بين قانون النقل وقانون التعيينات،
ما هو مصير 16 معلمة ومعلم؟
مقدمة
يعيش
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان ظروفا هي الأكثر صعوبة وقسوة من باقي اللاجئين في
المناطق الخمسة الأخرى. وقد زاد من
معاناتهم السياسة التقشفية التي تتخذها الأونروا بسبب نقص في التمويل. كما أنهم
أساسا يعانون من سياسة الدولة اللبنانية القائمة على التهميش والحرمان مما جعل
حياتهم صعبة للغاية. وأي قرار تقشفي تتخذه الوكالة يجعل حياتهم أكثر هشاشة. ويعيش
اللاجئون الفلسطينيون حياتهم يوما بيوم من دون أي أفق يظهر من بعيد.
إن موضوع التقرير والمتعلق بمصير 16 معلمة
ومعلم إنما هو مثال عن واقع حقوقي ومعيشي ومطلبي كبير يكاد لا ينتهي.
إن أبعاد هذه القضية متعددة، ولعلّ أهمها هو البعد التعليمي والبعد
المعيشي، فهؤلاء المعلمين بحاجة إلى وظيفة ثابتة في ظل أوضاع معيشية استثنائية
يعيشونها، جراء زيادة الضغوط المادية التي خلفتها الأزمة الاقتصادية في البلاد. ومن جهة أخرى فإن الحاجة لهؤلاء المعلمين
كبيرة، خصوصا في ظل العام الدراسي الاستثنائي وآلية التعليم عن بعد التي تنتهجها
وكالة الأونروا مؤخرا.
فما
هي قصة هؤلاء المعلمات والمعلمين؟
************
مصير 16 معلمة
ومعلم مجهول:
على أمل إحقاق الحق، في منظمة ترفع شعار الحق وكرامة
الإنسان، يعلو صوت مجموعة من المعلمين في قطاع التعليم في وكالة الأونروا في
لبنان، لعلهم يجدون من ينصفهم ويفرج عن حقوقهم المنتهكة. فمن هم معلمو الدعم
الدراسي؟
انطلق برنامج الدراسي قبل 12 سنة بتمويل من الاتحاد
الأوروبي واليونيسيف بشكل خاص، ويطبق في 50 مدرسة من مدارس الوكالة في لبنان،
ويستهدف سنوياً حوالي 3000 طالب من مرحلة الأول والثاني ابتدائي سنوياً، و10 آلاف
طالب خلال الأنشطة الصيفية، ويعمل فيه حوالي 250 معلم ومعلمة مثبتين بمسمى "مشروع
ممول” يتم تجديد عقودهم كل شهرين. وقد بات هذا البرنامج اليوم مهددا بالإغلاق تدريجيا،
خصوصا بعد توزيع قسم كبير من معلميه على مشاريع أخرى تابعة لقسم التعليم في وكالة
الأونروا.
نسلط الضوء في هذا التقرير على ثلة من المعلمين
(١٦ معلمة ومعلم) من حملة الشهادات الجامعية بمختلف الاختصاصات، يعملون على مشروع
الدعم الدراسي بمسمى "مشروع ممول”. وهم يحملون أرقام توظيف ولهم أسماء على روسترات
التثبيت، وقد تم تجاوز أسمائهم الموجودة على هذه الروسترات أكثر من مرة، ولم يحظوا
حتى الآن بحقهم في التثبيت أسوة بزملائهم على الروسترات.
قانون النقل
وقانون التعيينات
يتيح قانون النقل للموظفين الذين
يعملون في إطار مشاريع محددة، وتم تعيينهم
على مشروع من روستر تثبيت، ويعملون على المشروع لمدة سنة أو أكثر تقديم طلب انتقال من موظفين على مشاريع إلى موظفين علىوظيفة
ثابتة على الموازنة العامة لوكالة الأونروا.
أما قانون التعيينات، فيقضي أولا
بتعيين الفائض من الموظفين الثابتين في الشواغر، ثم بعد ذلك يُصار إلى طلبات النقل
المقدمة من الموظفين (سواء أكانوا يعملون على وظيفة ثابتة أم على مشروع) فيتم ملئ
الشواغر من طلبات النقل، بعدها يتم تعيين المياومين بعد الانتهاء من تنفيذ طلبات
النقل.
ما هو مصير معلمو
الدعم من هذين القانونين؟
عندما تم إقرار
تثبيت المعلمين في أيلول 2019، كان أحد المقررات هو استثناء المعلمين الذين يعملون
على مشاريع من التثبيت. وبحكم وجود أسماء لمعلمي برنامج الدعم الدراسي على روسترات
التثبيت، بدأوا بالسؤال عن طريقة للحصول على التثبيت، فكان الجواب من قسم التعليم
بأنه يجب عليهم تقديم استقالاتهم من المشروع وأن يبدؤوا بالعمل كمياومين إذا أرادوا
الحصول على فرصة للتثبيت.
وبحسب إفادات من المعلمات والمعلمين، وخلال
اجتماع مع الأستاذ علي عثمان في قسم الموارد البشرية يوم الجمعة في ١٧ كانون
ثاني ٢٠١٩ للاستفهام عن هذا الأمر، أبلغهم أنه لا داعي لتقديم
الاستقالات بل يجب أن يتقدموا بطلبات نقل من وظيفة على مشروع إلى وظيفة ثابتة على
الموازنة العامة بناء لقانون النقل. ويتم دراسة طلبات النقل في صيف 2020 ويتم تبليغ
المعلمين بالنتيجة مع بداية العام الدراسي عند انتهاء التشكيلات الصفية.
وفي اجتماع آخر مع السيدة ميرنا شما في
قسم التعليم يوم الجمعة بتاريخ ٢١ شباط ٢٠٢٠، أخبرت الأخيرة معلمي الدعم الدراسي أنه
لن يتم فتح طلبات النقل لهذا العام لكيلا يؤثر على تثبيت المياومين، تحت ذريعة أن
طلبات النقل ستؤثر على خريطة التثبيت.
الجدير ذكره أن جميع معلمي الدعم
الدراسي الذين يعملون على مشاريع ويحملون عقود، قد تم تجاوز أسمائهم الموجودة على
روسترات التثبيت في حزيران 2020 بحجة أنهم مثبتين على عقود. لذلك لم يتبق لهم من
حلول سوى قانون النقل.
وبعد أن ضغط اتحاد المعلمين بقوة
وبشدة لفتح طلبات النقل، تم فتحها وقام معلمو الدعم الدراسي بتقديم الطلبات في شهر
آب 2020 على أن يتم دراستها وإبلاغهم بالنتيجة مع بداية العام الدراسي. وهذا ما لم
يحصل بسبب عدم انتهاء التشكيلات الصفية ثم بحجة تجميد قرارات التوظيف.
والآن انتهت التشكيلات الصفية وسيتم إبلاغ
المياومين للمباشرة بالدوام بناء على رسالة مدير شؤون الأونروا في لبنان إلى مجتمع
لاجئي فلسطين[1].
ولكن طبقا لقانون التعيينات في وكالة الأونروا، لمن الأولوية؟ هل هي لطلبات النقل
التي تقدم بها معلمو الدعم الدراسي للوظائف الشاغرة؟ أم للمياومين؟
لماذا لم تقم الأونروا بتثبيت هذه الفئة
من المعلمين حتى الآن؟ وبعد أن أصبحت مهام معلمو برنامج الدعم الدراسي، الذي أثبت
كفاءته وضرورة وجوده على مدى 12 عام، تتشعب إلى مهام أكثر في الإرشاد الصحي وتقديم
الدعم الدراسي والتواصل مع الطلبة والأهل، هل يريدون أن يحرفوا مسار البرنامج
ويجعلوا مهام معلميه تقتصر على تعبئة شواغر أو فراغات أو غياب أو إجازات مرضيّة،
للحد من تعيين معلمين مياومين؟ هل الهدف هو إنهاء برنامج الدعم الدراسي؟ أم الهدف
هو التوفير لصالح ميزانية الأونروا؟ وفي كلا الحلاتين، ما هو أثر هذه الإجراءات
على العملية التعليمية؟
خلاصات:
·إن أبعاد هذه القضية
متعددة، ولعلّ أهمها هو البعد التعليمي والبعد المعيشي.
·إن انعكاس هذه القضية
سوف يكون كبير على المسيرة التعليمية سواء كان سلبا أم إيجابا.
·هؤلاء المعلمين بحاجة إلى وظيفة ثابتة في ظل أوضاع
معيشية استثنائية يعيشونها، جراء زيادة الضغوط المادية التي خلفتها الأزمة
الاقتصادية في البلاد.
·إن الحاجة لهؤلاء المعلمين كبيرة، خصوصا في ظل
العام الدراسي الاستثنائي وآلية التعليم عن بعد التي تنتهجها وكالة الأونروا
مؤخرا.
التوصيات:
من
هنا، تطالب المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بالآتي:
1. نطالب الأونروا بمنح معلمي برنامج الدعم الدراسي حقوقهم، وتثبيتهم
أسوة بزملائهم.
2. نطالب إدارة الأونروا استخدام الموارد المالية المتاحة بشكل أفضل.
3. نطالب المجتمع الدولي بدعم وكالة الأونروا لسد العجز المالي، وأن
تصبح ميزانية الأونروا جزء من ميزانية الأمم المتحدة كي لا يبقى تمويلها رهن
المصالح السياسية بيد بعض الدول المانحة.
4. نطالب اتحاد المعلمين الفلسطينيين أن يتبنى هذه القضية ويدعم مطالب
المعلمين المحقة.
بيروت،
23/11/2020
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)