بهدف التشاور مع منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا حقوق الانسان، حول "خارطة الطريق الاستراتيجية للعام 2020 الخاصة بالهيئة الوطنية لحقوق الانسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، عقدت الهيئة لقاءاً تشاورياً في فندق راديسون بلو في بيروت، يوم الجمعة الواقع في 31 كانون الثاني 2020، بالتعاون مع المكتب الاقليمي للمفوضية السامية لحقوق الانسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
بحسب القانون، "تعمل الهيئة على حماية حقوق الانسان وتعزيزها في لبنان وفق المعايير الواردة في الدستور اللبناني والاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقات والمعاهدات الدولية في هذا الشأن، ولها أن تتواصل في شكل مستقل مع الهيئات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الانسان".
ولكن الى أي مدى تستطيع اللجنة القيام بدورها بشكل فعال؟ وما هي التحديات التي تواجهها في سبيل إلزام لبنان باحترام حقوق الانسان؟ وما هو مدى فعاليتها في تلقي شكاوى المواطنين واللاجئين. ومتابعتها مع الجهات المعنية على الصعد كافة لا سيما موضوع السجناء والموقوفين؟ وهل سوف تشارك في اعداد التقارير الدورية الخاصة بالاتفاقيات والعهود الدولية؟
على الصعيد المالي لفت الدكتور فادي جرجس، رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الانسان، الى أن الميزانية المخصصة للهيئة لسنة 2020، والتي تدخل ضمن موازنة الدولة، بلغت صفراً. كيف إذاً ستقوم الهيئة بدورها وكيف ستنفذ التزاماتها ونشاطاتها؟ ومن جهة أخرى، هل تستطيع الهيئة الاعتماد على تمويل يكون خارج إطار الدولة وميزانيتها كاستراتيجية بديلة للتمويل لضمان قيامها بواجباتها؟ ثم هل سوف تشبه هذه الهيئة الحقوقية الهيئات الحقوقية الرسمية؟
أما على صعيد الأهداف التي وضعتها اللجنة في استراتيجيتها للعام 2020 وقبل الحديث عن مدى فعاليتها وعن مدى قدرتها على تنفيذ هذه الأهداف، هل هذه الأهداف تتماهى مع الواقع الذي نعيشه في لبنان وهل تأخذ التطورات التي تحصل مؤخرا بعين الاعتبار؟
وفي الحديث عن لجنة الوقاية من التعذيب والتدابير التي تنوي اتخاذها، يطرح عدة تساؤلات بهذا الخصوص عن مدى فعالية اللجنة وتدابيرها في ظل أزمة ثقة مع المنظومة القضائية.
وعن علاقتها مع المجتمع المدني، يطرح تساؤلا عن الديناميكية والعلاقة بينهما. هل سوف تحل الهيئة مكان منظمات حقوق الانسان، أم سوف تتعارض معها، أم سوف تكون علاقة تنافسية؟
على الجانب الآخر، ذكر د. جرجس أن الهيئة ستدافع عن حقوق أي انسان على الأراضي اللبنانية بغض النظر عن هويته.
وهنا يطرح تساؤلا آخر؛ ماذا عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟ وهل ستستطيع الهيئة الدفاع عن حقوقهم بعيدا عن الحسابات الطائفية والمذهبية؟ وهل هي قادرة على اختراق جبال من الأحكام المسبقة تجاههم، وهل سوف تزيل القلق والشك القائم منذ عقود، وأن تتجاوز عقدة وهمية اسمها التوطين وتمنحهم حقوقا يحلمون بها منذ أمد بعيد؟
مع تمنياتنا للهيئة بالنجاح والتوفيق، تبقى هذه التساؤلات فرصة للجميع للتعامل مع حقوق الإنسان بواقعية ومهنية بعيدا عن أي حسابات أخرى.
عاطف بليبل
باحث في مؤسسة شاهد لحقوق الانسان.