مخيم
نهر البارد بعد 11 عاماً من النكبة ... إلى أين؟
(تقرير)
أفرزت
الأعمال العسكرية التي وقعت بين الجيش اللبناني ومقاتلي ما سمي بفتح الإسلام في
مخيم نهر البارد في 20 أيار من العام 2007
خسائر مادية وبشرية كبيرة، وقد شكلت نكبة أخرى للاجئين الفلسطينيين من سكان
المخيم. وعلى الرغم من مرور 11 عاماً على هذه الأحداث لا يزال ما يقارب 47% ممن
نزحوا أثر تلك المعارك خارج المخيم (2,298 عائلة أي ما يقارب 10,007 أشخاص).
وبسبب
هذه الكارثة الانسانية الكبيرة كان لابد للأونروا من التدخل العاجل وتحمل
مسؤولياتها في مساعدة أهالي المخيم لتجاوز تلك الظروف الصعبة، من خلال إعلان
المخيم منطقة منكوبة ويحتاج الى التدخل الدولي الفوري لإنقاذ وإيواء الآلاف من
العائلات النازحة منه.
وقد
بادرت العديد من الدول العربية والدولية الى تقديم المساعدات المالية والعينية
الطارئة للأونروا كي تمكنها من احتواء الازمة. وقد عقد العديد من المؤتمرات
الدولية بهدف توفير التمويل اللازم لإعادة إعمار مخيم نهر البارد، كان أبرزها
مؤتمر فينا الذي عقد عام 2008 لتوفيرالتمويل اللازم لإعادة إعمار مخيم نهر البارد.
وقد تعهدت الدول المانحة في مؤتمر فيينا بتقديم 122 مليون دولار من أصل 450
مليوناً طالبت بها الأونروا على أن ينتهي العمل به خلال ثلاث سنوات. وبسبب عدم إيفاء
الدول المانحة بالالتزامات التي قطعتها على نفسها تبعه مؤتمر آخر في بيروت
06/10/2016، تعهدت فيه الدول المانحة مجدداً بدفع مبلغ 36 مليون دولار تكفي لإعادة
إعمار حوالي 70% من المخيم.
التزامات لبنان القانونية تجاه اللاجئين
الفلسطينيين:
إذا
كان لبنان عضواً مؤسساً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقد ضمن مقدمة دستوره
التزاماً لبنانياً واضحاً به، فإن لبنان لم يلتزم بروح هذا الإعلان، الذي ينص في
مادته الأولى على أن جميع الناس متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً
وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الأخاء.
والجدير
بالذكر أن معاملة اللاجئ الفلسطيني على أنه أجنبي ولكن من نوع آخر، تتعارض مع
بروتوكول الدار البيضاء الصادر عن جامعة الدول العربية في اجتماع بمدينة الدار
البيضاء يوم 10سبتمبر (أيلول) لعام 1965 لجهة معاملة اللاجئين الفلسطينيين أسوة
بالمواطنين في الدول المضيفة، الذي صدق عليه لبنان مع التحفظ على المادتين الأولى
والثانية، الأمر الذي قوض عملياَ المضامين الأساسية للبروتوكول.
كما
ان التزام لبنان نابع ايضا من الوعد الذي قطعه على نفسه رئيس وزراء لبنان السيد
فؤاد السنيورة بالقول "الخروج مؤقت والعودة مؤكدة والإعمار حتمي".
وقد
كان للإجراءات البيروقراطية المعقدة سبب مهم في تأخير عملية الإعمار.
ما
هي آخر مستجدات عملية إعادة إعمار مخيم نهر البارد؟ وما هي الأسباب التي حالت دون
الإنتهاء من إعادة الإعمار بشكل كامل بعد مرور 11 عاماً؟ وما هو الواقع الإنساني
الحالي للأهالي في ظل هذا التأخير؟
تساؤلات
يمكن أن تجيب عليها الوقائع التي ستعرضها المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
من خلال متابعتها المستمرة لمشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد من خلال التقرير
التالي:
أولاً: نسبة العائدين
إلى المخيم بعد مرور 11 عام:-
اليوم
وبعد مرور 11 عاماً على الأحداث الأليمة والتي دمر فيها المخيم تدميراً كاملاً،
بحسب إحصائيات وكالة الأونروا حتى تاريخ كانون الثاني 2018 تبين أن:-
- 2641 هو مجموع
العائلات التي عادت إلى المخيم بنسبة 53% من العائلات النازحة، وفي المقابل يبلغ
عدد العائلات التي لا تزال خارج المخيم 2298 عائلة اي ما نسبته 47% من مجمل
العائلات النازحة.يذكر
أن العدد التقديري للاجئين الفلسطينيين النازحين من مخيم نهر البارد بحسب وكالة الأونروا
هو 27,000 شخص.
- تقدر وكالة الأونروا
أن يعود 3340 عائلة أي 13750 شخص بحلول العام 2019 بحسب التمويل المتوفر، فيما
يبقى 1599 عائلة أي 32% من العائلات لحين توفر مصادر تمويل جديدة.
- بلغت التكلفة
التقديرية لإعادة الإعمار في البداية 345 مليون دولار، وبعد تجاوز المدة
الإفتراضية لإنجاز إعادة الإعمار ونتيجة نقص التمويل وإحجام الكثير من المانحين عن
الإيفاء بالتزاماتهم بدعوى أن هناك هدر في الأموال وفساد إداري أدى إلى التأخر في
إنجاز الإعمار اضطرت مؤخراً إلى إجراء ورشة عمل بحضور مدير عام الاونروا السيد
كلاوديو كوردون ومؤسسات دولية ورسمية ودبلوماسية وهيئات فنية ومجتمعية فلسطينية
بتاريخ 11/10/2017 في بيروت والتي خلصت إلى تبني مبدأ استكمال بناء ما تبقى من المخيم
بسقف زمني لا يتجاوز العام 2022. وبناءً على نتائج
الورشة هذه قامت الأونروا بإجراء تغييرات جذرية في إدارة المشروع وتعيين مديرا
جديدا له يدعى منير المني والذي أجرى مراجعة شاملة ودقيقة لكل العقود والمناقصات مقارنة
بأسعار السوق المحلي في حينه. وقد خلصت هذه المراجعة بالحقائق والأرقام أن المبلغ
المطلوب لاستكمال جميع مراحل الإعمار هو 90 مليون دولار وليس 115 مليون دولار. هذه
المبالغ تساوت مع ما أعلنته لجنة المتابعة الهندسية والتي تضم طيف متنوع من
المهندسين الفلسطينيين من أبناء المخيم والذين طالبوا في السابق مراراً وتكراراً
بإشراكهم مع إدارة مشروع إعمار مخيم نهر البارد التابع للأونروا لوضع تصور مناسب
لاستكمال عملية الإعمار بأقل تكلفة وبأسرع وقت ممكن لكن مطالباتهم المتكررة تلك
كانت تذهب ادراج الرياح.
وبناء على نتائج التقييم
الجديدة قامت إدارة المشروع بالخطوات التالية:-
- ترسية مناقصة البلوك N39 في الرزمة 6 والعمل سيبدأ قريباً جداً.
- يجري العمل على تصاميم
الرزم المتبقية وإنهاءها في غضون الأشهر القليلة القادمة.
- حفر بئر المياه في الرزمة
الثامنة، وتم الوصول لعمق ٢٤٠ مترا والحفر لا يزال مستمر حتى الوصول للمياه الجوفية.
- إعادة صيانة خزان
المياه المركزي في المخيم والذي ظهرت به الكثير من العيوب قبل البدء باستخدامه.
- بناء الأسوار حول
المدارس وخصوصاً ثانوية عمقة ومركز سبلين فرع الشمال.
- استكمال القيام بمسح
الأثار في المناطق المتبقية في المخيم لإنهائها ضمن مدة زمنية قياسية تمكن من
البدء بالإعمار عند توفر التمويل.
ثانيا: المبالغ المالية المطلوبة لاستكمال بقية الرزم:-
- إن الأونروا لا زالت
تبذل مجهودات كبيرة لحشد التمويل اللازم.
- لا تزال الوكالة
تنتظر رد المملكة العربية السعودية بعد عرض المشاريع عليها.
- تتوقع الأونروا أن تعلن الحكومة الألمانية عن تمويل إضافي عبر بنك
التنمية الألماني في 2018، بالإضافة الى عملها مع مانحين آخرين.
- تتوقع الأونروا أن
يساهم الإتحاد الأوروبي بمبالغ مالية لاحقة تمكن من استكمال عملية الإعمار.
- هناك وعود من الحكومة
النمساوية أيضا بالمساهمة في عملية استكمال عملية الإعمار.
- هناك العديد من وفود
الدول المانحة لا زالت تزور مخيم نهر البارد للإطلاع على ما وصلت إليه عملية إعادة
الإعمار وما يمكنها فعله لاحقا.
ومن الجدير ذكره في
هذا المجال أن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري قد أكد على أهمية استكمال مشروع
إعادة الإعمار كأولوية قصوى في مؤتمر سوريا 2 الذي عقد في بروكسل مؤخراً.
ثالثاً: الوضع الإنساني
لأهالي المخيم:-
لا
يزال أهالي مخيم نهر البارد يناشدون الدول المانحة والأمم
المتحدة والأونروا لتحمل مسؤولياتهم وبذل المزيد من الجهود من أجل إنهاء معاناتهم
ومنحهم حقوقهم الإنسانية، معتبرين أن الأونروا لم تنصفهم على الرغم من الأموال الممنوحة من الدول العربية والأوروبية، وذلك للأسباب التالية:
- عدم حصولهم على تعويضات عن 11 سنه من الإيجارات والأمراض وقلة الأدوية في عيادات
الاونروا...
- حرمانهم من بدل الإيجارات النقدية ببرنامجTSCA .
- لا يزال يعيش عدد كبير منهم في بركسات غير صحية للإنسان.
رابعاً: توصيات
إننا في المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) وبعد مرور 11 عاما على نكبة مخيم نهر البارد
نطالب:-
- على الدول المانحة الإيفاء بالتزاماتها التي تعهدت
بها في مؤتمر فيينا ومؤتمر بيروت كي تتمكن الأونروا من استكمال بناء مخيم نهر البارد.
- على الحكومة اللبنانية
أن تلتزم بما وعدت به من إعادة إعمار مخيم نهر البارد وتسهيل الإجراءات القانونية والإدارية
في هذا المجال.
- على منظمة التحرير
الفلسطينية ضرورة بذل جهود أكبر لتوفير الدعم لإستكمال إعادة مخيم نهر البارد.
- ندعو اللجنة الشعبية ولجان
أحياء المخيم والفعاليات المساعدة في حل أي مشكلة تتعلق بتنفيذ المشاريع التي يُراد
استكمالها لكي لا تذهب المنح إلى مشاريع أخرى.
بيروت
في 25/5/2018
المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد"