عقدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) ندوة
قانونية تحت عنوان: "الأسرى في سجون الاحتلال بين القوانين العنصرية
والقوانين الدولية" وذلك يوم الثلاثاء الموافق 21/3/2023 في فندق الساحة في
مدينة بيروت.
تناولت الندوة موضوعات حول الواقع القانوني والحقوقي
للأسرى في ظل الحكومة الاسرائيلية المتطرفة، إضافة إلى الخيارات القانونية
والحقوقية والإعلامية المتاحة لدعمهم، كما ناقشت الندوة عناوين مختلفة مرتبطة بهذه
القضية، وذلك بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمختصين في الشأن القانوني والحقوقي
والإعلامي، إضافة إلى نشطاء حقوقيين وممثلين عن جامعات لبنانية وعن نقابة المحامين
في لبنان.
افتتح الندوة مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان
(شاهد) د.محمود الحنفي، بعد الترحيب بالمشاركين، مؤكدا على أهمية إقامة هكذا
ندوات، لا سيما في ظل الظروف الحالية، وان المناصرة الحقوقية للأسرى في المحافل الدولية تكتسب أهمية خاصة،
وأشار إلى أن اليمين الاسرائيلي يحاول أن يتعامل مع الفلسطينيين، ميدانيا
وقانونيا، بشكل عنصري في ظل الحكومة الاسرائيلية الحالية.
كما تناول الدكتور الحنفي في ورقة خاصة أبرز القوانين
العنصرية التي أصدرها الاحتلال بحق الأسرى، لا سيما مقترح القانون العنصري الخاص بإعدام
الأسرى والذي يقضي بأنه من يتسبب عن قصد أو لامبالاة في وفاة
مواطن إسرائيلي لدوافع عنصرية أو عدائية تجاه مجموعة من الناس وبهدف إلحاق الضرر
بدولة إسرائيل - يحكم عليه بالإعدام. كما عرض الحنفي معلومات حول الاعتقال
الإداري، قانون إعفاء المخابرات والشرطة الاسرائيلية من توثيق التحقيق، وقانون خصم رواتب الأسرى وقانون التغذية
القسرية لهم، وأيضا قانون محاكمة الأطفال دون سن 16 عاما وقانون مكافحة الإرهاب
الذي يعتبر استمدادا لقانون الطوارئ الخاص بالبريطانيين تجاه الفلسطينيين.
أما الورقة الثانية قدمها الأستاذ خالد فهد المدير
التنفيذي للمؤسسة الدولية للتضامن مع الأسرى (تضامن)، منبها إلى أن الأسرى في سجون
الاحتلال يواصلون إضراباتهم منذ 36 يوما في سياق اعتراضهم على سياسات الاحتلال
القمعية والممنهجة تجاههم. ثم تطرق إلى معطيات وأرقام حول الأسرى، وأبرزها أن
اعتقالات الاحتلال بلغت 7000 خلال العام 2022، ومع نهاية العام بلغ عدد الأسرى 4700 أسيرا منهم 200 من غزة و500 من القدس، كما
بلغ عدد الأسيرات 29 أسيرة بينهن 2 قاصرات. وأشار أيضا إلى أن عدد المعتقلين
الإداريين بلغ 850 معتقلا، في حين أن هناك 5 نواب من المجلس تشريعي. كما أكد أن
هناك 700 أسيرا يعانون من أمراض مزمنة ويتعرضون إلى سياسة الإهمال الطبي الممنهج.
أما الورقة الثالثة فقد تطرقت فيها الدكتورة ترتيل درويش – أستاذة
القانون الدولي في جامعة بيروت العربية -إلى مقاربة تبين مدى المواءمة بين
القوانين الاسرائيلية والقوانين الدولية، مؤكدة أن القوانين الإسرائلية تتعارض
بشكل صارخ مع أحكام القانون الدولي، مؤكدة أن دولة
الاحتلال الاسرائيلي دائما تسعى إلى سن قوانين تحميها وتحسن صورتها أمام المجتمع
الدولي، إلا أن هذه القوانين تتعارض مع الاتفاقيات والقوانين في كل دول العالم
لأنها تنتهك آدمية وإنسانية البشر. وعلى سبيل المثال لا الحصر أكدت د.ترتيل أن قرينة
البراءة غير مطبقة في فلسطين، فالإنسان الفلسطيني دائما متهم حتى لو كان بريئا، في
حين أن القاعدة القانونية تنص على أن المتهم بريئ حتى تثبت إدانته. كا استعرضت أهم
الخيارات القانونية للدفاع عن حقوق الأسرى منها خيار محكمة الجنايات الدولية، وإن
كان من ناحية عملية، على الأقل في الوقت الراهن غير ممكن، فضلا عن خيار محكمة
العدل الدولية والذي له شروط لعلها غير متوفرة في موضوع الأسرى بسبب رفض الاحتلال
أساسا لهذا الخيار. ومع صعوبة الخيارات القانونية إلا أن الدكتورة ترتيل قالت إن
العمل الحقوقي هو عمل تراكمي واننا يجب أن نواصل هذا الجهد وأن نبحث عن خيارات
ممكنة.
أما الإعلامي الأستاذ حسين زيد فقد تناول في ورقته الخيارات الإعلامية المتاحة لخدمة قضية الأسرى
وما وفره العالم الافتراضي، مؤكدا أن هناك تحدي في وصول المحتوى المتعلق بقضية
الأسرى للجمهور، وذلك نظراً لوجود عدد كبير من صانعي المحتوى على وسائل التواصل
(مليار صانع محتوى في العالم). إلا أن هناك استراتيجيات إعلامية كثيرة يمكن اعتمادها
لمناصرة الأسرى، وأهمها استراتيجية السرد القصصي واستراتيجية الثبات والاستمرارية
في صناعة المحتوى وأيضا استراتيجية البساطة التي تقتضي تبسيط المعلومة قدر الإمكان
وتقديم محتوى مختصر للمشاهد.
أما الدكتورة أحلام بيضون، أستاذة القانون الدولي في الجامعة اللبنانية، فقالت أنه لا بد من الاستفادة
من القانون الدولي والانخراط في المحافل الدولية لدعم قضية الأسرى، خصوصا أن دولة
الاحتلال فعالة جدا في هذا الإطار رغم انتهاكاتها الكثيرة والمستمرة تجاه الشعب
الفلسطيني. وفي هذا السياق أكدت على أن هذه المهمة تقع على عاتق جهات عديدة، أهمها
السلطة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين.
واختتمت الندوة بحلقة نقاش حول الأوراق التي تم طرحها،
بمشاركة فاعلة من ممثلي الجامعات والأكادميين والمشاركين في الندوة، كما تم تقديم
مقترحات من شأنها تطوير عملية مناصرة الأسرى الفلسطينيين.
في الختام الدكتور محمود الحنفي عرض مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
خلاصات الندورة مؤكدا على أهيمتها في خدمة
قضية الأسرى، مؤكدا على أن العمل القانوني والحقوقي هو جهد تراكمي يحتاج إلى
استمرارية في العمل، وإلى أن حمل قضية الأسرى وقضايا الشعب الفلسطيني في المحافل
الدولية هي مهمة أساسية ولا بد منها رغم التحديات الكثيرة التي يواجهها
الفلسطينيون في هذا الإطار. وأكد أيضا أن هذه الندوة لن تكون الأخيرة، وستعقد
(شاهد) ندوات أخرى في الفترة القادمة، من شأنها تعزيز حقوق الإنسان الفلسطيني
وتسليط الضوء على أهم القضايا المتعلقة فيه.
المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
بيروت في
22/3/2023