التقريرالسنوي أوضاع حقوق الإنسان الفلسطيني في مخيمات وتجمعات لبنان خلال العام 2010
ملخص تنفيذي
أوضاع إنسانية بالغة السوء، معالجات حكومية خجولة جداً
وتراجع دولي خطير
تصدر المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) تقريرها السنوي لسنة 2010 عن أوضاع حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ويتضمن التقرير مقدمة تعرض أوضاع الفلسطينيين في لبنان بشكل عام وأبرز المحطات التي واجهوها خلال عام 2010 قانونياً، واقتصادياً، واجتماعياً وأمنياً، بالإضافة إلى أبرز المساعي الحكومية لتحسين أوضاعهم. كما يتضمن شرحاً مفصلاً عن أوضاع المخيمات. ويأتي هذا التقرير نتاج جهد كبير قام به فريق العمل في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) ، من باحثين إلى مندوبي المخيمات والمناطق، فضلاً عن مستشارين وخبراء. يقع التقرير في 45 صفحة من القطع الكبير.
يظهر من خلال التقرير السنوي لسنة 2010 أن ثمة لا مبالاة في الاستماع إلى شكاوى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وأن المحاولات التي قامت بها الدولة لتحسين أوضاعهم كانت في الغالب شكلية أو جزئية أو غير مجدية وذات طابع إعلامي أكثر منه حقوقي. ويكشف التقرير عن مدى خطورة الوضع الإنساني للفلسطينيين في لبنان، والنتائج الاجتماعية والسياسية والأمنية المترتبة على ذلك. كما يتحدث التقرير عن المحاولات التي جرت في حزيران 2010 في البرلمان اللبناني، والتي لم تحقق النتائج المرجوة.
ويظهر من خلال التقرير أن الاحتجاجات الشعبية الفلسطينية ازدادت هذا العام ضد سياسة الأونروا. وللمرة الأولى فقد كانت الاحتجاجات شبه منظمة وتسير وفق خطة معدة مسبقاً. كما ارتفعت وتير الاحتجاجات المطلبية تجاه الحكومة اللبنانية وقامت عدة تحركات مطلبية لا سيما مسيرة حقوقية كبيرة نظمتها مؤسسات ومنظمات غير حكومية فلسطينية ولبنانية، كانت تطالب بمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية، وووقفة احتجاج أخرى أمام الأسكوا نظمتها قوى التحالف الفلسطيني، فضلا عن احتجاجات مطلبية أخرى وعدة اعتصامات لنفس الغاية.
التقرير لم يسجل أي تقدم حقيقي على مستوى حقوق الإنسان، بل ظلت الأمور على ما هي عليه في بعض الأمكنة وبعض المواضيع، بل وازدادت سوءاً في أماكن ومواضيع أخرى. أما على مستوى تعديل التشريعات والقرارات لتتناسب مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، فإن التقرير لم يسجل أيضاً أي تحول نوعي في هذا المجال، باستثناء المذكرة التي وقعت بين وزارة الداخلية اللبنانية وإدارة الليبان بوست بخصوص السماح للفلسطينيين باستصدار بطاقات هوية، هذه المذكرة خففت بعض الأعباء عن المراجعين. ومع أن المطالب الفلسطينية باتت واضحة جداً لدى الدولة اللبنانية، وخصوصاً لدى الحكومة والمجلس النيابي، إلا أن الدولة لم
تستجب لهذه المطالب، ولم يصدر عن البرلمان اللبناني قوانين تخص الفلسطينيين سوى تعديلات قانونية طفيفة لم تلامس معايير حقوق الإنسان المطلوبة. ولم يصدر عن الحكومة قرارات ذات قيمة إنسانية تحسّن من أوضاعهم. ولقد كان انشغال اللبنانيين بشؤونهم الداخلية عاملاً إضافياً لإهمال حقوق الفلسطينيين في لبنان.
أبرز المطالب الإنسانية التي يرفعها الفلسطينيون باتجاه الدولة اللبنانية هي : تعديل قانون التملك، السماح بمزاولة المهن الحرة، السماح بزيادة مساحة المخيمات لكي تتناسب مع الزيادة المطَّردة لعدد السكان، حرية التنقل، وخصوصاً في مخيمات الجنوب ومخيم نهر البارد، تغيير الصورة النمطية عن المخيمات، وضرورة النظر إليها نظرة إنسانية.
أما المطالب التي يرفعها الفلسطينيون باتجاه الأونروا فهي عديدة ومتنوعة وملحَّة في نفس الوقت. فخدمات الأونروا تراجعت مع ازدياد المطالب، لأسباب مالية مرتبطة بدعم الجهات المانحة لصندوق الأونروا. ويتخوف الساسة الفلسطينيون من هذا التراجع ويربطونه بأجندة سياسية تسعى الى إلغاء الأونروا كمؤسسة دولية في خطوة رئيسية لمعالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج إطار القانون الدولي. إن مطالب الفلسطينيين باتجاه الأونروا محصورة بأربعة محاور رئيسية هي الصحة والتعليم والبنى التحتية والشؤون الاجتماعية. وأكثر الهواجس التي تلاحق الفلسطينيين هي هاجس الصحة والتعليم. ومع أن الاحتجاجات ازدادت بشكل ملحوظ ضد الأونروا وسياستها الخدماتية، إلا أن الأفق بتحسين أوضاعهم غير واضح، وخصوصاً مع الأزمة المالية العالمية ومع ما يشير إليه كثير من المراقبين إلى أن ثمة تقصيراً دولياً مقصوداً اتجاه الأونروا.
ولم تنحصر احتجاجات الفلسطينيين على تقليص الخدمات، بل على عدم توفر الشفافية الكافية التي لو وجدت لاسهمت في التخفيف من المعاناة .
ويتناول التقرير أوضاع المخيمات الفلسطينية ضمن فصل خاص، فيشرح أوضاع حقوق الإنسان في هذا المخيمات خلال عام 2010، على المستوى الصحي، والاجتماعي، والأمني، والتعليمي. ولقد واجه الباحثون والباحثات صعوبة في رصد الانتهاكات لإنها كثيرة جداً، ويصعب حصرها، ومنها ما هو مزمن ومنها ما هو مستجد ومنها ما هو متشابك مع بعضه الآخر. ولقد بدت المخيمات الفلسطينية في لبنان أنها عبارة عن أحزمة من البؤس والحرمان. يترافق ذلك كله مع انسداد أفق التسوية السياسية وإمكانية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم.
ويتناول التقرير أيضاً المرجعية السياسية للفلسطينيين في لبنان، ووفق التقير فإن وجودها يعتبر حقاً من حقوق الإنسان السياسية المتداخلة مع باقي الحقوق. فالديموقراطية واختيار الممثلين على المستوى المحلي في المخيمات أو على المستوى السياسي في لبنان، أو حتى على المستوى الفلسطيني ككل هو مطلب إنساني ملحّ. إن إجراء انتخابات في المخيمات الفلسطينية لاختيار ممثلين لهم في إطار اللجان الشعبية مهمة ليست مستحيلة بل ممكنة جداً. لكن هذه المهمة يجب أن تتم في إطار التوافق الفلسطيني وبالتنسيق الكامل مع الحكومة اللبنانية، التي ستجد نفسها بعد ذلك أمام مرجعية فلسطينية منتخبة محلياً أو على مستوى لبنان. إن وجود هيئة منتخبة وفق الأصول الديموقراطية يعني القدرة على مواجهة كل التحديات التي تعصف بالفلسطينيين في لبنان.
ويخلص التقرير إلى تسجيل عدد من التوصيات تؤكد كلها على ضرورة تحسين أوضاع الفلسطينيين في لبنان، على المستوى القانوني والاقتصادي والاجتماعي. من الواضح أن أوضاع حقوق الإنسان تكاد تكون متشابهة مع كل عام مع اختلاف نسبي، كما أن التوصيات تكاد تكون متشابهة أيضا. ويحذر التقرير أن استمرار التعامل مع الفلسطينيين بهذه الطريقة، مع التراجع الكبير في احترام حقوق الإنسان قد يؤدي إلى نتائج إجتماعية سلبية، وأن احترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان يجب أن يكون تنفيذا لالتزام لبناني باتفاقيات دولية ذات صلة. كما يخلص التقرير أيضا إلى تراجع خطير للمجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال عدم دعم صندوب الأونروا.
بيروت في 23/5/2011
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)