بعد
رفض محكمة الجنايات الدولية فتح تحقيق في حادثة مرمرة
ما هي
الخيارات القانونية الممكنة؟
أولاً : مقدمة عن
مرمرة:
"مافي
مرمرة " هي سفينة ركاب ترفع علم جزر القمر، كانت مملوكة ومُشغلة سابقاً من طرف
شركة اسطنبول المحدودة للعبارات السريعة على خط سربورنو، مشغلة بين جزيرة مرمرة قرب
اسطنبول ،
وجزيرة آفسا في بحر مرمرة.
اسم السفينة يعني
مرمرة الزرقاء، وتم
شراء السفينة في عام 2010 من قبل IHH الخيرية
الإسلامية ، وهي مؤسسة لحقوق الإنسان والحرية والإغاثة الإنسانية ، انضمت مافي مرمرة
لأسطول الحرية التي تديرها المنظمات الخيرية الناشطة لتقديم 10000 طناً من المساعدات
الإنسانية إلى قطاع غزة التي تحاصرها إسرائيل منذ عام 2007.
في 31 أيار/مايو
2010 تعرضت السفينة "مافي مرمرة " وخمس سفن أخرى لهجوم من قبل كوماندوس اسرائيلي
بينما كانت تحاول التوجه الى قطاع غزة وعلى
متنها عشرة آلاف طن من المواد الغذائية والأدوية والألبسة والمنازل الجاهزة وألعاب
للاطفال خصوصاً.
قتل تسعة أتراك وواحد
يحمل الجنسيتين التركية والأمريكية في الهجوم ، ما أثار أزمة دبلوماسية بين تركيا واسرائيل
اللتين كانتا حليفتين آنذاك وأعلن محامو الحكومة في جزر القمر وهم ينتمون الى مكتب
محاماة مقره اسطنبول في الشكوى التي قدمت للمحكمة الجنائية الدولية "لقد حصلنا
على سلسلة من الأدلة والشهود وتصريحات ضحايا إضافة الى شرائط فيديو وصور عن الحادث".
وفي أيلول/سبتمبر 2011، اعتبر تحقيق للأمم المتحدة
أن هذا التدخل العسكري الإسرائيلي "مفرط" وغير معقول ، لكنه اعتبر أن الحصار
الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة قانوني.
وكانت محكمة الجنايات
الدولي قد قالت ، الخميس في 6/11/2014 : " إن إسرائيل ربما ارتكبت جرائم حرب بهجومها
على سفينة "مافي مرمرة" التركية ، ولكنها لن تقاضي الدولة العبرية ؛ لأن
"طبيعة الجرائم ليست من اختصاصها.
وقضت المحكمة الدولية
بأن الاعتداء الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" عمل يمكن أن يرقى إلى جريمة
حرب، إلا أن حجمه ليس كافياً كي تفتح تحقيقاً بشأنه. فما هو اختصاص محكمة الجنايات
الدولية اتجاه جرائم الحرب المرتكبه بعد إقرارها بأن ما ارتكب في سفينة مرمرة هو جريمة
حرب ، وما هي الخيارات الأخرى المتاحة لاستئناف المحاكمه؟
ثانياً : اختصاص
محكمة الجنايات الدوليه:
للمحكمة اختصاص على
الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي المرتكبة في إقليم جزر القمر أو على متن
سفن أو طائرات مسجلة فيها بواسطة رعاياها اعتباراً من 1 تشرن الثاني 2006 ويتولى مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية
الدولية مسؤولية تحديد ما إذا كانت حالة ما مستوفية للمعايير القانونية المحددة في
نظام روما الأساسي لتبرير إجراء المحكمة تحقيقاً. ولهذا الغرض، يجري المكتب دراسة أولية
لكل الحالات التي تصل الى علمه بناءً على معايير قانونية وعلى المعلومات المتاحة. وتضع
الفقرات الفرعية من (أ) الى (ج) من المادة 1(53) الإطار القانوني للدراسة الأولية بالنسبة
لأي حالة يتم تحديد هذا الأسلوب. وتنص تلك الفقرات على أن المدعي العام ينبغي عليه،
ليقرر ما اذا كان هناك أساس معقول لمباشرة تحقيق، أن ينظر في الآتي: الإختصاص (الزماني،
والإقليمي أو الشخصي، والمادي)، والمقبولية (التكامل والخطورة)، ومصالح العدالة.
1. اﻻختصاص
الزماني
إن الإحالة تتصل زمنياً بأحداث بدأت في 31 أيار 2010، وتشمل جميع الجرائم المزعومة الناشئة عن الحادث
الأوّل ، بما فيها اعتراض السفينة السابعة في 5 حزيران 2010 حيث اعترض جيش الدفاع الإسرائيلي
الأسطول في 31 أيار 2010 على بعد 64 ميل بحري من المنطقة الخاضعة للحصار.
وصعد جنود الجيش الإسرائيلي على متن السفن الست المتبقية وسيطرو عليها.
فيما أوضح المحامون الذين يمثلون
جزر القمر أن الناطق الإقليمي للإحالة لا يقتصر على السفينه المسجلة في جزر القمر(السفينة
مافي مرمرة) ، بل يشمل أيضاً سفناً أخرى ضمها الأسطول مسجلة في دول أطراف.
2. الاختصاص
المادي:
حسب تقييم مكتب
المدعي العام ، تشير المعلومات المتاحة إلى
أن هناك أساساً معقولاً للاعتقاد بأن جرائم حرب قد ارتُكبت على متن السفينة "مافي
مرمرة " أثناء اعتراض الأُسطول في 31 أيار/مايو 2010 في سياق نزاع مسلح دولي،
والجرائم هي :
(1) القتل العمد وفقاً للمادة (8) الفقرة (أ) الرقم (1).
(2) وتعمد إلحاق أذى خطير بالجسم والصحة وفقاً للمادة
(8) الفقرة (أ) الرقم (3).
(3) والاعتداء على الكرامة الشخصية وفقاً للمادة
(8) الفقرة (ب) الرقم (21) من النظام الأساسي.
وبالإضافة إلى ذلك، إذا كان الحصار البحري الإسرائيلي لغزة غير قانوني،
بالتالي هناك أيضاً أساساً معقولاً للاعتقاد أن الجيش الإسرائيلي ارتكب الجريمة المتمثلة
في تعمد توجيه هجوم ضد اثنين من المواقع المدنية بموجب المادة (8) الفقرة (ب) الرقم
(2) بصعوده عنوةً على متن السفينتين مافي مرمره و إليفثيري ميسو غيو س/صوفيا. بحسب
المعلومات المتاحة، لا يبدو أن سلوك الجيش الإسرائيلي خلال حادثة الأُسطول ارتُكب كجزء
من هجوم واسع النطاق أو منهجي، أو شكل في حد ذاته هجوماً واسع النطاق أو منهجي، موجهاً
ضد سكان مدنيين. وفقاً لذلك، لا يوجد أساس معقول للاعتقاد بأن جرائم ضد الإنسانية بموجب
المادة 7 قد ارتُكبت في الحالة المحالة.
3. الاختصاص
المكاني/ الاختصاص الشخصي:
كان الأسطول يتكون
من ما مجموعه ثماني سفن؛ ولكن ثلاث منها فقط كانت مسجلة في دول أطراف. وتتمتع المحكمة
باختصاص مكاني بموجب المادة(12) الفقرة (أ) الرقم (2( على السلوك المرتكب على متن السفن المسجلة على التوالي
في: جزر القُمر، كمبوديا، واليونان.
ثالثاً : المواقف
اتجاه قرار محكمة الجنايات الدولية :
1. موقف
إسرائيل:
رحبت الخارجية الإسرائيلية
برفض محكمة لاهاي الدولية التحقيق في مجزرة سفينة مرمرة وأغلقت ملف القضية وقالت الخارجية
الإسرائيلية في بيان لها : "إسرائيل تعتقد
بأنه لا جدوى من فتح تحقيق وأن تقديم الشكوى ضد إسرائيل كانت لأسباب سياسية فقط."
2. وزارة
الخاجية التركية:
أكد وزير الخارجية
التركي أن تركيا قدمت تقريرها الوطني الذي يتضمن كافة المعلومات والوثائق والأدلة لهيئة
التحقيق الأممية حتى أن التقرير الوطني التركي
تضمن ما ذهب إليه التقرير النهائي الذي أعلن عنه الرؤساء المشتركون لهيئة التحقيق الأممية
بشأن الجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية.
كما أعد المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية
تقرير التحقيق الأولي المؤرخ بـ 6 تشرين الثاني 2014، آخذاً التقرير الوطني التركي
بعين الاعتبار.
وفيما عدا المعلومات
والوثائق الواردة في تقريرنا الوطني ، لا توجد لدينا أية معلومات أو وثائق إضافية من
شأنها أن تساعد الطلب المقدم إلى محكمة الجنايات الدولية.
كما أن المدعي العام أعلن توصله إلى أسس قانونية
معقولة في ضوء المعطيات التي يملكها تثبت أن الاعتداء الإسرائيلي يشكل جريمة حرب.
إضافة إلى ذلك ،
فإن عدم إجراء التحقيق من قبل المدعي العام لا ينبع من أي نقص في المعلومات أو الوثائق
، ومن المعلوم أن قرار المدعي العام هذا يستند
إلى دوافع ومبررات متعددة في إطار نظام روما
الأساسي الذي شكلت بموجبه محكمة الجنايات الدولية.
ومن جهة أخرى ، تركيا ليست طرفاً في محكمة الجنايات
الدولية لذلك تحرص تركيا على استمرارية علاقاتها
مع المحكمة المذكورة بشكل لا تشكل فيه سابقة قضائية تستخدم ضدها في المستقبل.
كما قامت وزارة الخارجية
بإبلاغ المؤسسات المعنية برأيها الاستشاري حول طلب محكمة الجنايات الرابعة في اسطنبول
استصدار نشرات حمراء بحق 4 مسؤولين إسرائيليين على صلة بالاعتداء على سفينة مافي مرمرة.
3. محامو
"مرمرة" ينتقدون "الجنايات الدولية" بـعدم تحقيقها بالحادثة:
انتقد المحامون المكلفون
بالدفاع عن سفينة "مرمرة الزرقاء" (مافي مرمرة) ، قرار محكمة الجنايات الدولية
القاضي بأن الاعتداء الإسرائيلي على السفينة المذكورة ؛ عمل يمكن أن يرقى إلى جريمة
حرب ، إلا أن حجمه ليس كافيًا لفتح تحقيق بشأنه.
جاء ذلك على لسان الناطق باسم هيئة المحامين من أجل
الدفاع عن مرمرة الزرقاء "رمضان آري تورك"، وأضاف ايضاً " أن هيئة الدفاع
جمعت الأدلة المتعلقة بحادثة مرمرة الزرقاء ، ولجأت إلى محكمة الجنايات الدولية، التي
قبلت تدقيق الأدلة، وقبلت بأن تتحمل المسؤولية تجاه القضية المذكورة".
وذكر "آري تورك" أن محكمة الجنايات الدولية، التي لم تتخذ أي قرار
ضد إسرائيل، بالرغم من قبولها الاعتراف بأن حادثة مرمرة الزرقاء ترتقي إلى مستوى جرائم
حرب ، وأن الجنود الإسرائيليين الذين حطوا على متن السفينة يوم الحادث ، قد ارتكبوا
جريمة "القتل العمد" ضد الناشطين المتضامنين مع غزّة، التي يعتبرها القانون
الدولي أرض محتلة من قبل إسرائيل".
4. موقف
هيئة الإغاثة التركية (İHH):
رحبت هيئة الإغاثة
التركية في إدانة العدوان الإسرائيلي على السفينة التركية "ما في مرمرة
" وذكر بيان صدر عن المؤسسة التركية " أن هذا الأمر يعتبر تطوراً مهما للغاية في العملية
القانونية التي تستهدف إدانة العدوان الإسرائيلي على السفينة التركية ، في المياه الدولية
للبحر الأبيض المتوسط ، أثناء توجهها بالمساعدات اللازمة لقطاع غزة".
ولفت البيان إلى
أن" الجنائية الدولية ، قبلت التماس القضية الذي تقدم به محامو المتضررين من الحادث
، ومحامي دولة "جزر القمر" التي كانت تحمل السفينة المُعتدى عليها، مضيفاً:
"فبعد أن فحص الادعاء العام بتلك المحكمة ملف القضية، اتضح له أن إسرائيل ارتكبت
جريمة حرب ، ولكن يمكن للدولة التي التمست الإحالة أن تطلب من الدائرة التمهيدية مراجعة
قرار المدعية العامة بعدم الشروع في إجرء تحقيق" .
5. محكمة
جنائية في اسطنبول تطالب بتوقيف أربعة قادة
إسرائليين:
كانت محكمة جنائية
في اسطنبول قد أمرت "بتوقيف قادة سابقين للجيش الإسرائيلي بسبب تورطهم في الهجوم
على السفينة التركية مافي مرمرة الذي أسفر عن مقتل تسعة ناشطين أتراك عام 2010 قبالة
سواحل غزة".
سترفع المحكمة إلى
الإنتربول طلباً لإصدار مذكرة توقيف دولية ضد إربعة من المسؤولين العسكريين الاسرائيليين
السابقين الذين يحاكمون غيابياً منذ 2012 في تركيا ، كما قال متحدث باسم "مؤسسة
الإغاثة الإنسانية التركية” ومحامَ عن الادعاء بالحق المدني.
وقال سركان نرغيز من "مؤسسة الإغاثة الإنسانية
التركية” إن "المحكمة أصدرت مذكرة توقيف ضد المشبوهين”، موضحاً أن قرار المحكمة
سيبلغ الى وزارة العدل التي ستطلب من الإنتربول أصدار "بطاقة حمراء” ضد رئيس الأركان
السابق للجيش الإسرائيلي الجنرال غابي اشكينازي والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية
عاموس يادلين ورئيسي الأركان السابقين للبحرية والطيران. ويتهم القضاء التركي المسؤولين
الاسرائيليين بارتكاب "جرائم شنيعة وتعذيب”.
رابعاً : خلاصات
وتوصيات:
دفعت المحكمة الجنائية
عن نفسها المسؤولية عن تحديد عقوبات بحق المسؤولين عن الهجوم الإسرائيلي ، بتأكيدها
أن عدد الضحايا الأتراك أقل من الحد الذي يخولها اتخاذ إجراءات عقابية بحق من ارتكبت
الجريمة بحقهم.
كما أن المسؤولين
عن العلاقات الدبلوماسية والدولية في هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، إلى جانب دولة
جزر القمر سوف يدرجون ملفات كافة الشهداء الفلسطينيين في القضية ، لرفع عدد الضحايا
إلى الحد الذي يخول المحكمة اتخاذ قرارات عقابية.
في هذا السياق تطالب
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان شاهد، بالآتي :
1. تطالب
محكمة الجنايات الدولية لفتح تحقيق بحادث السفينة ، وجلب قادة البحرية الإسرائيلية
الذين هاجموا السفينة مرمرة لأن الجريمة ارتكبت
ضمن خطة ممنهجة ، وليست حادثة عابرة.
2. تطالب
المجتمع الدولي والأمم المتحدة للعمل على وضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ، ومحاسبة
مرتكبي الجرائم ضد الفلسطينيين.
3. تدعو
السلطة الفلسطينية ضرورة الانضمام الى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة قادة الإحتلال
على الجرائم التي يرتكبونها بحق الفلسطينيين.
4. تدعو
المؤسسات الحقوقية التركية الى رفع دعاوي ضد قيادة إسرائيل أمام محاكم الدول التي تحقق
في الجرائم الدولية.
5. دولة
جزر القمر التقدم برفع دعوى لمحكمة الجنايات
الدولية ضد قادة البحرية الإسرائيلية الذين اعتدوا على السفينة وهي في المياه الدولية.
6. العمل
على إدراج الضحايا الذين قضوا بسبب عدم تلقيهم العلاج نتيجة الحصار المطبق على قطاع
غزة ، الى لائحة ضحايا قافلة مرمرة الذين قضوا أثناء إبحارهم لفك الحصار عن القطاع
، لتكون قضية واحدة في قطاع غزة.
بيروت في،
24/12/2014
المؤسسة الفلسطينية
لحقوق الإنسان "شاهد"