ا شك أن الواقع الإنساني الذي تعيشه المخيمات الفلسطينية في لبنان، في ظل الحرمان والفقر وارتفاع نسبة البطالة وزيادة نسبة العنوسة، وتراجع خدمات الأونروا، وانسداد أفق المستقبل أمام الشباب الفلسطيني، وتعاطي الدولة اللبنانية الأمني مع اللاجئين في المخيمات الفلسطينية بدلاً من أنسنة تعاطيها بما يخص حقوقهم المدنية والاقتصادية ولا سيما حقهم بالعمل والتملك وغيرها من الحقوق الأساسية، كل هذه العوامل مجتمعة بالتأكيد ستكون بيئة غير صحيّة يمكن أن تنمو فيها الآفات الاجتماعية بما فيها المخدرات على سبيل المثال لا الحصر.
تفاقم ظاهرة المخدرات في مخيم شاتيلا مؤشرٌ خطيرٌ:
شهد مخيم شاتيلا، يوم الثلاثاء 27/6/2017، اشكالاً فردياً وقع بين عائلتي بدران وعكر تطور إلى إطلاق نار بين الطرفين في منطقة حي فرحات المجاورة للمخيم، ما أدى إلى مقتل كل من سمير بدران وبلال عكر حيث نقلت الجثث الى مستشفى المقاصد، إضافة إلى عدد من الجرحى واحد منهم إصابته بالغة.
وفي التفاصيل، فإن الإشكال جاء استكمالاً لاشتباك آخر وقع قبل أيام بين بلال عكر (المطلوب بتهم عدة بينها الاتجار بالمخدرات وفرض الخوات وتشكيل مجموعات مسلحة)، ومحمد بدران من جهة اخرى، حيث قام عكر باطلاق النار على بدران وإصابته برجله، ما دفع آل بدران إلى الرد عليه مساء الثلاثاء حيث أطلقوا النار على بلال عكر وأخيه جمال الأمر الذي أدّى إلى حصول اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، قُتل خلالها بلال عكر وأصيب سمير بدران (أبو محمد) إصابة حرجة في قلبه نقل على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج وما لبث أن فارق الحياة.
وفي اتصال أجرته "المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان (شاهد) أكد مسؤول اللجنة الشعبية (التحالف) في مخيم شاتيلا الأستاذ سليمان عبد الهادي أن الوضع يتجه نحو الحل لوقف هدر المزيد من الدماء ولطي هذه الصفحة الأليمة، وأكد أن جميع القوى والفعاليات تسعى جاهدةً للإمساك بزمام الأمور وللحد من التفلت الأمني وانتشار ظاهرة المخدرات في المخيم، يُذكر أن إجتماعاً قد عقد يوم السبت 2/7/2017 ضم ممثلين عن الفصائل والمشايخ وبعض الفعاليات واتفقوا على إنهاء وحل الإشكال وذلك بمصالحة الطرفين.
وفي حادث آخر: قامت شعبة المعلومات في الأمن الداخلي بتاريخ 28/6/2017 بإلقاء القبض على ثلاثة شبان ( م.ن، ع.ب، ع.ع) وبحوزتهم 2000 حبة ترامادول "فراولة" و 3 أكياس تتضمن الكوكاين، السيلفيا، ومادة حشيش الكيف، ووفق إفادة ع.ع و ع.ب تبين أنهم يشتروا المخدرات من (أ.س) لصالح الفلسطيني الملقب بمحمد العراقي، ويقوموا بترويجها داخل مخيم عين الحلوة.[1]
وغالباً تشكل تلك الظواهر خطر كبير على حياة الآمنين داخل المخيمات من خلال سقوط الضحايا، فضلاً عن ترويع السكان والأضرارالجسيمة في الممتلكات.
إنّنا في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان )شاهد( إذ ندق ناقوس الخطر حيال قضية المخدرات وإننا نوصي بالتالي:
1. ندعو الأطراف الفلسطينية بتسوية أوضاعها الداخلية وتشكيل قوى أمنية موحدة لضبط أمن المخيمات ومحاربة انتشار المخدرات والآفات الاجتماعية الأخرى ورفع الغطاء الكامل عن المروجين داخل المخيمات.
2. أن تأخذ السلطات اللبنانية دورها الكامل بملاحقة ومحاكمة مروجي وبائعي المخدرات اللذين يقومون بإدخالها الى المخيمات بشتى الوسائل.
3. التنسيق مع مراكز متخصصة لتوفير العلاج مجاناً أو بكلفة بسيطة، وتوفير بيئة سليمة للعيش بكرامة تساهم بالابتعاد عن مظاهر المخدرات.
4. أن تقوم المؤسسات بدمج الشباب في العمل الاجتماعي والثقافي مما يساعد على إبعادهم عن طريق الإدمان.
5. منح الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية كاملة لا سيما الحق في العمل والحق في التملك لتوفير بيئة سليمة للعيش بكرامة.
6. قيام رجال الدين بدورهم التوعوي حول مخاطر هذه الآفة وتحمّل مؤسسات المجتمع المدني داخل المخيمات المسؤولية لتوفير برامج وأنشطة تستقطب الشباب وتساعدهم على التفاعل الإيجابي والنهوض بالمجتمع.
بيروت في 5/7/2017
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)