الإنسانية المتوارية في غزة
أين الاتحاد الأوروبي من جرائم الاحتلال بحق المدنيين؟
كثيرة هي الدعوات الصادرة من دول الاتحاد الأوروبي لاحترام حقوق الإنسان.
كثيرة هي الأموال المقدمة من الاتحاد الأوروبي لمنظمات المجتمع المدني، بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان.
كثيرة هي العبارات الصادرة من دولكم، والتي تدعو لنشر ثقافة التسامح والسلام وفض النزاعات بطرق سلمية.
كثيرة هي الدعوات الغربية إلى نشر الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
تعلَّمنا منكم ضرورة احترام حقوق الأطفال، حقهم في الحياة، حقهم في التعليم، حقهم في التعبير، حقهم في بيئة صحية سليمة، حقهم في التنمية...
تعلَّمنا منكم ضرورة احترام حقوق المرأة، حقها في الحياة، حقها في التعلم، حقها في الصحة وحقوق كثيرة أخرى..
تعلَّمنا منكم أن الشعوب لها الحق في تقرير مصيرها، إقامة دولة مستقلة ذات سيادة حقيقية..
قرأنا تجاربكم في مقاومة الاحتلال، أُعجبنا بها واعتبرناها نموذجاً.. احترمنا مقاومة شعوبكم للاحتلال النازي.
قرأنا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اطلعنا على اتفاقية حقوق الطفل.. وجدنا نصوصاً جميلة، خاصة تلك العبارات التي تدعو إلى عدم التمييز بين شعب وآخر، بين طفل وآخر، بين إنسان وآخر، لا على أساس جنسه أو عرقه أو لونه.. فرحنا بذلك. وفرحنا أكثر حينما وجدنا دولكم تدعو لهذه القيم الإنسانية النبيلة..
لكننا وجدنا أن دعواتكم كلها فارغة من مضمونها الحقيقي عندما يتعلق الأمر بالإنسان العربي، وبالإنسان الفلسطيني..
فما قيمة دعواتكم وأطفالنا يقتلون بدم بارد، هل نسمع إليكم ونحن نرى الطفل محمد أبوخضير يُحرق وهو حي، وأنتم اكتفيتم بعبارات إدانة خجولة؟ ماذا فعلتم من أجله؟
هل شاهدتم أطفالنا في غزة حينما تمزق أجسادهم الطرية بأسلحة فتّاكة، ربما يكون بعضها من صنع دولكم، أم غضضتم الطرف بسبب بشاعة المنظر؟
ألم تتحسسوا وجع الأطفال والنساء والمدنيين خلال سنين طويلة من الحصار الظالم على قطاع غزة، مئات المدنيين سقطوا ضحية الحصار، وأنتم تنظرون إليهم.
ألم تعرفوا أن أكثر من 200 طفل مختطف في سجون الاحتلال في ظروف إنسانية بالغة السوء؟
ألا تربطكم بالاحتلال علاقة وثيقة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً؟
لا نريد منكم غير ما تؤمنون به أنتم، ما تصرّحون به أنتم، وما تدعون إليه أنتم.. نحن نؤمن بقيم العدالة الإنسانية وندعو إليها، ونحترم ونقدر من يحترمها ويقدرها ويدعو لتطبيقها.
لماذا تدعمون الاحتلال في المحافل الدولية؟ لماذا تتكلمون بلسان حال الاحتلال؟ لماذا تستقبلون قادته المجرمين؟
إن دول الاتحاد الأوروبي مدعوة اليوم قبل غدٍ إلى حماية الأطفال والنساء، وإلى تطبيق ما تدعو إليه من قيم العدالة الإنسانية وحقوق الإنسان. إن منظومة القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، أصبحت على المحك، وإن لم يقم الاتحاد الأوروبي بالواجب الإنساني، فإن المنطقة سوف تشهد مزيداً من التوتر وسفك الدماء.
بيروت في 18/7/2014
المؤسسة الفلسطينية حقوق الإنسان (شاهد) جمعية الغوث الإنساني للتنمية