المحكمة الدستورية الفلسطينية العليا
تم تشكيلها بطريقة غير
قانونية ولا تملك صلاحية حل المجلس التشريعي ولا يصح استخدامها كأداة للمناكفة
السياسية
دراسة قانونية
تقديــــم
شكل إعلان
الرئيس الفلسطيني محمود عباس البدء بتنفيذ قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس
التشريعي جدلاً قانونياً وسياسياً فلسطينياً واسعاً[1].
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان تتابع بقلق شديد الوضع السياسي العام وترى في
الإقدام على هذه الخطوة تدهوراً خطيراً، في الوقت الذي يتنظر فيه الشعب الفلسطيني
التحرك نحو إنهاء الانقسام ورفع العقوبات عن قطاع غزة، وليس اتخاذ مزيد من
القرارات السياسية التي من ِشأنها تعزيز الانقسام.إن المجلس التشريعي يحتاج قرار سياسي لإعادة تفعيله وليس قرار قضائي لحله.
المحكمة
الدستورية التي شكلها الرئيس بقرار منه قد أظهرت عدم استقلاليتها في أكثر من قرار
سابق، حيث داومت على إطلاق يد الرئيس الفلسطيني واعطائه صلاحيات تشريعية مطلقة، بل
وأعطته صلاحية رفع الحصانة عن أعضاء المجلس التشريعي. واليوم نجد المحكمة تتجاهل انتهاء ولاية الرئيس
الفلسطيني، وتصدر قراراً استشارياً يطيح بالسلطة التشريعية، بالرغم من أن كليهما
قد انتهى ولايته التمثيلية منذ العام 2010. ويأتي هذا القرار الاستشاري في ظل
سياسة ممنهجة اتبعتها مؤسسة الرئاسة للسيطرة على القضاء الفلسطيني، كان أبرز
معالمها الإطاحة برئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، السيد سامي صرصور، والذي تبين
أنه موقع استقالته قبل تسلمه نصبه[2]،وكذلك قيام الرئيس الفلسطيني بتشكيل
المحكمة الدستورية وتعديل القانون الخاص بها ليضمن سيطرته التامة عليها[3]. وأمام تصدر تقرير مفصل حول المحكمة
الدستورية الفلسطينية العليا تحت عنوان (المحكمة الدستورية الفلسطينية العليا بين
قانونيتها وبناء الدكتاتورية السياسية والانفراد في الحكم).
أصدر رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود
عبّاس في 3 نيسان/أبريل 2016، قراراً رئاسيّاً بتشكيل المحكمة الدستوريّة العليا
الأولى في فلسطين، لمتابعة اللوائح والأنظمة ودستورية القوانين وتحديد صلاحيات السلطات
الثلاث، وقال المستشار القانونيّ للرئيس الفلسطيني محمود عباس، حسن العوري"كانت
هناك مشاورات لتشكيل المحكمة منذ عام 2006، إلّا أنّ الانقسام الفلسطينيّ عام 2007
بين الضفة الغربية وقطاع غزة ساهم في تأخير تشكيلها، واليوم وجد الرئيس نفسه أمام
هذا الاستحقاق لسببين هامّين، أوّلهما صعوبة النظر في الطعون والقضايا الدستورية
التي تحتاج الي قرارات وتشريعات والمقدّمة إلى المحكمة العليا التي كانت تحلّ محلّ
المحكمة الدستوريّة مؤقتا، وفق المادة 104 من القانون الفلسطيني والتي تنص علي
تولى المحكمة العليا مؤقتا النظر في كل القضايا المسندة للمحاكم الادارية والمحكمة
الدستورية العليا لحين تشكيلها والثاني تطبيق المادة 103 من القانون الفلسطينيّ
التي تعطي الرئيس حقّ إصدار مرسوم تشكيل المحكمة الدستوريّة، والتي مهّمتها
الرقابة على دستوريّة القوانين واللوائح والأنظمة وتفسيرها، والفصل في تنازع
الاختصاص بين السلطات الثلاث"، مشيراّ إلى أنّ "تشكيلها تمّ بناء على
مشاورات دقيقة". فما هي المحكمة الدستورية
الفلسطينية العلياوما هي الإجراءات القانونية لإنشاء هذه المحكمة؟ وماهيمواصفاتأعضائها؟
ومن هم الذين تم تعينهم وما هي صلاحيات هذه المحكمة؟ وما هو رأي المنظمات الغير
حكومية حول تشكيل هذه اللجنة؟ ستجيب المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان عن هذه
الأسلة ضمن البحث في هذا التقرير وتقدم خلاصاتها وتوصيتها حوله.
أولاً: ما هي المحكمة الدستورية الفلسطينية العليا؟
المحكمة الدستورية هي
السلطة الأرفع في مواجهة السلطات الثلاث التقليدية المعروفة: السلطة التشريعة،
والتنفيذية، والقضائية. حيث إن سلطة ونفوذ المحكمة الدستورية تطال ما تسنه السلطة
التشريعية من قوانين سواء بالالغاء مباشرة أو الطلب من السلطة التشريعية بتعديلها
عند الحكم بعدم دستوريتها، وقد يصل الأمر إلى أبعد من ذلك؛ كأن تقضي ببطلان
القانون الذي على أساسه انتخب البرلمان، وبالتبعية حل البرلمان... وقد تطال سلطتها
ما يصدر عن السلطة التنفيذية من قرارات بقانون ولوائح (انظمة) سواء بالالغاء او
بالطلب من السلطة التنفيذية بتعديلها عند الحكم بعدم دستوريتها، وقد يأخذ الأمر
منحى أكثر تطرفاً، عندما تقضي المحكمة بعدم أهلية رأس السلطة التنفيذية، كأن تقضي
بفقدان رئيس الدولة لأهليته. (المادة 37/1-ج من القانون الاساسي، والمادة24/5 من قانون المحكمة الدستورية العليا). وقد يمتد
نفوذها الى مؤسسة القضاء، حيث إن بعض الدساتير تسمح للأفراد برفع دعاوي ضد قرارات
المحاكم[4].
وأخد القانون الأساسي
للسلطة الوطنية الفلسطينية لعام 2003 بفكرة المحكمة الدستورية العليا في الباب
السادس منه الخاص بالسلطة القضائية في المواد 103 و 104، حيث تنص المادة 103 منه
على :
1-تشكل محكمة دستورية
عليا بقانون وتتولى النظر في :-
v دستورية القوانين واللوائح او النظم وغيرها.
v الفصل بين تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية وبين الجهات الادارية ذات
الاختصاص القضائي.
v تفسير نصوص القانون الاساسي والتشريعات.
2-يبين القانون طريقة
تشكيل المحكمة الدستورية العليا والاجراءات واجبة الاتباع والآثار المترتبة على أحكامها.
كما تنص المادة 104 من القانون الاساسي ذاته على أن تتولى المحكمة العليا
مؤقتاً كل المهام المسندة للمحاكم الادارية والمحكمة الدستورية العليا، ما لم تكن
داخله في اختصاص جهة قضائية أخرى وفقاً للقوانين النافذة.
وتناولت المادة 24 من قانون المحكمة
الدستورية الفلسطينية اختصاصات المحكمة الدستورية والتي تتمثل فيما يلي :-
1-الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح او النظم وغيرها.
2-تفسير نصوص القانون الاساسي والتشريعات.
3-الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية والجهات الادارية ذات
الاختصاص القضائي.
وتنص المادة 25 من القانون المذكور على انه يجوز للمحكمة في جميع
الحالات أن تقضي بعدم دستورية اي نص في قانون او لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة
اختصاصها ويتصل بالنزاع المطروح عليها. وكذلك تنص المادة 50 من على ان جميع الدعاوى والطلبات القائمة
امام المحكمة العليا تحال الى المحكمة الدستورية بحالتها فور تشكلها.
بتاريخ 17/2/2006 صدر قانون المحكمة الدستورية
العليا الفلسطيني رقم (3) لسنة 2006، والذي يعتبر قانون المحكمة الدستورية العليا
المصري رقم (48) لسنة 1979، المصدر التاريخي له.بتاريخ 30/10/2012، أصدر رئيس
السلطة الوطنية الفلسطينية قرارا بقانون عدّل بموجبه قانون المحكمة الدستورية
العليا لسنة 2006. طال هذا التعديل عدد اعضاء المحكمة، وآلية تعيين اعضائها، وشروط
العضوية فيها، وآلية ممارستها لاختصاصاتها.
ثانياً: تشكيل المحكمة الدستورية العليا وصفات أعضائها:
شروط العضوية في المحكمة
الدستورية العليا:
تنص المادة (3) من القرار
بقانون على أن: " تعدل المادة(4) من القانون الأصلي بالمحكمة أن لتصبح على
النحو الآتي: " يشترط فيمن يعين عضواًبالمحكمةأن تتوفر فيه الشروط العامة اللازمة لتولي القضاء
طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية.على أن لا يقل عمرهعن (40) سنة، ويكون من بين
الفئات الآتية:
1.أعضاء المحكمة العليا الحاليون
والسابقونممن امضوا في وظائفهم (5) سنوات متصلة على الأقل، أو أمضوا في الوظيفة
القضائية على الأقل (12) سنة متصلة أو متقطعة.
2.رؤساء محاكم الاساتئناف الحاليون أو
السابقون ممن أمضوا في وظائفهم (5) سنوات متصلة، أو أمضوا في الوضيفة القضائية على
الأقل (12) سنة متصلة او متقطعة.
3.أساتذة القانون الحاليون أو السابقون
بالجامعات الفلسطينية أو أو الجامعات المعترف بها في فلسطين، ممن مر على حصولهم
على درجة الدكتوراه مدة لا تقل عن (7) سنوات.
4.المحامون أو القضاة الذين مارسوا مهنة
المحاماة و/أو جلسوا للقضاة مدة لا تقل عن (15) سنة على الأقل"؟ علماً بأن
النص الأصلي قبل التعديل كان يشترط فيمن يعين عضواً بالمحكمة أن يكون من بين
الفئات الآتية: أعضاء المحكمة العليا الحاليون والسابقون ممن أمضوا في وظائفهم خمس
سنوات متصلة على الأقل، رؤساء محاكم الاستئناف الحاليون ممن أمضوا في وظائفهم سبع سنوات
متصلة، أساتذة القانون الحاليون أوالسابقون
بالجامعات الفلسطينية أوالجامعات المعترف بها في فلسطين ممن أمضوا في وضيفة أستاذ
خمس سنوات متصلة على الأقل، أو أستاذ مشارك أمضى عشر سنوات متصلة على الأقل،
المحامون الذين مارسوا مهنة المحاماة خمسة عشر سنة متصلة على الأقل.
والملاحظ أولاً أن
التعديل الذي جاء به القرار بقانون يتوسع إلى حد كبير في عضوية المحكمة الدستورية العليا،
وإن كان يعاني من خلل في الصياغة على هذا الصعيد، كما ويفتقر إلى حد كبير أيضاً
لأية ضوابط، ومعاير موضوعية ومهنية في مجال العضوية باستثناء الشرط المتعلق
بالأقدمية، وقد يظهر في هذا النص كما وأنه يفصّل سلفاً مقاعد للعضوية في المحكمة
الدستورية، وما أبلغ هذا الأثر على استقلالية المحكمة، وعلى دورها اساسياً، ومن
بين المؤشرات، مثلاً، أن النص الأصلي كان يتحدث عن أساتذة القانون الحاليين أو السابقين
ممن أمضوا - أي مارسوا العمل- في وظيفة أستاذ خمس سنوات متصلة على الأقل أو أستاذ مشارك
عشر سنوات متصلة على الأقل، بينما يتحدث النص الجديد عن أساتذة القانون الحاليين أوالسابقين
ممن مرَّ على حصولهم على درجة الدكتوراة سبع سنوات على الأقل، وهذا بالطبع دون إغفال
المادة (8) أيضاً من القرار بقانون والتي بمقتضاها يتم منحهم -وغيرهم- علاوات
دورية سنوية يتم احتسابها على أساس الفترة التي مضت على حصولهم على درجة
الدكتوراة، ونماذج تلك التعديلات بمضامينها ناطقة بمراميها!
أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً
رئاسياً بتشكيل أول محكمة دستورية عليا في الوطن، من قضاة محكمة عليا، وأكاديميين
وخبراء في القانون الدستوري ومحامين. وتتشكل المحكمة الدستورية العليا على النحو
الآتي:
السيد/
محمد عبد الغني أحمد الحاج قاسم |
رئيساً |
السيد/
أسعد بطرس سعيد مبارك. |
نائباً
للرئيس |
السيد/
عبد الرحمن عبد الحميد عبد المجيد أبو نصر |
عضواً |
السيد/
فتحي عبد النبي عبد الله الوحيدي |
عضواً |
السيد/
فتحي حمودة أبو سرور |
عضواً |
السيد/
حاتم عباس محمد صلاح الدين |
عضواً
|
السيد/
رفيق عيسى إبراهيم أبو عياش |
عضواً |
السيد/
عدنان مطلق محمود أبو ليلى |
عضواً
|
السيد/
فواز تيسير فؤاد صايمة |
عضواً |
ثالثاً: المحكمة الدستورية بين المشروعية القانونية وتعقيد المشهد
السياسي الفلسطيني
المحكمة الدستورية، والتي من المفترض أن تختص
بالرقابة القضائية على دستورية القوانين وتفسيرها والفصل في تنازع الاختصاص بين
الجهات القضائية والادارية ذات الإخصاص القضائي، ستعقد من المشهد السياسي في
فلسطين، حيث رأى محللون أنها لن تقوم بتعزيز الفصل بين السلطات الثلاثة، بل ستزيد
من قبضة السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، كما هو الحال اليوم بالشأن
التشريعي؛ لأن الدستورية ستكون أعلى محكمة قي البلاد، وبالتالي سيتم تسهيل دمج
السلطات في بعضها وخضوعها للسلطة التنفيذية، الأمر الذي دفع أحمد بحر، وهو النائب
الأول لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، لوصف القرار بأنه "كارثة
وطنية"، وأضاف أن "تشكيل محكمة دستورية دليل واضح على نوايا عباس
المرتبطة بتنفيذ برنامجه السياسي التنازلي الذي لا يخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي
على حساب الكل.. الفلسطيني ووحدته وثوابته ومؤسساته”.خطوة عباس قوبلت بانتقادات من
هيئات حقوق الإنسان الفلسطينية، التي ناشدته إعادة النظر في قرار تشكيل المحكمة،
في ظل استمرار حالة الانقسام الداخلية[5].
ووجّهت الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان
وعدد من المؤسّسات الحقوقيّة في 6 نيسان/أبريل 2016
مذكّرة إلى رئيس السلطة الفلسطينيّة عبّاس تعقيباً على المرسوم، بيّنت فيها أنّ
إصلاح الأوضاع السياسيّة والقانونيّة يجب أن يكون قبل تشكيل المحكمة، وعلى رأس ذلك
تفعيل المجلس التشريعيّ كمدخل رئيسيّ لإصلاح الحياة السياسيّة وإجراء انتخابات
تعيد الشرعيّة إلى المؤسّسات الفلسطينيّة كافّة. وأوضحت أنّ التعديلات التي أدخلها
الرئيس عبّاس على قانون هذه المحكمة يهدف من خلالها إلى توسيع هيمنته وصلاحيّاته
في التعيين والتدخّل والمرجعيّة في عمل المحكمة[6].
ووجهت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية[7] في رسالة إلى الرئيس محمود عباس فور الإعلان عن تشكيل المحكمة
الدستورية العليا، طالبته بـ"ضرورة أن يأتي تشكيل المحكمة الدستورية العليا
خطوة لاحقة تتوج إعادة الحياة الدستورية المتمثلة بإجراء الانتخابات العامة
(الرئاسية والتشريعية) وإعادة توحيد القضاء الفلسطيني". وأكت "أن لا
يأتي تشكيل المحكمة مبنياً على محاصصة سياسية يسعى من خلالها أي حزب أو جهة سياسية
للسيطرة على هذه المحكمة. فالمحكمة الدستورية العليا، هي حارسة القانون الأساسي،
وحامية الحقوق والحريات العامة، فحياديتها ونزاهتها واستقلاليتها شأن ينبغي عدم
المساس به".وتطلعت المؤسسات الحقوقية الموقعة على الرسالة الى شراكة حقيقية
وأداء تكاملي بين المجتمع المدني ومؤسسات دولة فلسطين، حيث عبرت عن تفاجُئها من
حالة التكتم والسرعة التي تمت فيها هذه التشكيلة، دون الأخذ بعين الاعتبار مطالب
المؤسسات التي سبق أن قدمتها في مذكرات رفعتها للرئيس محمود عباس في العام 2014.
دعا نائب مدير المركز الفلسطينيّ لحقوق
الانسان حمدي شقورة من غزّة إلى "إعادة الهيبة
والاعتبار إلى القضاء الفلسطينيّ من خلال توحيد الجسم القانونيّ، وإعادة الاعتبار
إلى السلطة التشريعيّة واستقلال القضاء وعدم إخضاعه إلى المناكفات السياسيّة
وإعادة تشكيل مجلس قضاء أعلى واحد في الضفّة الغربيّة وغزّة للإشراف على السلطة
القضائيّة، بما يكفل نزاهتها بدلاً من اصدار مراسيم وقرارات قد تزيد من تدهور
الوضع السياسيّ و السلطة القضائيّة".
واعتبر النائب في المجلس التشريعيّ عن كتلة
فتح البرلمانيّة ماجد أبو شمالة في بيان له في 4
نيسان/أبريل 2016 أنّ قرار إنشاء المحكمة الدستوريّة تشوبه الكثير من التجاوزات
القانونيّة لأنّه جاء في ظلّ تواصل الانقسام على الساحة الفلسطينيّة، ولم يتمّ
تعيين القضاة المعينين من خلال تنسيبهم من مجلس القضاء أو من قبل الجمعيّة
العموميّة أو استشارة رئيس مجلس القضاء وأهل الخبرة ومنظّمات حقوق الإنسان ونقابة
المحامين ووزير العدل[8].
واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي يشكل نوابها ثلثي أعضاء المجلس التشريعي أن قرار عباس "إجراء
غير قانوني، ومخالف لحالة الشراكة الوطنية”. وقال سامي أبو زهري، المتحدث
باسم "حماس”، إن "تشكيل المحكمة الدستورية بطريقة منفردة يفرّغ المصالحة
الفلسطينية من محتواها ويكرّس نهج التفرد”، وطالب أبو زهري أعضاء المحكمة
الدستورية بالاستقالة، مضيفًا: "إنهم يتحملون المسؤولية عن خلق مزيد من الانقسام
في الساحة الفلسطينية”.وترى حماس أن هناك شكوكًا بأن قرار تشكيل المحكمة
الدستورية جاء لقطع الطريق على المصالحة، واستخدامها لسد حالة غياب الرئيس،
واستدعائها لفض المجالس المنتخبة عند الضرورة، فالمحكمة الدستورية العليا
هي قمة السلم القضائي، والحاكمة عليه؛ ولذلك تأتي متوجة للحياة الدستورية، والتي
من المفترض أن تكون بدايتها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية أولًا.ولفتت
حماس إلى أن قرار تشكيل المحكمة الدستورية العليا يجب أن يكون بعيدًا عن السلطة
التنفيذية؛ لأنها حاكمة عليها، كما أن أعضاءها يجب أن يكونوا مستقلين بالضرورة،
وليسوا من لون سياسي واحد، بالإضافة إلى أن ظروف صدور القرار تأتي في وقت غير
مناسب على الإطلاق؛ لأن المصالحة لم تتم، والتوافق حولها لم ينعقد، والانقسام
قائم، وأوضاع السلك القضائي المنقسم غير مستقرة.
رابعاً: هل تشكيل المحكمة الدستوريةالعليا راعى النظام الأساسي واللوائح الناظمة؟[9].
أولاً:أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس
لم يراعِ عند اختياره أعضاء المحكمة شروط تعيين القضاء التي نص عليها القانون
الأساسي الفلسطيني، والذي يشترط ألا يتولى عضو المحكمة أي وظيفة أخرى، وألا يمارس
نشاطًا تجاريًّا أو سياسيًّا أو حزبيًّا، وإذا كان منتميًا إلى حزب، فعليه الاستقالة
قبل حلف اليمين القانونية، حيث اتهم رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي
الفلسطيني محمد فرج الغول، عباس بعدم الالتزام بهذا البند من القانون الأساسي،
وتعيينه شخصيات تتبع لحزب فلسطيني، وهو ما يبطل تلك المحكمة قانونيًّا، إضافة إلى
عدم التوافق والرجوع إلى أحد عند تشكيل تلك المحكمة.
ثانياً:ويرى خبراء في القانون أن
تعيين رئيس وقضاة المحكمة يأتي بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية، بناءً على تنسيب
من الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، ولكن هنا رئيس السلطة محمود
عباس منتهية ولايته منذ عام 2009، وتشكيله للمحكمة الدستورية يعتبر باطلًا
قانونيًّا، ولا يحق له القيام بذلك؛ لأن القانون واضح في هذه المسألة.
ثالثًاً: أكد الباحث في الشؤون
السياسية والقانونية عماد صلاح الدين، أن قرار تشكيل المحكمة الدستورية
العليا "غير دستوري"، وذلك يرجع إلى عدم توفر
قانون دستوري فلسطيني وقانون أساسي مؤقت، الأمر الذي يبطل تشكيل تلك المحكمة لعدم
توفر قانون تستند إليه. ويقول صلاح
الدين "إن قانون المحكمة الدستورية رقم (3) لسنة 2006 الموجود في القانون
الأساسي الفلسطيني ينص على أنه يتم التشكيل الأول للمحكمة بتعين رئيس المحكمة وقضاتها،
بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية، بالتشاور مع مجلس القضاء الأعلى ووزير
العدل".ويضيف "يعين رئيس وقضاة المحكمة بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية
بناء على تنسيب من الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، ولكن هنا رئيس
السلطة محمود عباس منتهية ولايته منذ عام 2009، وتشكيله للمحكمة الدستورية يعتبر
باطلاً قانونياً، ولا يحق له القيام بذلك لأن القانون واضح في هذه المسألة".
رابعاً:أن تشكيل محكمة دستورية يتطلب
استقراراً سياسياً وقانونياً، ولكن الحالة الفلسطينية تفتقد لتلك الشروط، كذلك يجب
الرجوع والتوافق مع مختلف الجهات السياسية الموجودة على الساحة الفلسطينية في ظل
نهاية ولاية الرئيس لكي تأخذ تلك المرحلة طابع القانون.
خامساً: التوصيات :
·ضرورة أن يأتي تشكيل المحكمة
الدستورية العليا خطوة لاحقة تتوج إعادة الحياة الدستورية المتمثلة بإجراء
الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) وإعادة توحيد القضاء الفلسطيني.
·أن لا يأتي تشكيل المحكمة مبنياً على
محاصصة سياسية يسعى من خلالها أي حزب أو جهة سياسية للسيطرة على هذه المحكمة.
·المحكمة الدستورية العليا، هي حارسة
القانون الأساسي، وحامية الحقوق والحريات العامة، فحياديتها ونزاهتها واستقلاليتها
شأن ينبغي عدم المساس به.
·التكامل والتعاون بين مؤسسات المجتمع
المدني ومؤسسات السلطة الفلسطينية.
·عدم التكتم والتسرع باتخاذ قرارات
كهذه، والتشاور مع كافة أطياف المجتمع وقواه السياسي.
بيروت، 24/12/2018
[2] المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، "شريعة القانون
أم شريعة الغاب. المركز يقرع ناقوس الخطر:استقلالية القضاء الفلسطيني في مهب الريح"، 8 نوفمبر 2016
[3] مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، وشبكة
المنظمات الأهلية الفلسطينية، "بيان صحفي صادر عن مجلس منظمات حقوق الإنسان
الفلسطينية وشبكة المنظمات الأهلية بعنوان: "المحكمة الدستورية العليا لم تستكمل
إجراءات تشكيلها وقراراتها منعدمة”، 8 نوفمبر 2016، <https://pchrgaza.org/ar/?p=14016>
[4]حنا عيسى،وطن للأنباء، المحكمة الدستورية
الفلسطينية العليا، 5/4/2016، أنظر، http://www.wattan.tv/news/168849.html
[7]المؤسسات الموقعة:الهيئة المستقلة لحقوق
الإنسان، مجلس منظمات حقوق الانسان، ويتألف من مؤسسة الحق "القانون من أجل
الإنسان"، ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، و مركز إنسان
للديمقراطية وحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان، ومؤسسة الضمير لحقوق
الإنسان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال –
فرع فلسطين، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ومؤسسة الضمير لرعاية
الأسير وحقوق الإنسان، ومركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، والمركز الفلسطيني
لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين – بديل، و مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية
"حريات"، والمركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء (مساواة)، وشبكة
المنظمات الاهلية، والمؤسسة الاهلية لاستقلال المحاماة وسيادة القانون (استقلال،
ومؤسسة مفتاح.