وجّهت
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) مذكرة قانونية عاجلة إلى الدول الأعضاء
في الأمم المتحدة، المحكمة الجنائية الدولية، الأمانة العامة للأمم المتحدة
والمنظمات الحقوقية الفلسطينية المعنية عقب إصدار الولايات المتحدة الأميريكية
لعقوبات بحق منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وطالبت بالضغط على الولايات المتحدة
الأميريكية للتراجع عنها وضمان قدرة هذه المنظمات على ممارسة عملها.
أعربت (شاهد)
عبرها عن قلقها الشديد إزاء العقوبات الأميريكية التي طالت ثلاث من أبرز المؤسسات الحقوقية
الفلسطينية في أيلول 2025، وهي: مؤسسة الحق في
رام اللّه، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة، ومركز الميزان لحقوق الإنسان. إن
هذه العقوبات وإن لم تكن الأولى فإنها تشكل سابقة خطيرة لفرض العقوبات على مؤسسات حقوق
الإنسان بصورة مباشرة لممارستها لمهامها في توثيق الانتهاكات الجسيمة وسعيها لمساءلة
مجرمي الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية.
خلفية القرار
يأتي هذا القرار
في سياق سياسي واضح يرمي إلى عرقلة التحقيقات الجارية أمام المحكمة الجنائية الدولية
بشأن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. وهو ليس الأول، اذ سبق للولايات المتحدة
أن فرضت عقوبات مشابهة على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية عام 2020 ثم لاحقاً عام 2025 في تصعيد لنهجها الرافض لولاية
المحكمة الجنائية وكل من يتعاون معها. ويتطابق هذا القرار مع الإجراءات الإسرائيلية
السابقة التي صنّفت هذه المؤسسات كمنظمات إرهابية عام 2021 دون تقديم أي دليل وهو تصنيف
رفضته الأمم المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.
تتمتع هذه المؤسسات
بصفة استشارية لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة وتشارك بانتظام في أعمال
مجلس حقوق الإنسان. ونالت هذه المؤسسات جوائز دولية مرموقة تقديراً لجهودها في الدفاع
عن حقوق الإنسان في فلسطين. كما قادت الجهود في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين أمام المحاكم
الدولية والمحلية ووثقت الجرائم والانتهاكات لسنوات.
انتهاك صارح
للقانون الدولي
بموجب نظام
روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية فإن الدول الأطراف ملزمة بالتعاون معها وعدم
عرقلة عملها أو الانتقام من المتعاونين معها. وحتى وإن لم تكن الولايات المتحدة
الأميريكية طرفاً في الميثاق، فإنها ملزمة بموجب القانون الدولي باحترام آليات العدالة
الدولية وعدم عرقلة سير العدالة.
هذه العقوبات
تمثل خرقاً جسيماً لمبدأ عدم الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان والشهود والخبراء
وهو مبدأ راسخ في القانون الدولي وهو ما يؤكده العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية و "إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان" لعام 1988. كما يعد هذا
القرار انتهاكاً للمادة 70 من نظام روما التي
تعتبر أي محاولة لتهديد أو معاقبة المتعاونين مع المحكمة جريمة تعيق سير العدالة.
إن مثل هذه العقوبات
تشكل خرقاً واضحاً لالتزامات الولايات المتحدة الأميريكية بموجب القانون الدولي لحقوق
الإنسان والقانون الدولي الإنساني وتمثل اعتداءاً على استقلال القضاء الدولي وتقويضاً
لمبدأ سيادة القانون. وهي خطوة ذات طبيعة انتقامية سياسية تفتقر إلى أي أساس قانوني
أو أدلة موضوعية.
بناءاً على ما
تقدم، تدعو المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) إلى ما يلي:
-رفع العقوبات الأميريكية فوراً عن المؤسسات
الحقوقية الفلسطينية المستهدفة.
-حماية المدافعين عن حقوق الإنسان من أي
اجراءات انتقامية وتهديدات على خلفية ادوارهم في تأييد سيادة القانون
-تعزيز استقلال المحكمة الجنائية الدولية
ودعم قدرتها على التحقيق في الجرائم الدولية في فلسطين في وجه الضغوط السياسية
والعقوبات.
-دعوة الدول الأطراف في نظام روما الأساسي
إلى اتخاذ موقف موحد ضد هذه العقوبات التي من شأنها عرقلة سير العدالة الدولية وتدعيم
سياسة الإفلات من العقاب وضمان حماية المؤسسات الحقوقية الفلسطينية.
-الاستمرار في دعم المؤسسات الحقوقية الفلسطينية
بما يضمن استمرار دورها الحيوي في توثيق الانتهاكات ومناصرة الضحايا.
المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
بيروت –
لبنان
10 أيلول 2025