صحة الفلسطيني من جديد بين مطرقة الأنروا، وسندان المسشتفيات المتعاقدة معها منطقة صور مثال
يغيب الملف الصحي ثم ما يلبث أن يعود بقوة إلى الواجهة، مشاكل صحية بالجملة باتت تقابل المرضى الفلسطينيين المتوجهين الى مستشفيات صور، ملخص تقرير أعدته "شاهد" ، زارت خلاله المرضى، وإدارة بعض المستشفيات ، وأطباء وسواهم، لتطلع عن قرب عن حقيقة الوضع الصحي في منطقة صور. ويسود اعتقاد قوي بأن المشكلة ذاتها تتكرر مع المستشفيات التي تتعاقد معها الأنروا في كل لبنان تقريبا.
جملة من الأسئلة تطرح نفسها أمام هذا الواقع:
1. ماذا تقدم الأنروا عندما ترفق المريض بتحويل؟
2. ماذا يقدم المستشفى المتعاقد، الى المريض؟
3. كيف يتم التعامل مع مريض الـUN كما يعرف في المستشفى؟
4. هل يتكبد المريض بعض النفقات المالية؟
5. ما هي تلك التكاليف، وهل الأنروا على دراية؟
6. ما صحة الشائعات التي يتحدث عنها الناس عن المعاملة والإهمال في بعض المستشفيات؟
يقسم التقرير الى بابين اثنين، الأول ويعنى بجمع الحالات المرضية التي تضررت من أداء المستشفى، والثاني يعنى بالمقابلات التي أجريت مع الأطراف المعنية عن ملف الصحة لللاجئين الفلسطينيين في لبنان:
أولاً: الحالات المرضية المتضررة:
1. فوزية سليمان أم عمر:
فوزية سليمان أم عمر، سكان مخيم برج الشمالي متزوجة من عبد الله توفيق عيسى من مواليد1943، تعيش مع عائلتها في منزل في مخيم برج الشمالي.
• تعاني أم عمر من مرض عضال أصابها قبل ستة أشهر، فرض عليها تنقلا بين المستشفيات كلما تداعت الحاجة.
• 29/5/2008 ساءت حالة أم عمر وتم نقلها الى أحد مستشفيات صور ليرفض الطبيب المناوب إدخالها بحجة أن ليس بحوزتها تحويل UN، فتعود الى المنزل مع ذويها، أصحاب الدخل المحدود.
• 2/6/2008، ساءت حالة أم عمر فتنقل الى إحدى المستشفيات في منطقة الجنوب وبحوزتها تحويل أنروا، لكن المستشفى رفضت إدخالها بسبب خلاف شخصي بين الطبيب المناوب وذويها وأن لا علاج للمرض في هذا المستشفى ، فنقلت الى مستشفى آخر في مخيم الرشيدية التابع للهلال الأحمر الفلسطيني ليحصل ذويها على تحويلUN وذلك بتاريخ 4/6/2008.
• يقول إبنها وسيم عيسى: عرضت على المستشفى إدخال والدتي على نفقتي الشخصية، فرفض الطبيب المناوب، فعرض المشكلة على الدكتور (خ) مسؤول التحويلات في المستشفى من قبل الأنروا، ليؤكد أنه لا يحق لأحد منعك من إدخال أمك الى المستشفى. ثم توجه وسيم الى اللجنة الشعبية في مخيم برج الشمالي ليعرض المشكلة وليحصل على نفس الإجابة ولكن دون جدوى.
• تتوفى أم عمر بسبب التأخر في العلاج، جراء انتفاخ جسدها من الماء، الأربعاء في 11/6/2008
2. أبو علي الطيطي:
محمود الطيطي، سكان مخيم برج الشمالي، يبلغ من العمر 68 عاما متزوج يعيش في منزل لا يسكن فيه إلا المضطر.
• أصيب أبو علي بجلطة دماغية في صبيحة يوم الأحد الموافق في 29/5/2008، استدعت نقله الى المستشفى. ليأخذ علاج مؤقت بحجة أنها "جلطة دلع" ، وليطلب منه الدكتور المناوب في إحدى المستشفيات الخروج لأنه لا يستطيع تقديم أي شيء له، في حين من المعروف أن حالات الجلطة تستدعي المبيت والمراقبة في المستشفى.
• خرج أبو علي من المستشفى ليعاني أكثر ولتتطور حالته، من "جلطة دلع" كما سماها الطبيب المناوب، الى عدم قدرة على المسير والتواء في الخدين والشفة.
ثانياً: إجراء مقابلات مع المعنيين بالأمر، الأنروا ،إدارة المستشفى وأحد الأطباء المناوبين واللجنة الشعبية:
المستشفى المتعاقد مع الإنروا :
أحد ثلاثة مستشفيات لبنانية في منطقة صور، متعاقدة مع الإنروا منذ أحد عشر سنة، بنفس العقد. تعاني هذه المستشفى من أزمة مادية حادة تهدد حضوره في الوسط الطبي في منطقة صور، وذلك بسبب الديون المتراكمة.
تعاقده مع الإنروا، بين الواقع والمكتوب:
• يتعاقد مستشفى (........) مع الأنروا بـ 15 سريراً شهرياً.
• تكلفة كل ليلة لا تزيد عن الـ100000.
• معدل التكلفة الشهرية 45 مليون ليرة لبنانية.
• السياسة المتبعة في المستشفى هي علاج المرضى بقدر المبلغ الشهري المخصص في عقد الإنروا.
• يتكفل المريض بكل ما يطلبه منه الطبيب أو المستشفى من دواء وكشفيات وأجهزة ومعدات. واللافت أن أحد بنود العقد مع الإنروا يفرض على المستشفى الإلتزام بالتكاليف العلاجية، إلا في بعض الحالات التي حددت الإنروا تغطية بـ 50% مثل السيخ المستخدم في كسور العظام.
• يتقاضى الطبيب المعالج حوالي الـ7000 ليرة لبنانية عن كل مريض من إدارة المستشفى.
• يطلب بعض الأطباء المال من المرضى لتحسين نوعية العلاج.
• تعمد إدارة المستشفى للحصول على إقرار من المريض بعدم دفعه أية مبالغ مالية للمستشفى أو الطبيب المعالج.
مدير المستشفى:
حوّل مدير المستشفى الدكتور ن. ق وجه المشكلة باتجاه الإنروا باعتبارها هي المقصرة وليست المستشفى، وهي المسؤولة عن اللاجئين وليس المستشفى، ويقول: "نحن نستقبل في بعض الأحيان 25 حالة مرضية، أي أكثر من المعدل المفروض، وهذا إكراما للشعب الفلسطيني".
وفي نفس الوقت لا ينفي وجود حالات مرضية تعرضت للإبتزاز المالي من قبل بعض الأطباء، ويؤكد أن بعض الأطباء تعاملوا بمزاجية في بعض الحالات التي رفضوا أن يدخولها المستشفى بحجة أن لا علاج لهذا المرض عندهم، كحالة أم عمر، وأضاف ن.ق "أيضا أنه من اليوم فصاعداً لن نستقبل حالات الولادة، والإسهال والإستفراغ، والدسك، والتقويم، والتجميل، وعمليات الناظور، والسرطانيات، والتجميل النسائي، ..."
أما بخصوص تمسكه بعقد الإنروا، يقول: "أنا مظلوم مثل الشعب الفلسطيني، ولكن المستشفى وكما بات معروفا يتعرض لأزمة مالية حادة تهدد بقائه، وأنا لا أملك السيولة لمصاريف المستشفى الشهرية، والإنروا تقوم كل شهر بدفع مبالغ تساعدنا على البقاء، ولكن في الوقت نفسه، هذه السنة ستكون آخر سنة تعاقد مع الإنروا إذا بقيت بنود العقد على ما هي عليه".
.
الإنروا:
كالعادة ادعت الإنروا عدم درايتها عما يجري في المستشفى المتعاقد معه بخصوص تقاضي المبالغ المالية من المرضى، ولكن الإنروا وعلى لسان الدكتور ج. ي مدير قسم الصحة في الإنروا وفي إتصال هاتفي معه قال: "إن المستشفى مجبرة على إدخال كل مريض وعدم تغريمه أية تكاليف علاجية إلا في حالات محددة متفق عليها مع المستشفى ، ولكن نحن نواجه بعض المشاكل مع نهاية كل شهر ".
أما الدكتور خ. ك مسؤول قسم التحويلات في الإنروا في المستشفى المتعاقد معه، فيقول: "المشكلة ليست بالصحة وحدها، فمحدودية الأماكن في المستشفى هي أبرز المشاكل التي تواجهنا، ولكن وبالرغم من ذلك نستطيع التغلب على تلك الحالات مع إدارة المستشفى، وهو يلفت الى أن التدخلات السياسية تفسد عمليات التحويل أحيانا. وأضاف أنه وفي كثير من الأحيان يتعرض للإهانات والتهديدات الهاتفية والضرب والسباب من ذوي المرضى.
وفي الجهة الأخرى يقول أن هناك بعض الحالات التي ابتزت من قبل الأطباء، فطلب منها المال في العيادات الخاصة وفي جو خارج إدارة المستشفى، ويضيف إن المستشفى مجبرة على إدخال كل مريض يحول إليها وبحوزته تحويل".
توصيات:
• تعديل في بنود التعاقد مع المستشفيات بما يضمن احترام حقوق المرضى.
• إسراع الإنروا في التعاقد مع مستشفيات قادرة على تقديم خدمات علاجية وجراحية أفضل.
• رفع موازنة القطاع الصحي بسبب الحاجة الملحة لهذا الزيادة.
• متابعة اللجان الشعبية والأهلية لملف الصحة مع المعنيين بشكل متواصل.
• ضرورة وجود لجنة صحية متخصصة تتابع حاجات الناس ومراقبة المستشفيات المتعاقدة مع الأنروا.
• معاملة المرضى الفلسطينيين على أساس إنساني وليس مادي.
• زيادة عدد الأسرة في المستشفيات المتعاقدة مع الإنروا أو الإسراع في تنفيذ ورقة الحاجات التي قدمتها اللجنة الأهلية في صور.
• توسيع خدمات الأنروا الصحية لتشمل العلاج ما بعد المستشفى.
• التحذير من خطورة الوضع المتفاقم وخطورة التمادي والتلاعب في صحة الفلسطينيين.
• رفع مستوى التحرك الشعبي والسياسي والمؤسساتي لتحسين الواقع الصحي في المخيمات.
مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان
بيروت في 11/7/2008