ما هي تداعيات قرار وكالة الاونروا بتأجيل جزئي لرواتب موظفيها على اللاجئين الفلسطينيين؟

ما هي تداعيات قرار وكالة الاونروا

بتأجيل جزئي لرواتب موظفيها على اللاجئين الفلسطينيين؟

(تقرير حقوقي)


أعلن المفوض العام للأونروا السيد فيليب لازريني بتاريخ 9/11/2020 بأن الأونروا تواجه عجزا ماليا يقدر ب 130 مليون دولار وإن "الوكالة اضطرت إلى تأجيل جزئي لرواتب 28 ألف موظف وموظفة، بمن فيهم العاملون في الرعاية الصحية والمعلمون، نتيجة عدم توفر الأموال الكافية من الدول المانحة”.

فما هي حقيقة الأمر وما هي الآثار المترتبة على هذه القرارات والتصريحات، وما هي الخيارات المتاحة أمام اللاجئين الفلسطينيين؟

 

أولا: تقديم:

تأسست الأونروا من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 8/12/1949 بموجب القرار 302، وهي الوكالة الأممية والمنظمة الإنسانية التي تعمل في إطار قانوني مطبق على هيئات الأمم المتحدة، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.

 

والأونروا مكلفة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم. وتشمل خدمات الأونروا التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية للمخيمات والتمويل الصغير والمساعدة الطارئة للاجئي فلسطين.

 

ورغم طول مدة اللجوء والتي تجاوزت السبعين عاما، وعدم السعي الجدي من المجتمع الدولي لإيجاد حل عادل ودائم لمحنة اللاجئين الفلسطينيين، يفاجأ اللاجئون الفلسطينيون مطلع كل عام بقرارات وتصريحات تشكل لهم ضغوطا نفسية واقتصادية واجتماعية.

 

ثانيا: التصريحات السنوية لمفوضي الأونروا:

في عام 2015 أعلن المفوض العام للأونروا السابق بيير كرينبول أن هناك عجزا بموازنة الأونروا للعام 2015/2016   يقدر بـ 101 مليون دولار، وأن الأونروا مضطرة إلى فرض  تقليصات شديدة تطال الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين  في الصحة والتعليم والتوظيف والإغاثة  والصحة البيئية . وبرر السيد كرينبول هذه الإجراءات التقشفية بعدم إيفاء الكثير من المانحين الدوليين بالتزاماتهم تجاه الأونروا. ونتيجة لذلك فسوف تواجه عجزا في سداد مرتبات موظفيها خلال شهر ايار وحزيران وتموز من ذلك العام. وقد استجابت الولايات المتحدة الأمريكية لنداء الاستغاثة آنذاك وزودت الوكالة بمبلغ 25 مليون دولار.    

 

ثالثا: الولايات المتحدة الأميركية أكبر الداعمين توقف دعمها للوكالة:

  إن القرار الأميركي بوقف الدعم لعله مرتبط بتأثير ما يسمى بصفقة القرن وتبعات المؤتمر الاقتصادي في البحرين والإجراءات الأمريكية.

تواجه الاونروا تحديات تتعلق بازدياد أعداد اللاجئين الفلسطينيين ومشاكل مالية كبيرة مما أدى الى عجز في ميزانيتها، الأمر الذي يعرض خدماتها الرئيسية للخطر في الأقطار الخمسة. وقد تفاقم الوضع بشكل خطير في عام 2018 حين أوقفت الولايات المتحدة الأميركية التمويل للأونروا، وهي أكبر جهة دولية مانحة.  إن القرار الأميركي وضع الوكالة في أزمة مالية غير مسبوقة. وبفضل دعم إضافي لافت من العديد من المانحين التقليديين والجدد، وبسبب إطلاق حملة التبرع العالمية "الكرامة لا تقدر بثمن"، استطاعت الأونروا حشد تبرعات إضافية وتمكنت من تقليص العجز من 446 مليون دولار في بداية العام إلى 64 مليون دولار في أواخر أيلول 2018.

 

رابعا: تداعيات تقليص خدمات الاونروا على اللاجئين الفلسطينيين

 

أولاً: يهدد تقليص خدمات الاونروا التدريجي الامن الاجتماعي والاقتصادي لأكثر من  5.5 مليون  لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الأونروا.

 

ثانياً: يخشى من تقليص خدمات الأونروا بهذا الشكل أن يحمل في طياته خفايا تسعى لتفريغهاً لمضمونها السياسي وتحويل خدماتها الى مفوضية شؤون اللاجئين.

 

ثالثاً: التأسيس إلى انفجار اجتماعي في ظل جائحة كورونا ونسبة البطالة المرتفعة جداً في كافة الأقطار التي تعمل بها الاونروا ولا سيما لبنان.

 رابعاً: التأثير على خدمات التعليم لأكثر من نصف مليون طالب، وفي خدماتها الصحية، والاجتماعية والإغاثية لأكثر من 5.5 مليون لاجئ فلسطيني.

 خامساً: الخشية من ظهور العديد من الآفات الاجتماعية على الصعيد الاجتماعي في ظل الفقر والبطالة والمصير المجهول.

 

 

 

مخاطر عدم دفع رواتب لـ 28 ألف موظف:

ولعل أخطر المراحل التي وصلت إليها الأونروا هي التهديد بعدم دفع رواتب حوالي 28 ألف موظف بشكل كامل.  وقد أعلن المفوض العام للأونروا السيد فيليب لازريني بتاريخ 9/11/2020 بأن الأونروا تواجه عجزا ماليا يقدر ب 130 مليون دولار وإن "الوكالة اضطرت إلى تأجيل جزئي لرواتب 28 ألف موظف وموظفة، بمن فيهم العاملون في الرعاية الصحية والمعلمون، نتيجة عدم توفر الأموال الكافية من الدول المانحة”.

وأضاف السيد فيليب لازريني في تصريحه أن الوكالة "تحتاج إلى 70 مليون دولار أميركي كي تتمكن من دفع الرواتب كاملة لشهري تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي وكانون الأول (ديسمبر) المقبل، وأضاف إنه تم إبلاغ العاملين بأنه لا يوجد لدى الوكالة موارد مالية كافية حتى اللحظة لدفع الرواتب كاملة لهذا الشهر”.

 

خامسا: إسرائيل والأونروا:

انطلقت حملة إعلامية  إسرائيلية موجهة للمطالبة بتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا )، وتمثل ذلك في تصريحات ومقالات ومناشدات لإغلاق ملف اللاجئين وحق العودة، تزامنا مع إجراءات الولايات المتحدة القاضية بتقليص المساعدات المالية المقدمة لهذه المنظمة الدولية، وتصفية كينونتها القانونية في ضوء الاتهامات التي وجهت لها باعتبارها المشكلة وليست الحل، وإحدى العقبات الأساسية أمام عدم حل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكان رئيس الحكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد طالب في يونيو/حزيران 2017، بـ"تفكيك وكالة أونروا، ودمج أجزائها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ولا تُخفي واشنطن، وإسرائيل، رغبتهما في حلّ وكالة أونروا، ونقل صلاحياتها للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة.

 

تتهم دولة الاحتلال الإسرائيلي الأونروا بتضخيم أعداد اللاجئين الفلسطينيين، لأنها تستفيد من ذلك ماليا بزعم أن موازنتها تمنح اللاجئ الفلسطيني ما قيمته أربعة أضعاف اللاجئ الآخر من باقي دول العالم، حيث يصل نصيب اللاجئ الفلسطيني لديها 246 دولارا شهريا من متطلبات واحتياجات مقابل 58 دولارا للاجئين الآخرين.

 

سادسا: الخلاصات

·       تتعرض وكالة (الأونروا)، لاستهداف مباشر، ليس فقط ماليا بل سياسيا أيضا.

·       إن الاتجاهات الدولية لحل أزمة الأونروا ترتبط بالحلول والتسويات الجاري تنفيذها في المنطقة وخاصة "صفقة القرن"، وليس بتطبيق القرار الأممي 302 المنشئ للوكالة والذي يستند إلى 194.

·       هناك محاولة إسرائيلية وأميركية جادة لإفراغ الأونروا من مضمونها العملي وإظهارها بأنها منظمة فاشلة أو أنها تقوم بأعمال تخالف الأهداف أنشأت من أجلها، مما يدعو المجتمع الدولي لإلغاء الأونروا بموجب قرار يصدر عن الجمعية العامة.

·       تنعكس هذه الضغوط بشكل مباشر   على الخدمات التي تقدمها الوكالة للاجئين الفلسطينيين كما نوعا.  

·       إن توقف الأونروا عن تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين قد يقوض الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

سابعا: التوصيات:

إزاء هذا الواقع فإننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) نطالب  بالتالي:

1-     العمل على استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل جعل موازنة الأونروا جزءاً من موازنتها.

2-     على الأونروا مضاعفة جهودها من أجل تأمين التمويل الكافي لتغطية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين.

3-     لا بد من وضع نظام للوكالة لوضع سياسة ارشادية لترشيد الإنفاق يؤدي إلى وضع حد للعجز الدوري في ميزانيتها.

4-     حث المجتمع الدولي، والدول المانحة خاصّةً الى زيادة مساهماتها المالية بما يسد ثغرة تقليص الولايات المتحدة الأمريكية لمساهماتها.

5-     دعوة الدول العربية والاسلامية الى زيادة مساهماتها المالية في صندوقي المشاريع ونداءات الطوارئ المختلفة.

6-     الاستفادة من توفير running cost   للخدمات التي توقفت أو تقلصت بسبب وباء الكورونا.

7-     فلسطينيا فإننا ندعو إلى ضرورة اعتبار موضوع الأونروا قضية وطنية من الدرجة الأولى ومواجهة التحديات التي تواجهها كهم وطني. 

8-     تفعيل الدبلوماسية الفلسطينية في المحافل الدولية وتكريس كافة الجهود من أجل الحفاظ على وكالة الأونروا. 

 

في 12/11/2020

                                    المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)