التعديلات التي جرت على بعض مواد قانون العمل والضمان الإجتماعي اللبناني
لم تصل إلى الحد الأدنى المطلوب
أقر البرلمان اللبناني في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 17/8/2010 تعديلاً للمادة 59 من قانون العمل للعام 1946، وتعديلا للمادة 9 من قانون الضمان الإجتماعي، يمنح بموجبه اللاجئين الفلسطينيين حق العمل في بعض القطاعات المسموح بها للأجانب بعد أن كانت حقوقهم تقتصر على العمل في بعض القطاعات الحرفية واليدوية، وقد بدا للوهلة الأولى أن هذا القرار في ظاهره عادل ومنصف خصوصاً أن اللاجئين الفلسطينيين كانوا ممنوعين من ممارسة ما لا يقل عن اثنان وسبعون مهنة. وقد أخذ النقاش في موضوع حقوق الفلسطينيين في لبنان زمناً طويلاً جداً. ولم تكن النتيجة كما كان يتوقعها الفلسطينيون، بل جاءت تمييعاً لحقوق الإنسان الواضحة، وإفراغها من جوهرها الحقيقي.
ترى مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان بعد مطالعتها بشكل دقيق ومركَّز لحيثيات هذه التعديلات القانونية بأنها خطوة مبتورة لا تلامس الحد الأدني من الحقوق المدنية والإقتصادية للاجئين الفلسطينيين بعد هذه المدة الطويلة من اللجوء القسري في لبنان، باعتبار هذا القرار لا يسمح للاجئ الفلسطيني مزاولة أي نوع من المهن الحرة كالهندسة والطب والمحاماه والصيدلة وغيرها من المهن الحرة، ولا يخوله الاستفادة من صندوق الضمان الإجتماعي اللبناني أسوة بالعاملين اللبنانيين، بل من خلال صندوق خاص مستقل يتم تمويله من الإشتراكات العائدة من العمال الفلسطينيين والذي يمكن أن يغطي فقط تعويضات نهاية الخدمة وإصابات العمل ويحرمهم من الاستفادة من ضمان المرض والأمومة والتقديمات العائلية، فضلاً عن اشتراطه حصول العامل الفلسطيني على إجازة عمل كالأجانب وما لهذه الخطوة من آليات وتعقيدات بيروقراطية تجعل الحصول عليها غاية في التعقيد، وترى شاهد أن هذا القرار هو مجرد ديكور لتوافقات داخلية شكلية ولا يزال يحمل في مضمونه مؤشرات تمييزية ولم يغير من طبيعة الغبن والظلم الواقع على الفلسطينيين في لبنان لاعتبارهم إياهم أجانب خصوصاً أن معظم المتواجدين منهم كانوا قد ولدوا هنا في لبنان منذ نصف قرن.
كما ترى شاهد أن ما أقره مجلس النواب اللبناني بشأن حق العمل للاجئين الفلسطينيين لن تُلحظ آثاره بشكل واضح وسط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقد لا يغير من واقع البؤس والحرمان الاجتماعي في ظل رفض بعض الكتل النيابية منح الفلسطينيين حق التملك ولو لشقة واحدة معلِّليين هذا الرفض بأن منح حق التملك سوف يؤدي الى توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهذا الموقف مناف لأبسط قواعد حقوق الإنسان ولكافة العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة التي وقَّع واعترف بها لبنان وأقر بعضها ضمن بنود دستوره.
إننا في مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان نطالب البرلمان اللبناني بالإلتزام بقواعد حقوق الإنسان وبكافة العهود والمواثيق الدولية وبالعهدين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية، وبالسماح للاجئين الفلسطينيين بالعمل في كافة القطاعات دون استثناء، وبالاستفادة من كافة الحقوق المترتبة عليها، وأن تكون أي خطوة في هذا الاتجاه واضحة لا غموض فيها.
بيروت في 27/9/2010
مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان