العدوان الإسرائيلي يدفع عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين إلى النزوح ودعوة لتدخل إنساني عاجل

شهدت الأسابيع الأخيرة الماضية أي منذ تفجير قوات الاحتلال أجهزة اتصال على الأراضي اللبنانية في 17/09/2024 ثم بدء عدوان واسع فجر الــ 21/9/2024 تصعيداً إسرائيلياً خطيراً غير مسبوق منذ عدوان تموز 2006، ما أدى إلى موجات نزوح كبيرة خاصة في الجنوب اللبناني والبقاع والضاحية الجنوبية. ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فهناك 785 مركز إيواء جماعي مفتوح حتى 28 أيلول 2024، منها 551 وصلت إلى كامل طاقتها الاستيعابية[1]. ويُعدّ اللاجئون الفلسطينيون النازحون من أكثر الفئات تأثراً، إذ اضطر الكثيرون منهم إلى مغادرة منازلهم في ظل غارات جوية مستمرة استهدفت بعض مخيمات مدينة صور (مخيم البص).

ووفقا لإحصاءات وكالة الأونروا يعيش في منطقة صور حوالي 75 ألف لاجئ فلسطيني موزعين على مخيمات وتجمعات (مخيم الرشيدية، مخيم البص، ومخيم البرج الشمالي). ويقع مخيم الرشيدية جنوب مدينة صور، ويضم أكثر من 27 ألف لاجئ، بينما يقع مخيم برج الشمالي شرق صور ويؤوي أكثر من 26 ألف لاجئ. إلى جانبه، يتواجد مخيم البص في الجهة الشرقية من صور أيضًا، ويأوي أكثر من 9500 لاجئ. أما تجمع القاسمية، فيبلغ عدد سكانه حوالي 4500 نسمة وفقًا لتعداد اللجنة الشعبية، وتجمع المعشوق، الذي يقع على بعد 3 كلم شرق صور بين مخيمي البص وبرج الشمالي، يضم حوالي 3000 لاجئ فلسطينيين إضافة إلى تجمعات أخرى تقع في المنطقة الساحلية الممتدة بين صيدا وصور.

وبعد عمليات القصف المتواصلة على منطقة صور وتهديدات جيش الاحتلال بضرورة الإخلاء إلى شمال نهر الليطاني، فقط اضطر عشرات الآلاف من اللاجئين إلى النزوح من منازلهم إلى مناطق يعتقدون أنها أكثر أماناً خصوصاً في منطقة صيدا. أدت عمليات النزوح الواسعة النطاق إلى اكتظاظ مراكز إيواء النازحين وتجاوز قدرتها الاستيعابية، مما فرض تحديات إضافية تتعلق بتوفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة. وفي جولات ميدانية لفريق (شاهد) على مراكز النزوح المتنوعة تبين أن عدد النازحين في منطقة صيدا وحدها يفوق عدد النازحين الى مراكز الأونروا كاملةً. وهؤلاء النازحون توزعوا على مراكز إيواء مختلفة منها ما هو تابع للدولة اللبنانية تحت إشراف بلدية صيدا (كالمدارس والمعاهد الرسمية) ومراكز بعض الجمعيات الأهلية، والبعض الآخر من النازحين لجأ الى منازل أقاربهم في منطقة صيدا كما عمد البعض الآخر الى استئجار منازل مما أدى الى حصول أزمة في توفُّر الشقق السكنية وارتفاع باهظ في القيمة التأجيرية (عدّة حالات تمّ رصدها حيث تعيش 5 عائلات تحوي قرابة الـ 25 فرد منزل واحد).

وبدورها، قامت الأونروا بتفعيل استجابتها للطوارئ في لبنان بتاريخ 24 أيلول 2024، حيث افتتحت بشكل عاجل مركزين للإيواء في البداية، ومن ثم توسعت بفتح ثمانية مراكز إضافية ليصل إجمالي الملاجئ التي تديرها إلى عشرة مراكز موزعة على مناطق بيروت، صيدا، الشمال، والبقاع. وتستوعب هذه المراكز آلاف النازحين الفلسطينيين، مما يساهم في التخفيف عنهم جزئياً ويوفر مأوى آمن ومؤقت. ومن الواضح أن تقدير الأونروا لحجم الأزمة الإنسانية نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية خصوصاً تقدير احتياجات اللاجئين الفلسطينيين النازحين لم يكن دقيقاً، فضلاً عن أزمة الأونروا المالية المتفاقمة منذ عدة سنوات، علما أن الأونروا تمتلك خبرة جيدة في التعامل مع النازحين في غزة وكان من الأفضل أن تستثمرها بشكل أفضل للتعامل مع هذه التحديات الخطيرة.

إن الظروف التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون النازحون في لبنان نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية تضعهم في مواجهة تحديات إنسانية خطيرة. وبينما تقدم الأونروا مساهمة متواضعة لإيواء النازحين، وبينما لا توجد هناك إحصاءات دقيقة لأعدادهم وتوزعهم بشكل دقيق، فإن الوضع يتطلب جهداً أكبر من المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية لضمان حماية حقوق هؤلاء النازحين وتوفير الدعم اللازم لهم.

إن المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) إذ ترصد الوضع الإنساني الصعب للاجئين الفلسطينيين النازحين وإذ تدق ناقوس الخطر تجاه أزمة إنسانية خطيرة ومتفاقمة يعيشونها، فإنها تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته من خلال تكثيف الجهود لتوفير الحماية وتوفير الاحتياجات الإنسانية.

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)

بيروت في 03/10/2024



[1] الأونروا، لقراءة المزيد: https://2u.pw/pgguNSYr