تشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية —المسجلين منهم لدى وكالة الأونروا وغير المسجلين— يدنو من 600000 لاجئ، ويبلغ عدد المسجلين لدى الأونروا في سورية نحو 560,000 لاجئ 1، أي أنهم يمثلون ما نسبته 2.8% من مجموع سكان سورية تقريباً. ويتوزع اللاجئون الفلسطينيون على عدة بقاع جغرافية في مناطق مختلفة من سورية، ما يجعلهم حكماً يتأثرون بالظروف الأمنية في أي منطقة من مناطق سورية، ويقع المخيم تحت ولاية الهيئة العامة للاجئين الفسطينيين.
وقد كان الوضع الذي تمّ منحه في سورية للاجئين عام 1948 ثم عام 1956 هو أفضل وضع، مع شيء من الاختلاف بينهما، حيث أنه في هذه السنوات تحديداً كان عدد اللاجئين يمثل أكثر من %85 من مجموع اللاجئين، وهو الوضع الأقرب إلى القواعد التي يقرها القانون الدولي وبروتوكول كازبلانكا.
حتى في ظل هذا الوضع الذي كان مريحاً نسبياً للاجئين الفلسطينيين في سورية، مع شيء من التباين بينهم، إلا أن %27 منهم كانوا يعيشون تحت خط الفقر المحدد بدولارين في اليوم2 ، وكانوا يعانون أيضاً من تفشي البطالة بينهم 3، وارتفاع معدلات الوفاة المبكرة، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الالتحاق المدرسي بالنسبة لباقي السكان.
أ)الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في سورية 4:
تُعدّ الجمهورية العربية السورية من الدول العربية التي وافقت على تنفيذ بروتوكول الدار البيضاء دون تحفظات، وقد قامت سورية، ومنذ بداية اللجوء الفلسطيني، باتخاذ عدد من الخطوات القانونية بما يضمن معاملة الفلسطينيين على قدم المساواة مع المواطنين السوريين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
صدر العديد من القوانين والقرارات لتوفير الحماية القانونية للاجئين الفلسطينيين في سورية، وكانت البداية في سنة 1947، حيث صدّقت سورية في 28/8/1947 على الاتفاقية المعقودة بين الحكومة السورية ووسيط الأمم المتحدة الكونت برنادوت بشأن تسهيل كافة الأمور والمساعدة المقدمة للاجئين الفلسطينيين. وفي 25/1/1949 أصدرت القانون رقم (450) القاضي بإحداث المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب بهدف تنظيم شؤون الفلسطينيين وتوفير مختلف حاجاتهم وإيجاد الأعمال المناسبة لهم واقتراح التدابير اللازمة لتسهيل حياتهم. ثم تتابع بعد ذلك صدور العديد من القوانين والتشريعات والقرارات الإدارية التي تستهدف استثناء الفلسطينيين من شرط الجنسية بالنسبة إلى ممارسة بعض المهن في سورية، كمهنة ممارسة الصيد في المياه الإقليمية السورية (القرار 769 عن مجلس الوزراء في 22/11/1948)، والتوظيف في إدارات الدولة ومؤسساتها (المرسوم التشريعي رقم 33 في 17/9/1949)، وممارسة مهنة المحاماة في سورية (المرسوم رقم 51 في 13/8/1952)، إضافة إلى العديد من المهن الأخرى.
كذلك صدر القانون رقم (260) في 10/7/1956 ليزيد من فرص اندماج الفلسطينيين في سورية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لهذا البلد، فقد تضمن القانون نصاً واضحاً يُعامَل من خلاله الفلسطينيون المقيمون في أراضي الجمهورية العربية السورية كالسوريين أصلاً في جميع ما نصت عليه القوانين والأنظمة المتعلقة بحقوق التوظيف والعمل والتجارة وخدمة التعليم، وذلك مع احتفاظهم بجنسيتهم الأصلية. وقد عامل هذا القانون الفلسطينيين كالسوريين تماماً من جهة، ومن جهة أخرى فقد أكد الموقف السوري الرافض للتوطين بكافة أشكاله وصوره، وهو ما تجلى من خلال تأكيد احتفاظ الفلسطينيين بجنسيتهم الأصلية.
وصدر في 2/10/1963 القرار رقم (1311) لتنظيم وثائق سفر اللاجئين الفلسطينيين العرب في سورية، فقد قرر وزير الداخلية آنذاك، بعد الاطلاع على المادة (23) من القانون رقم (89) لسنة 1960 إعطاء اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الجمهورية العربية السورية، أو المشمولين برعايتها، وثائق سفر بناءً على طلبهم، ويشترط على المقيمين منهم في الجمهورية العربية السورية أن يكونوا مسجلين لدى مديرية مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب، وحائزين تذكرة إقامة من المديرية العامة للأمن العام. وتتولى وزارة الداخلية السورية (إدارة الهجرة والجوازات والجنسية وفروعها في المحافظات) إصدار وثيقة السفر للاجئين الفلسطينيين وتمديدها وتجديدها وإضافة واقعات الأحوال المدنية إليها، وتتولى البعثات القنصلية أو أي جهة تُعهَد إليها رعاية المصالح السورية في الخارج إصدار الوثيقة المذكورة وتمديدها وتجديدها وإضافة الوقوعات المدنية إليها، وذلك بالنسبة إلى الفلسطينيين المشمولين برعاية الجمهورية العربية السورية والموجودين بالخارج، على أن تُشعَر إدارة الهجرة والجوازات والجنسية بذلك.
ومن أهم المواد الأخرى التي يتضمنها القرار رقم (1311)، المادة رقم (10) التي تخول صاحب وثيقة السفر الممنوحة للاجئين الفلسطينيين خلال مدة صلاحيتها حق العودة إلى الجمهورية السورية من دون تأشيرة عودة.
وكذلك يحق للفلسطينيين الانتساب إلى النقابات السورية (مثل نقابة الأطباء، المحامين، والمقاولين إلخ)، ويكون للفلسطيني الواجبات والحقوق ذاتها التي تكون للمواطن السوري في النقابات السورية.
ب)حق التملك 5:
يرى البعض أن هناك فجوة في قوانين تملّك الشقق السكنية بين الفلسطيني والمواطن السوري، إذ يحق للفلسطيني تملك شقة سكنية واحدة للعائلة (كل شخص متزوج وأسرته) بصيغة (طابو) السجل العقاري، فيما يحق للمواطن السوري تملك العديد من الشقق بصيغة (الطابو)، وهو ما يمكن تفسيره بأن الغرض من هذه التشريعات هو تيسير إقامة الفلسطينيين المؤقتة في سورية، لا الاستقرار النهائي الذي لا يمكن أن يكون إلا في وطنهم، وهو حق مكفول بموجب قواعد القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المختلفة.
في مقابل ذلك، يحق للفلسطيني أن يتملك عدة شقق وأراضٍ زراعية، لكن بعقود غير مسجلة في السجل العقاري، أي من طريق (الكاتب بالعدل). وفي المنازعات حيال هذه الملكية يكون المالك الطرف الأضعف على عكس المالك بصيغة (الطابو) والسجل العقاري.
وللفلسطيني في سورية حق التقاضي وحق توكيل المحامين، شأنه في ذلك شأن المواطن السوري، وله مطلق الحرية في الحرية والسفر داخل الأراضي السورية، والسكن في أية قرية أو مدينة سورية. إضافة إلى ذلك، تسمح القوانين في سورية بأن يمتلك اللاجئ الفلسطيني فيها المنقول (سيارات، جرارات، وسائط نقل... إلخ) بكافة عناصره ومشتملاته، شأنه في ذلك شأن المواطن السوري.
لذلك، تبدو الحقوق المدنية للاجئ الفلسطيني كاملة في سورية، ما عدا حق الترشّح لعضوية مجلس الشعب والانتخابات، فيما يترشح الفلسطيني لرئاسة وعضوية كافة النقابات السورية.
ويؤدي اللاجئون الذين وفدوا إلى سورية في عام 1948 خدمة إلزامية عسكرية في جيش التحرير الفلسطيني 6.
ت)حق التنقل والسفر 7:
إن الحماية القانونية التي توفرها بطاقة هوية ووثيقة السفر للاجئين الفلسطينيين الصادرة عن السلطات السورية المختصة، هي أول الشروط لتأمين انتقال قانوني عبر الحدود السورية مع الدول الأخرى لا سيما مع لبنان، فاتفاق البلدين يسمح لمن يحمل وثيقة بالعبور، ضمن شروط دفع الرسوم والالتزام بالمدة المحددة، ولكن أكثر اللاجئين لم يكونوا قد طلبوا إصدار وثائق سفر لهم، وهذا ما أعاق حركة عدد كبير منهم، خصوصاً عبور الحدود والتفكير بالهجرة إلى لبنان، إذ لا يتمتع الفلسطينيون بالحماية ذاتها كما السوري الذي ينتقل عبر حدود البلدين بناء لحيازته بطاقة الهوية السورية.
إن الجزء الأكبر، أي نحو 85%، من مجموع اللاجئين مسجل لدى الهيئة العامة، ولدى الأونروا منذ 1948، يحق له الحصول على وثيقة السفر للخروج من سورية والعودة إليها، وأضيف لهم في 1956 أكراد البقارة والغنامة. وهناك مجموعة قليلة من الفلسطينيين الذين كانوا أصلاً مسجلين في الأردن (من أبناء الضفة الغربية) وفي قطاع غزة، يحملون وثائق قديمة من الأردن ومصر، لم تجدد منذ 1970عندما انسحبت الثورة الفلسطينية من الأردن بعد مجازر أيلول، ورفضت الدولتان اعتماد أوراقهم القديمة، تسمح لهم السلطات السورية بالإقامة فقط، ولكن لا يحصلون على خدمات الأونروا وليس لهم حق العمل والرعاية الصحية إلا بموافقة خاصة، وهؤلاء لا يستطيعون اجتياز الحدود قانونياً باعتبارهم لا يحوزون أوراقاً ثبوتية، بالرغم من أن غالبيتهم يقطن في مناطق مشتعلة عسكرياً في الحجر الأسود وجوار اليرموك.
المصادر :
في سنة2010 قارب معدل البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا % 17. انظر:
{4}ضياء أيوب، اللاجئون الفلسطينيون في سورية، جريدة حق العودة. العدد 47. متوفر على الرابط:
سمير الزبن، الفلسطينيون في سوريا:
حقوق مدنية لا سياسية، صحيفة السفير، ملحق فلسطين، تموز/ يوليو 2011؛ وابراهيم
العلي، الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين في سورية، مجلة العودة - العدد 51 - كانون
أول/ ديسمبر 2011.