ما لم تقله العفو الدولية عن تطورات صيف 2014 في
غزة
تقوم منظمة العفو الدولية بجهود حثيثة في متابعة
الأوضاع في فلسطين ومناطق متعددة من العالم، ويكون لتقاريرها الحقوقية صدى كبير في
الأوساط الحقوقية والسياسية. ولكنّ تقريرها الذي صدر حديثاً عن تطوّرات صيف 2014 في
قطاع غزة، لا يمنح الانطباع بأداء رصين .تعتبر
المنظمة في تقريرها الذي يحمل عنوان "غير مشروعة ومميتة: هجمات الفصائل الفلسطينية
المسلحة بالصواريخ وقذائف الهاون أثناء نزاع غزة/ إسرائيل في عام 2014"[1].. أن الفصائل الفلسطينية المسلحة ارتكبت أعمال ترقى إلى جرائم حرب من جهتين. من
جهة أولى أنها أطلقت صواريخ عشوائية تستهدف مدنيين إسرائيليين ومن جهة أخرى أطلقت
صاروخ سقط على مخيم الشاطئ وتسبب بسقوط 13 طفل فلسطيني بحسب خبير مستقل متخصص في مجال الذخائر. ويخلص التقرير إلى توصيف
سلوك الفصائل المسلحة الفلسطينية
بأنه استخفاف صارخ بحياة المدنيين في كل من إسرائيل وقطاع غزة نفسها ويوصي
التقرير بضرورة العمل الجاد على وقف تدفق الأسلحة إلى كلا الطرفين إسرائيل
والمقاومة الفلسطينية.
حسناً،
لكنّ السؤال التالي الذي تثيره استنتاجات المنظمة هو: ما البدائل المطلوبة تحديداً
من قطاع غزة تحت القصف الإسرائيلي؟ تبدو معطيات التقرير منفصلة عن الواقع، خاصة
عندما ترسم صورة من التكافؤ بين طرفين تدعو مثلاً إلى وقف تصدير السلاح إليهما.
الواقع أنّ مصانع السلاح الإسرائيلية تصدِّر للعالم، بما فيها الدول الكبرى، أسلحة
وذخائر وتقنيات متطورة، والمؤكد أيضاً أنّه ليس في قطاع غزة ميناء توريد يمكن
التعرف عليه
لا يلحظ تقرير العفو الدولية أي إشارة تحوّل في
أداء المقاومة الفلسطينية، فرغم أنّ معظم من قتلهم الجيش الإسرائيلي هم من
المدنيين الفلسطينيين (2400 قتيل) الذين سقطوا بالمئات في قصف على مدار الساعة،
تعترف المصادر الرسمية الإسرائيلية بأنّ الغالبية العظمى من القتلى الإسرائيليين
هم من الجنود (63 جندي إسرائيلي). يقفز
تقرير العفو الدولية عن هذه الحقيقة ليرسم انطباعاً مفارقاً للواقع وما كان يجري
على الأرض بالفعل.
يتحدث التقرير عن تخزين الأسلحة والذخائر
الفلسطينية بعيداً عن تجمّعات المدنيين، لكنه لا يقول أين تحديداً في الشريط
الساحلي الضيًّق المكتظ بالسكان والمسمى قطاع غزة؟ لتطبيق تقارير كهذه مؤدّى واحد، هو تجريد
المقاومة في قطاع غزة من سلاحها، وإن كان هناك معنى آخر فهو ما يُنتظر توضيحه من
تقرير العفو الدولية.
بيروت في 31/3/2015
الدكتور محمود الحنفي
مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)