لماذا يدفع ذوو المطلوبين والمسجونين والموقوفين ثمن ذنب
لم يقترفونه؟
(تقرير حقوقي)
مقدمة
بشار عوض شاب أراد
الزواج، فعقد قرانه ولكنه لم يستطع تثبيت عقد زواجه بسبب وجود إشارة على اسم والد
زوجته المحكوم في سجن رومية. بعد زيارات عديدة إلى مكتب شؤون اللاجئين والأمن
العام اللبناني، بقي بشار عالقا بين هنا وهناك ولم تحل قضيته حتى الآن.
سليمان السعدي
واخته، أرادا التقدم لأداء فريضة الحج، فتقدما لطلب قيد عائلي لتخليص معاملاتهما.
تم رفض الطلب بسبب وجود إشارة على اسم والدهم الذي كان مطلوبا فيما مضى. وبعد
اتصالات وتدخلات عديدة تم حل القضية لدى الدوائر المختصة، وأعطي لهما القيد
العائلي.
فاطمة محمود، شابة
فلسطينية منعت من الحصول على هوية للتقدم إلى امتحانات الشهادة المتوسطة
"البريفيه" بسبب وجود إشارة على اسم والدها المحكوم في سجن رومية.
هذه نماذج من حالات كثيرة تعرضت للتوقيف لا
لتهمة إلا انه يرتبط بصلة قربى مع المطلوب.
ما هو المانع
القانوني الذي يحول دون حصول سليمان وأخته على قيد عائلي، ودون حصول الشابة
المتقدم للشهادة المتوسطة على بطاقة هوية؟ ولماذا يدفع أبناء وبنات وأقارب
المطلوبين والمحكومين والموقوفين ثمن ذنب لم يقترفونه؟
من أين يحصل اللاجئون الفلسطينيون على أوراقهم الثبوتية؟
بعد نكبة
فلسطين عام 1948 ولجوء ما يقارب 100 ألف لاجئ فلسطيني إلى لبنان وتوزعهم على مختلف
المناطق اللبنانية، أنشأت الحكومة اللبنانية في31 مارس/ آذار 1959 هيئة خاصة تشرف
على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين بهدف تنظيم وجودهم على أراضيها. وعرفت هذه الهيئة
باسم "المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين" وجعلتها تابعة لوزارة
الداخلية. وأصبحت "دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين" أحد أقسامها الرئيسية
والتي نُظمت أحكامها بالمرسوم رقم 927 الصادر في نفس التاريخ[1].
إن من أبرز مهام مديريةشؤون اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان:
1.إعداد سجلات الأحوال الشخصية.
2.وضع جداول شهرية بأسماء المواليد والوفيات.
3.إصدار بطاقات الهوية وإخراجات القيد الفردية
والعائلية والخاصة بعقد القران.
4.تثبيت وقوعات الأحوال الشخصية من عقود زواج
وطلاق ووثائق الولادة والوفيات وتدقيقها وتسجيلها وإعطاء نسخ طبق الأصل عنها.
هل تقف الملاحقة الأمنية عند المطلوب؟ أم تمتد إلى ذويه وأقربائه؟
يعاني ذوي المطلوبين والمحكومين والموقوفين وأبنائهم وأقربائهم من
اللاجئين الفلسطينيين، وخصوصا في المخيمات، من الضغوطات اليومية من قبل السلطات
اللبنانية وأجهزتها الأمنية. فما هي أبرز هذه الضغوطات؟
1.الحواجز
الأمنية
تخضع المخيمات
الفلسطينية من الناحية الأمنية لإجراءات مشددة، بحيث يتم التدقيق بهويات المارة،
فضلاً عن الكثير من الحواجز المتنقلة لمختلف القوى الأمنية بين الحين والآخر. يضاف
إليها التدقيق على الأسماء في المطار والمعابر البرية، وغالباً ما يتم البحث
والتدقيق في اسم الشخص المتقدم بطلب " التفييش" للتأكد ما إن كان
مطلوباً أو غير ذلك.
وفي كثير من
الأحيان يتعرض أحد ذوي المطلوبين للتوقيف باعتباره فرصة للإمساك بالمطلوب نفسه أو
أن ثمة إشارة ما ويتوجب توقيفه. ويحتجز لدى مخابرات الجيش اللبناني، أو في مراكز
التوقيف المؤقتة التابعة لقوى الأمن الداخلي. وقد تطول أو تقصر مدة التوقيف وما
يتعرض له الموقوف البريء من ضغوط نفسية وإهانات مختلفة.
2.الدوائر
الرسمية
الأمر الأكثر
أهمية هو ما يعانيه هؤلاء في الدوائر الرسمية، كالأمن العام ومديرية شؤون اللاجئين
الفلسطينيين، من مشكلات وتعقيدات عند تقدمهم لإصدار الأوراق الثبوتية وغيرها من
الأوراق الخاصة. وتزداد هذه المشاكل حدة، إذ أن اللاجئ الفلسطيني لا يتمتع
بالمعونة القضائية التي يتمتع بها المواطن اللبناني أي أن اللاجئ الفلسطيني لا
يمتلك الوسائل الكافية والقدرات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة. كما أن النظرة
العامة للاجئين الفلسطينيين في لبنان هي نظرة أمنية، سواء لارتباط ملفهم بالأجهزة
الأمنية (وزارة الداخلية، الجيش اللبناني) أو لجهة الإجراءات اليومية. أي أن
الفلسطيني هو موضع شبهة وشك حتى يثبت العكس. هذا التقييم العام يعقد الأمور أمام
أولئك الأشخاص الذين لم يرتكبوا أي جرم، سوى أنه يربطهم بالمطلوبين صلات عائلية.
إن ما يتعرض له
ذوي المطلوبين أو الموقوفين أو المحكومين من ضغوطات وإجراءات تمنعهم من ممارسة
حياتهم الطبيعية، وتضيّق عليهم الخناق، يعدّ مخالفا للقانون. إذ أن المطلوب
والمتهم نفسه، هو بريء حتى تثبت إدانته ومحاكمته بشكل عادل. وهذا ما نصّت عليه الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية (المادة
14) التي تعهّد لبنان احترامها، و(المادة 11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الذي يلتزم لبنان بمواثيقه.
كما أن (الفقرة ب) من مقدمة الدستور اللبناني فرضت على الأجهزة الرسمية
اللبنانية تجسيد مبادئ الاتفاقيات الدولية في جميع الحقول والمجالات من دون
استثناء، و(المادة 2) من قانون أصول المحاكمات المدنية اعتبرت أن الاتفاقيات
الدولية التي تصادق عليها الدولة اللبنانية، جزءا لا يتجزّأ من المنظومة القانونية
اللبنانية.
وقد حظَّرت (الفقرة 3) من (المادة
47) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على الضابطة العدلية احتجاز المشتبه فيه في
النظارة إلا بقرار من النيابة العامة. وفرضت (المادة 32) أصول المحاكمات الجزائية
استجواب المشتبه فيه فور احتجازه. ولا يجوز احتجازه تعسفيًا أو إطالة مدة احتجازه
من دون سبب مشروع[2].
إننا
في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) إذا تدعو إلى احترام الحقوق المدنية
بشكل واسع تطالب بالآتي:
1.نطالب وزارة العدل بوضع آلية تحول
دون وضع ذوي المطلوبين والموقوفين والمحكومين على قائمة المطلوبين.
2.نطالب الأجهزة الأمنية بالتخفيف من
الإجراءات الأمنية المشددة خصوصا على مداخل المخيمات، وعدم ربط المطلوب بذويه.
3.نطالب الدوائر الرسمية بتسهيل إصدار
الأوراق الثبوتية لذوي المطلوبين، وعدم ربطهم بالمطلوب نفسه.
4.نطالب السفارة الفلسطينية ومنظمة
التحرير الفلسطينية بوضع آلية عمل لتقديم المساعدة القانونية للاجئين الفلسطينيين
في لبنان.
5.كما نطالب قسم الحماية القانونية في
الأونروا للقيام بمسؤولياته تجاه أبناء اللاجئين الفلسطينيين وتقديم المساعدة
القانونية اللازمة.
بيروت، في 12/10/2020
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)