المواقف الدولية من القدس
موقف الأمم المتحدة:
اتخذت الأمم المتحدة موقفاً ثابتاً من الاحتلال الإسرائيلي للقدس، وصدرت عنها عدة قرارات متعلقة بالأمر مثل قرار 181 الذي صدر بعد أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن القدس عاصمة أبدية موحدة لدولة إسرائيل، وهذا القرار لم يضف صيغة الاحتلال على مدينة القدس بالكامل، وإنما فقط على الأراضي التي احتلت عام 1967م، لكنه أدان احتلال تلك الأراضي واعتبره عملاً غير مشروع ومخالفاً للشرعية الدولية، وقد طرحت الأمم المتحدة عدة اقتراحات ومبادرات للإسهام في حل النزاع على مدينة القدس، ومنها مشروع يقسم القدس إلى شطرين ويقضى بأن يكون كل من طرفي النزاع حق السيطرة على ذلك الجزء الذي تنص عليه الاتفاقية المطروحة. ورغم إجحاف القرارات الدولية تجاه أراضي القدس المحتلة عام 1948 م، وتجاه حق الفلسطينيين في أن تكون القدس عاصمة لدولتهم المستقلة، لكن الأمم المتحدة أكدت أن اتفاقية جنيف الرابعة تنطبق على جميع الأراضي الفلسطينية وغيرها من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 م، بما فيها القدس.
موقف الاتحاد الأوروبي:
وقف الإتحاد الأوروبي موقفاً إيجابياً تجاه قضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني. وتمثل موقفه في وجوب قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967م، إلا أن المواقف الأوروبية تباينت ما بين الوضوح والغموض، فعلي سبيل المثال يتمثل موقف بريطانيا تارة في أن إسرائيل ملزمة بتنفيذ القرارات الدولية بشأن القدس والأراضي المحتلة عام 1967م، بشفافية واضحة في القرار، وفي نفس الوقت تأتي تصريحات أخرى تقول أن القدس قضية عالقة يجب التفاوض عليها، وذلك الموقف صارت تتبناه غالبية دول الإتحاد الأوروبي، وقد جاء في بيان صادر عن الإتحاد الأوروبي أنهم يرفضون بشكل قاطع الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وإقرار أن أراضي القدس التي استولي عليها الإسرائيليون عام 1967م، هي أرض محتلة، ويجب حل النزاع حولها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وقد كان لألمانيا موقفاً خاصاً تجاه ذلك، حيث أن ألمانيا مازالت مقيدة بالشعور بالذنب بسبب مجازر النازية ضد اليهود، مع ذلك تحاول ألمانيا أن تظهر سياسة متوازنة تجاه القضية الفلسطينية والقدس على الأقل في مواقفها الرسمية. أما فرنسا فموقفها يتسم بالتأرجح واللعب على أكثر من وتر، حيث أن الموقف الفرنسي الذي يعبر عن رفضه الاحتلال الإسرائيلي، وينادي بحل سلمي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يخفي الطابع الاستعماري القديم، حيث أن المواقف الآن تتعلق بالمصالح بغرض فرض تواجد فرنسي في منطقة الشرق الأوسط وسعيا لعدم تهميش دورها في المنطقة وعدم تعطيل مصالحها في المقام الأول.
موقف الإتحاد السوفيتي السابق:
كان للاتحاد السوفيتي موقفاً مميزاً تجاه العرب، قد يكون من دوافع مصالحه أو إستراتيجياته في الشرق الأوسط أو التوافق الأيديولوجي مع بعض الأنظمة العربية التي تبنت الفكر الشيوعي ونادت بالاشتراكية في بلادها على الأقل من الناحية الرسمية، ولا نحتاج هنا للخوض في هيكليات تلك الحكومات ومدى ارتباطها بالسوفييت، فالأهم هو أن الاتحاد السوفيتي رغم كل ذلك كان من السباقين للاعتراف ب" إسرائيل" منذ قيامها عام 1948م، وأيد وجود وطن قومي لليهود، ثم طرأت تغيرات كبيرة على مواقف الاتحاد السوفييتي ربما لعدم التقاء المصالح مع الاحتلال الاسرائيلي، وميولها للولايات المتحدة بشكل واضح. وقد كان أبرز مواقف الاتحاد السوفيتي إعلانه أن للفلسطينيين الحق الكامل في الأرض وإقامة دولة فلسطينية مستقلة والقدس عاصمة لها، وقد جاء ذلك في بيان صادر عن الكريملين على لسان الزعيم السوفيتي الراحل ليونيد بريجنيف في عام 1982م، وظل هذا الموقف ثابتاً دون تغيير أو تعديل حتى انهيار الكتلة الشرقية وانتهاء العهد السوفيتي.
موقف الدول الإسلامية:
اعتبر المسلمون أن القدس أرض عربية إسلامية غير قابلة للتنازل، وطالب العالم الإسلامي بتحرير قبلة المسلمين الأولى وحماية المقدسات الإسلامية، حيث أن مؤتمرات القمم الإسلامية كلها نصت على رفض الاحتلال والسيطرة الإسرائيلية على مقدسات المسلمين.
الموقف العربي:
أكدت الأمة العربية بكاملها رفضها التام للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عامة وللقدس خاصة. إلا أن الموقف الرسمي العربي غالباً ما يكتفي بالشجب واستنكار الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية في القدس دون القيام بإجراء فعال لوقف تلك الاعتداءات، وقد أكدت جامعة دول العربية على أنها لن تعترف تحت أي ظرف من الظروف بشرعية الاحتلال والإجراءات التي تتخذها إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، والتي ترمي إلى تغيير الوضع القانوني أو الشكل الجغرافي أو التركيب السكاني لمدينة القدس، ورفض سياسة التهويد. ودعت كافة دول العالم إلى التحرك لوقف الممارسات الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية والإسراع في التوصل إلى حل لقضية القدس من خلال المفاوضات.