تدين المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
بشدة الاعتداءات المستمرة التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي تجاه الشعب
الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتشير إلى أن خروقاتها تعد خطيرة
وممنهجة. لقد اتبع الاحتلال سياسات استبدادية على مدى عقود طويلة، أدت إلى ترسيخ
ثقافة عدم احترام حقوق الإنسان، وقد تجسدت في انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني
بمختلف صورها، خاصة فيما يتعلق بحق الحياة، حيث لم يسلم أحد من اعتداءاته العنيفة.
قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي يوم الأربعاء
الموافق 29/11/2023، بإعدام طفلين بالرصاص
الحي وباستهدافٍ مباشر في مدينة جنين، هما الطفل سامر (اسم الاب) الغول (8 أعوام)
والطفل باسل سليمان أبو الوفا (15 عاما)، حيث تركتهما ينزفان، مانعةً المواطنين
والمسعفين من الوصول إليهما، وذلك خلال عمليتها العسكرية التي بدأت منذ مساء
الثلاثاء على المدينة ومخيمها.
تشير (شاهد) إلى أن الاحتلال الاسرائيلي اعتاد
على انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين – لا سيما الأطفال – دون أي مساءلة، فهو يتّبع
سياسة ثابتة وممنهجة في جرائم القتل والاعتقالات التي تستهدفهم مباشرة أمام العالم
منذ سنين. ووفقاً لمكتب الأمم
المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بلغ عدد الشهداء منذ
بداية العام الحالي في الضفة الغربية 402، بينهم 200 تقريباً تم قتلهم منذ السابع
من تشرين الأول الماضي[1].
في هذا الإطار، وفي ظل الإفراج عن أطفال فلسطينيين
خلال صفقة تبادل جزئية بين الفصائل الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي، تم
الإفراج فيها حتى اليوم عن 210 فلسطينيي من الأطفال والنساء، لا بد من الإشارة إلى
أنه إضافةً إلى جرائم المعاملة الوحشية الموجهة ضدهم، فهم يعانون من الأسر والسجن
غير المشروع. حيث يتعرض الأطفال الفلسطينيون إلى نظام قانوني يعاني من نقص واضح في
معايير المحاكمات العادلة. يتمثل هذا النقص في السماح باعتقال الأطفال الذين تبلغ
أعمارهم 12 عامًا، وأيضا القمع والحبس المنزلي التعسفي، فضلاً عن الاعتداءات
المختلفة التي يتعرضون لها في السجون، وهذا ما جاء في إفادات العديد منهم بعد أن
تم الإفراج عنهم.
كما تؤكد المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) أن القانون الدولي
الإنساني يحظر استهداف المدنيين والأطفال في النزاعات المسلحة، حيث يُعتبر استهداف
الأشخاص العزّل أو إلحاق أذى غير مشروع بهم جرائم ضد الإنسانية. وذلك وفقاً للإعلان
العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، بالإضافة إلى
اتفاقيات جنيف الأربعة، لا سيما الاتفاقية الرابعة لعام 1949 المعنية بحماية
المدنيين في زمن الحرب.
في هذا السياق تبيّن (شاهد) أن الاستهداف المباشر للأطفال قد يرقى
لمستوى جريمة حرب، كما وثقت وسائل الإعلام، قد تعرض هذان الطفلان لرصاص الاحتلال
وهم عزّل ولا يشكلون خطراً حقيقياً عليه، إلا أنه انتهك بسلوكه هذا أهم مبادئ
القانون الدولي، أولها مبدأ مبدأ الضرورة الذي ينص على أن يكون استخدام القوة
ضروريًا لتحقيق هدف مشروع وأن تكون الوسائل المستخدمة غير قادرة على تحقيق هذا
الهدف بوسائل أقل تكلفة، وأيضاً مبدأ عدم الاستخدام المفرط للقوة الذي يحث على
تجنب استخدام القوة بشكل مفرط أو غير مبرر.
نصت المادة 85(5) من الملحق
(البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف لعام 1977 أن الانتهاكات الجسيمة
للاتفاقيات ولهذا الملحق تعتبر بمثابة جرائم حرب. هذا ونصت المادة 7 من نظام روما
الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية على أن القتل العمد متى ارتكب في إطار هجوم واسع
النطاق أو منهجي – المتابعة الدقيقة لسلوك الاحتلال تؤكد أن استهدافه للأطفال بات
واسع النطاق وممنهج على مدار سنوات طويلة – فإنه يعتبر جريمة حرب. وهنا من الجدير
ذكره أن محكمة الجنايات الدولية هي الجهة القضائية المعنية بملاحقة ومحاسبة مرتكبي
هذه الجرائم.
يجب أن
يتحرك المجتمع الدولي للضغط على سلطات الاحتلال الاسرائيلي لوقف هذه الانتهاكات
وضمان حقوق الأطفال الفلسطينيين في الحصول على حياة كريمة وآمنة.كما يجب أن تقوم المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام وجميع
المعنيين بمراقبة وتوثيق هذه الانتهاكات، حتى يتم تحقيق العدالة والمساءلة.
إن المسؤولية القانونية والأخلاقية توجب بضرورة إجراء تحقيق دقيق
وشفاف في هذا الحادث المأساوي (أشر إليه) ، وضمان محاسبة المسؤولين عن هذا العمل
الشنيع. يجب أن تتحمل الأطراف المعنية مسؤولية كاملة في حماية حقوق الأطفال واتخاذ
إجراءات حاسمة لمنع وقوع مثل هذه المأساة مرة أخرى. وبناءً عليه، تتوجه
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بالتوصيات التالية:
1. نطالب
المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بشؤون الطفل، السيدة "ماما فاطمة
سنغاته"، بالإدانة الصريحة للانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في فلسطين.
2. نحث
المؤسسات المعنية بالطفولة، بما في ذلك منظمة اليونيسف، على توفير الحماية
والرعاية العاجلة لأطفال فلسطين.
3. ندعو
الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وجميع المنظمات الحقوقية والوسائل الإعلامية إلى
إدانة هذا الفعل الإجرامي والمطالبة بمحاسبة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمه
المستمرة.
4. نطالب
الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، بإدراج دولة الاحتلال الإسرائيلي
في "قائمة العار" التي تصدرها الأمم المتحدة للدول والمنظمات المنتهكة
لحقوق الطفل في مناطق النزاع.
المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
بيروت، 30/11/2023