مع حلول فصل الشتاء في لبنان، حيث
تنخفض درجات الحرارة في مناطق البقاع والمرتفعات إلى ما بين 1 و4 درجات مئوية
ليلاً، وتصل أحياناً إلى ما دون الصفر مع تساقط الثلوج في بعض القرى الجبلية، تواجه آلاف الأسر الفلسطينية المقيمة في هذه
المناطق، ولا سيما في منطقة البقاع، تحديات كبيرة في تأمين وسائل التدفئة، خصوصاً
مادة المازوت التي تُعدّ الوسيلة الأساسية للتدفئة خلال الشتاء القارس. ويعيش في
لبنان اليوم ما لا يقل عن 220,000 لاجئ فلسطيني بحسب تقديرات الأونروا لعام 2025، يقبع ما بين 80% و93% منهم تحت خط
الفقر وفق تقارير أممية متطابقة خلال العامين الأخيرين، مع نسب بطالة تقترب من 90%
في أوساط اللاجئين. وفي
منطقة البقاع تحديداً، تشير تقديرات ميدانية وتقارير إنسانية إلى وجود ما بين
20,000 و25,000 لاجئ فلسطيني موزعين بين المخيم والتجمعات السكنية، من بينهم ما لا
يقل عن 7,000 لاجئ في مخيم الجليل/ويفل ومحيطه المباشر، إضافة إلى نحو 8,500 من
اللاجئين الفلسطينيين من سورية المقيمين في محافظة البقاع، ما يضاعف الضغط على
الموارد المحدودة واحتياجات التدفئة. وفي ظل
هذا الواقع، حيث تعلن الأونروا أن معظم الأسر الفلسطينية باتت «تحت خط الفقر وغير
قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية» بما في ذلك الوقود والطاقة.
وقد تلقت المؤسسة الفلسطينية لحقوق
الإنسان (شاهد) خلال الأسابيع الأخيرة عشرات المناشدات والاتصالات من اللاجئين في
هذه المناطق، يعبرون فيها عن عجز شبه كامل عن تحمّل تكاليف شراء المازوت وتأمين
الحدّ الأدنى من التدفئة الآمنة لأطفالهم وكبار السن في ظل الغلاء الشديد وتقلّص
فرص العمل. ويؤكد الأهالي في رسائلهم أنّ واقعهم المعيشي بلغ مرحلة حرجة، إذ باتت
كلفة التدفئة تفوق القدرة الشهرية لمعظم العائلات، خصوصاً أن احتياجات الأسرة
الواحدة خلال فصل الشتاء تُقدّر بما يصل إلى أربعة براميل من المازوت—أي ما يعادل
أكثر من 800 ليتر—وهو عبء مالي يفوق إمكاناتهم في ظل الارتفاع الكبير في أسعار
الوقود وتدهور القدرة الشرائية. وتشدّد المناشدات على ضرورة تدخل عاجل من الجهات
المعنية لتقديم مساعدات شتوية دورية تشمل المحروقات، الأغطية، والمواد الغذائية
الأساسية، حفاظاً على سلامة العائلات وحمايتهم من مخاطر البرد القارس، ولا سيّما
في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي يمر بها سكان البقاع، والتي تجعل من
تأمين التدفئة مسألة حياة أو تهديد مباشر لسلامة آلاف الأسر الفلسطينية.
وفي اتصال أجرته (شاهد) مع أمين سر
اللجان الشعبية في منطقة البقاع، السيد "كارم طه"، أوضح أن اللاجئين
الفلسطينيين في المنطقة التي ترتفع نحو 1200 متر
فوق سطح البحر يواجهون صعوبات كبيرة، إذ تشهد المنطقة شتاءً قاسيًا يضاعف من
معاناتهم اليومية مع غياب فرص العمل خلال الصيف والخريف بسبب طبيعة الطقس. وأضاف
طه أن إدارة الأونروا كانت قد شددت سابقًا على اعتماد آلية التحقق الرقمي لضمان
الشفافية في برامج الدعم، تمهيدًا لاستئناف المساعدات النقدية والعينية، وإعادة
تفعيل برامج الشؤون الاجتماعية وبرنامج العسر الشديد، مؤكّدًا أن استكمال هذه
الإجراءات بشكل عاجل أمر ضروري لضمان استفادة جميع اللاجئين دون استثناء.
وشدد طه على أن توفير المساعدات
الشتوية وتفعيل برامج الدعم الاجتماعية مسؤولية مباشرة تقع على عاتق الأونروا، وأن
المطلوب اليوم تحرك سريع لتخفيف معاناة اللاجئين في ظل الظروف القاسية، خاصة وأن
تشغيل مدافئ المازوت 24 ساعة يوميًا يتطلب نحو 10 لترات
يوميًا، بتكلفة تتراوح بين 9 و 10 دولارات، وهو مبلغ لا يمكن
توفيره للعديد من اللاجئين الذين لا تتجاوز أجورهم اليومية هذا الحد. وفي ظل هذه
الظروف، يضطر بعض اللاجئين إلى قطع الحطب لتدفئة أسرهم، مع غياب مصادر الطاقة
البديلة.
وأكد طه أن اللجان الشعبية وجهت عدة
مذكرات رسمية إلى الأونروا للمطالبة بتأمين المحروقات والدعم الاقتصادي والعيني،
لكن دون أي استجابة فعلية حتى الآن. وقد قدّمت بعض الجمعيات كميات محدودة من
المازوت لا تكفي ليوم أو يومين فقط، مما يزيد من معاناة اللاجئين في هذه الظروف
القاسية.
توصيات المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد):
1.تقديم
المساعدات الشتوية الدورية بشكل عاجل، تشمل المحروقات، الأغطية، والمواد الغذائية
الأساسية، لجميع اللاجئين الفلسطينيين في المناطق الجبلية والبقاع، دون أي تمييز
أو استثناء.
2.ضمان
توافر مادة المازوت بالكميات الكافية لكل عائلة لتغطية احتياجات التدفئة طوال فصل
الشتاء، مع مراقبة الأسعار لتكون في متناول اللاجئين.
3.تعزيز
التعاون مع المجتمع المدني واللجان الشعبية في المناطق المتضررة لتسهيل توزيع
المساعدات ومراقبة وصولها إلى المستفيدين الفعليين.
4.تفعيل
خطط الطوارئ الإنسانية للتعامل مع الظروف القاسية في الشتاء، بما يضمن الحد الأدنى
من الأمن الإنساني والعيش الكريم.
5.متابعة
الأوضاع الميدانية بشكل دوري، وتقديم تقارير واضحة عن تنفيذ برامج الدعم وأثرها
على حياة اللاجئين، لضمان شفافية وفعالية العملية الإنسانية.
المؤسسة الفلسطينية
لحقوق الإنسان (شاهد)
بيروت في 8/12/2025