تقرير حقوقي حول
أسباب رفض اللاجئين الفلسطينيين لشرط الحصول على
إجازة عمل
والآثار المترتبة على مضي الوزير بقراره
ودور المنظمات الأممية والحقوقية حيال هذه
الأزمة
أثار قرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، بشأن تنظيم
العمالة، ردود فعلٍ غاضبة لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والذين بدأوا بتنفيذ
اعتصامات وتحركات احتجاجية ضد إغلاق مؤسسات ومتاجر يملكها أو يديرها فلسطينيون،
وذلك عقب انطلاق مفتشو وزارة العمل في الأراضي اللبنانية كافة يوم الخميس الموافق فيه
11/7/2019، في إطار فرض تطبيق هذا القرار.
فما الأسباب التي حملت اللاجئين الفلسطينيين على
الاحتجاج بهذا الشكل على هذا القرار؟ وما النتائج المتوقعة عقب تنفيذه؟ وهل قامت
المؤسسات الدولية بدورها تجاه حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟
لماذا يرفض اللاجئون الفلسطينيون
قرار وزير العمل اللبناني المتعلق بإجازة العمل[1]؟
1. تمنح إجازة العمل للأجنبي، والفلسطيني ليس
أجنبيا، إنما هو لاجئ ويتمتع بحقوق خاصة واستثنائية وفقا للقانون، كما أن وضعه
القانوني يختلف من حيث الشكل والمضمون عن الوضع القانوني للأجنبي.
2. تمنح إجازة العمل لمدة محددة، من سنة الى ثلاث
سنوات، وتجديدها وإصدارها متعلق باحتياجات السوق.
3. تمنح إجازة العمل وفق مهنة محددة، كما أن
إصدارها وتجديدها مرتبط بتوافق وزير العمل مع النقابات والاتحادات العمالية لاحتياجات
السوق اللبناني.
4. تبقى سلطة وزارة العمل مسلطة على رقاب أصحاب
العمل والعمال الفلسطينيين في المدة والمهنة.
5. يحظر على من يحمل إجازة عمل أن ينتقل الى مؤسسة
اخرى، أو يزاول مهنة أخرى، دون أن يحصل على موافقة مسبقة من وزارة العمل.
6. يجب على المؤسسات تدريب عمال لبنانيين ليحلوا
محل العمال الأجانب، فإذا تم تصنيف اللاجئين الفلسطينيين كأجانب فإنهم سوف يكونون على
قائمة الانتظار حتى يأتي من يأخذ مكانهم.
7. محدودية إجازة العمل (من حيث المدة الزمنية
والمهنة) مقدمة لمحدودية إقامة الفلسطيني في لبنان.
8. عدم قدرة رب العمل الفلسطيني على التقدم بطلب
قرض بنكي مدة تسديده أطول من مدة إجازة عمله.
9. إجازة رب العمل قد تكون لأشهر أو سنة، بينما استثماره
يحتاج لسنوات لكي يؤتي ثماره.
10.يدفع العامل الفلسطيني لصندوق الضمان الاجتماعي 25.5% من راتبه، ويحصل فقط
على 8.5%، أي أنه يخسر 17% من قيمة الراتب.
الآثار المترتبة على قرار وزير العمل اللبناني بخصوص
إجازة العمل
1.تغيير المركز القانوني للفلسطينيين في لبنان من لاجئين لهم وضع خاص إلى فئة
العمالة الأجنبية. الأمر الذي يشكل خطورة بالغة على مستقبلهم السياسي ويهدد حق
العودة الذي يستند على قرارات دولية راسخة وأحكام قانونية آمرة.
2.سوف يساهم قرار الوزير بتفريغ المنظمة الدولية الموكلة بتقديم الحماية
القانونية والخدمات للاجئين من مضمونها القانوني، فما هو دور الوكالة أمام لاجئين
سحب منهم مركزهم القانوني وأصبحوا بنظر الدولة اللبنانية عمال أجانب تنطبق عليهم
أحكام خاصة. الأمر الذي يهدد أهم وأقدم
منظمة إنسانية قامت لهدف رئيس يستند على القرار 194.
3. ان هذا القرار سوف يصيب الوضع الاقتصادي
للفلسطينيين بمقتل لإن الوضع أساسا يعاني من هشاشة وضعف كبير. وسوف يرفع معدلات
البطالة والفقر إلى مستويات مخيفة. وبحسب إحصاءات حديثة لوكالة الأونروا فقد وصلت
معدلات البطالة إلى 56%[2]ومعدلات الفقر إلى 73%[3].
4.سوف يترتب على قرار الوزير بفرض إجازة عمل على اللاجئين أعباء مالية لا
يتحملها. وعلى الرغم من إعفاء الفلسطيني من دفع رسوم إجازة العمل سوف يترتب عليه
دفع رسوماً أخرى من بينها، كما هو موضح لدى المديرية العامة للأمن العام اللبناني:
رسوم وزارة العمل 36000 ليرة لبنانية (يقترح الوزير أن تصبح 100 ألف ليرة في الموازنة
الجديدة) + رسوم تسجيل لدى كاتب العدل (30 ألف ليرة لبنانية بدل تعهد + 100 ألف ليرة
لبنانية كحد أدنى بدل عقد عمل)، فيصبح المجموع: 166 ألف ليرة لبنانية (قد تصل إلى
230 ألفاً)، هذا إن افترضنا أن الفلسطيني سيتم استثناؤه من شروط أخرى مثل: شهادة إيداع
لصالح مصرف الإسكان، والتي تصل قيمتها إلى مليون وخمسماية ألف ليرة لبنانية.[4]
5.سوف يؤدي هذا القرار إلى مزيد من البطالة والفقر والتهميش الأمر الذي سوف
يؤدي حتما إلى ارتفاع وتيرة الهجرة غير الشرعية، اذ بعد مرور أقل من شهر على قرار
وزير العمل شهدت مدينة بيروت تظاهر أكثر من 700 فلسطيني أمام السفارة الكندية يوم
الثلاثاء في 6 آب 2019، للمطالبة بالهجرة الجماعية الى كندا، رفضاً للعيش في لبنان
في ظل الحرمان من الحقوق المدنية والاقتصادية وآخرها قرار وزير العمل.[5]
6.سوف يخضع العمال الفلسطينيين الى "استنسابية" و
"بيروقراطية" معقدة، لأن نموذج طلب إجازة العمل (لأول مرة أو التجديد) يتم
التوقيع عليه من قبل أربعة مسؤولين هم: رئيس الدائرة، ورئيس المصلحة، والمدير العام،
والوزير. وهذا يعني أن المعاملات يمكن أن تقف عند أي منهم، وفقاً لصلاحيتهم الإستنسابية.[6]
دور المؤسسات الدولية
الأونروا
·مسؤولية وكالة الاونروا واضحة لجهة توفير الحماية القانونية والخدمات الأساسية
للاجئين الفلسطينيين[7].
·إن دور الأونروا في تقديم هذه الحماية لم تكن بالمستوى المطلوب في أوساط
اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
·أيدت وكالة الأونروا ضمنيا قرار وزير العمل، الأمر الذي شكل صدمة لدى
اللاجئين الفلسطينيين. إذن أن دورها هو توفير الحماية القانونية بمعناها الشامل.
·إن موقف الأونروا المؤيد لقرار الوزير لم يأخذ بعين الاعتبار البعد
القانوني للأمر كما لم يأخذ حالة الغضب الشديد الذي يبديه مجتمع اللاجئين. وربما
أعطى ذلك إشارة واضحة للوزير بالاستمرار بقراره هذا.
·المطلوب طرح الأمر بشكل شمولي انطلاقا من الولاية القانونية للأونروا على
مفوضية الوكالة وليس على إدارة الأونروا في لبنان، أو طرحه مع الأمين العام للأمم
المتحدة. \
·يمكن للرئيس محمود عباس أن يحمل هذا الملف ويطرحه في الأروقة الدبلوماسية
الأممية أو الدولية.
الأمم المتحدة
·نظرا للصلاحيات المخولة في ميثاق المنظمة وما تتمتع به من طابع دولي فريد،
تعمل الأمم المتحدة على الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان،[8]
·لم يسجل موقف واضح من الأمم المتحدة أو أحد وكالاتها أو منظماتها المتخصصة
بخصوص الأزمة الراهنة التي أشعلها وزير العمل اللبناني.
·لم يسجل موقف علني وواضح من الأمم المتحدة حيال الوضع الإنساني الصعب الذي
يعيشه اللاجئون الفلسطينيون في لبنان نتيجة اللجوء من جهة ونتيجة للسياسات العامة
التي تنتهجها الدولة اللبنانية بحق اللاجئين الفلسطينيين.
·كما أن الأمم المتحدة لم توعز لوكالة الأونروا (على الأقل من خلال ما
اطلعنا عليه) ان تقوم بما يتوجب عليها من التزام قانوني وإنساني تجاه اللاجئين
خصوصا في المواقف الصعبة التي يمر بها اللاجئون.
المنظمات الحقوقية
المحلية والدولية:
·تلعب المنظمات الحقوقية دورا رائدا وبارزا في الدفاع عن حقوق الإنسان. وهي
تشكل السلطة الخامسة.
·وتقوم المنظمات الحقوقية بأدوار متعددة من الضغط والمناصرة والتثقيف، الأمر
الذي يمكن أن يشكل حالة وعي جماعي ويجعل المجتمع شريك في عملية الدفاع عن حقوق
الإنسان.
·لم يسجل أن قامت المنظمات الحقوقية المحلية بإصدار مواقف حيال الأزمة
الراهنة (بيانات، لقاءات، مذكرات.).
·كما أن المنظمات الدولية البارزة مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان
رايتس ووش ورغم أنها أصدرت مواقف متعددة حيال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وحثت
فيها السلطات المحلية على احترام حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان في وقت سابق،
إلا أنها لم تصدر موقف حيال الأزمة الراهنة حتى الآن.
·يمكن تشكيل لوبي ضاغط من المنظمات الحقوقية سواء المحلية أم الدولية
والتواصل مع الحكومة اللبنانية لمعالجة هذه الأزمة بما يحفظ حقوق اللاجئين.
توصيات
·نطالب المؤسسات الدولية الأممية للقيام بدورها في الدفاع عن حقوق اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان وضمان عيشهم بكرامة انطلاقا من الشرعة الدولية لحقوق
الإنسان.
·ندعو وزير العمل اللبناني بالتراجع عن قراره بفرض إجازة عمل على اللاجئين
الفلسطينيين بسبب الوضع الخاص الذي يتمتعون به.
·ندعو الحكومة اللبنانية الى إصدار مرسوم تطبيقي لتفعيل تعديل القانونين 128
و129، الذي بات بموجبه يعامل اللاجئ الفلسطيني كفئة خاصة من العمال الأجانب، وله
وضعية قانونية تختلف عن باقي الجنسيات.
·ضرورة احترام الحكومة اللبنانية ووزير العمل الالتزامات الدولية الخاصة بحقوق
الإنسان وعلى رأسها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، والالتزام ببروتوكول الدار البيضاء
لعام 1965.
[1] خلاصة ورقة عمل قدمها
الأستاذ طارق عكاوي في ندوة نظمها منتدى الأعمال اللبناني الفلسطيني في بلدية صيدا
2/8/2019 تحت عنوان: "حول إجراءات وزارة العمل"