نداء عاجل لوقف التطهير العرقي في شمال غزة: حماية المدنيين ووقف التهجير القسري

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها البري الواسع في محافظة شمال غزة منذ مساء السبت 5 تشرين أول 2024، وسط قصف جوي ومدفعي عنيف وغير منقطع، وارتكاب جرائم قتل واسعة، مع حصار خانق وعزل كامل للمنطقة عن مدينة غزة، وتجويع ومنع إدخال أي إمدادات إنسانية إليها، وتعطيل متعمد لعمل طواقم الإسعاف والدفاع المدني، وتدمير ما تبقى من مقومات أساسية للحياة، ومحاولات محمومة لتفريغ المحافظة بالكامل من سكانها وتهجيرهم قسرًا باتجاه جنوب قطاع غزة. وهذا الهجوم هو الثالث من نوعه لقوات الاحتلال على شمال غزة منذ 7 تشرين أول 2023، وفي كل مرة فيها قامت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات تدمير وقتل مروعة[1].

التطهير العرقي في شمال قطاع غزة

تدين المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع على شمال قطاع غزة ولاسيما مخيم جباليا للاجئين، لتنفذ أكبر عملية تطهير عرقي واستخدام كل وسائل القتل والتدمير والتجويع، والتعطيش، في مواجهة مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين العزل شمال غزة على وجه الخصوص. واستهدفت المنازل ومراكز الإيواء وتجمعات النازحين وخيامهم دون إنذار مسبق، كما تعمل على نسف وتدمير ما تبقى من منازل وشقق وبنى تحتية، في إصرار على مواصلة جريمة الإبادة الجماعية في غزة، واستغلال تركيز الاهتمام الدولي بعدوانها على لبنان.

كما أصدرت القوات الإسرائيلية أوامر إخلاء يومي 5-6 تشرين الأول، شملت خمسة أحياء في المنطقة الوسطى، وأمر إخلاء جماعي يشمل شمال غزة بأكمله. وتشير التقديرات إلى أن أوامر الإخلاء الأخيرة هذه تؤثر على ما يقدر بحوالي 400,000 شخص، أي حوالي 20 بالمئة من مجموع سكان غزة[2].

انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان:

·الإبادة الجماعية بفرض أحوال معيشية يقصد بها التسبب عمدًا في إهلاك مادي:

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسته المنهجية لتهجيرالفلسطينيين قسرًا من وسط وشمال مدينة غزة. كما يواصل الجيش الإسرائيلي إصدار أوامر الإخلاء غير القانونية على نحو يخالف القانون الدولي، وتصل إلى حد ارتكاب جريمة النقل القسري، حيث ما يزال يتم إخلاء المدنيين من منازلهم ومراكز الإيواء من دون توفير مكان آخر آمن لهم، ويُتركون للعراء دون تأمين مراكز للإيواء تتوافر فيها مقومات الحياة والأمان، ودون ضمان الأمن لهم خلال طريق نزوحهم.

·التجويع وعرقلة وصول الإمدادات الإنسانية:

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام التجويع كأداة إضافية لتنفيذ جريمة الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين، وكتكتيك غير قانوني منذ بداية هجماته العسكرية على القطاع ولا سيما في الشمال منه، بحرمانهم من المواد الغذائية الأساسية لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية والإنسانية. وترتب على ذلك معاناة سكان قطاع غزة بأكملهم، من انعدام الأمن الغذائي الحاد الشديد، بحيث يبقون في حاجة ماسة إلى إجراءات ومساعدات إنسانية عاجلة للحفاظ على حياتهم.

وفقا لتحليل منظمة المعونة المسيحية، فقد وصلت أسعار الخضروات في شمال غزة إلى مستويات باهظة، فعلى سبيل المثال يباع البصل بسعر يصل إلى 400 ضعف سعره قبل الحرب حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 107 دولارات، أي ما يعادل ثمانية أضعاف متوسط الأجر اليومي في غزة قبل الصراع، بينما يبلغ سعر كيلوغرام البندورة الآن حوالي 65 دولارا.

التوصيات:

أمام هذا الواقع، وفي ظل تعاظم وتيرة الانتهاكات الاسرائيلية تدعو المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) :

·ندعو المجتمع الدولي، عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، إلى التحرك العاجل والفعال لوقف جريمة الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، وحماية المدنيين من مخططات الاحتلال الرامية لتفريغ شمال القطاع من سكانه. كما نطالب بفرض وقف إطلاق نار فوري وإلزام إسرائيل بالامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية المتعلقة بالتدابير المؤقتة لمنع ووقف هذه الجرائم.

·دعوة المجتمع الدولي إلى الضغط الحاسم لضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة فورًا ودون عوائق لوقف انتشار المجاعة، والسماح للجان التقصي الدولية بالدخول لمنع تدمير الأدلة المرتبطة بالجرائم المرتكبة. كما نحث على إجراء تحقيقات دولية شاملة في الانتهاكات الموثقة منذ بدء الهجمات الإسرائيلية، مع دعوة المحكمة الجنائية الدولية للإسراع في تحقيقاتها وإصدار مذكرات اعتقال بحق القادة الإسرائيليين الضالعين في جرائم الحرب والإبادة الجماعية.

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)

في 14/10/2024



[1] تقرير ميداني يصدر عن مؤسسات حقوق الأنسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة، الحق، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مركز الميزان، أنظر الرابط،، https://www.alhaq.org/ar/advocacy/24759.html

[2] تقرير الأونروا رقم 142 حول الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، للمزيد أنظر الرابط، https://2u.pw/ubFXu1Y6