الحرب على غزة: ملخص للواقع

حتى 19 يناير 2025

رتبت الحرب على قطاع غزة كارثة إنسانية وقانونية غير مسبوقة، اتسمت بانتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. فعلى مدى 470 يومًا، أدى الاستهداف المنهجي للمدنيين، والاستخدام العشوائي للأسلحة المتفجرة والمحظورة دوليًا، والتدمير المتعمد للبنية الأساسية الأساسية إلى معاناة إنسانية غير مسبوقة ودمار واسع النطاق لم يعهد في التاريخ الحديث.

يوثق هذا التقرير الانتهاكات الجسيمة للمعايير القانونية الدولية، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والضرورة، كما هو منصوص عليه في اتفاقيات جنيف والقانون الدولي العرفي. وتعمل الأرقام وتحليل الوقائع المقدمة هنا كدليل قاطع على الهجمات المستمرة على السكان المدنيين والبنية الأساسية، والتي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتؤكد هذه النتائج على الضرورة الملحة للمساءلة والعدالة وحماية حقوق الإنسان الأساسية في غزة.

الخسائر البشرية

أدى القصف المستمر لغزة على مدى الأيام الـ 470 الماضية إلى خسائر فادحة في الأرواح ما يمثل حجم المعاناة الإنسانية التي لا تزال تتكشف بعد توقف جرائم الإبادة الجماعية:

· قُتِل ما لا يقل عن 46913 شخصًا، بما في ذلك 17492 طفلاً، وكثير منهم استُهدِفوا عمدًا أو قُتلوا بلا تمييز عبر استخدام المتفجرات والأسلحة المحظورة دوليًا في المناطق المدنية.[1]

· أصيب أكثر من 110750 شخصًا، وكثير منهم أصيبوا بإصابات بليغة وعاهات مستديمة تتطلب رعاية طبية وإعادة تأهيل طويلة الأمد.[2]

· ما زال أكثر من 11160 شخصًا في عداد المفقودين، ويُفترض أن العديد منهم لقوا حتفهم أو دُفِنوا تحت الأنقاض أو نزحوا دون أي وسيلة للاتصال بأفراد أسرهم.[3]

· قُتِل ما لا يقل عن 217 صحفيًا أثناء تغطيتهم للحرب في غزة، مما يؤكد الاستهداف المنهجي للعاملين في وسائل الإعلام.[4]

· بتر الأطراف:

-أدى استخدام الأسلحة المتفجرة إلى حوالي 4500 حالة بتر، 18٪ من هذه الحالات كانت لأطفال، و12٪ لنساء.[5] ما يعكس الطبيعة العشوائية للهجمات والصدمة الجسدية والنفسية طويلة الأمد التي لحقت بسكان قطاع غزة والتي ستستمر لأجيال متعددة.

·الأطفال مبتورو الأطراف:

-في المتوسط، فقد أكثر من 10 أطفال يوميًا إحدى ساقيهم أو كلتيهما منذ اندلاع الحرب.[6]

-منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، عانى أكثر من 1000 طفل من البتر.[7]

-وفقًا لتحليل منظمة إنقاذ الطفولة، في عام 2024 وحده، أصيب ما معدله 15 طفلًا يوميًا بإعاقات مستديمة بسبب استخدام الأسلحة المتفجرة، مما يرتب ضرراً لا رجعة فيه على مستقبلهم وحياتهم اليومية.[8]

·الأيتام غير المحميين:

بات ما بين 17000 و18000 طفلاً أيتاماً نتيجة الحرب، والعديد منهم غير مصحوبين بأي من ذويهم، وتركوا ليتنقلوا وينزحوا وحدهم في ساحة حرب وحشية دون حماية أسرية أو مرافقة أي مقدم للرعاية.[9]وهذا يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوقهم الأساسية ويعرضهم لمخاطر الإساءة والاستغلال والإهمال.

·النزوح:

لقد أدى الصراع إلى نزوح ما لا يقل عن 1.9 مليون شخص، وهو ما يمثل 90% من سكان غزة.[10] وقد نزحت العديد من الأسر عدة مرات، وفي بعض الأحيان إلى ما يصل إلى 10 مرات.[11] وقد تعرضت منازلهم للتدمير كذلك سبل عيشهم ومجتمعاتهم، ولا تزال آفاق إعادة الإعمار غير مؤكدة.

الأضرار والدمار

لقد ألحقت العمليات العسكرية أضراراً واسعة النطاق بالبنية التحتية المدنية في غزة، عبر سياسة ممنهجة لتدمير النسيج الاجتماعي و انتهاك صارخ لحقوق الإنسان الأساسية :

التأثير على الواقع السكني والتجاري

· المنازل: جميع منازل غزة تقريباً تعرضت للتدمير أو الإتلاف ، مما ترك عدداً لا يحصى من العائلات بلا مأوى.[12]

· المرافق التجارية: تم تدمير 80٪ من الشركات وما لم يدمر بات غير صالح للعمل، مما أدى إلى تدمير اقتصاد غزة وحرم الناس من السلع والخدمات الأساسية.[13]

· المباني المدرسية: تم تدمير أو إتلاف 88٪ من المؤسسات التعليمية، مما أدى إلى حرمان الأطفال من الحق الأساسي في التعليم وخلق جيل من الشباب المحرومين بشكل منهجي من الفرص الضرورية لإعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم.[14]

البنية التحتية الخاصة بالرعاية الصحية

· المستشفيات: لا تزال 50٪ من مستشفيات غزة تعمل بشكل جزئي ، تحت ضغط شديد وبموارد محدودة للغاية.[15] وتعمل الطواقم الطبية بلا كلل، في ظل نقصٍ مستمر في الإمدادات والمعدات، والكهرباء، مما يعرض قدرتهم على توفير الرعاية الأساسية للخطر.

البنية التحتية والاقتصاد

· شبكات الطرق:

68% من شبكات الطرق في غزة تضررت، مما أعاق بشدة حركة النازحين والمساعدات الإنسانية والمساعدة الطبية. هذه الطرق المتضررة تمنع الخدمات الأساسية من الوصول إلى الأكثر احتياجًا وتؤدي إلى تفاقم معاناة سكان غزة.[16]

·الأراضي الزراعية:

68% من الأراضي الزراعية في غزة أصبحت غير صالحة للاستخدام، مما أدى إلى مفاقمة انعدام الأمن الغذائي في القطاع. لقد أدى تدمير البنية التحتية الزراعية إلى تدمير الإنتاج الغذائي المحلي، وجعل المجتمع في غزة يعتمد على المساعدات الدولية للحصول على قوته الأساسي.[17]

· تضخم الأسعار والانهيار الاقتصادي:

-بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإن العودة إلى اتجاه النمو الذي كان في 2007-2022 سيستغرق 350 عامًا فقط لاستعادة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستواه في عام 2022. [18]

-علاوة على ذلك، تم تقدير الأضرار المادية التي لحقت بالبنية التحتية في غزة خلال الفترة من 7أكتوبر 2023 حتى نهاية يناير 2024 بنحو 18.5 مليار دولار - أي ما يعادل سبعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لغزة في عام 2022. [19]

-ارتفع سعر السلع الأساسية بنسبة 227٪، في حين انخفضت القدرة الشرائية بنسبة 70٪، مما خلق بيئة اقتصادية من التضخم المفرط الذي يحرم الأسر في غزة من الوصول إلى الضروريات الأساسية.[20]

-وفقًا لتقرير صادر عن UNCTAD (يناير، 2024)، فإنه حتى مع نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي بنسبة 10٪، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في غزة لن يعود إلى مستواه قبل الحصار في عام 2006 حتى عام 2035، مما يؤكد الدمار الاقتصادي الطويل الأجل الناجم عن الحرب والحصار المستمر.[21]

التأثير البيئي

العواقب البيئية للحرب كبيرة ، حيث تضررت الموارد الطبيعية في غزة بشكل لا رجعة فيه:

· الحطام:

-تم توليد ما يقدر بنحو 42 مليون طن من الحطام، أي ما يعادل 114 كيلوغرامًا من الركام لكل متر مربع في جميع أنحاء غزة. وهو أكبر بـ 14 مرة من إجمالي الحطام الناتج عن جميع الصراعات على مدى السنوات الست عشرة الماضية، مما ترك غزة مدفونة تحت الأنقاض وحرم السكان من الوصول إلى أراضيهم آمنة وقابلة للاستخدام.[22]

أوامر الإخلاء

أصدر الجيش الإسرائيلي أكثر من 65 أمرًا بالإخلاء منذ 7أكتوبر، مما وضع حوالي 80٪ من غزة تحت أوامر إخلاء نشطة. إن هذا النزوح القسري، إلى جانب تدمير المنازل والبنية الأساسية، ترك سكان غزة في حالة دائمة من عدم اليقين والخوف والضعف.[23] وفي ظل عدم وجود مكان آمن للفرار إليه، فإن أوامر الإخلاء المتكررة هذه تنتهك القانون الدولي وتشكل تهجيراً قسرياً للسكان.

إن الاستهداف المكثف والمنهجي للمدنيين والبنية الأساسية والخدمات الأساسية في غزة يشكل انتهاكًا مباشرًا للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. إن النطاق غير المسبوق للنزوح والدمار وفقدان الأرواح يعكس نمطًا متعمدًا من السلوك يقوض مبادئ الإنسانية وسيادة القانون.

وفي هذا الصدد، إننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) ندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير فورية وفعالة لضمان المساءلة عن هذه الانتهاكات، ومنع المزيد من الضرر، ومعالجة الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة. إن تطبيق مبادئ القانون الدولي لا تتطلب وقف الأعمال العدائية فحسب، بل أيضًا إنفاذ العدالة لضمان تعويض الضحايا واستعادة كرامتهم وحقوقهم الأساسية.

المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد)

بيروت، 27 كانون الثاني 2025



[1]United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (UN OCHA), 2025.

[2]WHO, 2025

 

[3]ICRC,2025

[4]Reporters Without Borders, 2025

[5]WHO, 2025

[6]Save the Children, 2025

[7]UNICEF, 2025

[8]Save the Children, 2024

[9]UNICEF, 2025

 

[10]UNRWA, 2025

[11]UN OCHA, 2025

[12]UNRWA, 2025

[13]Palestinian Bureau of Statistics, 2025

[14]UNESCO, 2025

[15]WHO, 2025

[16]UN OCHA, 2025

[17]FAO, 2025

[19]UNCTAD, 2024

[20]Palestinian Bureau of Statistics, 2025

[21]UNCTAD, 2024

[22]UNITAR, 2025

[23]UN OCHA, 2025