تقرير حول اللجان الشعبية في المخيمات
الفلسطينيون في مخيمات لبنان
يريدون إجراء انتخابات للجان الشعبية
كمدخل هام لتحسين وضعهم
أطلقت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) تقريرا خاصا بوضع اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية على اعتبار انها يمكن أن تمثل جهة اساسية في معالجة العديد من القضايا الانسانية. فهي يمكن ان تكون أكثر الجهات معرفة بحقيقة اوضاع الفلسطينيين في المخيمات. لكن الوضع الحالي للجان الشعبية في المخيمات ليس سليما. فالتداخلات السياسية والتراكامات العديدة جعلتها مثقلة عاجزة عن اداء دورها كما يجب.
والفلسطينيون يتوقون للتغيير الديمقراطي، وينتظرون يوما تتحسن فيه اوضاعهم المعيشية بانتظار عودة قريبة. وانطلاقا من عملها القائم اساسا على تحقيق العيش الانساني الافضل للفلسطينيين وعلى نشر ثقافة حقوق الانسان، اصدرت شاهد هذا التقرير. وهو محاولة متواضعة لجسر الهوة بين ما هو مطلوب وما هو قائم فعليا.
هدف الدراسة:
-
الإطلاع على واقع اللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية.
-
وضع تصورات ومقترحات مباشرة لتحسين وتطوير هذا الواقع.
-
إشراك الناس في رسم السياسة العامة عبر استطلاع آرائهم.
-
نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان من خلال إبراز حق المشاركة في الحياة العامة.
الواقع الحالي للجان الشعبية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية:
يرجع تشكيل اللجان الشعبية إلى اتفاق القاهرة الموقع بين م. ت. ف والدولة اللبنانية عام 1969. حيث نص هذا الإتفاق في بنده الثاني على "إنشاء لجان محلية من الفلسطينيين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية وضمن نطاق السيادة اللبنانية".
إذن هي لجان محلية، هدفها رعاية مصالح الفلسطينيين ضمن نطاق عملها الجغرافي.
ومع أنه تم إلغاء اتفاق القاهرة في جلسة مجلس النواب اللبناني بتاريخ 21/5/1987 مما يعني ضمناً وحكماً أن مشروعية اللجان الشعبية قد انتهت. إلا أن الدولة اللبنانية لا تزال تتعامل معها بصفتها "الإدارة الرسمية للمخيمات" لكن ضمن أطر ضيقة.
وهناك جدل واسع في الوسط الفلسطيني حول الدور الذي يجب أن تقوم به اللجان الشعبية في المخيمات.
ويمكن توصيف واقع اللجان الشعبية في المخيمات بما يلي:
-
لم يجرِ تشكيل اللجان الشعبية وفق عملية ديمقراطية.
-
لا تخضع اللجان الشعبية في المخيمات لأية مساءلة أو لنظام عمل يحدد صيغة العلاقة بينها والمجتمع المحلي المستهدف، أو مكوناته (الدولة، الأنروا، الجمعيات...).
-
التأثير السياسي على عمل اللجان الشعبية مرتفع جداً، وكثيراً ما يكون سلبياً.
-
لا يستند عمل اللجان الشعبية إلى لجان متخصصة (صحية، تربوية، إجتماعية، ثقافية...).
-
لا تتمثل كافة الأطراف السياسية في اللجان الشعبية.
-
ثقة الجمهور الفلسطيني باللجان الشعبية ضعيفة.
أبرز التحديات والمعوقات التي تواجهها اللجان الشعبية في المخيمات:
-
تفاقم المشاكل الإنسانية وتصاعدها في المخيمات.
-
عدم تفاعل الجمهور مع اللجان الشعبية.
-
العوامل السياسية وأثرها السلبي على اتخاد القرار.
-
تراجع خدمات الأنروا مما زاد التحديات أمام اللجان الشعبية.
-
أزمة مالية خانقة مردها عدم دفع الفصائل السياسية اشتراكاتها حتى الرمزية منها، وعدم وجود مدخول مالي آخر.
-
عدم تفاعل الدولة اللبنانية بشكل إيجابي مع المطالب التي ترفعها اللجان الشعبية، وبروز تحديات قانونية وأمنية قوية.
-
عدم وجود مرجعية سياسية عليا قوية على مستوى الساحة اللبنانية.
-
عدم وجود كل الأطراف الفلسطينية ضمن اللجان الشعبية.
اللجان الشعبية في المخيمات "إدارة رسمية" لا بدّ منها:
-
إن وجود اللجان الشعبية في المخيمات حاجة فلسطينية ملحة، تدعو إليها ظروف مختلفة. وهي بمثابة بلدية تقدم خدمات وتعالج مشاكل.
-
على الرغم أن عمل اللجان الشعبية ذو طابع اجتماعي خدماتي، إلا أن وجودها له طابع سياسي عام، فهو يرمز إلى شعب لاجئ يدير أمره بنفسه في أماكن اللجوء، وهو إطار جامع حول هم واحد هو البقاء بكرامة.
-
إن وجود اللجان الشعبية القوية والمنتخبة والمتفاعلة، لا بدّ وأن تحقق أهداف جمهورها وتحقيق مصالحه.
-
إن وجود لجان شعبية قوية ومتماسكة يسهّل تعامل الدولة اللبنانية والأنروا على حد سواء مما يحقق المزيد من المصالح.
-
إن وجود لجان شعبية قوية ينظم عمل الجمعيات والأندية والروابط بما يحقق المزيد من المصالح، ويعمل على رسم سياسات عامة لها تحقق الخير والرفاه لأبناء شعبنا في المخيمات.
-
حققت اللجان الشعبية إنجازات هامة منذ الإنطلاق بعملها. لكن الحاجات كثيرة، واللجان الشعبية بواقعها الحالي لا تستطيع تلبيتها. ما يمكن فعله في المرحلة القادمة هو البناء على ما أنجز والإستفادة من الخبرات المتراكمة.
كيف ينظر الفلسطينيون في المخيمات إلى اللجان الشعبية؟
في هذا الإطار أجرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" استطلاع رأي اللاجئين الفلسطينيين من خلال عينة عشوائية بلغت 379 شخصاً، شملت أحد عشر مخيماً وتجمعين، ضمن الفترة الزمنية الممتدة بين 18 – 23 شباط. راعت فيه التمثيل النسبي لعدد السكان في المخيمات والمستويات التعليمية. وعمل ضمن فريق استطلاع الرأي باحثون ميدانيون متخصصون في العلوم الإجتماعية، من عملية استطلاع الرأي إلى معالجة الإستمارات ضمن برنامج SPSS الخاص بالإحصاء. كما تمت زيارة العديدة من مسؤولين في اللجان الشعبية للاطلاع على عملهم مباشرة.
وقد أظهرت النتائج الحقائق التالية:
-
رغبة عالية في المشاركة في الحياة الديمقراطية من خلال إجراء انتخابات حيث أكد 93% من اللاجئين رغبتهم في المشاركة في الإنتخابات الديمقراطية لاختيار أعضاء اللجان الشعبية.
-
على الرغم من الأهمية النظرية للجان الشعبية في المخيمات إلا أن ضعف التفاعل مع الجمهور والعجز عن تحقيق مصالحه دفع 82% من اللاجئين ممن شملهم الإستطلاع إلى القول أن اللجنة الشعبية الحالية لا تمثّلهم.
-
وعن تقييم أداء اللجنة الشعبية في المخيمات قال 40% منهم أنه ضعيف، و26% منهم قال بأنه ضعيف جداً، أي أن 66% قالوا بأنه دون المستوى المطلوب.
-
وقد أبدى اللاجئون الفلسطينيون رغبتهم إذا أجريت انتخابات ديمقراطية لاختيار أعضاء اللجان الشعبية بأن يكونوا مستقلين من ذوي الإختصاص والنزاهة، حيث قال بذلك 68%. وهو مؤشر لتراجع مكانة القوى السياسية في الوسط الفلسطيني.
-
أما عن مشاركة المرأة في الترشح لانتخابات اللجنة الشعبية فقد أيّد ذلك 51% في حين رفض ترشح المرأة حوالي 48%.
-
ويبدي 81% من المستطلعين رغبة أن يكون لجمعيات المجتمع المدني أعضاء في اللجان الشعبية.
-
وفي حال أجريت الإنتخابات لاختيار أعضاء اللجان الشعبية فإن نسبة 36% تفضل أن يكون لجمعيات المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية والأنروا والدولة اللبنانية دور في الإشراف على الإنتخابات.
- أما باقي النسب فقد توزعت نسب الإشراف على الإنتخابات فيها كما يلي: 25% جمعيات المجتمع المدني، 14% الفصائل، 13% الأنروا، 7% الدولة اللبنانية، 5% لا يوجد معلومات.
- مكان إجراء الإنتخابات: يرى 79% من المستطلعين ضرورة إجراء الإنتخابات داخل المخيم، 19% خارج المخيم.
- مدّة ولاية عمل اللجنة الشعبية: يفضل 38% أن تكون مدة ولاية اللجنة الشعبية سنتان، و35% سنة أما ثلاث سنوات وما فوق فلم تزد نسبتها عن 26% بالمئة. وهو مؤشر إيجابي على ضرورة محاسبة المقصرين في أقرب وقت ممكن، بمعنى عدم اختبارهم عند أول عملية انتخابات.
- عدد الأعضاء المراد انتخابهم: ويرى 38% أن العدد المفضل لعدد أعضاء اللجنة هو 9 أعضاء وتتوزع النسب الباقية على: 27% سبع أعضاء، 20% 13 عضواً، 13% خمس أعضاء. بمعنى لو أجريت عملية الإنتخابات فإن العدد المفضل هو 9 أعضاء أصيلين، ويساعدهم خبراء ومتخصصون ضمن لجان.
- ويرى 52% أن جيل الشباب والكبار في السن يمكن أن يتقاسموا المسؤولية لإدارة عمل اللجنة الشعبية.
الأوليات المطلوبة من اللجان الشعبية:
تعتبر مسألة حفظ الأمن ومعالجة المشاكل داخل المخيمات ذات أهمية بالغة فقد أقر بذلك 29%، في حين ترى نسبة 24% أن على اللجان الشعبية العمل على رفع الحصار والتضيق عن المخيمات. وهناك أولويات أخرى مثل القيام بمشاريع تنموية، ومعالجة مشكلة الكهرباء...
ويلاحظ أن هاجس الفلسطينيين داخل المخيمات يرتبط بأشكال الحصار والتضيق وحفظ الأمن ومعالجة المشاكل الناتجة عن الظروف الإقتصادية والنفسية لمجتمع اللاجئين.
ويرى 67% أنه يفضل إجراء انتخابات لاختيار أعضاء اللجان الشعبية كحاجة ملحة وضرورية قبل انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في إطار إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية. فمعالجة القضايا الإنسانية اليومية والحياتية مسألة لا يمكن تأجيلها.
ملاحظات أثناء استطلاع الرأي:
-
رغبة جامعة لدى الناس بضرورة التغيير الديمقراطي.
-
رغبة الناس بنشر الدراسة بشكل واسع على الجهات المعنية.
-
تغيير في عمل اللجان الشعبية من وسيط بين مخافر المخيمات والمطلوبين بجنح أو جنايات، إلى معالجة أسباب ذلك.
توصيات:
ترى المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان ومن خلال اعدادها لهذا التقرير بأنه لا بد من اعتماد مبدأ المشاركة في الحياة العامة كحق من حقوق الانسان، حتى في اضيق اطره. وعليه فإنها تصدر التوصيات التالية لكل الجهات المعنية:
-
توصى الفصائل السياسية الفلسطينية بضرورة اعتماد مبدأ الديمقراطية في تشكيل اللجان الشعبية والانتخابات احدى اشكال الديمقراطية. وهو مقدمة لانتخابات تشمل اعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في اطار اصلاح م. ت. ف.
-
توصي الدولة اللبنانية بتشجيع اصلاح اللجان الشعبية في المخيمات، وذلك من خلال تسهيل عملية الانتخابات والتفاعل الايجابي مع المطالب العادلة المرفوعة من قبل اللجان الشعبية، وتغيير النظرة الى المخيمات باعتبارها جزر امنية.
-
كما توصي الانروا بضرورة التفاعل الايجابي مع مختلف المطالب المحقة والعادلة وضرورة التنسيق مع اللجان الشعبية في مختلف الامور.
-
كما توصي المجتمع المدني بضرورة تحمل مسؤوليته تجاه مجتمع اللاجئين الفلسطينين وان تكون السلطة الخامسة بما ينفع الشعب الفلسطيني.
بيروت في 12/3/2007
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد)