المقدمة
أحمد شاب فلسطيني بالغ من العمر 25 عاما حاصل
على بكالوريس في مجال الترجمةتخرج من جامعة بيروت العربية ولكن في واقعنا الفلسطيني لايكفي بأن تكون خريجاً
جامعياً لتلقى فرصة عمل أو لكي تحصل على قوت يومك لذلك كان واقع اللاجئ فوق إرادته
فاضطرلأن يكون ماسح زجاج في إحد المطاعم، وحال أحمد كحال الكثير من أبناء اللجوء. فماهو
واقع اللاجئينالفلسطينين في ضوء البطالة؟ وماهي النتائج المترتبة على ذلك وهل يمكن الحد من هذه
الظاهرة؟
ترصد المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)
في هذا التقرير واقع اللاجئ الفلسطيني في ظل أزمة البطالة وتطورها، وقد تطرقت الى
أسباب البطالة ومؤشراتها في المخيمات والتجمعات الفلسطينية ومدى ارتباطها بالأوضاع
الحالية التي يعيشها لبنان.
أولا: واقع اللاجئين الفلسطينين في لبنان داخل المخيمات
والتجمعات[1]
يعتبر اللجوء الفلسطيني في لبنان نموذجاً حياً
لمعنى اللجوء القاسي. يعيش الفلسطينيون ظروفا مأساوية في لبنان في مخيمات أقرب ما تكون
لسجون كبيرة حيث الاكتظاظ السكاني والبناء العشوائي والمنازل المتصدعة والبنى التحتية
المهترئة، يضاف إلى ذلك أزمات تطال شتى مجالات الحياة من التعليم والصحة والبطالة .
تنتشر البطالة بشكل كبير بين عموم اللاجئين وتصل الى نسب قياسية تتراوح بين 80%
و 85% من عموم السكان حيث
إن وكالة الأنروا أعلنت وفق ما أجرته من مسح اجتماعي أن ثلثي اللاجئين تحت خط الفقر[2].
ثانيا:أسباب البطالة في أوساط اللاجئين:
ارتفعت معدلات البطالة في الأعوام الأخيرة بشكل مطرد نتيجة لجملة من الأسباب
يمكن تلخيصها في ما يلي:
أولاً: القوانين والقرارات اللبنانية[3] التي تضع قيوداً قاسية على عمل
الفلسطيني وذلك على مدار عقود من الزمن، فضلا عن قانون التملك الذي جعل المخيمات
الفلسطينية ملاذا للفلسطينيين.
ثانياً: شح الدعم من قبل المنظمات غير الحكومية حال
دون بناء مشاريع إنتاجية تخلق فرص عمل . إن الدعم ولسنوات طويلة لم يتجاوز فكرة الإغاثة
البسيطة دون الوصول إلى فكرة الدعم الحقيقي، الذي من شأنه خلق فرص عمل للسكان المحليين
وإكسابهم مهارات تؤهلهم الانخراط في سوق العمل.
وقد
كانت لوزارة التنمية الألمانية GIZ خطوات سباقة بهذا الإطار، فقد
حرصت في مشروعها [4]CFW على خلق فرص عمل جيدة وبمدخول معقول
وصل لـ 20$ يوميا في شتى المجالات.
لكن
هذه المشاريع بحاجة إلى مزيد من التمويل بحيث تتسع رقعة المستفيدين منها لأنها بقيت
محصورة بعدد متواضع، فضلاً
عن مشاكل أخرى تطال الشفافية والعدالة في الاختيار من قبل المعنيين وبعض الفاعلين في
المجتمع المحلي.
ثالثاً: الأزمة الإقتصادية وصولاً لانهيار
سعر الصرف أدت إلى مشاكل بنيوية في المجتمع اللبناني، بدأت بتدهور القيمة الشرائية
للمواطن وإغلاق المئات من المؤسسات ذلك أن الاقتصاد اللبناني ريعي بشكل كبير[5] ويفتقد إلى قطاع صناعي حقيقي ويعتمد على السياحة والخدمات
مما يجعله أكثر عرضة للتأثر بالأزمات، وفي ظل هذه الأزمة الكبيرة والمعقدة التي عاشها
لبنان كان اللاجئ الفلسطيني الحلقة الأضعف فيها حيث خسر آلاف اللاجئين أعمالهم وأغلقت
الكثير من المصالح التجارية وترافقت
هذه الأزمة مع مشكلة انتشار فيروس كورورنا وما رافقها من إغلاقات ومنع تجول وقيود آذت
بشكل كبير مختلف القاطاعات الاقتصادية.
رابعاً: معظم سكان المخيمات وخصوصاً
مخيمات صور يعملون في الزراعة ومع تدهور سعر الصرف للعملة اللبنانية مقابل الدولار
الأمريكي ووصوله لأرقام قياسية تخطت ال 140000 ليرة للدولار الواحد أصبح الدخل اليومي للمزارع لا يتعدى
الدولار الواحد. وفي كثير من الحالات لم يعد العمل بالزراعة ذا جدوى خاصة أن البذور
والأسمدة تسعر بالدولار ولم يعد العامل يستطيع الوصول إلى مكان عمله في حال كانت الأرض
التي يعمل بها خارج المخيم في البساتين المحيطة بالمخيمات (سعر صفيحة البنزين 20 دولار
أمريكي).
خامساً: إن
الكثير من اللاجئين يعمل بمهن موسمية لا تؤمن له الحد الأدنى من مقومات الحياة، بحيث
تنتشر البطالة الموسمية والمقنعة، التي ضاعفت من نكباتهم وأفقدتهم الأمل في حياة كريمة،
وجعلت بعضهم ضحايا مراكب الموت أو ضحايا عالم المخدرات القاتم، أو إلى مطلوبين للأجهزة
الأمنية اللبنانية نتيجة اطلاق نار أو الإنجرار إلى مشاكل عبثية تهدر الأرواح، والأدهى من ذلك أنه وفق ما ينشر من
نتائج بحثية يجريها قسم الشؤون الإجتماعية في الأنروا وبعض جمعيات المجتمع المدني تظهر أن نسب البطالة في ازدياد سريع،
وأن جزءاً وافراً وكبيراً من هؤلاء هم جامعيون أو حاصلون على شهادات مهنية وجلهم في
عمر الشباب.
ولوحظ
في الآونة الأخيرة انتشار دكاكين الإكسبرس كوسيلة للكسب (مثلا مخيم برج الشمالي[6] الذي لا يتعدى مساحته 140 دونماً
يحتوي على أكثر من 63 دكانه إكسبرس)، حيث أنه في ظل غياب فرص عمل حقيقية لجأ عشرات
الشباب في المخيمات إلى هذه الفكرة التي شكلت مصدر دخل بسيط لا يتعدى كونه بطالة مسترة.
النتائج المترتبة
عن البطالة:
·آثار اجتماعية
على الفرد والمجتمع، وتشمل الضيق المالي الشديد والفقر والديون والتشرد وضغوط السكن
والتفكك الأسري وتآكل الثقة بالنفس واحترام الذات، كما وتؤدي الى تفكك المجتمع وانحلاله
وتدهوره من خلال زيادة السلوك الإجرامي في المجتمع و تأخر سن الزواج بالنسبة للشباب
وما ينتج عنه من تأثير على فئات المجتمع العمرية .
·الهجرة حيث
يضطر الكثير من الشباب للسفروبطرق غير مشروعة للبحث عن عمل خارج البلاد، مما يجعلهم
ضحايا مراكب الموت[7].
·انتشار امراض
نفسية تصل الى العزلة والاكتئاب وقد يصل بالبعض الى الإنتحار.
مؤشرات البطالة
لاحظت (شاهد) من خلال فريق البحث الميداني وما أجرته من
مقابلات مع بعض اللاجئين ان نسبة البطالة في ازدياد وأنها باتث واضحه بشكل كبير بين
عموم اللاجئين وقد تجلى لنا ذلك من خلال المظاهر الصباحية للمقاهي في المخيمات
التي تكون مكتظة بعنصر الشباب
ويقول اللاجئ وليد العلي من مخيم برج الشمالي: "إن الوضع
لا يحتمل فالعامل يعمل طيلة نهار ليتقاضى 350
آلاف ليره لبنانيه أي 3.5 دولارباتت تكفيه لشراء الخضروات فقط مع وصول الدولار الى
100 آلاف ليرة."
أما اللاجئ أنور موسى من مخيم الرشيدية فيقول "إن هذه هي حياة اللاجئ الفلسطيني منذ
النكبة فما الجديد بالموضوع؟"
الحلول المقترحة لمواجهة الأزمة:
إن أزمة البطالة تحتاج إلى جهد جماعي وعمل دؤوب
منهجي وخطط طويلة الأمد وتعاون
كل المعنيين من المجتمع المحلي والسلطات المحلية والأنروا ومنظمة التحرير ورجال الأعمال.
وإن لم نستطع إنجاز خلق فرص
عمل في السنوات المقبلة وتخفيف معدلات البطالة فإننا نتجه إلى كارثة إنسانية لا تبقى
ولا تذر في المخيمات وسنكون عرضة لكل النتائج الكارثية المرتبطة بالبطالة من انتشار
الجريمة وغيرها ويمكن
اختصار أبرز العناوين المأمول العمل عليها وهي كالتالي:
أولاً: الضغط المستمر على إدارة الأنروا
وتحميلها المسؤوليات القانونية عن اللاجئين وحياتهم وحثها على التالي:
· خلق فرص عمل جديدة وملء الشواغر بعدالة مهنية.
· توسيع دائرة المستفيدين من حالات العسر الشديد SHSC.
· العمل الجاد على جلب تمويل لمشاريع مشابهة لـKFW والتي من شأنها خلق فرص عمل جديدة لكن بطريقة اشمل من ذلك حيث تطال
نسبة كبرى من الفئات العمرية المختلفة وعدم حصرها في فئة عمرية محددة.
· إتاحة المجال أمام اللاجئين للحصول على قروض للمشاريع
الصغيرة ميسرة الدفع.
· استحداث مشاريع إنتاجية داخل المخيمات تتيح العمل خاصة
للفئات المهمشة مثل النساء من معامل خياطة ومطابخ وغيرها.
ثانياً: يتحمل الجميع مسؤولية تشكيل لوبي
ضاغط على الدولة اللبنانية وتحريك الرأي المساند
من أجل إجراء تعديلات حقيقية على القيود الموضوعة على عمل الفلسطيني وطمأنة المجتمع
اللبناني إلى الفوائد الاقتصادية التي ستحصل على المجتمعين اللبناني والفلسطيني من
جراء الزخم الإنتاجي وتحريك العجلة الاقتصادية ولشراء رأس المال الفلسطيني وقوننت عمله.
ثالثاً: حث رجال الأعمال الفلسطينيين والمغتربين
على استثمار أموالهم في مشاريع إنتاجية تعود بالنفع عليهم وعلى مجتمعاتهم.
رابعاً: خلق أطر مهنية جامعة داخل المخيمات
تتابع أمور المنطوين فيها وتسعى للحفاظ على مكتسباتهم.
23/5/2023
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان
(شاهد)
[1] وفقا لتعريف الأونروا، فإن المخيم هو عبارة عن قطعة من الأرض تم وضعها
تحت تصرف الوكالة من قبل الحكومة المضيفة بهدف إسكان اللاجئين الفلسطينيين وبناء المنشآت
للاعتناء بحاجاتهم أما التجمع فهو عبارة عن بقعة جغرافية إما مملوكة من قبل أشخاص أو
أرض مشاع يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون، وذلك دون أن تقوم وكالة الأونروا باستئجار
هذة العقارات من مالكيها، ولذلك فإن هذه التجمعات لا تستفيد من تقديمات الأونروا كما
تستفيد المخيمات.أنظر الى الرابط https://rb.gy/oa7hb
[2] مقابلات ميدانية أجرها فريق شاهد مع أحد أعضاء في قسم الشؤون.
[4]هي عبارة عن مبادرات دوليّة ومجتمعية،
تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للنازحين واللاجئين وزيادة دخلهم، مقابل تنفيذ
أنواع مختلفة من الأعمال العامة والمهن ضمن مجتمعاتهم .
[5] ريعي :يعتمد على مصدر ثروة طبيعي غير مستدام.
[6] مخيم برج الشمالي ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان. يقع
هذا المخيم على بعد ثلاثة كيلومترات شرقي مدينة صور يقع مخيم البرج الشمالي للاجئين
الفلسطينيين إلى الشرق من مدينة صور الساحلية
جنوب لبنان ، يبعد ما يقارب 5 كلم شرقي مدينة صور الساحلية في الجهة الشمالية الشرقية
لبلدة برج الشمالي،وعن العاصمة اللبنانية بيروت حوالي 80 كلم، وعن الحدود الفلسطينية
اللبنانية حوالي 24 كلم.أنظر الى
الرابط https://palcamps.net/ar/camp/72
[7] هذه المراكب كان على متنه نحو سبعين شخصاً
انطلق من مخيم نهر البارد، ومعظم ركابه من سكان المخيم أو من السوريين وقلة قليلة من
اللبنانيين، تعطّل قرب جزيرة رودوس اليونانية وأرسل اشارات استغاثة فلبّى خفر السواحل
اليوناني النداء ولكن بعدما ذاق الركاب الأمرين، وقد أعاد خفر السواحل اليوناني بقوارب
مطاطية المهاجرين الى قبالة المياه الاقليمية التركية وفق ما كشف احد الركاب لشخص مقرّب
اليه في المخيم. واضاف: "غرق ستة من الركاب في البحر وتم تسليم 66 ولا يزال خمسة
آخرين في عداد المفقودين