(تقرير حقوقي صادر عن مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان )
البوابات
الالكترونية في مخيم عين الحلوة عقاب جماعي يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان
ولا
يحقق الغاية التي وضعت من أجلها
أُنشئ
مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين عام 1948، وهو يحاذي مدينة صيدا جنوب لبنان،
ويبلغ عدد سكان المخيم حسب سجلات الأونروا 50 ألف لاجئ على مساحة كيلو متر مربع
واحد. يوجد في المخيم ثماني مدارس، بما
فيها مدرسة ثانوية ومركزين صحيين، فضلاً عن عشرات منظمات المجتمع المدني التي تقدم
خدمات لمجتمع اللاجئين. تعرض مخيم عين الحلوة للتدمير الكامل خلال الاجتياح
الإسرائيلي عام 1982.
يعيش
سكان هذا المخيم ذات الكثافة المرتفعة واقعاً انسانيا مزرياً في بقعة جغرافية
محدودة ومحاصرة بالجدار الاسمنتي العازل، فضلاً عن الوضع الاقتصادي السيئ وارتفاع
نسبة الفقر والبطالة. وفوق كل ذلك تأتي
الإجراءات الأمنية اللبنانية لتعقد حياة اللاجئين وتجعل المخيم بيئة غير صالحة
للعيش الكريم. وتمنع القوانين اللبنانية
(التملك والعمل) على اللاجئين الفلسطينيين من التملك العقاري خارج المخيم كما تمنع
أصحاب المهن الحرة (المهندسون والأطباء والصيادلة..) من العمل في هذه المهن الأمر
الذي التي يزيد الخناق على الأهالي.
تتابع
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) بقلق شديد جديد الإجراءات الأمنية
المتمثلة بوضع بوابات الكترونية على مداخل مخيم عين الحلوة تدقق بالمشاة المارين
دخولاً وخروجاً (مساء الأربعاء 6/6/2018).
إن
قلق المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) نابع من جملة أمور أهمها:
- إن وضع البوابات
الالكترونية أمام أهالي مخيم عين الحلوة يجعل من سكان المخيم كلهم موضع شك وتهمة
الأمر الذي يعتبره الناس مدعاة الى الإذلال والانتقاص من كرامتهم الإنسانية.
- إن البوابات
الإلكترونية لها مواضع خاصة (مطارات، شركات خاصة، حدود دولية..) كما أن لها
استخدامات خاصة، وحين توضع لمراقبة السكان بالشكل الذي تم توثيقه حتى الساعة فإنه
يصعب تفهم هذه الإجراءات الأمنية، وتفهم بشكل واضح أنها عقاب جماعي لعشرات آلاف
الأبرياء.
- تأتي وضع هذه
البوابات الالكترونية في ظل هدوء أمني ملحوظ خلال الفترة الماضية، كما تأتي هذه
البوابات في ظل لقاءات ودية وتعاون كبير بين القوى السياسية الفلسطينية والأجهزة
الأمنية من جهة وبين القوى السياسية اللبنانية في المنطقة من جهة أخرى.
- إن كانت إجراءات
تفتيش السيارات معقدة وتجعل طابور السيارات يصل لمسافات طويلة، بما يسبب من إعاقات
لطلاب المدارس والإسعافات ولمصالح الناس، فإن وضع البوابات الالكترونية الحساسة
سوف يجعل المشهد نفسه أمام المشاة الذين لا يفضلون ركوب السيارات. سوف يضطر المشاة لخلع أحزمة الملابس، وترك
المفاتيح والأحذية وأي شيء فيه معادن. وغالبا فإن المشاة هم عمال مياومة في البناء
والزراعة أو طلاب المدارس...
- إن كان هدف الأجهزة
الأمنية اللبنانية عدم السماح للمطلوبين من الخروج أو الدخول إلى المخيم فإن وضع
هذه البوابات لا تحقق هذه الغاية.
- إن وضع البوابات
الالكترونية تعزز المقولة الراسخة لدى الفلسطينيين بأن الفلسطيني متهم حتى يثبت
العكس، وأن المخيمات الفلسطينية بؤر شك وإرهاب ومصادر للتوتر والمشاكل.
- إن الإجراءات
الأمنية والبوابات الحديدية والكتل الاسمنتية والجدار الاسمنتي العازل والبوابات
الالكترونية كلها توصل الباحث إلى نتيجة حتمية أن مخيم عين الحلوة هو عبارة عن سجن
بكل معنى الكلمة، وأن سكانه عبارة عن سجناء يسمح لهم بالخروج والدخول بإذن من
العسكري الذي يقف عند المداخل. وعند أي تطور أمني فإن البوابات تغلق.
- إن هذه الإجراءات
الأمنية المشددة لم تمنع المطلوبين يوماً من الدخول والخروج من المخيم، وبالرغم من
هذه الإجراءات كان أهالي المخيم يفاجئون بالمطلوبين وهم ينشرون صورهم وتسجيلات
فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي ويعلنون أنهم غادروا المخيم وفي مناطق حتى خارج
لبنان ويأتي السؤال المنطقي من كيف غادر هؤلاء المخيم ومن الذي ساعدهم بالدخول أو
المغادرة؟
- الأجدر بالسلطات
اللبنانية فتح تحقيق حول كيفية دخول هؤلاء المطلوبين الى المخيم على الرغم من
الاجراءات الأمنية المشددة وحل هذا الخلل بدل من فرض عقاب جماعي على الأهالي الذين
لا ناقة لهم ولا جمل في دخول وخروج هؤلاء الاشخاص.
- والسؤال الذي يسأله
الفلسطيني العادي هل سوف تكون إجراءات الأجهزة الأمنية نفسها في مناطق لبنانية
أخرى فيها مطلوبين (مخدرات، سرقة سيارات، تجارة أسلحة، إطلاق نار وقتل عسكريين)؟
- إن مثل هذه
الإجراءات لا تشكل حل إنما ستؤدي الى خلق حالة غضب وضغط لا تحمد عقباها، وتتحمل
مسؤوليته الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وكذلك كل الأحزاب والتيارات والمنظمات
والقوى السياسية اللبنانية مجتمعة.
إن
هذه الإجراءات قد تشكل نوع من العقاب الجماعي الذي حرمه القانون الدولي لحقوق
الإنسان كما تتعارض مع التزامات لبنان القانونية والقومية تجاه الشعب الفلسطيني.
إزاء
تعاظم الإجراءات الأمنية تجاه السكان في مخيم عين الحلوة فإن المؤسسة الفلسطينية
لحقوق الإنسان (شاهد) توصي بالتالي:
- ان تقوم السلطات
اللبنانية بإزالة البوابات الالكترونية فوراً والبحث عن وسائل أخرى تحقق الهدف الأمني
بما يحفظ كرامة وحقوق سكان المخيمات.
- ان تقوم الدولة
اللبنانية بفتح تحقيق عن كيفية دخول المطلوبين الى المخيم أو الخروج منه على رغم
من اجراءات القوى الأمنية المشددة على مداخل المخيمات.
- الوفاء بالتزامات
لبنان الدولية تجاه الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ولا سيما الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان الذي ساهم لبنان نفسه من خلال مندوب لبنان آنذاك المحامي شارل مالك بوضعه.
- ندعو السلطات
اللبنانية إلى إجراء حوار شامل مع القوى الفلسطينية يناقش جميع الملفات الإنسانية،
والتعاون من اجل حل ملف المطلوبين.
- ندعو الأمم المتحدة
لا سيما وكالة الأونروا بالتدخل العاجل والفاعل لحماية الوجود الفلسطيني بالمعني
الشامل للحماية.
- نطالب منظمات حقوق
الإنسان اللبنانية والعربية والدولية لتسليط الضوء على معاناة اللاجئين
الفلسطينيين وتشكيل حالة ضغط شاملة لإعمال حقوق الإنسان في لبنان، ورفض كافة أشكال
التمييز بحق اللاجئين.
بيروت في 11/6/2018
المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)