاصة داخل المخيمات، وانقطاع الكهرباء والمولدات الخاصة عنها يعني انقطاع
المياه عن المخيم. والجدير ذكره، أن ما يتم تسليمه اليوم من قبل وكالة الأونروا لأصحاب
مولدات ضخ مياه الآبار من مادة المازوت في مخيم عين الحلوة، هو نصف الكمية التي
كانت تسلمها سابقاً.
وتثير أزمات الوقود والمحروقات القلق لدى قاطني
مخيم الجليل في البقاع بسبب برد الشتاء القارس، لأن أبناء المخيم اعتادوا تخزين
مادة المازوت أو البنزين لاستعمالها في التدفئة خلال فصل الشتاء، وهو أمر قد ينذر
بكارثة قريبة شتاءً.
وما يزيد الطين بلة في غياب مادة المازوت، هو
حاجة القطاع الصحي في لبنان عامة، والمخيمات الفلسطينية بشكل خاص، لوجود الكهرباء
والمياه بشكل كبير، خصوصا في ظل انتشار جائحة كورونا في المخيمات وحاجة المستشفيات
إلى القيام بمهامها الصحية والوقائية لتخفيف أعداد الإصابات، الأمر الذي يستدعي
توفر الطاقة الكهربائية والمياه 24 ساعة.
انطلاقاً مما سبق، فإن المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) تطالب وكالة الأونروا بالوقوف عند مسؤوليتها
القانونية والإنسانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وإيجاد حل جذري لهذه
الأزمة من خلال توفير مادة المازوت للمخيمات والتجمعات الفلسطينية على غرار ما
فعلت في حرب تموز 2006.
وتطالب (شاهد) منظمة التحرير الفلسطينية
والفصائل الفلسطينية بالتحرك والضغط على وكالة الأونروا والدولة اللبنانية لتأمين
مادة المازوت للاجئين الفلسطينيين.
بيروت، 15/7/2021
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)