لم يُغلق ملف وعد بلفور رغم مرور أكثر من قرن على صدوره في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917 وتسبّبه في تشريد الشعب الفلسطيني عن أرض أجداده. ولا يزال الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يطالبون بحقهم في العودة الى ديارهم وقراهم وأملاكهم.
أسّست بريطانيا وثبّتت الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين التاريخية، وسعت من خلال ذلك إلى تقسيم المنطقة العربية ضمن ترتيبات ما بعد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، وبالتالي خططت وشاركت في السرقة الموصوفة للوطن الفلسطيني مع زعماء الحركة الصهيونية مثل روتشيلد وحاييم وايزمان ومن جاء بعدهم. وحتى هذه اللحظة لا يبدو أن الحكومة البريطانية تميل إلى مراجعة سلوكها الاستعماري في فلسطين، وما تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، والتي تفخر فيها بوعد بلفور إلا دليلا على ذلك.
إن إصرار السياسة البريطانية طوال عقود بادعائها أنها سعت أثناء احتلالها لفلسطين 1917-1948 إلى عدم الإضرار بالشعب الفلسطيني...، وأن سياق الأحداث هو الذي أدّى إلى تلك النهاية المأساوية لهذا الشعب، ولكن الحقيقة تشير إلى أن السياسة البريطانية تعمّدت الخداع والكذب، وتنكّرت لعهودها للفلسطينيين والعرب، ومارست على الأرض إجراءات تعلم أنها ستؤدي إلى نتائج كارثية، وتعمدت قمع الشعب الفلسطيني، وحرمته من تطلعاته للحرية والاستقلال. والتزمت بتطبيق الشق الأول من وعد بلفور بإنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين"، لكنها لم تلتزم بشقه الثاني الذي يتضمن عدم الإضرار بحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92% من السكان، وفق التقديرات البريطانية نفسها. فضلاً عن تنكّرها لدورها كقوة انتداب وفق ميثاق عصبة الأمم، وهو أن تقوم القوة المنتدبة بمساعدة الشعب الواقع تحت الانتداب على بناء مؤسساته السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وتهيئته للحصول على الاستقلال، وهو ما لم تلتزم به بريطانيا إطلاقاً تجاه شعب فلسطين.
إننا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) نؤكد على عدم قانونية هذا الوعد للأسباب التالية:
⬅️ ليس للوعد المشؤوم قيمة قانونية وهو مخالف لأحكام وقواعد القانون الدولي وذلك لكون بريطانيا عام 1917 دولة انتداب ومحتلة ولم تربطها مع فلسطين صفة قانونية. ولم يكن من حقها التنازل عن فلسطين كدولة تحتل الوطن الفلسطيني التي فيما بعد أصبحت دولة انتداب عام 1918.
⬅️ إن التصريح ليس معاهدة وليس لهذه الرسالة أية قيمة قانونية باعتبار أن وعد بلفور يمنح أرضاً لم تكن لبريطانيا أية رابطة قانونية بها، فبريطانيا لم تكن تملك فلسطين وقت إصدارها هذا التصريح، مما يجعل هذا الوعد باطلاً من وجهة نظر القانون الدولي وغير ملزم للفلسطينيين ً.
⬅️ إن وعد بلفور باطل لعدم شرعية مضمونه حيث أن موضوع الوعد هو التعاقد مع الصهيونية لطرد شعب فلسطين من دياره وإعطائها إلى اليهود.
ومن المعلوم أن أسس التعاقد الدولي قائم على المشروعية بمعنى أن يكون موضوع الاتفاق بين الطرفين جائزاً وتقره مبادئ الأخلاق ويبيحه القانون وكل تعاقد يتعارض مع إحدى هذه الشروط يعتبر في حكم الملغى ولا يمكن أن يلزم أطرافه. ووعد بلفور هو وعد غير جائز بالمطلق ذلك أنه يجسد صورة انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني بالكامل، وهذا يعتبر مخالفاً لمبادئ الأخلاق والقانون.
التوصيات:
1️⃣ وعد بلفور مناقض للقانون الدولي وعلى شعبنا ملاحقة بريطانيا قانونياً ومحاكمتها والزامها بالاعتذار ودفع التعويضات على ما فعلت.
2️⃣دعوة المجتمع الدولي الى إلزام دولة الاحتلال بتنفيذ القرار 194 الخاص بعودة الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم.
3️⃣ تقديم طلب لإعادة النظر في عضوية دولة الاحتلال بالأمم المتحدة لعدم التزامها بشروط العضوية التي جاءت بقرار 181 الصادر عن الامم المتحدة والذي بناء علية أقيمت دولة الاحتلال.
بيروت،2/11/2021
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان(شاهد)