(شاهد): وباء التهاب الكبد "الصفيرة" في مخيم الرشيدية
شكوك تدور حول تلوث مصادر المياه
من المسؤول ؟
تقرير حقوقي
مخيم
الرشيدية هو من أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، يُقدر عدد سكانه
بحوالي 28 ألف نسمة حسب احصاءات وتقديرات مركز الإحصاء المركزي والأونروا.
مصادر
المياه في المخيم:
يعتمد
المخيم على مصادر مياه محلية من داخله، إذ يتواجد في المخيم القديم مجموعة من
البرك والينابيع الطبيعية والتي كان الأهالي يتزودون منها بمياه الشرب والإستعمال المنزلي وبالوسائل البدائية منذ لجوئهم إلى المخيم عام 1950
، وبعد أن أنشأت الأونروا المخيم الجديد في ستينات القرن الماضي قامت بتمديد شبكة
مياه من هذه الينابيع والبرك تُزود مساكن المخيم الجديد بالمياه عن طريق الانسياب
والجاذبية. ونتيجة تزايد عدد السكان بشكل مضطرد مطلع القرن الواحد والعشرين وعدم
تلبية الشبكة القديمة للإحتياجات ، قامت الأونروا بتمديد شبكة جديدة للمياه في
المخيم القديم والجديد مع بناء خزان مياه جديد بين العام 2005/2006 والذي أطلق عليه (مشروع مياه دنش) لأن الشركة
المنفذة تدعى شركة دنش للمقاولات.
ورغم
تأهيل شبكة المياه وتجديدها إلا أنها بقيت عاجزة عن سد الحاجات الفعليّة للأهالي
من المياه ويعود السبب إلى عدم السماح للأونروا بضخ المياه من هذه البرك
والينابيع طيلة النهار بل لسبع ساعات فقط
والفترة المتبقية من النهار يتم ضخ المياه باتجاه مدينة صور من خلال شبكة تابعة
لمياه لبنان الحكومية .
وبسبب
الحاجة الملحة للمياه في المخيم خلال فترات الصيف بادرت بعض الجمعيات الخيرية منذ
تسعينات القرن الماضي بحفر مجموعة من الآبار موزعة جغرافياً في معظم أرجاء المخيم،
تعمل على ضخ المياه بشكل دائم في حال توافر التيار الكهربائي و تعمل على تزويد ما نسبته 50% من سكان المخيم
بالمياه عبر شبكات من الأنابيب مخصصة لها.
الآبار وآليات الاستفادة منها :
أما بخصوص الآليات المعتمدة في الآبار التي تم
حفرها في المخيم فإنه يُؤخذ عينات من
مياهها وفحصها والتأكد من خلوها من التلوث وأنها صالحة للشرب والإستخدام
الآدمي، يتم بعد ذلك توصيل شبكة أنابيب
للحي الذي يقع به البئر وهذه الآلية نفذت مع البئر الذي تم حفره بالقرب من مدرسة
عين العسل الإبتدائية عند مدخل المخيم، بعد صدور نتائج خلوه من الملوثات والجراثيم
.
إن مدارس الأونروا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه بسبب أعداد
الطلاب الكبيرة فيها . ومنذ عام 2011 تم
توصيل المياه مباشرة من مصدر البئر المجاور لمدرسة عين العسل والحديقة العامة
المجاورة، فضلا عن تزويد بقية مدارس المخيم بنفس المياه وبالفلاتر ، وتستفيد
الأحياء المجاورة للبئر من مياهه أيضا ومن
آبار المياه الأخرى.
الأسباب
المحتملة لتلوث المياه:
بما أن
الأونروا تقوم بضخ المياه من الينابيع والبرك المتوافرة في المخيم إلى جميع
المنازل وتضع بها مواد معقمة ( الكلور) إلا أنه يُخشى من حصول تلوث لها للأسباب التالية:
• أن
البرك والينابيع مكشوفة وقديمة البنية ولم يتم تأهيلها منذ عشرات السنين.
• هذه
البرك والينابيع تلوثت أكثر من مرة من
خلال التعديات والبناء العشوائي حولها .
• وجود
الكثير من حفر الصرف الصحي للمنازل بجوارها وبمسافات قريبة جدا لعدم إنشاء شبكات
للصرف الصحي في نفس الأحياء المحيطة بالبرك والينابيع.
• تسرب
مادة المازوت أكثر من مرة من مولدات الكهرباء المحيطة بها قبل أن يتم إزالتها من
حولها مؤخرا.
• شبكات
المياه في المخيم تسير بموازاة شبكات الصرف الصحي والتي قد تكون تعرضت للكثير من الخراب أثناء تمديد مشروع
الصرف الصحي مؤخرا في العام 2016/2017 وبالتالي يحتمل وجود اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف صحي
• التعديات
على شبكات المياه والتوصيل العشوائي من
قبل الأهالي دون مراجعة الأونروا أو حتى
مدير خدمات المخيم أو المرجعيات الأخرىوقد تكون هذه التوصيلات غير دقيقة ومحكمة التوصيل ويمكن أن يتم تسرب المياه الآسنة من خلالها
وتلويث مياه الشرب والاستعمال المنزلي.
ما المستجد في الأمر؟
في منتصف
شهر آب 2019 تعرض خط الصرف الصحي الرئيسي التابع
لمصلحة مياه الليطاني والذي ينقل فضلات الصرف الصحي من القرى المجاورة والمخيمإلى الانفجار بسبب عدم تحمله لقوة الضغط . إذ يبدو أن قطره و مواصفاته
الفنية لا تتناسب مع قوة الضغط Bar. وهذا الخط ينقل فضلات الصرف الصحي من محطة
التجميع التي أنشاتها شركة دنش مؤخرا متاخمة للمخيم إلى محطة التكرير الرئيسية
والتي تقع على ساحل البحر شمالي مدينة صور.
ومن
الجدير بالذكر أن الانفجار في الخط لا يبعد عن بئر المياه أكثر من 150 مترا مكان،
حيث تدفقت منه كميات كبيرة من الفضلات قدرت ب 500 م
مكعب من المياه الآسنة والفضلات وأغرقت الشارع الرئيسي للمخيم وتسربت منه إلى
البستان المجاور وإلى باطن الأرض ، وباعتبار أن الآبار مياهها متحركة، فقد يكون
هذا التسرب وصل إلى الشريان الرئيسي الذي يتغذى منه البئر ولوثه . وبالتالي لا بد
أولا من انتظار نتيجة الفحص المخبري لمياه البئر للاطمئنان، وإن ثبت تلوثها فلا بد
من المبادرة مباشرة بعلاج هذه المشكلة الطارئة.
بروز حالات مصابة بوباء إلتهاب الكبد :
ظهر في مخيم الرشيدية مؤخرا منذ 2/9/2019 حالات مصابة بوباء اصفرار
الكبد (Hepatitis
A) وقدرصدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) من خلال فريق عملها الميدانيما يزيد عن 50 حالة والمتوقع أن
تتزايد إن لم يتم تحديد وعلاج الأسباب سواء كانت من الأطعمة أو المياه. وقد توقع الأطباء في عيادة المخيم التابع
للأونروا إحتمال وجود تلوث يؤدي إلى هذا الوباء وتوقعوا أن يكون هناك تلوث بالمياه
المستخدمة، وباعتبار أن معظم الحالات المصابة من منطقة جغرافية واحدة وليست من
جميع أحياء المخيم والعامل المشترك بين
هذه العائلات هي المياه، وأن هناك هناك آبار تغذي هذه المنطقة بالتحديد بالإضافة
إلى مياه الأونروا وقد أخذ قسم الصحة البيئية في الأونروا يوم السبت بتاريخ
7/9/2019 عينات من شبكات المياه في هذه المنطقة لفحصها في مختبرات مستشفى صيدا
الحكومي والتي أظهرت النتائج الأولية وجود
بعض الجراثيم في المياه لكنه لم يتم
الإشارة أو التأكد من وجود فايروس ( Hepatitis A).
وكما تم
أخذ عينات جديدة يوم الخميس في 12/9/2019لإعادة فحصها في مختبرات الجامعة الأميركية المتخصصة للتأكد من سلامة
المياه ولم تصدر النتائج حتى تاريخه .
إننا في
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)نوصي بالتالي:
§ضرورة توفير مصادر مياه آمنة وكافية للاجئين الفلسطينيين في المخيم
وللمدارس والمرافق الخاصة بها.
§ضرورة الاستمرار بصيانة وإصلاح شبكات المياه لمنع تسرب الملوثات إليها
.
§القيام بحملات توعوية حول ترشيد استخدام المياه وكيفية الوقاية من الأمراض والأوبئة الطارئة
§ضرورة التأكد من قدرات ومواصفات خطوط ضخ الفضلات والصرف الصحي تلافيا
لانفجارها مرة أخرى.
§ضرورة التنسيق بين وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية
والاونروا واليونيسيف لتوفير اللقاحات الكافية
للأوبئة خصوصا وباء إلتهاب الكبد Hepatitis
A
بيروت في17/9/2019
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان(شاهد)