(شاهد): إلى متى يبقى تشابه الأسماء كابوساُ يلاحق اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان
ومن يعوض عن المتضررين؟
تقرير
أولا: من أين يحصل اللاجئون
الفلسطينيون على أوراقهم الثبوتية؟
بعد نكبة فلسطين عام 1948 ولجوء
ما يقارب 100 ألف لاجئ
فلسطيني إلى لبنان وتوزعهم على مختلف المناطق
اللبنانية سواء ضمن مخيمات حددت الحكومة موقعها أو في تجمعات عشوائية منتشرة على
معظم الجغرافيا اللبنانية. وقد أنشأت آنذاك
الحكومة اللبنانية في31 مارس/ آذار 1959 هيئة خاصة تشرف على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين
بغية تنظيم وجودهم على أراضيها. وعرفت هذه الهيئة باسم "المديرية العامة للشؤون
السياسية واللاجئين"[1] وجعلتها تابعة
لوزارة الداخلية، وأصبحت "دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين" أحد أقسامها
الرئيسة والتي نُظمت أحكامها بالمرسوم رقم 927 الصادر في نفس التاريخ وأنيط بها
المهمات التالية: -
تسجيل الوقوعات:
إن من أبرز مهام مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في
لبنان:
· إعداد سجلات الأحوال الشخصية .
· وضع جداول شهرية بأسماء المواليد والوفيات .
·إصدار بطاقات الهوية وإخراجات القيد الفردية
والعائلية والخاصة بعقد القران .
·تثبيت وقوعات
الأحوال الشخصية من عقود زواج وطلاق ووثائق الولادة والوفيات وتدقيقها وتسجيلها وإعطاء
نسخ طبق الأصل عنها.
وتعتبر بطاقة الهوية التي يحملها اللاجئ الفلسطيني في
لبنان من مديرية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في لبنان " بمثابة الإقامة
الدائمة" فهي المستند القانوني الذي يُعرّف
عن شخصيته ويستخدمها في جميع معاملاته القانونية خصوصًا وانها تحمل اسمه واسم
والدته وتاريخ ميلاده ورقم ملفه وبيانه الإحصائيلدى مديرية شؤون اللاجئين، فضلا عن اسم الشخص الذي تم إجراء الإحصاء
الأساسي معه عند البدء بالتعداد السكاني والإحصاء للاجئين الفلسطينيين في
لبنان عقب النكبة.
إلا أن هذه البطاقة تشوبها الكثير من العيوب التقنية :-
-لا تزال تكتب بخط اليد
-عدم توفر الحد الأدنى لجودة الأوراق المستخدمة
-سهولة تلفها أو تزويرها،
وبالتالي يواجه حاملها الكثير من المشاكل بسبب
عدم وضوح الكتابة أو رسمه الشخصي نتيجة تقادمها وكثرة إستعمالها.
ونتيجة لعدم استكمال مكننة الأوراق الثبوتية للاجئين
الفلسطينيين في لبنان واستخدام برامج إلكترونية تستطيع التمييز بين بيانات
كل فرد على حدة، فكثيراً ما يقع التباس نتيجة تشابه بعض البيانات الثبوتية لشخص ما
مع بيانات شخص آخر مطلوب للأجهزة الأمنية أو القضائية لارتكابه أعمال مخلة
بالقانون سواء كانت تصنف ضمن الجنح أم الأعمال الجرمية التي يعاقب عليها القانون.
ثانيا: الإجراءات الأمنية المشددة على سكان المخيمات:
تخضع المخيمات الفلسطينية من الناحية الأمنية لإجراءات
مشددة من الجيش اللبناني بحيث يتم التدقيق بهويات المارة، فضلاً عن الكثير من الحواجز المتنقلة
لمختلف القوى الأمنية بين الحين والآخر، يضاف إليها التدقيق على الأسماء في المطار
والمعابر البرية وفي مراكز إصدار وثائق السجل العدلي، وغالباً ما يتم البحث
والتدقيق في اسم الشخص المتقدم بطلب " التفييش" للتأكد من إن كان
مطلوباً أو غير ذلك.
وبسبب التشابه الكبير في أسماء العائلات الفلسطينية أو
اللبنانية أو حتى السورية فإن تبيّن لأجهزة التدقيق الأمنية أن هناك شخص مطابقببعض بياناته الثبوتية أو قريبة التشابه مع بيانات شخص آخر خصوصاً باسمه واسم
والدته رغم وجود فرق بتاريخ ومكان ولادته، وفي رقم البيان الإحصائي ورقم الملف على سبيل المثال وليس الحصر، يتم مباشرة توقيفه باعتباره صيداً ثميناً ويحتجز سواء
لدى مخابرات الجيش اللبناني، أو في مراكز التوقيف المؤقتة التابعة لقوى الأمن
الداخلي لعرضه على النيابة العامة للتحقق
من هويته وشخصيته، وقد تطول أو تقصرمدة التوقيف وما يتعرض له الموقوف البريء من
ضغوط نفسية وإهانات مختلفة.
ثالثا: بعض الحالات التي تم توثيقها
لاجئ ثمانيني مطلوب على اسم شخص ثلاثيني
· لاجئ فلسطيني مسجل في لبنان، في الثمانينات من العمر مقيم في أمريكا
مع أولاده منذ سنوات طويلة، يحمل بطاقة Green card الأمريكية ولا زال يحتفظ بوثيقة سفره الفلسطينية
اللبنانية، قدم إلى لبنان عن طريق مطار بيروت الدولي لزيارة بناته المتزوجات هنا في لبنان، وبسبب
تشابه للأسماء بينه وبين شخص آخر سوري الجنسية في العقد الثالت من العمرمتهم بتشكيل جماعة مسلحة ، تم حجز وثيقة سفره ومنعه من السفرلاستكمال التحقيق معه
رغم أنه مسن ويعاني الكثير من الأمراض المزمنة وغير موجود في لبنان منذ سنوات
طويلة، وبسبب هذا الاشتباه تم تأخيره عن العودة إلى أمريكا أكثر من شهر ونصف لحين
استكمال التحقيق والتحقق من أنه ليس الشخص المطلوب، وهذا الواقع كان له انعكاس
سلبي على نفسيته وصحته حيث أمضى معظم وقته متنقلاً بين مراكز التحقيق. ولاحقا توفي
اللاجئ الفلسطيني الثمانيني.
موقوف لمدة 5 أشهر والتهمة تشابه في الِأسماء
اللاجئ الفلسطيني (ش .م) مقيم ويعمل في لبنان، ذهب إلى
السراي الحكومي في مدينة صيدا للحصول على إخراج قيد، فقامت عناصر قوى الأمن
الداخلي باعتقاله وقيادته إلى مركز قوى الأمن الداخلي بالقرب من حسبة صيدا، وهناك
تم توقيفه باعتبار أن بطاقة هويته تحمل نفس بيانات الشخص المطلوب والصادر
بحقة العديد من الأحكام الجرمية الغيابية وأنه كان قد سجن سابقا في سجن القبة في
طرابلس. وبالرغم من قيامه بإخبار القوى الأمنية عن مكان عمله منذ سنوات طويلة
والذي يتعارض مع التواريخ الذي تم ذكرها له وأنه لم يسجن أو يرتكب أي جرم أو جنحة
في حياته، فقد تم توقيفه واضطر أهله إلى تكليف محام ليتابع قضيته حيث تبين للمحامي
أن هناك شخص آخر يحمل بيانات نفس الشخص على بطاقة هوية مزورة وارتكب الكثير من
الأعمال الجرمية وأنه مسجون فعليا في سجن القبة في طرابلس، وبالرغم من ذلك بقي
موقوفاً 5 أشهر مما تسبب بضرر نفسي كبير وبخسارة اقتصادية .
لاجئ كاد يفقد مصدر رزقه رغم اختلاف تاريخ الميلاد مع
المطلوب
· اللاجئ الفلسطيني (م. ح) يعمل في سلطنة عُمان منذ سنوات طويلة
حضر إلى لبنان لقضاء إجازته مع أسرته ولتغيير وثيقة سفره بالنسخة الجديدة. وبعد وصوله
إلى لبنان بأسبوع حصلت جريمة قتل في مخيم البداوي تورط بها شخص آخر يحمل نفس الاسم
لكنه يختلف من حيث تاريخ الميلاد ورقم بيانه الإحصائي والملف وغيرها من البيانات الثبوتية،
وعندما تقدم للأمن العام لاستصدار وثيقة سفر جديدة تم حجز وثيقته وتحويله للتحقيق وتأخرت
كثيرا نتائج التحقيق التي أثبتت أنه ليس بالشخص المطلوب حيث كاد أن يفقد عمله في
سلطنة عمان. وبالرغم من ذلك لا زال يواجه مشاكل توقيف وتحقيق في المطار وكثيرا ما كاد
يفقد رحلته بسبب عدم إزالة الإشارة عن اسمه.
محتجز منذ ستة أشهر ويتوقع أن يمضي عاما كاملا والتهمة
تشابه في الأسماء
الفلسطيني أحمد الجاموس من سكان مخيم البداوي، تم
التواصل معه من قبل بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية وطلبوا منه الحضور إلى مدينة
صيدا للتأكد من بعض بياناته الثبوتية لديهم، وهناك فوجئ بتوقيفه واعتقاله على أنه
مطلوب بقضايا مخدرات وحيازة أسلحة وغيرها وتم تحويله إلى سجن رومية موقوفاً، وبعد
تكليف أهله لمحامية وما لذلك من زيادة من الأعباء المالية على أسرته باعتباره
الشخص الوحيد المعيل لها، تبين أن المطلوب الحقيقي يدعى أحمد أبو جاموس وهو
من سكان مخيم عين الحلوة وليس أحمد الجاموس. وبالرغم من ذلك لا يزال موقوفاً منذ خمسة شهور في ظروف
قاهرة بعيدا عن أولاده وعائلته وقد فقد عمله وبسبب إضراب القضاة حين مطالباتهم
بسلسلة الرتب والرواتب فشلت محاميته بإستصدار إخلاء سبيل له لحين البت النهائي
بقضيته المؤجلة لشهر كانون ثاني عام 2020 وهذا يعني أنه ربما يمضي سنة كاملة في
السجن.
رابعا: خلاصات وتوصيات
خلاصة:
يتبين من خلال التقرير أعلاه أن ثمة
مشاكل بنيوية في الجهاز القضائي بهذا الخصوص وأخرى لدى الأجهزة الأمنية التي لا
يوجد لديها آلية تنسيق الكترونية تزيل الالتباس عن الأشخاص المشتبه بهم. وتزداد
هذه المشاكل إذا تعلق الأمر باللاجئ الفلسطيني الذي لا يتمتع بالمعونة القضائية
التي يتمتع بها المواطن اللبناني، كما أن النظرة العامة للاجئين الفلسطينيين في
لبنان هي نظرة أمنية سواء لارتباط ملفهم بالأجهزة الأمنية (وزارة الداخلية، الجيش
اللبناني) أو لجهة الإجراءات اليومية. أي
أن الفلسطيني هو موضع شبهة وشك حتى يثبت العكس. هذا التقييم العام يعقد الأمور
أمام أولئك الأشخاص الذين تتشابه بعض بياناتهم الشخصية مع بيانات أشخاص مطلوبين
فعلا. كما أن عدم مكننة البيانات الشخصية
لدى مديرية الشؤون السياسية واللاجئين يزيد الأمر صعوبة.
إننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
نطالب بالآتي:
·ضرورة مكننة الأوراق الثبوتية
للاجئين الفلسطينيين بطريقة فعالة تميز بين شخص وآخر.
·ضرورة إصدار بطاقات هوية ممغنطة
تحفظ البيانات.
·ضرورة التأكد السريع من دقة
وتطابق البيانات جميعها عند توقيف أي شخص مشتبه به، وألا يتم التوقيف لمجرد وجود
بعض البيانات المتشابهة.
·ضرورة إيجاد آلية تنسيق الكتروني
بين الأجهزة الأمنية.
· ضرورة اعتماد بصمات العيون
والإبهام لدى الأجهزة الأمنية للتحقق من الأشخاص المطلوبين فعلا.
·ضرورة الإسراع بالبت بمصير
الموقوفين المشتبه بهم وأن لا يتركوا لشهور دون النظر في قضاياهم، والتعويض عن
الضرر المادي والمعنوي الذي تعرضوا له.
بيروت في 5/8/2019
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان
(شاهد)