مقدمة
في
الآونة الأخيرة، سعت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في
الشرق الأدنى (الأونروا) إلى تحسين ظروف الحياة للفلسطينيين اللاجئين في لبنان، والاهتمام بالتحديات الاقتصادية
الهائلة التي يواجهونها. يتم ذلك عن طريق دعم الفئات الأكثر ضعفًا ماديًا وتنفيذ
مشاريع تشغيلية للشباب في مناطق تواجدهم.
يعتبر
أحد المشاريع الرئيسية التي بدأت الاونروا تنفيذها هو مشروع المال مقابل العمل
بتمويل من بنك التنمية الألماني KFW والإتحاد الأوروبي منذ إطلاقه
عام 2020، الذي يُعد مبادرة هامة لتحسين فرص العمل والظروف المعيشية للشباب
الفلسطينيين اللاجئين. بالرغم من التحديات التي قد تواجهها، فإنه يمثل خطوة
إيجابية نحو تحسين جودة حياة اللاجئين ودعم تنمية المجتمعات المحلية في لبنان.
يهدف مشروع المال مقابل العمل
الذي تنفذه الأونروا في لبنان إلى تخفيف العبء الاقتصادي عن اللاجئين الفلسطينيين
وتحسين ظروفهم المعيشية. يتضمن المشروع توفير فرص عمل للفلسطينيين في مختلف
القطاعات الاقتصادية، مثل البناء، والتعليم، والرعاية الصحية، والتنمية المجتمعية،
والإغاثة الطارئة.
سيتم في هذا المقال استعراض أهمية
هذا المشروع وتأثيره على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بالاضافة الى الفوائد
والتحديات التي يواجهها هذا المشروع، كما سيتم التطرق الى تقييم أداء الأونروا في
تنفيذه.
التحديات الاقتصادية التي تواجه
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
يعيش اللاجئون الفلسطينيون في
لبنان ضمن ظروف صعبة، حيث يواجهون:
·
التهميش الاجتماعي
والاقتصادي.
·
تفاقم مشكلات
الفقر والبطالة بشكل كبير.
·
قيود
العمل والوصول إلى فرص عمل.
·
تدهور الظروف
المعيشة وتأثيرها سلبًا على جودة الحياة.
فوائد المشروع
يساهم مشروع المال مقابل العمل في توفير فرص عمل لما لا
يقل عن 1000 شاب وشابة من لاجئي فلسطين تتراوح أعمارهم بين 16 و 30 عامًا بأجر
يومي يبلغ 15 دولارًا، كما يساهم في تعزيز الكفاءة الاقتصادية من خلال
المشروع، يمكن للفلسطينيين اللاجئين المساهمة في الاقتصاد اللبناني وتحسين مستوى
الكفاءة الاقتصادية للمجتمعات المحلية، نضيف على ذلك مساهمة العمل في المشروع في
الحصول على دخل يحسن الظروف المعيشية ويلبي الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين
اللاجئين وعائلاتهم.
التحديات والآفاق المستقبلية
يواجه
مشروع المال مقابل العمل تحديات عدة بالتوازي مع ارتفاع نسب البطالة، نتيجة تأثير
الأزمة الاقتصادية اللبنانية الكبير على أوضاع اللاجئين في مخيماتهم، حيث بلغت نسب
البطالة بين 80 إلى 85%، وكانت أبرز التحديات:
·
توافر التمويل والتأكد من استدامة المشروع على
المدى الطويل: يمكن أن يكون التمويل
المحدود للمشروع عائقًا أمام تحقيق الفعالية الكاملة له وتقديم فرص عمل أكثر
لللاجئين الفلسطينيين.
·
الإقبال الكبير: يواجه
المشروع تحديًا في مواجهة الإقبال الكبيرعلى الفرص الوظيفية (ما لا يقل عن 50 ألف
طلب منذ بداية العام 2023 الجاري)، قد يكون هذا التحدي ينتج
عن العدد الكبير من اللاجئين الذين يبحثون عن عمل، مما يجعل من الصعب تلبية جميع
احتياجاتهم.
·
ضعف القدرة الاستيعابية
لطلبات العمل في المشروع والتي لا تتجاوز 1000 مقبول ضمن كافة المواضع الوظيفية
المعلن عنها.
·
التحديات القانونية
والسياسية: يمكن أن تواجه الأونروا بعض التحديات القانونية والسياسية في تنفيذ
المشروع، خاصةً فيما يتعلق بقوانين العمل والوصول إلى الفرص الوظيفية للفلسطينيين.
·
يتطلب تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للاجئين
الفلسطينيين تعاونًا مستمرًا بين الحكومة اللبنانية والمؤسسات الدولية والمانحين
لتوفير الدعم اللازم.
الإيجابيات
الحقوقية
·
الحق في العمل: يعترف
المشروع بحق اللاجئين الفلسطينيين في العمل ويسعى لتوفير فرص عمل مستدامة ولائقة
تعزز كرامتهم الإنسانية وتساهم في تحسين ظروفهم المعيشية.
·
الحق في المساواة: يسعى
المشروع إلى توفير فرص عمل بدون تمييز أو انحياز، حيث يمنح فرصًا للفلسطينيين
اللاجئين بغض النظر عن جنسيتهم أو أصلهم.
·
التمكين الاقتصادي: يساعد
المشروع الفلسطينيين اللاجئين على تحسين وضعهم المادي ويعزز قدرتهم على الاعتماد
على أنفسهم وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
التحديات
الحقوقية
·
الحماية القانونية: يجب أن
يتم تأكيد حماية حقوق العمال في المشروع، بما في ذلك الحق في الحماية من الاستغلال
والإساءة والظروف العمل غير اللائقة.
·
المساواة في الفرص: يجب أن
يضمن المشروع أنه لا يؤدي إلى تفاقم التمييز أو تهميش أي فئة من اللاجئين
الفلسطينيين ويوفر فرصًا عادلة للجميع.
·
الشفافية والمشاركة: يجب
أن يشمل المشروع مشاركة اللاجئين الفلسطينيين في عملية التخطيط والتنفيذ وأن تكون
هناك شفافية في استخدام الموارد والتحقق من تحقيق الأهداف المحددة.
تقييم
أداء الأونروا في المشروع
وفي سابقة تعتبر الأولى من نوعها وتعزيزاً للشفافية
وتفادي المحسوبيات في عملية اختيار الطلبات المقبولة للمشاركة في المشروع من منطقة
صيدا، قامت وكالة الأونروا بإعداد بث مباشر عبر آلية الاختيار العشوائي، بحضور ممثلين عن
المجتمع المحلي في مخيمات وتجمعات منطقة صيدا، تمّت آلية الاختيار عبر نظام الكتروني
يختار قائمة بشكل عشوائي، وجرى تحديد عدد المقبولين، وفق معيار رئيسي وهو احتياج
وكالة "أونروا" للعمال.
ويأتي هذا الاجراء عقب اتهامات كثيرة طالت الوكالة
ومشروع "العمل مقابل المال" بالفساد والمحسوبيات في اختيار المقبولين.
حيث ظهرت إشكاليات عديدة خلال بداية تنفيذ المشروع في مناطق مختلفة تتعلق باتهامات
حول قوائم جاهزة بأسماء المقبولين إضافة إلى تشغيل أشخاص استفادوا سابقاً من
المشروع، وتشغيل أفراد من نفس العائلة، وتغييرات في أسماء المقبولين لاعتبارات
تتعلق بالواسطة والمحسوبية ولا سيما في مخيم برج الشمالي جنوب لبنان، وهو ما أثار
احتجاجات عديدة أدت إلى توقف العمل الخدمي.
الخاتمة
يمثل مشروع
المال مقابل العمل لوكالة الأونروا في لبنان جهداً إنسانيًا وحقوقيًا هامًا لتحسين
ظروف الحياة للفلسطينيين اللاجئين، وبناءاً على ما سبق إننا في المؤسسة الفلسطينية
لحقوق الانسان نقدم هنا بعض التوصيات التي يمكن النظر فيها لتعزيز الفعالية
والنجاح الأكبر للمشروع:
1.
زيادة التمويل: يُعد
التمويل الكافي من أهم العوامل لتحقيق نجاح المشروع. يجب على وكالة الأونروا العمل
على توفير تمويل إضافي لتمكين تطوير المشروع وتحسين الفرص الوظيفية المقدمة
للفلسطينيين اللاجئين.
2.
الشفافية والمشاركة: يجب
على الأونروا أن تستمر بالاجراءات التي تضمن شفافية تامة في تنفيذ المشروع واختيار
العمال المشاركين.
3.
توفير إجراءات حماية خاصة:
يجب على وكالة الأونروا توفير إجراءات خاصة لحماية الشابات المشاركات في المشروع
من الاستغلال والإساءة.
4.
مراقبة وتقييم مستمر: يجب
أن تجري الأونروا مراقبة دورية وتقييم مستمر لأداء المشروع من الناحية الحقوقية
والقانونية.
5.
توثيق الانتهاكات وتقديم
الشكاوى: يجب أن يقوم المشروع بتوثيق أي انتهاكات لحقوق العمال وتقديم الشكاوى
المناسبة إذا لزم الأمر لضمان تحقيق العدالة والمساءلة.
بيروت في 27/07/2023
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)