لبنان: ضعوا حداً للتمييز ضد اللاجئين الفلسطينيين
(بيـروت) ينبغي على الحكومة اللبنانية اتخاذ خطوات ملموسة لوضع حد لجميع أشكال التمييز ضد اللاجئين الفلسطينيين ولحماية حقوقهم الإنسانية والتمسك بها بشكل كامل، على حد قول منظمة العفو الدولية في تقرير جديد أصدرته في مؤتمر صحفي عقدته في بيـروت اليوم.
ويتناول التقرير الجديد الذي يحمل عنوان اللاجئون الفلسطينيون في لبنان : بين النفي والمعاناة المجموعة الواسعة من القيود التي تظل تؤثر على حياة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، بعد مضي 60 عاماً على فرارهم هم أو آبائهم أو أجدادهم إلى لبنان خلال الأحداث التي أحاطت بإنشاء دولة إسرائيل والحرب العربية – الإسرائيلية في العام 1948.
وقالت منظمة العفو الدولية "إننا نحث الحكومة اللبنانية على اتخاذ تدابير فورية لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد اللاجئين الفلسطينيين لتمكينهم من ممارسة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على الأساس ذاته الذي يتمتع به سائر سكان لبنان"، وأضافت أن "استمرار القيود التي تحرم الفلسطينيين من حقوقهم في العمل والتعليم والسكن الكافي والصحة ليس له ما يبرره على الإطلاق وينبغي رفعها دون مزيد من التسويف أو التأخير".
ويعيش أكثر من نصف الثلاثماية ألف لاجئ فلسطيني الذين يقيمون في لبنان في 12 مخيماً رسمياً للاجئين الفلسطينيين. وقد بقيت مساحة الأرض المخصصة لهذه المخيمات على حالها دون تغيير منذ العام 1948 برغم النمو الملموس في عدد السكان. وفي بعض البيوت تعيش عائلات مؤلفة من 10 أفراد في غرفة واحدة. ويظلون يُحرمون من الحق في السكن الكافي، بسبب عدم صلاحيتها للسكن بشكل غير مقبول، والقيود المفروضة على ملكية الأراضي، وفي المخيمات بجنوب لبنان، بسبب القيود غير المعقولة التي فرضت على حقهم في إصلاح منازلهم أو تحسينها. وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية حالات تعرض فيها اللاجئون الفلسطينيون للتخويف والغرامات والاعتقال لمجرد أنهم حاولوا بناء جدار من الطوب لحماية منازلهم من عناصر الطبيعة.
وما برح الفلسطينيون يعانون من التمييز والتهميش في سوق العمل ما يُسهم في ارتفاع مستويات البطالة وانخفاض الأجور وسوء أوضاع العمل. وبينما رفعت السلطات اللبنانية مؤخراً حظراً مفروضاً على 50 عملاً من أصل 70 عملاً محظوراً عليهم ممارسته، إلا أن الفلسطينيين يظلون يواجهون في الواقع عقبات في إيجاد عمل ضمن هذه الأعمال المسموح لهم تعاطيها. ويؤدي انعدام فرص العمل الكافية إلى ارتفاع معدل ترك الأطفال الفلسطينيين للمدرسة علماً أنهم لا يستفيدون أيضاً إلا بشكل محدود من التعليم الثانوي الرسمي. ويتفاقم الفقر الناجم عن ذلك جراء القيود المفروضة على استفادتهم من الخدمات الاجتماعية.
وقالت منظمة العفو الدولية "إننا نقر بأن السلطات اللبنانية والشعب اللبناني قدما المأوى لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين طوال ما يقرب من ستة عقود والتكلفة الملموسة – الاقتصادية وسواها – التي فرضها هذا الأمر على لبنان. ونقر أيضاً بأن المسؤولية عن معاناة اللاجئين الفلسطينيين تتجاوز حدود لبنان وتقع أيضاً على عاتق إسرائيل والمجتمع الدولي الذي تقاعس طوال ما يقرب من 60 عاماً عن إيجاد حل دائم لمحنة اللاجئين الفلسطينيين أو عن توفير حماية كافية لحقوقهم كلاجئين". بيد أن الحكومة اللبنانية تتحمل واجب وضع حد فوري لجميع أشكال التمييز ضد اللاجئين الفلسطينيين واحترام حقوقهم الإنسانية بالكامل.
وفي تقريرها، تقر منظمة العفو الدولية بأن الحكومة اللبنانية الحالية قطعت شوطاً أبعد من سابقاتها في معالجة قضية القيود المفروضة على حقوق اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك عن طريق تخفيف القيود المفروضة على الجهود المبذولة لتحسين الأوضاع السكنية. وكذلك أشارت الحكومة إلى اهتمامها بإيجاد حل لما يسمى بالفلسطينيين عديمي الهوية – وهم لاجئون يقدر عددهم ما بين 3000 و5000 ليسوا مسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أو لدى السلطات اللبنانية، وتتسم أوضاعهم بأكبر درجة من الخطورة.
كذلك تدعو منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى بذل كافة الجهود الضرورية لإيجاد حل دائم للاجئين الفلسطينيين يحترم حقوقهم الإنسانية ويحميها بالكامل، بما فيها حقهم في العودة، ويشمل تقديم مساعدات مالية وتقنية إلى لبنان لتمكينه من توفير أعلى مستوى ممكن من الحماية للحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه.
وقالت منظمة العفو الدولية "إن المجتمع الدولي يجب أن يقدم أيضاً مساعدة تقنية ومالية إلى لبنان لتمكينه من توفير أعلى مستوى ممكن من تمتع السكان اللاجئين فيه بحماية حقوقهم الإنسانية". وأضافت "وهذا يجب أن يشمل الاستجابة للمناشدة التي قدمتها السلطات اللبنانية في 10 سبتمبر/أيلول لتقديم الأموال إليها لإعادة بناء مخيم نهر البارد الذي تعرض لأضرار جسيمة في فترة سابقة من هذا العام خلال القتال الذي دار بين جماعة مسلحة متطرفة والجيش اللبناني – والمناطق المحيطة به، وضمان تزويد الأونروا بالأموال والصلاحيات الضرورية لتلبية احتياجات اللاجئين الفلسطينيين بفعالية".