الأنروا تخلت عن مسؤوليتها في مساعدة فلسطينية متفوقة بإمتياز فمن يمنحها فرصة لمتابعة تفوقها؟ |
يعيش اللاجئون الفلسطينيون في لبنان في ظروف بالغة الصعوبة، سواء ما تعلق الامر بالجانب السياسي، الاقتصادي، التربوي والاجتماعي. ولعل تردي الاوضاع الاقتصادية للاجئين الفلسطينيين، هو ما يجعل الواقع التربوي يعاني من خلل بنيوي.
ويتلقى اللاجئون الخدمات التعليمية من وكالة الانروا التي تقدم خدماتها في المراحل الابتدائية والمتوسطة وبنسبة اقل في المراحل الثانوية.. أما المرحلة الجامعية فإن اللاجيئين يعتمدون على الجامعة اللبنانية، وعلى منح ومساعدات ضعيفة تقدم من هنا وهناك، مما يدفع العديد من الطلبة للالتحاق بالفروع الادبية والانسانية وقد لا تكون بالضرورة رغباتهم. وهناك ملاحظات اساسية على الخدمات التي تقدمها الانروا في الجانب التربوي.
ومع الاعلان عن تقديم منح للطلاب الفلسطينيين من الاتحاد الاوروبي، كندا، اليابان، وقطر، من خلال الانروا، انفرجت اسارير العديد من الطلاب الذين وجدوا في ذلك فرصة ربما تكون نادرة لاكمال مشوارهم العلمي وللحصول على درجات علمية متقدمة. بيد أن هذا الامر على اهميته إلا أنه فتح باباً من الشك والتساؤلات على إدارة الانروا وخاصة قسم التربية والتعليم لهذه المنح. وباتت الانروا مقصداً للطلاب الفلسطينيين حاملين معهم آمالاً ربما تتحقق، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفنن ويعود كثير من الطلاب بخيبة أمل واحباط لإن الجواب يكون سلبياً لهم.
وهنا تطرح تساؤلات جوهرية؟ ما هي المعايير التي تنتهجها الانروا في قبول طلبات الطلاب المتقدمين للحصول على منح، ما هي شروط الدول المانحة، وهل ثمة مساءلة ومراقبة لأسلوب عمل الانروا في هذا المجال، وكيف يمكن مساعدة الطلاب الذين لم تتوفر فيهم الشروط المطلوبة لاكمال دراستهم؟ وإذ ما توفرت الشروط كاملة، ولم يقبل طلب معين، هل تقف الانروا عند مسؤوليتها؟ اسئلة كثيرة وعديدة فرضت نفسها بقوة امام الحاجة الفلسطينية الملحة لمتابعة الدراسات الجامعية، وأمام واقع مختلف تبرره الانروا ويستهجنه اصحاب العلاقة مباشرة، على أمل تكون أن هناك اجابات محددة. الطالبة الفلسطينية الأولى، (الرابعة في الجنوب والثامنة على مستوى لبنان)، تحرم من متابعة دراستها. السبب: لقد تعلمت في مدرسة خاصة. فيروز عيسى الحاج موسى، فلسطينية من مخيم الرشيدية تبلغ من العمر 17 عاماً، رقم الملف 928، رقم البيان الاحصائي 21215، رقم بطاقة الاعاشة 34553813.
تعيش فيروز مع عائلة مكونة من عشر افراد في مخيم الرشيدية في ظروف لا تختلف عن باقي سكان المخيم. إلا أن ما يميزها عن غيرها انها طالبة متفوقة بامتياز، فهي طالبة مجدّة ومجتهدة على مدار مراحل الدراسة كلها ولكون والدها (مهندس) يدرّس في مدرسة خاصة، ولكون النظام الداخلي يسمح لها ان تدرس مجاناً في هذه المدرسة، وجدت في ذلك فرصة، وأنهت امتحانات البكالوريا -علوم الحياة- بنجاح لافت حيث حصلت على معدل 87%، وهي بهذا المعدل كانت الأولى على مستوى لبنان فلسطينياً، والرابعة على مستوى الجنوب والثامنة على مستوى الجمهورية اللبنانية. هذا النجاح شكّل لها حافزاً كبيراً لتحقيق نجاحات اخرى على مستوى الجامعة، ومما زاد من أملها أن قدم الاتحاد الاوروبي، كندا، اليابان وقطر منحا تعليمية للطلاب الفلسطينيين الذين نالوا معدل 60% في الامتحانات الرسمية ، من دون ان يكون للدول المانحة أي شروط أخرى. وجدت فيروز انها من المؤكد سوف تحصل على المنحة ويتحقيق حلمها ومتابعة دراستها الجامعية، فمعدلها مرتفع، وهي فلسطينية مسجلة لدى الانروا وهي فقيرة وعائلتها مكونة من 10 أفراد..
وبالفعل قدمت طلب لدراسة الطب، وكان الرد: الرفض. جن جنون والدها، وطرق باب المعنين في الانروا (جهاد معروف) مسائلاً إياه عن اسباب الرفض فأجاب " إذا تقدم طالبان بالمعدل نفسه احداهما من مدرسة خاصة والآخر من الانروا فالافضلية للثاني"، المبرر كاد يقنع عيسى في حال نافس ابنته طالب آخر، بيد أن ابنته هي الأولى في لبنان فلسطينياً وليس امامها منافس آخر. وحاول موظف الانروا ان يسوق حججاً أخرى مبرراً الرفض حيث انها درست في مدرسة خاصة، مما يعني ووفق اجتهاده ان اوضاعها ميسورة. حاول والدها الاتصال بالمدير العام للانروا، إلا أن ذلك لم يتم وخطّت فيروز رسالة إلى مديرة برنامج التعليم في الانروا (لبنان) تلتمس فيها المنحة، إلا أن فيروز تقول انها " تعرضت لإهانة كبرى" حيث بالغت في عبارات التوسل والالتماس وكل ذلك لم يفلح.. ارسل والدها مذكرات احتجاج إلى بعض السفارات المعنية ولكن لا نتيجة. اللجوء إلى الرأي العام سلك عيسى كل الطرق التقليدية للحصول على منحة، إلا إن ذلك يأت بنتيجة ، لجأ إلى مؤسسات حقوق الانسان مبرراً " أن صوتها أعلى من صوتي" وقدم "لشاهد" وثائق وافادات تثبت صحة كلامه. كما لجأ إلى بعض وسائل الاعلام المرئية والمحلية.. ومما قاله: " كنت أدرّس في ثانوية القدس الشريف –الرشيدية ، الاقصى حالياً قبل ان تستلمها الانروا وتطردني وزملائي منها لإننا مهندسون، ولا نحمل اجازات تعليمية، عندها اضطررت إلى البحث عن مدرسة خاصة، ثم ما يلبث أن يخرج افادة من مدرسته تشرح وضعه فيها، وتفيد أيضاً أنه كان يستفيد من منحة كاملة عن ابنته فيروز...
يضيف "معاشي متواضع (نحو 700 الف ليرة شهرياً) بلا ضمان اجتماعي ويكاد لا يكفي دواء لأمي المريضة فضلاً عن مصروف عائلتي المكونة من 10 أطفال". الحق في التعليم مكفول وفق الشرعية الدولية لحقوق الانسان إن الحق في التعليم مكفول في الشرعية الدولية لحقوق الانسان وإن اللاجئ الفلسطيني في لبنان يجب ان يتمتع به، وان من الدواعي الملحة ان ظروفه الاقتصادية صعبة، مما يعني زيادة التقديمات والمنح على قدم المساواة. ووفق المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. " تعنى الدول الاطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم.." . وايضا الفقرة(ج) من نفس المادة " جعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة بكافة الوسائل المناسبة، ولا سيما الأخذ تدريجياً بمجانية التعليم.
خلاصة
بيروت في 18/10/2005