عمال الليمون في مخيمات صور |
عمال الليمون في مخيمات صور وتجمعاتها واجبات من دون حقوق دراسة ميدانية 7 شباط 2005 يعتبر العمل في الحميضيات في منطقة صور المتنفس لعدد كبير من العمال الفلسطينيين. فالفلسطيني لا يتمتع بحق العمل في لبنان بموجب قرار صادر عن وزارة العمل عام 1983، وبالتالي فهو محروم من ناحية قانونية من مزاولة اكثر من 72 مهنة. ويعمل اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات صور وتجمعاتها في اعمال البناء والحمضيات بشكل اساسي، وان كان هذا العمل موسمي ينشط خلال فصل الشتاء ويكاد يتوقف خلال فصل الصيف. والعمل بالحمضيات يرجع اساسا الى ان الساحل الممتد من مدينة صيدا الى الناقورة تزرع فيه الحمضيات بكثرة. كما ان تاريخ العمال الفلسطينيين في الحمضيات قديم قدم لجوء الفلسطينيين الى لبنان، وان كانت قد خفت وتيرته خلال الحرب الاهلية. العامل الفلسطيني لا يجد امامه غير العمل بالحمضيات او البناء بنسبة اقل. ويجد المالكون اللبنانيون في الفلسطيني نشاطا وهمة عالية وقدرة على الانتاج. هذه المقدمة تمهد للخوض في تفاصيل هذه المهنة وتحاول ان تبرز الجانب الانساني منها لجهة تمتع العامل بالحقوق ام لا، وما هي المخاطر التي يتعرض لها وغير ذلك. واجبات كاملة ولكن! لا يمتع العامل الفلسطيني بالحقوق التي تنص عليها القوانين اللبنانية ذات الصلة، لجهة الحد الادنى للاجور، الضمان الاجتماعي، التأمين الصحي، فترة العمل، العطلات الرسمية، الحوافز... ان العمال الفلسطينيين يحرمون من كل هذه الحقوق، وهم يستمرون بالعمل لأنه لا بديل افضل من ذلك.
q فترة العمل ليس هناك وقت محدد للعامل. يبدأ العمل صباحا باكرا وينتهي عند ساعات معينة. في الشتاء يكون العمل "مقاطعة" أي ينتهي العامل من انجاز معين (قطف، وجمع في الصناديق، ونقلها الى السيارة) ويترواح العمل في فصل الشتاء بين خمس ساعات الى سبع ساعات. اما في الصيف فإن فترة العمل تزيد وتمتد من الصباح باكرا (الخامسة فجرا) الى ما بعد الثالثة بعد الظهر احيانا. مع ملاحظة ان الزيادة في فترة العمل لا تحتسب لصالح العامل.
q الاجر: الاحد الاقصى لا يتجاوز 13000 ليرة لبنانية مشمولة مع المواصلات، من دون احتساب ساعات العمل الاضافية. ويتقاضى العامل 10000 ليرة، الوكلنة (الوكيل) 1000 ثم مواصلات تترواح بين 1500-2000. وتختلف الورشة عن المصلحة. فالورشة، عملها متقطع جدا، ويخضع لعدة اعتبارات، اما المصلحة فهي عمل دائم يتقاضى فيها العامل 15000 صافي. مع العلم ان العمال الفلسطينيين يعملون معظمهم في الورش، وقلة منهم في المصالح. ويتقاضي العامل اجره كل 25 يوم، يتقاضي 15 يوما عند المعلم، وتبقى 10 ايام غير مقبوضة وهكذا. وتخضع عملية القبض الى مزاجية المعلم احيانا، او الى العرض والطلب. مع العلم ان العامل ليس شريكا حتى يعامل بهذه الطريقة. وليس للفترة التي يقضيها العامل أي دخل في زيادة الاجر، فقد يستمر العامل لفترة 10 سنوات ويبقى اجره 10000 ليرة. فالعامل م ح أ من مخيم الرشيدية يعمل في الحمضيات منذ 17 عاما والمهنة الاساسية له هي لحام كهرباء لا يكفي الاجر الذي يتقاضاه عائلة من نفرين. ولو اردنا احتساب الايام التي يعملها العامل في فصل الصيف لما تجاوزت 20 يوما في احسن الاحوال، هذا يعني ان الاجر الشهر يساوي 200000 في احسن الاحوال. وهذا لا يساوي الحد الادنى للاجور الذي يترواح بين 350000-400000. ومن الملاحظ في هذا الصدد ان الغالبية العظمى من العمال الفلسطينيين هم اصحاب مهن ولكن من دون وظيفة، اضطرتهم الظروف الاقتصادية القاسية للعمل في الحمضيات، وهم يشعرون نتيجة لذلك بالحزن والاسى ويسبب لهم متاعب نفسية.
q ماذا يجب على العامل ان ينجزه؟ على العامل ان ينجز تعبئة 20 صندوق من الحمضيات وعلى العشرة عمال ان ينجزوا 220 صندوق أي بزيادة عشر صناديق من دون احتساب ذلك لصالح العمال..وقد يحمل العامل ست سلات "فورة" زنة كل واحدة 10 كلغ أي بزنة 60 كلغ غرام، على كتفيه مع ما يسبب ذلك من الام ومخاطر، لا ضير فهذا تنافس بين العمال! وفيه تقاس قدرة العامل، وكثيرا ما سبب ذلك متاعب وألام للعمال.
q اعمار العمال ليس هناك قانون معين يضبط الاعمال المسموح بها، ويخضع ذلك الى قدرة العامل، ولكنه في كثير من الاحيان يخضع الى حاجة العامل وذوييه الى المال. تبدأ الاعمار من عمر 12 سنة ولا تنتهي عند عمر محدد (قد تصل احيانا الى 85 سنة) حسب قدرة العامل، او حسب حاجته. وبذلك تجد كثيرا من العمال هم من طلاب المدارس او متسربون من المدارس او كهلة بلغ بهم العمر عتيا. وهنا تبرز مخاطر كبيرة اذ ان هناك قوانين معينة تسمع بالاحد الادنى للعمر وكثيرا ما تثار القضايا بسبب عمالة الاطفال. اما الاطفال الفلسطينيون فليسوا مشمولين بذلك. يضطر كثير من الطلاب الجامعيون او الثانويون للعمل في الحمضيات لتغطية مصاريف العلم وهي كثيرة، فقد يعجز ذووهم عن دفعها، وهذا يؤثر بشكل كبير عل التحصيل العلمي لهم، وهذا ربما سبب من اسباب تدني المستوى التعليمي للوسط الفلسطيني في لبنان.
q مخاطر العمل يقول احد العمال ( إ .ف) من مخيم برج الشمالي لو امطرت السماء حجارة عليك متابعة العمل، تحت طائلة الطرد من العمل. ولو اجتهدت ولم تذهب الى العمل بسبب المطر او المرض، لأمطرك الوكيل وابل من الاهانات. بهذا الشهادة يمكن قياس الامور. ليس للعمال حقوق في هذا الصدد. ليس هناك تأمينات صحية، ليس هناك طرق للوقاية من المخاطر. ويتعرض العمال لمخاطر كثيرة: الانزلاق – اوجاع الظهر، ضربة الشمس، السقوط عن الشجر، نزلة البرد... كل هذه المخاطر ناتجة اصلا عن العمل بالليمون. صحيح انه ليس هناك عمل من دون مخاطر ولكن الاصل ان تكون هناك تأمينات صحية، لأي خطر قد يتعرض له العامل. فلو اضطر العامل للغياب نتيجة لجرح اصابه، او كسر يد او رجل، فإن العطلة هذه تكون على حسابه من دون ان يلتفت اليه رب العمل، ويمكن للمرء ان يتخيل عائلة مكونة من عدد من الافراد ماذا يمكن ان تعمل اذا مرض معيلها. ويطالب ابو رامي (مخيم برج الشمالي) بضرورة توفر نقابة للعمال للاطلاع على اوضاعهم والمطالبة بحقوقهم وخاصة عمال الليمون وبشكل عام عمال الزراعة، لا اتصال بالاتحاد العمال العام. الجهات المسؤولة يعاني العمال الفلسطينيون في مخيمات صور وتجمعاتها من حرمانهم من حقوق العمل بشكل اساسي. والجهات التي تتحمل المسؤولية بذلك هي: الاتحاد العمالي العام (جهة لبنانية): مطالبة بوضع حد لهذا المعاناة ورفع الظلم عنهم ما استطاعت الى ذلك سبيلا ونقل معاناتهم الى الرآي العام والى الوزارات المختصة (وزارة العمل، وزارة الزراعة). اذ ان العمال الفلسطينيين وعلى الرغم من عدم تطبيق القوانين اللبنانية عليهم فإن الجهات اللبنانية المختصة يجب ان تراقب المالكين الزراعيين، وتخضع عملية القطف والبيع للمراقبة والمتابعة. لا ان تظل معاناة هؤلاء من دون حسيب او رقيب ولسنوات طويلة. الجمعيات الحقوقية اللبنانية والفلسطينية: هناك انتهاك واضح لحقوق العمال من كل الجهات، وهي مادة حافلة بالانتهاكات يجب على الجمعيات اللبنانية والفلسطينية التي تعنى بحقوق الانسان ان تلحظ ذلك في تقاريرها وان تنقل صوتهم الى الرأي العام، وان تضغط باتجاه تحمل المسؤولية الملقاة عليهم. عليها ان تجري البحوث وان تعد التقارير، وترفع المذكرات وتقيم محاضرات التوعية بحقوق الانسان عامة وحقوق العمال خاصة. الاحزاب والقوى الفلسطينية: تتحمل الاحزاب والقوى الفلسطينية مسؤولية تجاه معاناة هؤلاء العمال، وان بنسبة مختلفة عمن سبقها. يجب على الاحزاب الفلسطينية ان تقوم بدورها بهذا الصدد وان تدفع باتجاه تحسين وضعهم وان تجعل قضيتهم مثار بحث ونقاش في المحافل واللقاءات السياسية اليومية وان تبذل الجهود الكبيرة لرفع المعاناة. الوكلاء والضامنون: يتحمل هؤلاء مسؤولية مباشرة، مسؤولية اخلاقية ومسؤولية قانونية. اما الاخلاقية فهم مطالبون بمعاملة العمال معاملة انسانية تليق بآدميتهم، سواء من حيث استخدام العبارات والالفاظ اللائقة، او من حيث ايفاء اجورهم بما يستحقون. اما المسؤولية القانونية فهي ان تطبق على العمال قوانين العمل والضمان الصحي والاجور المناسبة (الحد الادنى للاجور). صحيح انه ليس هناك عقد عمل يلزم الوكلاء والضامنون ذلك ولكن المسؤولية الاخلاقية تحتم معاملتهم معاملة انسانية. ان من الخطورة بمكان ان يخضع العامل لمبدأ العرض والطلب، او الاستغلال لظروفه الاقتصادية الصعبة