شاهد تجيب عن السؤال التالي؟
لماذا لم يغادر من بقي من سكان مخيم البارد بيوتهم؟
بعد الهدنة الثانية يوم الثلاثاء 22\5\2007 خرج الاف الفلسطينيين من مخيم نهر البارد بحثا عن مكان آمن، بعد الاشتباكات العنيفة بين الجيش اللبناني وجماعة فتح الاسلام . وتعرض المخيم لقصف عنيف تسبب بمقتل وجرح العشرات وتدمير مئات المنازل تدميرا جزئيا او كليا، كما سقط من الجيش اللبناني عشرات الجنود.
ونال مخيم البداوي القريب من مخيم نهر البارد القسم الاكبر من النازحين. ومع أنه ليس هناك احصاءات دقيقة للنازحين من مخيم نهر البارد، وأين توجهوا بشكل دقيق، الا أن تقديرات عديدة تشير الى 25000 نازح. ومع أنه أيضا ليس هناك احصاء دقيق لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فإن العدد الحقيقي للسكان في مخيم نهر البارد ليس معروفا، وهناك عدة "روايات" رواية الانروا تقول بأن عدد اللاجئين الفلسطينيين يقارب ال 31000 نسمة، رواية اللجنة الشعبية، والجمعيات الاهلية تقول بأن العدد 45000 نسمة. وبين هذا وذاك يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهرالبارد ب 35000 نسمة.
إذن، فإن أكثر خمسة آلاف لاجئ من مخيم نهر البارد بقوا في منازلهم، رغم علمهم أن حياتهم في خطر، منازلهم في خطر، أطفالهم ونساءهم في خطر،إلا أنهم آثروا البقاء ينتظرون فرجا قريبا أو أياما سوداء قاتمة. لكن ما السبب وراء ذلك، هل لأنهم يعشقون الموت، هل لأنهم يحبون صوت القذائف وأزيز الرصاص، أم ان الدينا لا تساوي عندهم شيئا، بعدما سلخت منهم الحقوق الواحد تلو الاخر.. وأصبح الموت أقرب اليهم من الحياة، قد يكون كل ذلك صحيحا. لكن بماذا يفسر خروج أقل من النصف؟
للاجابة على الاسئلة أعلاه التقت شاهد عشرات النازحين في مخيم البداوي، واجرت معهم مقابلات، واطلعت على أوضاعهم وخرجت بالنقاط التالية:
1. قسم من اللاجئين الفلسطينيين بقي في مخيم نهر البارد لانه لم يجد وسيلة نقل تخرجه من المخيم، فالظروف الاقتصادية القاسية على سكان المخيم تحول دون امتلاك جميع اللاجئين لوسيلة نقل أي وسيلة نقل.
2. قسم منهم لديه مرضى وعجائز لا يقدرون على سرعة التحرك. فآثر البقاء في المخيم بانتظار رحمة الله. وقسم آخر لديه عدد أفراد أسرة كبير، فلم يستطع إخراجهم كلهم.
3. قسم منهم يرفض الخروج من المخيم تحت أي ظرف كان حتى لو كلفه ذلك حياته، لانه يعتبر ان البقاء في البيت افضل من النزوح الى المدارس والقاعات العامة او قرعات الطرق.. لانه جرب النزوح. خاصة ان العديد منهم يرى ان فترة النزوح قد تطول.
4. قسم منهم ينظر بخطورة بالغة الى العمليات العسكرية المنوي اتخاذها ضد المخيم ويقولون ان تدمير المخيم يعني ضياع سكانه في تجمعات هنا وهناك، وبالتالي وجود هذا العدد من اللاجئين داخل المخيم، قد يدفع الحكومة اللبنانية الى التريث قليلا قبل أي اجراء. وبالتالي يساهم في بقاء المخيم. وينظر العديد منهم الى تجارب سابقة لم يعد بناء مخيمات سبق ان دمرت تدميرات كاملا، سواء من الجيش الاسرائيلي كما هو الحال في مخيم النبطية عام 1974 او أثناء الحرب الاهلية كما هو الحال في مخيم تل الزعتر القريب من بيروت عام 1976.
5. قسم منهم لا يحمل أوراق ثبوتية – من فئة فاقدي الهوية – وبالتالي يخشى الخروج من المخيم خوفا من إلقاء القبض عليه خصوصا بعدما تكررت حوادث اعتقالات لفلسطينيين مسجلين في غير منطقة. وبالتالي آثر البقاء في المخيم مع ما يحمل ذلك من مخاطر.
6. قسم عليه جنح أو جنايات عند الدولة يخشى من الخروج من المخيم خوفا من إلقاء القبض عليه خصوصا في هذه الظروف الاستثنائية الطارئة.
7. قسم منهم يقول بأن الازمة سوف تنتهي بسرعة وخلال أيام وبالتالي لا داعي من الخروج لأنه سوف يعود قريبا.
8. قسم منهم يتبعون لفصائل فلسطينية رفضت قياداتهم الخروج فبقوا في المخيم.
كل هذه الاسباب دفعت هذا العدد الاكبر الى البقاء في المخيم. وبالتالي فإن أي اجراء عسكري كبير سوف يصيب المدنيين بأضرار كبيرة.
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد)
بيروت في 26\5\2007