من يرفع النفايات عن قبور اللاجئين الفلسطينيين في تجمع المعشوق؟
في مشهد مؤسف للغاية، ارتفعت النفايات على مقابر اللاجئين الفلسطينيين في تجمع المعشوق القريب من مدينة صور، خصوصاً المقبرة القديمة. وقد زار مندوب "شاهد" في منطقة صور المكان ووثق ما يجري هناك:
تجمع المعشوق هو أحد التجمعات الفلسطينية المنتشرة في لبنان. حيث تعاني هذه التجمعات معاناة أضافية كونها تجمعات وليست مخيمات. والأونروا من ناحية عملية لا تقدم خدماتها للتجمعات، على اعتبار أنها مسؤولة فقط عن المخيمات المعترف بها رسمياً من قبل الحكومة اللبنانية، كما أن البلديات التي تقع ضمنها التجمعات لا تقوم عملياً بواجبها تجاههم أيضاً، على اعتبار أنهم لاجئون وتقع مسؤولية تقديم الخدمات لهم على الأونروا. ويتبع تجمع المعشوق إدارياً لبلدية برج الشمالي.
بالنسبة لتجمع المعشوق، فإن القضية تكون أكثر صعوبة كون التجمع بني بجزء منه على أرض مشاع للدولة اللبنانية، وبجزء آخر على أرض تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية، وكون المشاكل التي يعاني منها سكان التجمع تتراكم عاماً بعد عام.
يبلغ عدد سكان تجمع المعشوق حوالي 2500 نسمة، ثلثهم من سكان قرية تربيخا والذين حصلوا على الجنسية اللبنانية بموجب مرسوم التجنيس عام 1994. لا تتعدى مساحة تجمع المعشوق نصف كلم مربع واحد. معظم سكان التجمع من قرى فلسطين الشمالية. يعمل سكان تجمع المعشوق في الأعمال الزراعية وأعمال البناء والأعمال الموسمية الأخرى.
يوجد في تجمع المعشوق مقبرة ، كانت تحوي ولفترة طويلة، بالإضافة لقبور رفات سكان من التجمع، قبور رفات سكان مخيم برج الشمالي، والبص والتجمعات الفلسطينية الأخرى المحاذية، قبل أن يتم تأسيس مقبرة لسكان مخيم برج الشمالي قبل عدة سنوات.
لا تقوم الأونروا بجمع النفايات من تجمع المعشوق، كما تفعل في باقي المخيمات، كما لا تقوم بلدية برج الشمالي بجمع النفايات أيضاً، ويعتمد جمع النفايات على المبادرات المحلية. يتم جمع النفايات من خلال الطرق التالية:
-
إما من خلال شاحنة صغيرة، تجمع النفايات وفق جدول غير ثابت، ويتم جمع مبالغ شهرية تقدر بـ 6000 ليرة لبنانية تجمع من كل بيت في التجمع، تدفع لسائق الشاحنة الصغيرة. يطلق زمور الشاحنة لتنبيه الناس بموعد مجيئه.
-
أو من خلال مبادرات محلية، بحيث ينقل كل شخص كيس النفايات بسيارته إلى مكان بعيد.
-
لا توفر بلدية برج الشمالي ولا وكالة الأونروا حاويات لجمع النفايات قبل نقلها إلى مكانها (لا حاويات صغيرة ولا كبيرة).
-
وبسبب ذلك، فإن عملية جمع النفايات لا تسير بشكل سليم، لإنه لا توجد جهة رسمية تعالج هذه المشكلة. وغالباً ما تتكدس النفايات في الأزقة أو في الأماكن العامة للتجمع.
تنعكس أزمة النفايات بشكل خطير على سكان التجمع بسبب الروائح الكريهة والقوارض التي تتجمع حولها. كما تنعكس أزمة النفايات بشكل واضح على قبور الأموات في مقبرة المعشوق.
مقبرة تجمع المعشوق، حيث تعلو قبور أجدادنا النفايات:
-
مقبرة تجمع المعشوق من دون أسوار، الأمر الذي يجعل هذه المقبرة مكاناً للعب الأطفال وغير الأطفال، ومرتع للحيوانات الضالة، كما يجعلها مكاناً للنفايات.
-
تحوي مقبرة المعشوق، خصوصاً المقبرة القديمة، رفات سكان المخيمات المحيطة، خصوصاً رفات أجداد اللاجئين الفلسطينيين.
-
بسبب ضيق مكان المقبرة، وعدم وجود مكان آخر للدفن، فإن اللاجئين يضطرون لدفن موتاهم فوق أموات سابقين ( خصوصاً الأقارب من الدرجة الأولى).
وقد تابعت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) قضية رمي النفايات في مقبرة المعشوق عن كثب ووثقت كل الأمور المرتبطة بها. وقد سجلت "شاهد" الأمور التالية:
-
بسبب الأزمة المرتبطة بالنفايات، فإن عدد من سكان التجمع يرمي النفايات على مقابر اللاجئين الفلسطينيين.
-
وبسبب طول الأزمة فإن كومة كبيرة من النفايات باتت تعلو مقابر الأموات في التجمع، وتحتاج إلى إزالة فورية.
إن المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) ومن باب الحفاظ على حقوق الإنسان وكرامته، أحياء كانوا أو أموات، فإنها توصي بما يلي:
أولا: أن تقوم وكالة الأونروا بواجبها القانوني والأخلاقي تجاه سكان التجمعات بشكل يتساوى مع سكان المخيمات لا سيما قضية جمع النفايات.
ثانياً: أن تقوم بلدية برج الشمالي بواجبها القانوني والأخلاقي تجاه المقيمين على أراضي البلدية بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون في تجمع المعشوق. وان تجمع النفايات بالتنسيق مع وكالة الأونروا.
ثالثاً: أن تقوم الجهات الفلسطينية المسؤولة في منطقة صور بمعالجة هذه القضية بشكل جدي، وأن تبذل جهداً حقيقياً تجاه سكان التجمعات، لا سيما في تجمع المعشوق، للحفاظ حرمة الأموات في مقبرة المعشوق. ومن المهم بناء سور يحيط بالمقبرة حفاظاً عليها من عبث العابثين، أو استهتار المستهترين بكرامة الأموات.
رابعاً: أن تسعى كافة الجهات المسؤولة سواء كانت الأونروا أم البلديات المسؤولة، أم منظمة التحرير الفلسطينية أم قوى التحالف الفلسطيني، وكل جهة تعتبر نفسها مسؤولة عن اللاجئين، أن تسعى لإيجاد قطعة أرض لدفن موتى مخيم البص وتجمع المعشوق والتجمعات المحيطة، خصوصاً أن مقبرة المعشوق لم تعد تتسع أبداً لمزيد من القبور. كما أن أزمة دفن الموتى باتت تطرق أبواب اللاجئين الفلسطينيين في مخيم البرج الشمالي أيضاً.
خامساً: أن تقوم الأندية الرياضية والكشفية الفلسطينية بمبادرات شبابية لتنظيف مقبرة المعشوق، بشكل دوري حيث يرقد فيها أجدادنا.
بيروت في 8/5/2012
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)