الأطفال الفلسطينيين في لبنان.. أحلام جيل تضيع بين
الأزمات
ألقى حقيبة مدرسته وقال: إخوتي أحق وأولى، هذا ما قاله
ذو اثني عشر ربيعاً. مهدي واحد من كثيرين أغلقوا
باب المدرسة ليقرعوا باب العمل.
انكسرت أغصانهم قبل أن تزهر وتثمر. ولم لا وهو الذي يسمع أنين والده واشتياق إخوته لكسرة
الخبز، لقد اختار مهدي أن يكون ساعِدَ والده المرتجف، لعله يمحو من عينه ضباب الخوف
والجوع.
كان مهدي يحب مدرسته، لكنه كان يحب إخوته أكثر ...كان مهدي يحلم بشهادة
كما كل الأطفال، لكنه أرادها شهادة على مجتمع تركه ينزف ورد طفولته في ملحمة أبيه.
مهدي حكاية نصنعها ونقرأها كل يوم ... ليتنا ندرك أن صفحات
هذه الحكاية هي صرخات جيل.
تعتبر سنة 2021 من السنوات التي انعكست
مرارتها في لبنان على وجوه العديد من الأطفال الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية،
الذين يعانون أصلا من صعوبة العيش. إن الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان وانعكاس
ذلك بشكل مضاعف على واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى جانب انتشار فايروس كورونا
وإقفال المدارس لمدة تزيد عن العام، كلها عوامل جعلت الأطفال يبحثون عن فرص عمل لمساندة
ذويهم لتأمين لقمة عيشهم.
انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال في الوسط
الفلسطيني، حيث أُجبر الكثير من الأطفال على العمل بظروفٍ قاسية وأشغال معظمها
شاقة بالنسبة لأعمارهم (حدادة، دهان بيوت، كهرباء، ميكانيك، بلاط، ألمنيوم، جمع
الخردة...) ما يعرضهم لكثير من الاستغلال. ولعلّ ما يجري يتعارض بشكل رئيسي مع روح
اتفاقية حقوق الطفل الدولية لعام 1989 لا سيما في مادتها (32-1)، التي تحارب عمالة
الأطفال والاستغلال الاقتصادي لهم وأي عمل يرجح أن يكون خطيراً أو أن يمثل إعاقة
لتعليم الطفل، أو أن يكون ضاراً بصحة الطفل أو بنموه البدني، أو العقلي، أو
الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي.
وتشير
التقارير الصادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"
عام 2017، إلى أن عدد الأطفال الفلسطينيين اللاجئين في لبنان يبلغ أكثر من 60 ألف
طفل، بما نسبته أكثر من 30% من عدد اللاجئين الفلسطينيين.
وبحسب الأونروا
أيضا، فإن نسبة التسرب المدرسي لدى فلسطيني لبنان، وصلت إلى 18%، حيث يفضل بعض
الطلاب، ترك التعليم والالتحاق بسوق العمل المتواضع، من أجل تحقيق كسب مادي، يساهم
بتغطية المعيشة.
أسباب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال
في الوسط الفلسطيني
· انتشار
الفقر بين الأهالي في المخيمات بنسبة 73% من الافراد أي ما يقارب ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين، يعيشون تحت خط
الفقر،[1] مما أدى الى وجود حاجة إلى
عمل الأطفال للحصول على دخل يُؤمِّن احتياجات الأسرة.
·انتشار بعض القيم الثقافية
التي تشجّع على عمل الأطفال في خاصة في المخيمات، بالإضافة الى عدم وعي الأهالي
بالآثار السلبية والضارّة الناتجة عن عمل الأطفال في سن مبكّر.
·التسرُّب المدرسي.
·نتيجة لجائحة كـوفيد-19:
فالصدمات الاقتصادية الإضافية وإغلاق المدارس بسبب الجائحة، أُجبر عدد كبير
من الأطفال على أسوأ أشكال العمالة بسبب فقدان الوظائف والدخل بين الاسر الضعيفة.
إن عمالة
الأطفال تعني باختصار شديد حرمان الأطفال من طفولتهم واستغلالأرباب العمل لهم بأشكال متعددة. كما أن مستقبل أي شعب مرتبط بمدى تمكين أطفالهم من
حقوقهم الِأساسية.
إن
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) وهي ترصد ازدياد نسبة عمالة الأطفال
الفلسطينيين في لبنان فإنها تدعو إلى ما يلي:
1. قيام وكالة الأونروا بالعمل على زيادة الإنفاق على التعليم
الجيد والعمل على إعادة الأطفال المتسربين الى مدارسهم.
2.قيام
وكالة الأونروا بتقديم مساعدات اجتماعية دورية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بحيث
لا تضطر الأسر إلى اللجوء إلى عمالة الأطفال للمساعدة في توفير الدخل.
3.دعوة
الدولة اللبنانية إلى منح اللاجئين الفلسطينيين الحق في العمل بما يساعد في تقليص
عمالة الأطفال
4.تسليط مؤسسات
المجتمع المدني الضوء على ظاهرة عمالة الأطفال وزيادة المشاريع التنموية التي تحد
من هذه الظاهرة.
بيروت، 17/11/2021
المؤسسة
الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد)