قدّمت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
مذكرة قانونية إلى بعثات الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، دعت فيها إلى
احترام الالتزامات القانونية المترتبة على الدول بموجب نظام روما الأساسي، والعمل
الجاد على حماية استقلال المحكمة الجنائية الدولية من أي تدخل سياسي أو اقتصادي،
وتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد
الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وأكدت (شاهد) في مذكرتها أن إسرائيل لا تكتفي
بمنازعة اختصاص المحكمة عبر المسارات القانونية التي يكفلها النظام الأساسي، بل
تسعى بشكل ممنهج ومدفوع بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأميركية إلى تقويض عمل
المحكمة وعرقلة سير العدالة الدولية. ويتجلى ذلك في الحملات الإعلامية والسياسية
ضد المحكمة، ومحاولات نزع الشرعية عن قراراتها، فضلًا عن فرض الولايات المتحدة في
5 حزيران/يونيو 2025 عقوبات تنفيذية خطيرة على أربعة من قضاة المحكمة بموجب الأمر
التنفيذي 14203، تضمنت تجميد الأصول وحظر التعاملات المالية، في سابقة تهدف إلى ترهيب
القضاة وشلّ قدرة المحكمة على ممارسة ولايتها.
وقد تزامنت هذه التدخلات مع الطعن الذي تقدّمت
به إسرائيل أمام المحكمة بشأن اختصاصها بموجب المادة 19(2) من نظام روما، والذي
قبلته الدائرة الاستئنافية من حيث الشكل، لكنها لم توقف الإجراءات القانونية
الجارية، بما في ذلك تنفيذ مذكرات التوقيف. وأشارت (شاهد) إلى أن هذا الطعن استخدم
كأداة للتمويه والمماطلة القانونية، في حين تستمر إسرائيل فعليًا في عرقلة مسار
العدالة عبر الضغط السياسي والتحريض ضد المحكمة وقضاتها.
وفي ختام مذكرتها، قدّمت (شاهد) مجموعة من
التوصيات العاجلة للدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية:
تأكيد الالتزام الكامل بنظام روما الأساسي، بما
في ذلك حماية استقلال المحكمة وقضاتها من أي تدخل أو ترهيب سياسي أو اقتصادي.
رفض وإدانة العقوبات الأميركية المفروضة على
قضاة المحكمة، واعتبارها سابقة خطيرة تمسّ جوهر العدالة الدولية.
التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية،
بما يشمل تنفيذ مذكرات التوقيف بحق المتهمين الإسرائيليين دون استثناء أو اعتبارات
سياسية.
دعم الضحايا الفلسطينيين في حقهم بالعدالة
والمساءلة، وتوفير البيئة القانونية والسياسية اللازمة لمحاسبة المسؤولين عن
الجرائم المرتكبة في قطاع غزة.
إطلاق مواقف رسمية واضحة تؤكد رفض تسييس القضاء
الدولي، والتصدي لأي محاولات لشلّ أدوات المساءلة الدولية.
تؤكد (شاهد) أن تمكين المحكمة من ممارسة
ولايتها بحرية واستقلالية هو التزام قانوني وأخلاقي يقع على عاتق المجتمع الدولي
بأسره، وأن حماية العدالة الدولية في هذه المرحلة الحرجة تمثل اختبارًا حقيقيًا
لإرادة الدول في مناهضة الإفلات من العقاب والدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة الشعوب.
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)